أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - وجهة نظر في وقف إطلاق النار بين حزب الله و-إسرائيل-














المزيد.....

وجهة نظر في وقف إطلاق النار بين حزب الله و-إسرائيل-


ضيا اسكندر
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8174 - 2024 / 11 / 27 - 15:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يكن وقف إطلاق النار بين حزب الله و"إسرائيل" إجراءً ارتجالياً أو نتيجة تفاهم عابر، بل جاء كمرآة تعكس تداخل المصالح والتوازنات الإقليمية والدولية التي تجاوزت حدود معادلة القوة التقليدية بين الطرفين. ففي ظل المواجهات التي استمرت لأكثر من عام، قدّم حزب الله تضحيات هائلة دفعت قدراته إلى أقصى الحدود، لكنه وجد نفسه في مواجهة حقيقة مريرة: غياب وحدة الساحات التي طالما بشّر بها. فقد بات واضحاً أن الحزب، على الرغم من قوته وخبراته القتالية، لا يستطيع بمفرده أن يغيّر ميزان القوى أمام آلة الحرب الإسرائيلية المتطورة.

والنتيجة التي يمكن أن يصل إليها المراقب، أنّ شن الحرب على "إسرائيل" قبل عام، كان سابقاً لأوانه نتيجة عدم جهوزية أطراف محور المقاومة كافة، وأن قرار الحرب من قبل حركة حماس كان بالفعل دون تنسيق مع باقي أطراف الحلف. هذا الوضع يطرح تساؤلات حول الأولويات الاستراتيجية والقدرة على قراءة موازين القوى الإقليمية والدولية بدقة، وهو ما انعكس سلباً على سير المواجهة ونتائجها.

ما كان يمكن أن يغيّر هذه المعادلة هو تحرّك جماعي منسق، حيث تتضافر جهود إيران واليمن والفصائل الفلسطينية والحشد الشعبي وحزب الله في ضربة واحدة مدروسة ومكثفة. هذه القوى تمتلك ترسانات عسكرية ضخمة، تتنوع بين صواريخ بعيدة المدى، وطائرات مسيّرة متطورة، وقوات برية مدربة على حرب العصابات. لو أن هذه القوى، بدعم إقليمي ودولي من الدول التي ترفع شعارات مناصرة التحرر وقضايا الشعوب، أقدمت على خطوة كهذه، لربما شهدنا تحولاً جذرياً في مجرى الصراع.

لكن العقبات لم تكن عسكرية فقط؛ بل هناك تردد سياسي، ومصالح متضاربة، وحسابات معقدة ترتبط بعلاقات الدول مع القوى الكبرى. وفوق ذلك كله، هناك تقصير مخجل وتخاذل واضح من قبل كثير من الدول العربية والإسلامية التي تخلت عن نصرة الشعبين الفلسطيني واللبناني، واكتفت بالتصريحات الجوفاء والشجب الرسمي الخالي من أي أثر حقيقي. لقد كان بإمكان هذه الدول، لو أرادت، أن تستثمر جزءاً من ثرواتها الهائلة ونفوذها الإقليمي لإحداث فارق حقيقي على الأرض، لكن المصالح الشخصية والضغوط الدولية كانت أقوى من المبادئ.
الأمر لم يقتصر على غياب الدعم المباشر؛ بل اتضح أن العديد من الدول العربية والإسلامية وضعت أولوياتها في خدمة مصالحها الضيقة، حتى لو كان ذلك يعني غضّ الطرف عن معاناة الفلسطينيين واللبنانيين. فقد فضّلت بعض الأنظمة التزلف للقوى الكبرى، أملاً في حماية عروشها، على أن تتخذ موقفاً حازماً ولو في حدّه الأدنى يضعها في صف الشعوب المظلومة، بل إن بعضها تجاوز حدود الصمت إلى التعاون مع "إسرائيل" بطرق مباشرة أو غير مباشرة، في صورة تطبيع سياسي واقتصادي مفضوح، متناسين أن هذه السياسات تزيد من عزلتهم الشعبية وتُظهر انحيازهم ضد قضايا التحرر التي لطالما تغنّى البعض منهم بها.

