أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - جورج حداد - النظام الليبي يدخل بامتياز في اللعبة الاميركية















المزيد.....

النظام الليبي يدخل بامتياز في اللعبة الاميركية


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 1789 - 2007 / 1 / 8 - 12:16
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


ليس جديدا البتة القول إن النظام الليبي قد امتاز بالبهلوانية السياسية التي اصبحت سمة من سماته "الجوهرية"، بل سمته الرئيسية. وهذا يدل على الطبيعة الانتهازية للشريحة الطبقية ـ الاجتماعية (مجازا "طبقية" ومجازا "اجتماعية") التي تحكم هذا النظام، والتي لا قيمة لها ولا وزن، ولا طعم ولا لون، خارج السلطة التي تمسك بزمامها، والتي قفزت اليها في غفلة من الزمن العربي الضائع، راكبة موجة التيار الشعبوي الناصري إبان صعوده القصير، والتي ـ تلك الموجة ـ غابت كزبد البحر بعد الغياب الشخصي لجمال عبدالناصر.
ولكن بما ان لكل بداية نهاية، فيبدو ان النظام الليبي قر قراره اخيرا، من اجل استمرار هذه الشريحة الانتهازية في السلطة، على الدخول في اللعبة الاميركية: لعبة "الفوضى البناءة" و"اعادة تركيب" ما يسمى "الشرق الاوسط الكبير".
ومع ان النظام الليبي لا يزال يشغل موقعا خلفيا، موقع كومبارس، في "المسرح الشرق اوسطي الكبير" الاميركي، (حيث لا تزال الادوار الاولى تقع على عاتق: اسرائيل وتركيا، ونظام مبارك، وحكومة زلماي خليل زاده في العراق، ومحمية محمود عباس "الوطنية الفلسطينية"، وحتى حكومة "الحكيكة" للرئيس السوليديري فؤاد السنيورة)، فإنه ـ اي النظام الليبي ـ قام مؤخرا بحركتين مسرحيتين مميزتين، تؤشران بشكل من الاشكال الى امكانية دفعه الى الامام في اللعبة الاميركية القائمة. وهاتان الحركتان هما:
1 ـ اعلان الحداد الوطني وتنكيس الاعلام لمدة ثلاثة ايام لاجل صدام حسين.
2 ـ تثبيت الحكم بالاعدام على الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني، فيما يتعلق بمجزرة اصابة مئات الاطفال الليبيين بعدوى الايدز القاتلة.
XXX
لقد اثارت الطريقة المسرحية التي تم فيها اعدام الدكتاتور العراقي السابق صدام حسين ردود فعل عراقية وعربية ودولية، اكثر مما اثارته المسرحية الفاشلة لمحاكمة صدام واعوانه وعملية الاعدام ذاته. وقد عمد الاميركيون، كما جرت العادة دائما كلما ارادوا التخفيف من وقع جرائمهم او إخفاء نواياهم، الى التحجج بوقوع "الاخطاء". والعجيب ان هذه "الاخطاء" الاميركية لا تكاد تنتهي، الى درجة انها ترجع بالذاكرة الى التاريخ ذاته الذي يقول إن "وجود" (او ما يسمى "اكتشاف") اميركا ذاته انما تم ايضا بـ"الخطأ"!
ولكن اذا تجاوزنا هذه الحجة السخيفة، الصادرة عمن يسمون "المحافظين الجدد" في اميركا والمخصصة لمن يسمون عندنا "الليبيراليين الجدد"، والاصح القول العملاء الجدد، من "شيوعيين" و"اشتراكيين" و"وطنيين" و"عروبيين" و"كردويين" و"اسلاميين" سابقين (على شاكلة كل الملتحقين بالمشروع الاميركي في العراق وفلسطين ولبنان وسوريا ومصر والاردن وغيرها)، ـ نقول: اذا تجاوزنا هذه الحجة، سنكتشف بسهولة ان الاميركيين انما ارادوا بطريقة الاخراج الطائفي لمسرحية الاعدام صب الزيت على نار الفتنة المذهبية السنية ـ الشيعية.
في هذا السياق جاءت وتجيء كل التفجيرات اليومية في العراق المظلوم.
وفي هذا السياق ايضا جاءت التصريحات الاردنية وغير الاردنية حول ما يسمى "الهلال الشيعي"، والحملة "المدوزنة" ضد "الصفويين" و"المجوس".
وفي هذا السياق تأتي الحملة على المقاومة المسلحة ضد اسرائيل، ولا سيما حماس وحزب الله.
وفي هذا السياق جاء اخراج مسرحية اعدام صدام، وكأنها عملية "انتقام شيعي" من "رمز سني".
ومن ضمن هذا السياق لا غير، عمد النظام الليبي فورا للانضمام الى الجوقة الاميركية "السنية"، بالاعلان عن تنكيس الاعلام حدادا على صدام حسين! وهو قد زايد في ذلك على النظام في الاردن، حيث سار بعض الوزراء (بصفة شخصية!) في المظاهرات المنددة باعدام صدام، وفتحت السرادقات لتقبل التعازي وقراءة الفاتحة عن "روحه الطاهرة"!!
قد يقول قائل ان النظام البهلواني الليبي حاول بهذه الحركة:
