|
بوب أفاكيان – الثورة عدد 52 : تجارب تاريخيّة هامة تسلّط الضوء على لماذا كان من الضروري التصويت لبايدن سنة 2020
شادي الشماوي
الحوار المتمدن-العدد: 8150 - 2024 / 11 / 3 - 16:17
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
بوب أفاكيان ، 16 جويلية 2024 www.revcom.us
في الرسائل القادمة ، سأتناول بالحديث لماذا كان من الضروري التصويت لبايدن سنة 2020 – و لماذا سيكون من الخطإ و الضار التصويت له مرّة أخرى . لكن بداية ، كما أشرت إلى ذلك في رسالتى السابقة ، يجدر بنا النظر في تجربة هامة من تاريخ الحركة الشيوعيّة تسلّط الضوء على كلّ هذا . لننطلق مع قيادة ف. إ. لينين ، في الثورة الروسيّة ، في القسم الأوّل من القرن العشرين . في بدايات 1917 ، جدّت ثورة في روسيا أطاحت بالنظام الذى كان على رأسه حاكم مطلق ( القيصر ) . و رغم أنّ بعض المفترض أنّهم " إشتراكيّون " – و كذلك الشيوعيّين الحقيقيّين ( البلاشفة ) ، بقيادة لينين – شاركوا في هذه الثورة ، لم تكن بعدُ ثورة إشتراكيّة ، و النتيجة المباشرة كانت حكما برجوازيّا ( رأسماليّا ) على رأسه ألكسندر كيرنسكى . و في الوقت نفسه ، " السوفياتات " – منظّمات الجماهير الشعبيّة ، بمن فيها الجنود في الجيش الحكوميّ – كانت لها سلطة و ـاثير كبيرين في المجتمع . و مع مواصلة الحكومة البرجوازيّة مشاركة روسيا في الحرب العالميّة الأولى – ما كان يتسبّب في عذابات هائلة للجنود الروس والشعب الروسيّ ككلّ – كانت الظروف تنضج لثورة أكثر جوهريّة بكثير ، ثورة إشتراكيّة . لكن ، فقط بضعة أشهر قبل نجاح تلك الثورة الإشتراكيّة ، حاولت قوّات في الجيش الروسي ، و على رأسها قائدها العام ، لارف كرنيلوف ، تنفيذ إنقلاب عسكريّ ضد حكومة كيرنسكى و كذلك السوفياتات في المدينة الكبرى بتروغراد . و شدّد لينين حينها على أنّه يجب تعبأة الشعب لإلحاق الهزيمة بهذا الإنقلاب – رغم أنّه على المدى المباشر ، كان ذلك يساوى الدفاع عن حكومة كيرنسكى البرجوازيّة ، و أيضا عن السوفياتات . لماذا إتّخذ لينين هذا الموقف ؟ لأنّه أدرك أنّه بالرغم من أنّ الظروف كانت تنضج نحو وضع حيث يمكن إنجاز ثورة للإطاحة بالحكومة البرجوايزّة و إرساء حكومة إشتراكيّة ، لم يمسى الوضع بعدُ ناضجا تماما لذلك ؛ و لئن نجح إنقلاب كرنيلوف ، سيحدث تراجعا جدّيا في التقدّم نحو الثورة الإشتراكيّة ، و ربّما حتّى يقضى كلّيا على تلك الإمكانيّة ، على الأقلّ في الوضع حينذاك .و بالفعل ، قاد إلحاق الهزيمة بمحاولة إنقلاب كرنيلوف إلى مزيد التقدّم في النضال الثوريّ من أجل الإشتراكيّة ، الذى نجح عمليّا في إفتكاك السلطة بعد بضعة أشهر لاحقة . ( كي نكون واضحين ، على الرغم من كونى كنت فى هذه الرسائل أأكّد على النقطة الهامة جدّا أنّ الثورة ممكنة في هذا الزمن الذى نعيش فيه الآن – و ليس فقط في بعض الزمن البعيد – لست بصدد إقتراح أنّ هذه الثورة ستحدث في هذه البلاد في الحال بعد بضعة أشهر . بالتذكير بالتجربة التاريخيّة الهامة ، المسألة ليست الوضع الآن هو ذاته تماما ، أو أنّ سيرورة الثورة عامة ستتّبع نفس المسار بالضبط . ما أركّز عليه هنا هي مسائل مبدئيّة و منهجيّة ذات أهمّية حيويّة – وهي هامة للغاية في العمل من أجل الثورة الفعليّة الآن .) و إليكم تجربة هامة أخرى من التاريخ الثورة الروسيّة التي أنشأت الإتّحاد السوفياتي . و كما لاحظنا ، حدثت هذه الثورة في إطار الحرب العالميّة الأولى ، و نحو نهاية تلك الحرب ، سنة 1918 ، أمضت الحكومة السوفياتيّة المتشكّلة حديثا بقيادة البلاشفة معاهدة براست ليتوفسك مع الإمبرياليّة الألمانيّة ( و حلفائها ) . و نتيجة هذه المعاهدة ، تخلّت الحكومة السوفياتيّة على قسم كبير من أراضيها التي كانت تضمّ عدد سكّان هام و كذلك قدرة إنتاج كبيرة و نقل و موارد نفطيّة . و كان من المطلوب من الحكومة السوفياتيّة بموجب هذه المعاهدة أن تدفع تعويضات حربيّة لألمانيا . و عندما هُزمت ألمانيا في النهاية في هذه الحرب العالميّة ، لاحقا سنة 1918 ، لم تعد معاهدة براست ليتوفسك سارية المفعول – أضحت ملغاة و لا أساس لها . لكن قبل ذلك ، إمضاء هذه المعاهدة تسبّب في أنّ بعض " اليساريّين " ( " اليساريّين الإشتراكيّين – الثوريّين " ) غادروا الحكومة السوفياتيّة و تاليا شنّ,ا تمرّدا ضدّها . كان لينين و البلاشفة ( الشيوعيّون السوفيات ) على حقّ في إمضاء هذه المعاهدة ، بينما كان " اليساريون الإشتراكيّون – الثوريّون " مخطئين في معارضتهم لذلك ، و تمرّدهم على الحكومة السوفياتيّة غير مبرّر و إنّ/ا كان في الوقاع رجعيّا و معاديا للثورة . لماذا ذلك كذلك ؟ لأنّ ، في الظروف الملموسة ، كان من المرجّ؛ جدّا أن تُكنس الجمهوريّة السوفياتيّة إن لم تمضى تلك المعاهدة . و بإمضاء تلك المعاهدة ، إشترت الحكومة السوفياتيّة وقتا لتعزيز سلطة الدولة الثوريّة ، و هذا بدوره خوّل لها تاليا أن تكسب حربا أهليّة ضد قوى عتيّة من الإمبراطوريّة الروسيّة السابقة كانت تلقى مساندة و مساعدة من عدد من البلدان الإمبرياليّة ( بما فيها الولايات المتّحدة ) . ما كان معنيّا في كلّ هذا كان المعالجة الصحيحة لتناقضات حادة : الدفاع عن ما تمّ التوصّل إليه كنقطة حيويّة ، كأساس لمزيد القتال مع تغيّر الظروف و بناء قدرة للتقدّم بهذا القتال . و من المرجّح جدّا أنّه لم تكت لتوجد ثورة إشتراكيّة مظفّرة و لا إتّحاد سوفياتي ، إذا لم يقُد لينين الأشياء على النحو الذى فعل خلال تمرّد كرنيلوف و معاهدة براست – ليتوفسك – حتّى مع أنّ تلك المعاهدة خاصة عارضتها و هاجمتها قوى " يساريّة " طفوليّة لا تملك أساسا و مقاربة جدّيين لإنجاز تغيير ثوريّ للمجتمع ، أمام قوى عدوانيّة قويّة . و نتوجّه إلى الثورة الصينيّة ، عند منعرج هام في تلك الثورة ، في إطار غزو و إحتلال للصين من الإمبرياليّة اليابانيّة ، دخل الحزب الشيوعي الصيني ، بقيادة ماو تسى تونغ ، في جبهة متّحدة مع حكومة الكيومنتانغ الرجعيّة مصّاصة الدماء و على رأسها تشان كاي تشاك . و فعل ماو و الشيوعيّون الصينيّون ذلك ، عقب قتال الكيومنتانغ لما يقارب العقد من الزمن و تكبدهم خسائرا كبرى على يد الكيومنتانغ الذى كان مدعوما بقوّة من الولايات المتّحدة و قوى إمبرياليّة " غربيّة " أخرى. هنا مرّة أخرى ، الحقيقة هي أنّ القوى الثوريّة ، بقيادة ماو ، يمكن أن تكون قد كُنست ( من القوى المحتلّة اليابانيّة و / أو الكيومنتانغ ) إذا لم يدخل الثوريّون إلى هذه الجبهة المتّحدة . على أيّ حال ، من الممكن تماما أنّه لم تكن لتوجد ثورة صينيّة مظفّرة ، و لا صين إشتراكيّة ، إذا لم يقُد ماو في إتّباع هذا المنعرج – و هذا ، من جديد ، عني الوحدة مع القوى الإضطهاديّة المجرمة . لكن ، كما أشرت في الرسالة عدد 45 ، نتيجة هذا المنعرج الكبير في السياسة ، الذى عني جبهة متّحدة على الكيومنتانغ ، حرب المقاومة ضد الاحتلال الإمبرياليّة اليابانيّة للصين ، في إطار الحرب العالميّة الثانية ، أصبح منعرج كبيرا في الثورة الصينيّة ، من خلالها أنجزت القوى الثوريّة قفزة حيويّة إلى الأمام بإتّجاه الإنتصار النهائيّ لتلك الثورة بعد بضعة سنوات ، سنة 1949 . ما يُسلّط عليه الضوء ، في هذه التجارب الحيويّة للثورتين الروسيّة و الصينيّة ، هو أنّ الثورة مسألة معقّدة