كما أن الدعم الإقليمي والدولي الذي كان يُفترض أن يُترجم إلى خطوات ملموسة على الأرض، بقي حبيس التصريحات والشعارات الرنانة التي لا تتعدى شاشات الإعلام ومنصات الخطابة. ففي الوقت الذي كانت فيه صواريخ الاحتلال تمزق غزة، مدمرةً المنازل فوق رؤوس ساكنيها، وتوقع عشرات الآلاف من الضحايا بين شهداء وجرحى، وتشرّد مئات الآلاف من الأبرياء، كانت قذائفه تدك الجنوب اللبناني، محوّلة القرى إلى أنقاض، ملقيةً بثقلها على المدنيين، ما أسفر عن خسائر بشرية فظيعة وتدمير واسع للبنية التحتية والمرافق الحيوية. وفي ظل هذه المأساة، اكتفت العواصم العربية بإصدار بيانات إدانة خجولة، لم تتجاوز كونها محاولات فارغة لتجميل صورها أمام شعوبها الغاضبة.

وهكذا، فإن غياب التنسيق بين القوى المقاومة، والتخاذل العربي والإسلامي، وعدم توحيد الجبهات في لحظة حاسمة، أدى إلى تبديد الفرص التي كان يمكن أن تقلب الموازين.
وقف إطلاق النار، إذاً، لم يكن انتصاراً لأي طرف، بل كان استراحة في حرب طويلة؛ لأن الصراع مرتبط ارتباطاً وثيقاً بميزان القوى الدولي، الذي يتحول من عالم القطب الواحد إلى عالم متعدد الأقطاب. ففي هذا العالم الجديد، حيث تزداد التوترات وتتنوع المصالح، يصبح الانتصار لقضايا الشعوب أكثر تعقيداً، ولكنه أيضاً أكثر ضرورة.
مع تعدد الأقطاب وتزايد التنافس بين القوى الكبرى، يمكن أن تتحقق نتائج مختلفة إذا تم استغلال هذه التحولات لصالح القضايا العادلة. إن التحولات الجيوسياسية الجارية حالياً والتي يمكن أن تتبلور خلال السنوات القادمة، تفتح أمام الشعوب المقاومة فرصاً جديدة للتحالفات والتعاون الدولي، ما قد يعزز فرصهم في تحقيق العدالة والانتصار على القوى الظالمة. لكن هذا لن يتحقق إلا بتوحيد الجهود الإقليمية والدولية، وتجاوز الانقسامات الداخلية التي تضعف القدرة على مواجهة التحديات الكبرى.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل ما شهدناه أمس، بداية الغيث؟
- ما له وما عليه؟
- بالنقاط أم بالضربة القاضية؟
- عواقب عدم تفعيل وحدة الساحات
- لم يتصدّع جسدي بعدُ
- متلازمة ستوكهولم والمفقّرون الموالون لأنظمة القمع
- بانتظار اللا شيئ!
- إلى متى؟!
- ضجر
- ماذا يعني استبدال شعار (وحدة الساحات) بشعار (الصبر الاستراتي ...
- عدم تبلور عالم متعدد الأقطاب.. تحصد غزة نتائجه
- مرسوم للأسد يجيز التعامل بالدولار
- وهْمُ حلّ الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي بإقامة دولتين
- تعدّدت مراسيم العفو.. وكالعادة تم تجاهل المعتقلين السياسيين
- مثول أردوغان وزمرته أمام محكمة الجنايات الدولية.. بين الضرور ...
- عندما يكون جميع المتحاربين في مأزق!
- السماء معتمة الآن. لقد أفل نجمٌ عظيم. وداعاً خالد خليفة
- «من دهْنو سقّيلو..» مهزلة زيادة الرواتب: باقية وتستمر
- يا ناس، يا عالم، ياهو، مجلس الشعب السوري سيجتمع!
- قراءة في نتائج قمّة الناتو


المزيد.....




- رمسيس يرقص وتوت عنخ أمون في السماء…كيف احتفل المصريون قبيل ا ...
- الوداد والرجاء في المغرب: كيف بدت الأجواء في آخر ديربي بين غ ...
- لغة جسد ترامب وشي وسط معركة المعادن النادرة
- أحمد الشرع.. غضب من إعلاميين مصريين بعد مقارنته نجاح دول خلي ...
- سودانيون يروون قصصا مؤلمة عن الفظائع التي تعرضوا لها عقب سيط ...
- سرقة اللوفر: ما جديد التحقيقات في القضية؟
- إسرائيل تشن غارات على غزة وخان يونس رغم وقف إطلاق النار
- جامعة الأزهر تستأنف عملها لتصبح أول جامعة تبدأ التدريس في غز ...
- العلاقات الفرنسية الجزائرية : النواب يصادقون على مشروع قرار ...
- مجلس الأمن الدولي يدين هجوم قوات الدعم السريع السودانية على ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - وجهة نظر في وقف إطلاق النار بين حزب الله و-إسرائيل-