ابراهيم زورو
الحوار المتمدن-العدد: 8169 - 2024 / 11 / 22 - 04:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
صديقي الكاتب علي الكردي،
تقديري لك سلفاً...
لا أشك أبداً بأن لكل عمل له خصوصيته وظروف كتابته إضافة إلى الواقع الاجتماعي، فهو ابن الواقع ممزوج بسائل الامينوسي كي يولد سليماً معافاً، وعندما يسقط من عمائه الاولى فيبكي كي يثبت وجوده في هذا العالم المترامي الظالم، ولا أشك كذلك بأن الكاتب احياناً كثيرة لا يمكن أن يكون مبدعاً نتيجة الظروف ذاتها، بعضها عائد إلى من هم خارج الصندوق الادب -بالمعنى السياسي- فيتنمر ليكون واحداً من سكان الصندوق إذا جاز التعبير.
كان تضامني مع ساكني قصر "شمعايا" اصيلاً في عمقه الابدي لا يشوبه شائبة واحدة ربما بكيت وأنا اتخيل اندهاشهم كما اندهاشي في واقعي نتيجة تشابه الظروف وكذلك نتيجة المقارنات والمقاربات بين قصريّ: "شمعايا" و"المهاجرين".
بالنسبة لي قصر "شمعايا" هو ذاته قصر "المهاجرين" الذي أقدم على انتزاع اراضينا الزراعية كمواطنين سوريين ليوزعها على عرب الغمر الذي جلبهم النظام من الرقة، لهذا السبب كنت لاجئاً ومن ساكني "شمعايا" ولكن بطريقة غيابية! ربما اكثر حدة، هناك فرق آخر لصالح "شمعايا"، وكما اشرت في المقالة، أن العدو يعزز الهوية الوطنية فلربما وربما قد اثلم "شمعايا" هذا الموقف قليلاً لما اصبحت التواشج وبدأت قصص الحب تدور رحاها في هذا العالم المؤبؤء من أساسه، ولكن قصر المهاجرين في دمشق عزز العداوة بين طفولتنا وجعلنا نمقت وجوده في السنوات الأولى من حياتنا ولا زالنا نداوم على كرهه، أن تستقيظ ذات يوم وأنت مجرد فلاح وتسكن قرية بدون أن تملك شبراً من أرضها بعدما كنت ملاكاً، إليس واقعنا نصاً سريالياً بكامل اركانه!، هي التغريبة ذاتها، هو اللجوء ذاته، هو الظلم ذاته، هو أقل من "شمعايا" إنسانية وحضارة.
وحيث أن الهوية نابعة من اللاشعور كما يقول فرويد بهذا الصدد، هو اساس الشعور بالمواطنة أو القومية، وخاصة عندما لا ترى أحداً غير مهتم بما يفعله النظام بشعب غريب ويوصفونه باقزز التهم إن طالب بهويته القومية بينما يسكت صاغراً من يقوم بظلمه، فكيف تثق بجارك العربي وهو يضحك لمآسيك؟. وهذا التعزيز للكراهية من جانب العرب السوريين وسكوتهم عن الذي جرى!. هم شركاء النظام في جريمته! كما جرى في مناطقنا الكوردية، النظام السوري هو اسوء نموذج استعماري بالنسبة لنا ككورد! فالاغتصاب هو ذاته وله شكل واحد فقط؟!.
هناك تبادل السلع بين الانظمة العربية والكيان الصهيوني! الثاني يؤمن للأولى استمرارية حكمها مقابل ان يؤمن الاولى للثاني استمرارية ظلمها على الشعب الفلسطيني وتنكيل به وربما هو الارحم من الأولى، ويؤمن الثاني للأول ظلمه البشع على ابناء شعبه!. المسكوت عنه هو الظلم!.
وأي عمل يقترب منك ليأخذ بيدك على أنك واحداً من شخصياته هو أمر ليس نادر الحدوث في الادب، فظلم دكتاتوريات الدول الفقيرة والمتخلفة لا يحتمل نهائياً ربما باعمالهم وظلمهم كجهنم مستعر نيرانه لا تعرف متى يكون امواجهم هادئة أو هادرة.
بشيء من التحوير استطيع القول، لو استبدلنا العنوان وكذلك بعض الاسماء الواردة في الرواية قصر "شمعايا" وجعلناه قصر المهاجرين لبقي الظلم ذاته بالنسبة للشعب الكوردي،
بكل الاحوال اشكر موقفك من مقالتي وشرحت بعض الجوانب الغامضة عليّ وبعضها سهوت عنها، بالتالي لا يمكن ان يكون العمل كاملاً مهما كان حجمه، وبالتالي الحوار هو ما يجعل مملكة العقل عظيمة لجهة الاعتراف المتبادل بين طرفي الحوار العقلاني! ويجعل الخيال خصباً. بدون النقد هو أننا نسير عرجاء في مشاويرنا الثقافية والانسانية.