جدّا ، و هذا ما يتطلّب بصفة متكرّرة معالجة تناقضات عسيرة جدّا للتقدّم بالثورة : التعاطى مع الواقع الموضوعي ( الضرورة ) الذى تواجهه الثورة ، في لحظات مختلفة ، بينما في الوقت نفسه – حتّى في جعل التعديلات ضروريّة في السياسة و المقاربة – و ليس التخلّى عن التوجّه الإستراتيجي للعمل من أجل الثورة ، لكن بدلا من معالجة التناقض على نحو عمليّا لا يتقدّم بالثورة ككلّ . و كلّ هذا يسلّط المزيد من الضوء على لماذا يتمّ تبنّى سياسات أنّه ، على المدى القصير ، أو بفترة معيّنة ، يشمل موضوعيّا الوحدة مع ( أو حتّى مساندة ل ) قوى رجعيّة يمكن أن يكون جزءا من التعاطى مع ، و التقدّم عبر ، التناقضات المطروحة، أحيانا بحدّة شديدة ، في مسار إنجاز الثورة الفعليّة . و ينسحب هذا على لماذا كان من الصحيح قول إنّه من الضروريّ التصويت لبايدن سنة 2020 – و لماذا التصويت لبايدن مرّة أخرى لن تكون صحيحة ، و أكثر من ذلك خطأ فادحا ، الآن – و هذا ما سأتعمّق فيه في الرسائل القادمة .
#شادي_الشماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مداخلة لسميّة كرغر خلال برنامج لمنظّمة - أحرقوا القفص ، أطلق
...
-
كتاب أنور خوجا - الإمبريالية و الثورة - على خطإ من بدايته إل
...
-
إسرائيل تضرب إيران و تمضى بالنزاع إلى مستوى جديد ، أخطر
-
إسرائيل توسّع هجومها الإجرامي على لبنان – قاتلة الآلاف و مغت
...
-
بوب أفاكيان – الثورة عدد 94 : الثورة و الشيوعيّة الجديدة – ل
...
-
هذه ليست حربنا ! و في حربِنا : يجب التساؤل من أجل من و من أج
...
-
إسرائيل تمطر الموت و الدمار عبر لبنان – و الولايات المتّحدة
...
-
غزّة : 10 أيّام من فظائع الإبادة الجماعيّة المقترفة من آلة ا
...
-
رسالة من اللجنة المركزيّة للحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) إل
...
-
شعوب الشرق الأوسط شعوبنا ! لا للإمبرياليّة ، لا للأصوليّة ال
...
-
بوب أفاكيان – الثورة عدد 89 : ليندا رونستادت :الحقيقة القويّ
...
-
بوب أفاكيان – الثورة عدد 92 : لماذا يوجد السود في الوضع الذى
...
-
بوب أفاكيان – الثورة عدد 93 : السود – إمكانيّة ثوريّة قويّة
...
-
غزّة : إثر سنة من المذابح المدمّرة للفلسطينيّين و الفلسطينيّ
...
-
إسرائيل تصعّد مجازرها و جرائم حربها عبر لبنان : - نتنياهو يه
...
-
بوب أفاكيان – الثورة عدد 90 : من أنا لأقول للناس الحقيقة الت
...
-
بوب أفاكيان – الثورة عدد 91 : قتال عميق من أجل روح السود : أ
...
-
حمّام الدم الذى تقترفه إسرائيل عبر المنطقة : من لبنان إلى ال
...
-
الخطر المتنامي لحرب إقليميّة مدمّرة في الشرق الأوسط : الهجوم
...
-
سنة من الإبادة الجماعيّة الإسرائيليّة في غزّة : رسالة مفتوحة
...
المزيد.....
-
أحزاب اليسار الفرنسية تطالب باستقالة إيمانويل ماكرون عقب إسق
...
-
الجمعية الوطنية للمعطلين تتضامن مع الطلبة المحتجين بتازة وتد
...
-
عزالدين اباسيدي// الاجهاز على الحق في الإضراب يفتتح شهيته ب
...
-
«الديمقراطية»: حكومة الإحتلال تسابق الزمن وتواصل ارتكاب المج
...
-
بيان تضامني لفرع حزب النهج الديمقراطي العمالي بتازة
-
«تضامن في منزل الأسرة».. اليوم الـ 64 من إضراب ليلى سويف
-
بدء محاكمة 5 من محتجي طريق الموت بالدقهلية الأربعاء
-
شادي محمد ومعتقلي «بانر فلسطين ».. أمام المحكمة غدًا
-
القوى الامبريالية تتصارع على سوريا
-
شادي محمد ومعتقلي «بانر فلسطين ».. تجديد حبس 45 يومًا
المزيد.....
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
/ أزيكي عمر
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|