1 ـ ان يستفيد من موجة الاستياء الذي خلفته عملية اعدام صدام في اول ايام عيد الاضحى المبارك.
2 ـ ان يمسح بعض الغبار الكثيف المتراكم فوق "دوره العروبي" السابق.
ولكن حتى لو كان هذا صحيحا، فإنه لا يعدو كونه جزءا من "الدور الاميركي" الجديد الذي يعمل النظام الليبي للاضطلاع به.
فهو ـ اي النظام الليبي ـ الذي رفع راية الاستسلام امام اميركا ـ يخشى حتى النخاع الشوكي من صعود التيار "الاسلامي" في ليبيا. وهو يخطط لتجنب الخطر، عبر المحاولة اليائسة لاحتواء هذا التيار وركوب موجته، كما سبق له وركب في الماضي "الموجة العروبية" الناصرية. وحتى لا تشتم اي "رائحة مقاومة" في هذا الاتجاه، وينال حينذاك غضب اميركا، فإنه ـ اي النظام الليبي ـ دخل فورا ومباشرة في اللعبة الاميركية ذاتها: لعبة التفرقة والفتنة المذهبية السنية ـ الشيعية. ولتأكيد "مصداقيته" فقد اعتمد النظام الليبي على بعض "تاريخه" السابق، حيث انه فيما مضى قدم "لمن يهمه الامر" خدمة "تغييب" الزعيم الشيعي البارز الامام موسى الصدر، بعد ان اطلق شعار "اسرائيل شر مطلق" ونظم "حركة المحرومين" و"افواج المقاومة اللبنانية" في لبنان.
وكما كان النظام الليبي في السابق يطمح، ويعمل بشكل حثيث، لقيادة حركات المعارضة العربية، من اجل بيع جلدها عند اللزوم لاميركا واسرائيل وشتى الانظمة العربية العميلة، فإنه اليوم ـ وبالتعاون المباشر مع اميركا، والضمني وربما المباشر مع اسرائيل ـ يطمح لأن يصبح "مركز استقطاب" رئيسي للحركات "الاسلامية السنية"، خصوصا في المغرب العربي ومصر والسودان والقرن الافريقي.
XXX
ولأخذ "البيعة" و"كسب الثقة" الاميركية ـ الاسرائيلية اولا، في هذا الاتجاه، فقد اجتاز النظام الليبي مؤخرا امتحانا جادا حقيقيا، يتمثل في قضية اطفال الايدز في ليبيا. ففي اواخر التسعينات، ومن ضمن حملة الضغط والحصار التي كانت تتعرض لها ليبيا، كبلد وكشعب، من اجل تطويع النظام واحتوائه ضمن المخططات الاميركية، وفي الاجواء العكرة لقضية طائرة لوكربي، قامت المخابرات الاميركية ـ البريطانية ـ الاسرائيلية بترتيب مجزرة الاطفال الليبيين، لكسر عنفوان الشعب الليبي واخضاعه واذلاله.
وبدلا من ان يشن النظام الليبي الحملة على الاعداء الحقيقيين للشعب الليبي المظلوم، ويسعى لكشف المجرمين الحقيقيين الذين ارتكبوا تلك المجزرة التي تنطبق عليها كل مواصفات الجريمة ضد الانسانية وابادة الجنس (genocide)، فإنه ـ اي النظام الليبي ـ لجأ الى حرف الانظار في اتجاه مغاير كليا، وقام باعتقال عدد من افراد الجسم الطبي البلغاري الذي يعمل منذ سنوات طويلة في خدمة الشعب الليبي، بالاضافة الى طبيب شاب فلسطيني، وألقى التهمة عليهم، معطيا القضية طابعا شخصانيا، بعيدا كل البعد عن حقيقة المواجهة مع العدو الامبريالي الاميركي ـ الصهيوني.
ولزيادة التمويه، صدر الحكم بالاعدام على 5 ممرضات بلغاريات وعلى الطبيب الفلسطيني. ومؤخرا صدقت المحكمة الليبية العليا على حكم الاعدام هذا، الذي هو حكم سياسي بامتياز: ببراءة المخابرات الاميركية ـ البريطانية ـ الاسرائيلية، التي اصبحت، بفضل هذا الحكم بالاخص، طليقة اليدين تماما في ليبيا، بالدعم الكامل وبالتعاون الكامل من قبل النظام الليبي ذاته.
ودون اي نية بتبرئة اي كان (على المستوى الفردي)، فإذا كان الطبيب الفلسطيني والممرضات البلغاريات ابرياء، فالنظام الذي يضحي بمئات الاطفال الليبيين، ويضع مصير الشعب الليبي كله (شعب عمر المختار) تحت جزمة اميركا واسرائيل، لن يهمه ولن يرف له جفن اذا ضحى ايضا ببعض الابرياء الآخرين، ايا كانت جنسياتهم!
وبمقدار ما ان الحكم بالاعدام على الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني يهدف الى الدفاع عن الاطفال الليبيين والشعب الليبي (؟؟!!)، فإن الحداد على الدكتاتور العراقي السابق صدام حسين يهدف الى الدفاع عن العروبة (؟؟!!)، التي تربأ بجميع الانظمة الدكتاتورية والعميلة، القديمة والجديدة، التقليدية و"الثورية"، التي كانت ولا تزال اميركا تقودها من امام ومن وراء الستارة، ومنها النظام الليبي.
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
ـ* كاتب لبناني مستقل