وأخيراً هذا التناص بين واقعين وبالتالي بين النصوص الادبية، ليس غريباً إذا كان الظلم هو عنوان للواقع الذي يقفز إلى الأدب.
لك كل التقدير العزيز علي الكردي الكاتب الجميل،،،
رسالة إلى
إبراهيم زورو
صديقي العزيز إبراهيم
يسعد أوقاتك بكل خير
كل الشكر والتقدير لهذا الجهد المبذول في قراءة روايتي "قصر شمعايا". هناك مقولة متداولة تقول : "مجرّد أن يُنشر أي نص أدبي فهو يخرج من يد صاحبه, و يصبح ملكاً للقرّاء". بهذا المعنى تتعدّد قراءات النص بتعدّد قارئيه. بالتالي لكل قارئ كامل الحق في مقاربة النص من زاويته وحسب خلفيته.
من جهتي يسعدني أن تتعدّد القراءات لرواية قصر شمعايا, وقد كُتب عنها عشرات المقالات في الصحافة العربية, وبعد ترجمتها إلى الألمانية حازت أيضاً على قراءات لا بأس بها في الصحافة الألمانية. ما يسعدني حقيقةً, على الرغم من تباين وجهات النظر بين تلك القراءات, هو هذا الاهتمام الذي حظيت به الرواية, الأمر الذي يجعلها حيّةً ,ومتجدّدة رغم نشرها في العام 2010 عن دار كنعان بدمشق.
على ضوء ما تقدم ,لا أستطيع صديقي مصادرة حق أي قارئ في قراءة النص حسب ما يرتئي . رغم تقاطعي مع بعض ما ورد في قراءتك ,واختلافي مع بعضها الآخر ,بيد أني أود أن أبوح لك في بعض ما عانيتُ منه أثناء كتابة الرواية ,لأن ذلك قد يوضح بعض الأمور.
لقد حاولت بأقصى ما أستطيع أن أكون حيادياً ,وديمقراطياً مع شخصيات الرواية ,و حاولت قدر الإمكان نقل الأحداث و معالجتها بشفافية و موضوعية خوفاً من الوقوع في فخ العنصرية ,أو الاستعلاء والتنمّر على الناس البسطاء الذين نقلت حكاياتهم برأفة وحب ,وبأقل ما يمكن من الفضائحية ,فهم ناسي ,وأبناء بيئتي ومأساتهم هي مأساتي ,رغم أن تلك البيئة هي خزّان خصب تغري أي كاتب روائي في نقل تلاوينها التي تتدرّج قيمها وتلاوينها من الأعلى إلى الأسفل ,ولا شك أن العالم السفلي يغري الكاتب الروائي أكثر في الكشف عن تلك العوالم ,لما تحمل في طياتها من صراع ودراما و"أكشن"إذا أردت.
حاولت بصراحة أن أكون على مسافة واحدة من كل الشخصيات ,بغض النظر عن انتمائها الديني أو المذهبي .ليس لدّي بطل إيجابي أو سلبي بالمطلق ,بل كل شخصية هي مزيج من هذا وذاك . فيها من الإله و من الشيطان. لكني انتصرت لدور المرأة الفلسطينية اللاجئة . أمهاتنا القويات اللواتي حملن المسؤولية على أكتافهن. (المكان)هو البطل الأساسي في الرواية .
ملاحظة أخيرة:
لو تزوج أحمد في الرواية كما تقول صديقي ,ما الذي سيحدث ؟!
أظن أن الرواية ستنغلق على هذا الحدث. مثل أي قصة حب تنتهي بالزواج. أين الدراما في الموضوع؟ بينما انفتحت الرواية فيما ذهبت إليه على أحداث كبرى, لها دلالات بعيدة. زواج رشا من رجل أعمال سعودي رغم ترددها ليس صدفةً, وإنما يحمل دلالة محددّة, لاسيما حين تنجب منه أولاداً لا يشبهونها وكأنهم ليسوا من رحمها. أحدهم يصبح إسلامي متطرف, والآخر يتماها مع عالم الغرب, ويتطوع في الجيش الأمريكي ليقاتل أبناء جلدته. في النهاية تصبح رشا غريبة..عارية كأنها عاقر لم تنجب أطفالاً من رحمها. لكنها حين تسمع بالإفراج عن أحمد من الأسر تعود إلى طهرها, و تستيقظ في داخلها مشاعر الحب (المستحيل) وتسافر على وجه السرعة للقاء أحمد. هذه في ظني أحداث درامية عميقة, محمولة على دلالات إنسانية وسياسية وفكرية.
اتفق معك صديقي في الاستنتاجات الثلاث الأخيرة في مقالتك, فهي دقيقة تماماً. بكل الأحوال أنا سعيدٌ جداً بما كتبت, ومرة أخرى كل الشكر والتقدير لك على هذا الجهد الكبير.
#ابراهيم_زورو (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