الهولوكست / المحرقة التي تقترفها إسرائيل في غزّة – ماذا سنفعل الآن ؟

شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 8175 - 2024 / 11 / 28 - 15:39
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    

آلان غودمان ، جريدة " الثورة " عدد 881 ، 25 نوفمبر 2024
www.revcom.us

" الظروف في شمال غزّة ظروف هولوكست / محرقة ".
هذا مقتبس من تقرير أحدهم على أرض غزّة نشره مراسل صحفي من القدماء سيمور هيرش يوم 20 نوفمبر . ( صار هيرش شهيرا لفضحه جرائم حرب الولايات المتّحدة في الفيتنام ) . و التقرير الذى يذكره يسلّط ضوءا باردا و قويّا على الوضع .
الجرائم ضد الإنسانيّة الموصوف في هذه المفاجآت حول الوضع في غزّة تطرح مقارنة حيويّة بجريمة ضد الإنسانيّة تاريخيّة - عالميّة أخرى . يتعلّق الأمر بالهولوكست / المحرقة النازيّة . منذ أواخر ثلاثينات القرن العشرين إلى 1945 ، قتل نظام فاشيّ في ألمانيا الرأسماليّة – الإمبرياليّة بصفة منظّمة ملايين اليهود في أوروبا . في الأساس " طهّر " النازيّون أناسا يعود وجودهم إلى ألف سنة .
و تمثّل هذه المقارنة سخرية تاريخيّة مؤلمة و تثير مسألة إستعجاليّة مسألة ما يتعيّن أن نفعله الآن .
سأعود إلى ذلك بعد أن نواجه بعض المفاجآت من التقرير من على الأرض من غزّة .
ظروف الهولوكست / المحرقة :
يُستهلّ التقرير من غزّة الذى نشره سيمون هيرش بالتالى :
" الظروف في شمال غزّة ظروف هولوكست / محرقة . لا نستعمل الكلمة لأنّ لديها مكانة في تصوّر الغرب و قلبه ، لكن هذه محرقة بمعنى العقاب الجماعي و نزع الإنسانيّة و الأدوات التقنيّة . لكن هل هو محرقة تُرتكب بعد ثمانين سنة عن بُعد و على أجساد الناس ... يقع إسقاط قذيفة في منطقة مدنيّة كثيفة السكّان ، معظمها خيام ، و تاليا تأتى المسيّ{ات لتقتنص الشخص تلو الآخر . خلال الحرب العالميّة الثانية ، لم توجد مسيّرات ، لكن الآن لدينا مسيّرات ، و المنطق نفسه إلى درجة كبيرة ."
و لاحقا ، يرسم التقرير صورة للإرهاب السادي و الوحشيّ و قتل المقترف ضد الناس في شمال غزّة .
... الفلسطينيّون و الفلسطينيّات في شمال غزّة سيتمّ إمّا القضاء عليهم جماعيّا ، كما يُفعل بهم الآن ، أو سيُدفعون جنوبا حيث يُهانون و تجرى تعريتهم و يجرى تعذيبهم و عليهم معاناة ظروف لا يمكن تحمّلها . و كلّ من أتحدّث إليه و أتى من الشمال حديثا إلى الجنوب يصفون الظروف الفظيعة لأخذ أطفالهم منهم ... يوضع الأطفال على جانب ، و يُقال للغزّيين أن يختاروا طفلا عشوائيّا و يمضوا مع ذلك الطفل إلى الجنوب حتّى و إن لم يكن إبنهم ... و لا نعرف عن أُخذ طفلنا أم لا . و مثل هذه الأنواع الرهيبة من المصنع الاجتماعي تحدث . "
محاولة محو سكّان من الوجود :
بينما و في حين أنّ هذا القتل الجماعي المنظّم عينه ليس بصدد الحدوث بعدُ في جنوب غزّة ، يكشف التقرير :
" في الأثناء في الجنوب حيث في وقت معيّن كان يوجد غذاء لكن لا وجود لمواد تنظيف ، ليس هناك الآن غذاء . و يرجّح أنّ الإسرائيليّين يستعدّون على تجميع الجميع في بؤر خاصة في الجنوب . لذا لا يتّصل الأمر بإلحاق الشمال فحسب بل يتّصل أيضا بحشد السكّان في بؤر خاصة في الجنوب . "
و يوثّق التقرير كيف أنّه في ظلّ ظروف لا تُحتمل ، كان الفلسطينيّون و الفلسطينيّات المحاصرون في غزّة يثابرون على مساعدة بعضهم البعض للبقاء على قيد الحياة ، مُبدعين طُرقا لزرع و توزيع الغذاء ، و القتال للحفاظ على إنسانيّتهم و هويّتهم . و تاليا يتحدّث عن كيف تستهدف إسرائيل تلك الإنسانيّة و الهويّة ذاتهما :
" لهذا لا يتوقّف الإسرائيليّون عن القصف بالقنابل مرارا و تكرارا و يُدمّر الأشياء ... الخيمات و مخيّمات اللاجئين المبنيّة على طول غزّة و عرضها الآن ، إضافة إلى ما قد وُجد بعدُ . و تهاجم إسرائيل النازحين و المخيّمات لأنّهم يرون بعد ثمانية عقود من فعل ما فعلوه أنّ هذه أماكن ذكريات و تاريخ و تنظيم و هويّة ، و أنّ هذا ما يحاولن سحقه ؟ أليس كذلك ؟ عندما تحاول محو سكّان من الوجود هذا ما تسعى إليه . "
منعرج تاريخي رهيب :