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من ارتكب الجريمة الكبرى ضد الاطفال الليبيين؟ ولماذا؟
- الدور المتنامي لحزب الله ومحاذير الاندماج بالدولة اللبنانية
- مخاطر تجديد الحرب الاهلية في لبنان والمسؤولية التاريخية لحزب ...
- هل ينجح -حزب الله- في اجتياز حقل الالغام الداخلي؟
- دعوة حزب الله لانشاء -دولة قوية، قادرة وعادلة- وجامعة الدول ...
- اي -حكومة وحدة وطنية- يريد السيد حسن نصرالله؟
- السقف المنخفض للوطنية القطرية في مواجهة اسرائيل
- وليد جنبلاط... اعتذار كلامي لا يكفي!
- لبنان اسرائيل: من سيقتلع من؟
- ....والافلاس التاريخي ل-الوطنية النظامية- العربية
- نصر...! وأما بعد...!
- الافلاس التاريخي لستراتيجية الحرب النظامية العربية
- الخطة الاميركية الاسرائيلية لتطويع لبنان... امام المفاجآت!!
- لبنان ليس الجولان ولن يكون ارمينيا
- العدوان لا يستهدف فقط لبنان
- المسيحية: البوتقة الايديولوجية القومية، الاولى والاساسية، ل ...
- ويبقى السؤال: من سلّم الجولان بدون قتال، وهادن الاحتلال، ولم ...
- المسيحية: الديانة القومية الاولى للعرب
- أول أيار والدور الاممي الخاص للطبقة العاملة العربية
- الارمن ضحية العنصرية التركية والتآمر الغربي على مسيحيي الشرق


المزيد.....




- نتنياهو لعائلات رهائن: وحده الضغط العسكري سيُعيدهم.. وسندخل ...
- مصر.. الحكومة تعتمد أضخم مشروع موازنة للسنة المالية المقبلة. ...
- تأكيد جزائري.. قرار مجلس الأمن بوقف إسرائيل للنار بغزة ملزم ...
- شاهد: ميقاتي يخلط بين نظيرته الإيطالية ومساعدة لها.. نزلت من ...
- روسيا تعثر على أدلة تورّط -قوميين أوكرانيين- في هجوم موسكو و ...
- روسيا: منفذو هجوم موسكو كانت لهم -صلات مع القوميين الأوكراني ...
- ترحيب روسي بعرض مستشار ألمانيا الأسبق لحل تفاوضي في أوكرانيا ...
- نيبينزيا ينتقد عسكرة شبه الجزيرة الكورية بمشاركة مباشرة من و ...
- لليوم السادس .. الناس يتوافدون إلى كروكوس للصلاة على أرواح ض ...
- الجيش الاسرائيلي يتخذ من شابين فلسطينيين -دروعا بشرية- قرب إ ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - جورج حداد - النظام الليبي يدخل بامتياز في اللعبة الاميركية