أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد خليل - سهم باشان: بين الرمزية التوراتية وعقدة القوة














المزيد.....

سهم باشان: بين الرمزية التوراتية وعقدة القوة


خالد خليل

الحوار المتمدن-العدد: 8189 - 2024 / 12 / 12 - 15:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


‎منذ تأسيسها، عرفت السياسة الإسرائيلية بتوظيفها للأيديولوجيات التاريخية والدينية في تشكيل خطابها الوطني والعسكري.
‎عملية "سهم باشان"، التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على إحدى العمليات العسكرية في سوريا، هي خير مثال على ذلك. هذه التسمية ليست مجرد اختيار عشوائي، بل هي جزء من استراتيجية عميقة ترمي إلى استخدام الرموز التوراتية لإضفاء مشروعية على الأفعال العسكرية الحالية، وهي استراتيجية تحمل في طياتها أبعادًا نفسية قد تكون

‎ غائبة عن كثيرين.


الرمزية التوراتية: استحضار القوة والشرعية
سهم باشان هو مصطلح توراتي يعيد إلى الأذهان قصة سقوط مملكة باشان على يد بني إسرائيل بقيادة موسى، حيث كانت تلك الأرض رمزًا للقوة والثراء، لكنها انتهت بمصير حزين. في سياق العمليات العسكرية الإسرائيلية، تُستخدم هذه التسمية لربط الحاضر بالماضي التوراتي، مما يضفي على العمليات العسكرية بعدًا دينيًا ورمزيًا، يهدف إلى تعزيز الإحساس بالشرعية لدى المجتمع الكولونيالي الإسرائيلي، والتأكيد على الاستمرارية بين الماضي والحاضر. لكن هذا الاستحضار المتكرر للرموز التوراتية قد يعكس أيضًا حالة نفسية جماعية أعمق.

الانعكاسات النفسية: عقدة الجماعة ورغبة في التأكيد

‎لا يمكن النظر إلى هذا الاستخدام الرمزي بمعزل عن البعد النفسي العميق الذي يعيشه المجتمع الإسرائيلي. فالنظام الإسرائيلي، من خلال استحضار الأسماء التوراتية، يسعى إلى تأكيد هويته وأيديولوجيته أمام التحديات المتزايدة التي يواجهها على مختلف الأصعدة، سواء كانت عسكرية أو سياسية. العقدة النفسية التي قد تنشأ جراء هذه الاستراتيجية تتلخص في إحساس عميق بالقلق من الشرعية والوجود، وهو ما يدفع إلى استخدام الأسطورة التوراتية كآلية دفاع نفسي تعزز من الشعور بالقوة والسيطرة.
‎هذه الاستراتيجية قد تكون رد فعل على التحديات الداخلية والإقليمية التي تواجهها إسرائيل. فبينما تعيش الدولة في حالة من القلق المستمر بشأن مصيرها، تأتي عملية "سهم باشان" لتكون بمثابة "درع نفسي" يحاول أن يحصن المجتمع الإسرائيلي من مشاعر الضعف. لكن مع مرور الوقت، قد تتحول هذه الاستراتيجيات إلى أداة تعويض نفسي، حيث يبحث النظام عن شرعية تاريخية قد تكون مشوشة، لا بل غائبة في الواقع المعاصر.

الرمزية والأسطورة: هل هي مجرد قناع؟

‎في هذا السياق، يظهر استخدام الرموز التوراتية في العمليات العسكرية كقناع يستخدمه النظام الإسرائيلي لإخفاء الهشاشة الداخلية. فكلما زادت العمليات العسكرية واستخدام هذه الرموز، ارتفعت درجة التوتر والقلق في الداخل الإسرائيلي. العملية العسكرية التي سميت بـ "سهم باشان" تثير تساؤلات حول مدى قدرة الدولة على تحقيق أهدافها الاستراتيجية دون الانزلاق إلى صراعات أوسع وأكثر تدميرًا. من خلال هذا الاستخدام الرمزي، تسعى إسرائيل إلى بناء جسر بين الماضي والحاضر، ولكن هذا الجسر قد يكون هشًا وقابلًا للتدمير عندما تواجه الدولة تحديات غير متوقعة.

الخاتمة: هل سيعود السهم إلى صدر الاحتلال؟

‎في نهاية المطاف، يشير اختيار اسم "سهم باشان" لعملية عسكرية إلى أن إسرائيل قد تكون تستخدم الأسطورة كوسيلة لطمأنة نفسها وتعزيز شعورها بالقوة. لكن هذه الرموز التوراتية قد تكون في الحقيقة أداة تعويض نفسي عن القلق من المستقبل والمخاوف من التفكك الداخلي والخارجي. إذا كانت "باشان" قد سقطت في الماضي، فهل سيكون مصير الاحتلال الإسرائيلي مشابهًا؟ هل سيسقط السهم بالفعل في النهاية على صدر من أطلقه، كما يروي التاريخ التوراتي؟ في هذا السياق، تصبح الرمزية التوراتية أكثر من مجرد إشارة إلى القوة، بل هي محاولة لدرء الهشاشة النفسية التي قد تعصف بنظام الاحتلال في المستقبل.



#خالد_خليل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اضطراب ما بعد الصدمة: قراءة في سياق الانهيار السياسي والاجتم ...
- الخيال والواقع في العالم الافتراضي: نظرة فلسفية
- أطياف الرحيل
- تأثير النيوليبرالية: تحولات الملكية، علاقات الإنتاج، ودور ال ...
- ‎ليس للسوق وجهٌ في مرايا العشق
- حين يكتب الشوق قصيدته
- حكايات
- قصيدة للسفر وأخرى للعود
- تصريح ترامب وتهديده للفلسطينيين: قراءة في خطاب مأفون
- اسمي العالق في الرمل
- بحثاً عن الحقيقة
- ذاكرة اللاوعي
- حيث يغفو العالمُ في يدِ الريح
- ثلاث قصائد حب
- موت يعيد نفسه
- إراقة نغم
- سوريا بين السيادة المهدورة والرد الغائب: إلى متى يستمر هذا ا ...
- في رحاب اللانهائية
- ‎في رحاب اللانهائية
- ايران وخيبة أمل محور المقاومة: بين الدور الداعم والقيادة الغ ...


المزيد.....




- بعد أيام من التوتر.. شيوخ السويداء وقادة الفصائل يصدرون بيان ...
- مصدر لـCNN: تأجيل الجولة الجديدة من المفاوضات النووية بين أم ...
- إيلون ماسك باق على رأس تسلا: مجلس إدارة الشركة ينفي بحثه عن ...
- إرجاء المحادثات النووية بين طهران وواشنطن... هل تنعقد الأسبو ...
- تهديد جديد شديد اللهجة من وزير الدفاع الإسرائيلي للشرع دعما ...
- هيئة البث الإسرائيلية: مئات الجنود الدروز يستعدون لتقديم مبا ...
- -كتائب القسام- تعلن تنفيذ عملية مركبة في شارع الطيران بحي تل ...
- مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن
- مخاوف عراقية من حرب إيرانية أمريكية
- ترامب يهدد كل من يشتري نفطا من إيران بفرض عقوبات ثانوية


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد خليل - سهم باشان: بين الرمزية التوراتية وعقدة القوة