في رسائله على وسائل الإتّصال الاجتماعي ، بوب أفاكيان ، القائد الثوري و مؤلّف الشيوعيّة الجديدة يتحدّث عن السخرية المريعة في هذه المقارنة لا غير لما حدث لليهود في ألمانيا مع ما تقوم به إسرائيل للشعب الفلسطيني . في الثورة عدد 5 ، " إسرائيل و فلسطين : إنقلاب تاريخي ساخر بفظاعة " ، قال :
" ا له من إنقلاب تاريخي ساخر : لقرون كان اليهود يتعرّضون لفظائع رهيبة و قد بلغ هذا ذروته و أبعاده الأشنع في محرقة الهولوكوست حينما قتل النازيّون ملايين اليهود أبّان الحرب العالميّة الثانية ؛ لكن بعد ذلك تأسّست إسرائيل و تمّ الحفاظ عليها كدولة صهيونيّة ( تفوقيّة لليهود ) على أساس إضطهاد دمويّ للشعب الفلسطيني ! لهذا صغت موقفا إستفزازيّا لكن حقيقة عميقا : بعد محرقة الهولوكوست ، أسوأ ما حدث لليهود هو دولة إسرائيل . "
و كما قال أحدهم نشأ يهوديّا في السنوات بعد المحرقة النازيّة و توصّل إلى فهم كيف أنّ كامل تاريخ الإضطهاد إستُخدم من بعض اليهود لتبرير الإضطهاد ، أرفض السماح إستغلال تجربة اليهود و المحرقة النازيّة لتبرير إسرائيل و الإبادة الجماعيّة التي تقترفها ضد الشعب الفلسطيني ، التي بلغت الآن نقطة محرقة أخرى .
ما الذى كان عليكم فعله ؟ ما نحتاجه هنا و الآن ...
كلّ ما قرأتموه للتوّ حول ما يجرى في غزّة تُموّله و تُسلّحه ، و بكلّ الطّرق الأخرى تمكّن من حصوله الولايات المتّحدة .
و يعود بنا هذا إلى الدروس المستخلصة من أكثر المقارنات مناسبة في التاريخ الحديث : المحرقة النازيّة التي قضت على اليهود في أوروبا . الكثير و الكثير من " الألمان المحترمين " كان يُقرفهم ما يجرى لكن أغمضوا أعينهم بشكل مخزى و وقفوا متفرّجين إزاء الإبادة الجماعيّة . و كذلك وُجدت مقاومة جسورة لكنّها لم تكن كافية و كانت تفتقد للقيادة و التأطير اللازمين عمليّا لإيقاف النازيّين و إبادتهم الجماعيّة ضد اليهود ( و جرائم مريعة أخرى ضد الإنسانيّة ). (1)
ما كان يتعيّن أن يحدث حينها و هناك ، و ما يحتاج أن يحدث هنا و الآن ، هو مقاومة تهدف إلى إيقاف الإبادة الجماعيّة في غزّة ... مقاومة تنمو عمقا و توسّعا في وجه القمع ... مقاومة حيث يفتح الناس نقاشا جدّيا حول مصدر المشكل و الحلّ .
و ختاما و جوهريّا ، ما نحتاجه هو ثورة تُطيح بالنظام الرأسمالي – الإمبريالي الذى يحرّك هذه الإبادة الإبادة الجماعيّة للشعب الفلسطينيّ التي تقترفها إسرائيل بدعم من الولايات المتّحدة .
و هذا التحدّى إستعجالي بوجه خاص و نحن نواجه صعود نظام فاشيّ إلى السلطة في الولايات المتّحدة ، و ترامب يدفع إسرائيل إلى تجاهل الإستياء العالمي و " إتمام المهمّة " في غزّة .
هناك أساس لثورة فعليّة في سير هذا النظام ذاته الذى جلبنا إلى هذا الزمان و المكان . و عرض لنظالم مغاير راديكاليّا و أفضل . و بُعدٌ من هذا النظام المغاير جوهريّا هو أنّه بدلا من فرض الإستغلال و الإضطهاد عبر العالم ، سوف " يدعم الشعوب عبر العالم في قتالها من أجل تحرّرها " .
ستجدون العلم خلف كلّ هذا في عمل بوب أفاكيان . ( و بوسعكم الإنطلاق مع " مدخل أساسي : الثورة الفعليّة ، في هذا الزمن : ما لا تريد السلطات القائمة أن تعرفوه " ، ضمن رسائل بوب أفاكيان على منصّات التواصل الاجتماعي ). و بفضل العمل طوال عقود ، و القيادة الراهنة لبوب أفاكيان ، هناك إستراتيجيا قائمة على العلم و طريق لتلك الثورة في هذا الزمن المظلم .
إشرعوا في القيم بذلك بمتابعة و نشر رسائل بوب أفاكيان على وسائل التواصل الاجتماعي @BobAvakianOfficial على أيّ منصّة من منصّات التواصل الاجتماعي .
هامش المقال :
بوسعكم أن تشعروا بكيف كان الألمان يشّمون تماما رائحة الأجساد الميّتة تأتيهم من معسكرات النازيّين إلاّ أنّهم واصلوا " حياتهم العاديّة " و ذلك في شريط The Zone of Interest ( أنظروا لقطات و ملخّص للشريط في Check It Out على موقع أنترنت revcom.us ) . و Check It Out آخر على موقع revcom.us ؛ Swing kids,The White Rose and Sophie Scholl ، يقدّم ثلاثة أشرطة تصوّر أشكالا مختلفة من المقاومة المناهضة للنازيّين .

#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل