|
العمة دبة الجزء الخامس
طلال حسن عبد الرحمن
الحوار المتمدن-العدد: 8161 - 2024 / 11 / 14 - 08:26
المحور:
الادب والفن
إن أنا إلا ..
الببغاء قرب القفص ، الثعلب يجلس إلى المائدة
الببغاء : " يحدق فيه صامتاً " .... الثعلب : لم تأتِ العمة دبة . الببغاء : ستأتي ، ربما عند المساء . الثعلب : " ينهض " لكني جائع . الببغاء : يا للأسف ، ليس عندي ، كما تعرف ، ما أقدمه لكَ . الثعلب : " يميل نحوه " قدم لي نفسك . الببغاء : " يحدجه بنظرة منفعلة " .... الثعلب : إنني أمزح معك " يتجه نحو الباب " لعل العمة عند النهر ، تصطاد السمك ، فلأذهب إليها " يتوقف عند الباب " ببغاء ، قل لي .. الببغاء : " ينظر إليه صامتاً " .... الثعلب : عندما أتيتُ ، رأيت عدة نملات يخرجن من هنا . الببغاء : جئن يسألن عن العمة دبة . الثعلب : مثلي . الببغاء : ليس مثلك ، فهن لسن جائعات . الثعلب : النمل لا يجوع . الببغاء : لو كنّ مثلك لجعن . الثعلب : " يحذره " ببغاء . الببغاء : إنهن يعملن ، ليل نهار . الثعلب : لم أرَ بينهن نملة عمياء . الببغاء : إنهن وفد . الثعلب : لو كان بينهن نملة عمياء ، لكنتَ الآن ، تقفُ في مكانك ، هيكلاً عظمياً . الببغاء : الأفضل أن تذهب ، فقد يشم النمل الأعمى رائحتك ، ويأتي إليك .. الثعلب : استقبله نيابة عني ، إذا أتى " وهو يخرج مسرعاً " وداعاً . الببغاء : ليت النمل الأعمى يحظى بهذا الثعلب اللعين ، ويخلصني منه " يصمت " ترى ماذا يريد النمل من العمة دبة ؟ لابد أن لديه ما يهمه ، وإلا ما جاء يسأل عن العمة عدة مرات ، لكن .. " ينصت " هذا ليس النمل ، آه إنها .. العمة . تدخل العمة دبة ، تحمل سلة فيها عدة أسماك
الببغاء : الثعلب كان هنا ، وخرج للبحث عنكِ . العمة : " تضع السلة فوق المنضدة " رآني قرب النهر ، فأعطيته سمكة كبيرة ، وصرفته . الببغاء : هذا ما أراده . العمة : لا بأس ، إنه جائع . الببغاء : لو يعمل كما يعمل النمل ، لما جاع . العمة : إنه ثعلب ، وليس نملة . الببغاء : أيتها العمة .. العمة : " تنظر إليه " .... الببغاء : جاء وفد النمل ، اليوم أيضاً . العمة : النمل يطلب المستحيل . الببغاء : أنتِ لم تقابلي الوفد . العمة : تسرب إليّ ما يريده . الببغاء : ماذا يردن ؟ العمة : ليتهن يعرفن ، إنني لا أجترح المستحيل ، فإن أنا إلا .. " تنصت صامتة " ها هنّ قادمات . الببغاء : كوني رقيقة معهنّ . يُدفع الباب ، وتدخل النملات الواحدة بعد الأخرى السوداء : أخيراً حظينا بكِ . الببغاء : " مخاطباً العمة دبة " المسكينات جئن إليكِ مرات ومرات . العمة : حسن ، ها أنا ذي . الرمادية : أيتها العمة ، نحن في محنة . العمة : الجميع هنا في محنة . نملة الرز : محنهم ليست كمحنتنا . الحمراء : محنتنا محنة وجود . هزازة الذيل : نعم ، نكون أو لا نكون . العمة : أنتن كائنات . السوداء : لكن كينونتنا مهددة ، فأعداؤنا كثيرون . الرمادية : وقد حاولنا تجنبهم ، بكل الطرق الممكنة ، لكن دون جدوى . الحمراء : لقد بنينا ، نحن النمل الأحمر ، بيوتاً ضخمة ، متينة ، فوق الأرض ، وعشنا تحتها ، لكن آكل النمل ، كان يحطم تلك البيوت بسهولة ، ويفترسنا الواحدة بعد الأخرى . الببغاء : يا للمتوحش . الرمادية : ولكي نحمي أنفسنا من الإبادة ، نحن النمل الرمادي ، كنا نلجأ إلى الهرب ، لكن السحالي والعناكب والطيور ، كانت أسرع منا ، فتقطع علينا الطريق ، وتفتك بنا . الببغاء : المجرمون . نملة الرز : أما نحن ، نمل الرز ، فاخترنا أن نعيش تحت الأرض ، لكن ما إن نخرج إلى السطح ، حتى ينقض علينا آكل النمل ، ويأكلنا . الببغاء : القاتل . هزازة الذيل : ونحن ، هزازو الذيل ، التجأنا إلى أعالي الأشجار ، لعلها تعصمنا ، لكن كثيراً ما كانت أم أربع وأربعين تتربص بنا ، وإذا أفلتنا منها ، فأن الطيور الجائعة ، كانت تلاحقنا ، من شجرة إلى شجرة ، وقلما تفلت منّا واحدة . الببغاء : " يهز رأسه " .... السوداء : أيتها العمة .. العمة : " تنظر إليها صامتة " .... السوداء : أنت ملاذنا الأخير .. الرمادية : نريد حلاً .. نملة الرز : وإلا أبدنا .. العمة : ماذا أقول .. ؟ هزازة الذيل : لا تقولي شيئاً الآن ، فكري ، وسنأتي بعد أسبوع . الرمادية : نريد أن نبقى . السوداء : وسنبقى بفضلكِ . العمة : " تطرق صامتة " .... السوداء : " للأخريات " لنذهب الآن " تتراجع ". الرمادية : " تتراجع " نعم ، لنذهب ، وندع العمة دبة تفكر . نملة الرز : " تتراجع " سنبقى .. هزازة الذيل : نعم ، سنبقى ، مادامت قضيتنا بين يدي .. العمة دبة . السوداء : " وهي تخرج " هيا يا عزيزاتي .
النملات الثلاث يخرجن ، ويغلقن الباب وراءهن
الببغاء : سيأتين بعد أسبوع .. العمة : " تنظر إليه " .... الببغاء : كلهنّ أمل . العمة : لا أدري لماذا يتصور البعض ، بأنني أعرف كلّ شيء .. وأنني قادرة على كلّ شيء .. الببغاء : " ينظر إليها صامتاً " .. العمة : " تصيح " إن أنا إلا .. الببغاء : دبة .. العمة : " تحدق فيه " .... الببغاء : أنتِ دبة .. عظيمة .
الببغاء ينظر إليها صامتاً ، العمة تتنهد بهدوء وارتياح إظلام
24 / 8 / 2016
شجرة السيكويا
بيت العمة دبة ، الببغاء أمام قفصه
الببغاء : آه كم أنا متعب ، فلأتمدد بعض الوقت " يتمدد " لعلي أرتاح قليلاً ، قبل أن تأتي العمة دبة ، وتطير النوم من عينيّ بثرثرتها عن .." يصمت لفترة ، ثم يرتفع غطيطه " خ خ خ خ ..
تدخل العمة دبة ، الببغاء يعتدل متثائباً الببغاء : طار النوم . العمة : طاب نهاركَ . الببغاء : سيطيب إذا قلت الثرثرة في هذا البيت . العمة : لابدّ أن أحدهم قد زارني ، خلال فترة غيابي .
الببغاء : فراشة ، وأي فراشة . العمة : يبدو أنك انشغلت بجمالها ، فلم تسألها عما تريد . الببغاء : كنت متعباً ، وأردت تجنب ثرثرتها ، يكفيني ما أسمعه من ثرثرة الدببة هنا .. العمة : " تقاطعه " ببغاء . الببغاء : أعني حديث الدبة ، حديثك ، المليء بالحكم والعلوم . العمة : آه منكَ . الببغاء : لا عليكِ ، ستأتي إن عاجلاً أو آجلاً ، فهي متلهفة للقاء بك . العمة : لو تعرف من رأيت . الببغاء : لا تقولي ، إنكِ رأيتِ الثعلب . العمة : كلا ، وإنما رأيتُ السلحفاة البحرية . الببغاء : لا بأس ، فثرثرتها تفوح بروائح أعماق البحار . العمة : وحدثتني عن النباتات البحرية . الببغاء : عن شقيق البحر مثلاً . العمة : لا ، فشقيق البحر ليس نباتاً ، بل حيواناً . الببغاء : هذا ما قالته لي السلحفاة البحرية مرة ، ولم أصدقها . العمة : كان عليك أن تصدقها ، فهي لا تكذب . الببغاء : سأصدقها ، وأصدقكِ ، ولو إن عالمنا مليء بالكذب " الباب يُطرق " جاءت الفراشة . العم : " تنظر إلى الباب " تفضلي ، الباب مفتوح . تدخل فراشة ملونة ، كأنها قوس قزح
الببغاء : " للفراشة " ها هي العمة دبة . الفراشة : أشكركَ " للعمة دبة " طاب يومكِ ، يا سيدتي . العمة : أهلاً ومرحباً بكِ . الفراشة : جئت قبل قليل ، وسألتُ عنكِ . العمة : نعم ، أخبرني بذلك عزيزي الببغاء " تحدق فيها " أهلاً بكِ ، يبدو أنك من قارة أمريكا . الفراشة : إنني أعيش هنا ، لكن جاءني ضيف من نوعي ، وقال إنه قادم من أمريكا . العمة : آه ، أمريكا قارة واسعة . الفراشة : وقال إنه من ولاية كالفورنيا . العمة : هذه من الولايات الجميلة ، والغنية بتنوعها النباتي والحيواني . الفراشة : أردتُ أن أسألك عن شجرة السيكويا . العمة : أظن أنني أعرف الكثير عنها ، تفضلي ، اسألي . الفراشة : قيل لي ، إن بذور هذه الشجرة كي تنمو ، تحتاج إلى البقاء تحت الأرض ، نحو عشرين عاماً . الببغاء : " مذهولاً " عشرين عاماً ! الفراشة : هذا ما قيل لي . العمة : ببغاء ، لنسمع إلى عزيزتنا الفراشة . الببغاء : إنني لم أسمع ، طول حياتي ، بشجرة .. العمة : " تقاطعه " ببغاء ، اصمت لحظة " للفراشة " تفضلي ، يا عزيزتي . الفراشة : " تنظر إلى الببغاء " .... الببغاء : إذا كانت البذرة تحتاج إلى عشرين عاماً كي تنبت ، فكم يكون عمر الشجرة ؟ الفراشة : قيل لي ، إن عمرها يمتدّ إلى نحو أربعة آلاف عام . الببغاء : " يصيح " هذا كذب . العمة : ببغاء .. الببغاء : " للعمة دبة " تقول أربعة آلاف عام . العمة : دعنا نسمع . الببغاء : لكن للكذب حدوداً . العمة : ولصبري أيضاً حدود . الببغاء : " يغالب رغبته في الردّ ، لكنه يفضل الصمت " .... العمة : " للفراشة " تفضلي ، يا عزيزتي ، إنني أسمعكِ . الفراشة : وارتفاعها ، شجرة السيكويا ، يمتدّ إلى نحو " 2500 " قدم . الببغاء : " يصيح " ماذا ! العمة : " تنظر إليه " .... الببغاء " يلوذ بالصمت " .... العمة : " للفراشة " تفضلي . الفراشة : أما اتساعها ، أعني شجرة السيكويا ، فيشمل دائرة محيطها " 100 " قدم . الببغاء : آه لم يعد للكذب حدوداً . العمة : " تهز رأسها " .... الفراشة : هذا ما قاله لي . الببغاء : الذكر القادم من قارة أمريكا ؟ الفراشة : نعم . الببغاء : لا تصدقيه . الفراشة : " تنظر مستغيثة إلى العمة دبة " .... العمة : لابد أنه يريد أن يأخذكِ إلى أمريكا .. الفراشة : " تداري خجلها " نعم .. العمة : رفيقة عمر ، زوجة .. الفراشة : " تهز رأسها أن نعم " .... العمة : " تهمهم " هم م م م . الفراشة : لو تعرفين ، أيتها العمة ، كم أكره الكذب ، ولا أستطيع أن أتصور ، أنني يمكن أن أتزوج كذاباً . العمة : تزوجيه . الفراشة : أيتها العمة .. العمة : تزوجيه ، تزوجيه ، يا عزيزتي ، واذهبي معه إلى أمريكا ، وسترين هناك شجرة السيكويا بنفسكِ . الفراشة : لكن ما قاله عنها .. العمة : كلّ ما قاله صحيح ، يا عزيزتي . الفراشة : " فرحة " أشكركِ " تتجه إلى الخرج " أشكركِ جداً " تتوقف عند الباب ، وتنظر إلى الببغاء مبتسمة "وداعاً ، يا عزيزي ، وداعاً . الببغاء : وداعاً . الفراشة : " تخرج " .... الببغاء : لم أصدق كلمة واحدة ، مما قاله لها ذلك الذكر الأمريكي . العمة : " تضحك " .... الببغاء : ليس كلّ الذكور مثله . العمة : " تنظر إليه بمحبة " .... الببغاء : تلك الفراشة عاشقة ، ولديها استعداد لتصديق كلّ ما قاله من أرقام خيالية ، وأنتِ شجعتها على تصديقه . العمة : لكن ما قاله ذكر الفراشة ، القادم من أمريكا ، كان صحيحاً . الببغاء : البذرة تبقى تحت الأرض عشرين عاماً لتنبت ! العمة : ويمتد عمر شجرتها إلى أربعة آلاف عام . الببغاء : سأجن . العمة : " تضحك " ....
تخفت الأنوار شيئاً فشيئاً ، حتى تنطفىء
إظلام
× ـ شجرة السيكويا : شجرة ضخمة تنمو في ولاية كاليفورنيا في أمريكا ، لكن هناك شجرة أضخم منها ، وأكثر ارتفاعاً في نفس الولاية بأمريكا هي شجرة " الخشب الأحمر " ، يصل ارتفاعها إلى " 1116 "متراً ، وتعيش مثلها نحو أربع آلاف عام .
17 / 9 / 2016
حوت العنبر القزم
يدخل الثعلب متلفتاً ، شاطئ بحر رملي
الثعلب : أيتها العمة ، تعالي ، لقد وصلنا . العمة : " تدخل متعبة " قتلتني أيها اللعين " تتوقف لاهثة " كان عليّ أن أصدق الببغاء هذه المرة .. الثعلب : دعكِ من الببغاء ، لقد شاخ ، وخرف تماماً . العمة : " تضحك وهي مازالت تلهث " لو أن الببغاء يسمعك ، لنسي خوفه منك ، وانقض عليك ، وقطع لسانك بمنقاره . الثعلب : لا أبالي بالببغاء ، المهم عندي أنك أصغيِتِ إليّ ، وصدقتني . العمة : " تتلفت حولها " آمل أن لا أكون قد أخطأت هذه المرة . الثعلب : أنت لم تخطئي ، سأحصل منك على قرص العسل ، وستكونين ممتنة مني " ينظر إلى الخارج فرحاً " ها هي السلحفاة ، التي حدثتك عنها ، قادمة ، انظري ..
تدخل سلحفاة ضخمة جداً ، العمة دبة تحدق فيها مذهولة
العمة : آآآه .. الثعلب : لكي تعرفي أنني صادق دائماً العمة : " مازالت تنظر مذهولة إلى السلحفاة " أعرف أنك صادق ، ولكن ليس دائماً . السلحفاة : " تتوقف وتنظر إلى العمة دبة " مرحباً أيتها العمة دبة . العمة : " تنظر إلى الثعلب " .... الثعلب : لقد حدثتها عنكِ . العمة : " للسلحفاة " أهلاً ومرحباً بكِ . السلحفاة : إنني في هذا العمر .. الثعلب : " يهمس للعمة دبة " عمرها الآن 300 سنة . العمة : " تنظر إلى السلحفاة مذهولة " .... الثعلب : هذا ما أخبرتني به السلحفاة نفسها . السلحفاة : " تواصل حديثها " أحب العلم ، والعلماء ، وأنتِ ، على ما أخبرني صديقي الثعلب ، عالمة جليلة . العمة : أشكركَ ، إنني أحب العلم ، وأحاول جهدي أن أتعلم . السلحفاة : أنت متواضعة جداً ، أيتها العمة دبة ، وهذه سمة من سمات العلماء العظام . العمة : أشكرك ، أيتها السلحفاة المتميزة " تحدق فيها " يبدو لي أنك أكبر سلحفاة في العالم ، وأنا أعرف الكثير عنكِ .. السلحفاة : " تبتسم " لا أدري إذا كانت معلوماتكِ عني دقيقة .. الثعلب : العمة دبة دقيقة جداً . العمة : أنتِ سلحفاة غالاباغوس ، طولك يتجاوز المتر والنصف ، ووزنك يصل إلى " 249 " كيلوغرام ، ويصل عمرك إلى أكثر من " 300 " سنة .. السلحفاة : معلوماتك عني دقيقة فعلاً ، وليتني أستطيع أن أحدثك عني ، وعن أنواعنا نحن سلاحف غالاباغوس ، إلا أنني للأسف مضطرة للذهاب ، فعليّ أن أضع بيضي في جزيرة خاصة منعزلة وسط المحيط ، وهذه الجزيرة بعيدة بعض الشيء . العمة : عفواً ، لا أريد أن اجعلك تتأخرين ، لكني جئت لأتأكد من معلومات ، قال الثعلب ، أنكِ ذكرتها له ، عن حوت العنبر . الثعلب : " يهمس لها " لم تصدقي ما قلته لكِ ، وستعرفين الآن أنني كنت صادقاً . العمة : : تشير له أن يصمت " .... الثعلب : " يهمس لها " ستعرفين الآن الحقيقة من السلحفاة نفسها . العمة : قال لي الثعلب ، أنك حدثته عن حوت العنبر ، وما أعرفه أنا عن هذا الحوت ، أنه من أكبر الحيتان في العالم ، يصل طوله إلى " 20 " متراً ، ويزيد وزنه عن " 55 " طناً ، ويتكون طعامه عادة من الحبار العملاق ، والحبار الأصغر ، والقشريات ، والأسماك واسماك القرش ، والاخطبوط .. السلحفاة : " تضحك " أنت عالمة حقاً ، فمعلوماتك دقيقة جداً .. العمة : لكن ما قاله الثعلب ، وزعم أنك قلته ، يختلف تماماً عما ذكرته الآن عن حوت العنبر . السلحفاة : " تنظر إلى الثعلب " .... الثعلب : لم أحدثها عن هذا الحوت ، وإنما عن حوت العنبر القزم ، وذكرت لها أن هذا ما قلته عنه . السلحفاة : " للعمة دبة " نعم ، يا عزيزتي ، أنا حدثته عن حوت العنبر القزم .. العمة : حوت العنبر القزم ! السلحفاة : نعم ، هذا ما حدثته عنه . العمة : أرجوكِ حدثيني عن .. حوت العنبر القزم . السلحفاة : سأحدثك عنه باختصار ، فأنا مستعجلة جداً .. العمة : سأكتفي الآن بما ستذكرينه ، عسى أن نلتقي بعد أن تضعي البيض ، فتحدثيني عن كلّ شيء يتعلق بحوت العنبر القزم . السلحفاة : حسناً ، حوت العنبر القزم ، نوع من الحيتان المسننة ، وهذا النوع من الحيتان قلما يُشاهد في البحار ، يبلغ طوله حوالي ثلاثة أمتار ونصف ، ولا يتعدى وزنه " 440 " كيلوغرام ، وغذاؤه الاساسي الحبار والسرطان والروبيان ، وقلما يأكل الأسماك ، ويقع فريسة الحوت القاتل الاوركا والقرش الأبيض " تنظر إلى العمة دبة " هذا ما قلته باختصار للثعلب . العمة : وهدا ما سمعته منه . السلحفاة : عليّ أن أذهب الآن " تتجه ببطء إلى الخارج " لا أريد أن أتأخر أكثر . العمة : " تسير إلى جانبها " أشكرك ، هذه المعلومات عن حوت العنبر القزم ، معلومات قيمة جداً ، لم أكن لأعرفها لولاكِ . السلحفاة : " وهي تخرج " أراكما بخير . العمة والثعلب : رافقتك السلامة . الثعلب : أيتها العمة .. العمة : " تسير مبتعدة " أنت صادق .. الثعلب : والصادق .. العمة : " ما زالت تسير مبتعدة " تعال ، وسأعطيك قرص العسل .. الثعلب : " فرحاً " سأكون صادقاً طول الوقت . العمة : هذا وعد ؟ الثعلب : خذيها مني ، وعد العمة : حتى لو صدّقتُ وعدك ، فإن الببغاء لن يصدقك . الثعلب : المهم أن تصدقيني أنتِ ، أيتها العمة ، أنتِ العسل .
تخرج العمة ضاحكة ، الثعلب يخرج وراءها
إظلام
10 / 8 / 2023
وقواقة النحل
بيت العمة دبة ، الببغاء أمام قفصه
الببغاء : وقواقة ، يا للقسوة ، من حسن الحظ ، ليس بيننا نحن الببغاوات ، وقواقة ، وليس بين الدببة أيضاً " يكتم ضحكته " لو كانت العمة دبة وقواقة .. يُدفع الباب ، وتدخل العمة حاملة سلتها
العمة : " ترمق الببغاء بنظرة خاطفة " خيراً ، يا ببغاء . الببغاء : كلّ الخير . العمة : " تضع السلة فوق المنضدة " لكني لمحت الوقواقة تحوم في الجوار . الببغاء : أنتِ تعرفين إنني لا أحبها . العمة : ليس هذا هو الأمر . الببغاء : " مازحاً " من حسن الحظ ، ليس بين الببغاوات وقواقة . العمة : وكذلك ليس بيننا ، نحن الدببة . الببغاء : هذا من حسن الحظ فعلاً . العمة : " تبتسم " لابدّ أن التي لا تحبها ، كانت هنا . الببغاء : نعم ، وقد تعود بعد قليل . العمة : يبدو أنها تريد أن تسألني عن الطيور الوقواقة . الببغاء : ما أقساها ، هذه الطيور . العمة : " تهمهم " هم م م م . الببغاء : لو كانت أماً حقيقية ، لبنت عشاً لها ولصغارها . العمة : إنها أم ، يا ببغاء . الببغاء : أيّ أم هذه ، التي تضع بيضها في أعشاش الطيور الأخرى ، وتترك لغيرها أن يربوا صغارها ؟ العمة : السلاحف تضع بيضها في حفر ، ثم تتركها لمصيرها . الببغاء : الوقواقة تختار عشاً ، لعصفورة على الأغلب ، وتلقي إحدى البيضات ، وتضع بيضة بدلها . العمة : بنفس الشكل ، ونفس الحجم . الببغاء : والأنكى إنه حالما تفقس هذه البيضة ، يقوم فرخ الوقواقة ، بإلقاء بيض العصفورة خارج العش . العمة : لو تفقس هذه البيوض ، وتبقى الفراخ كلها في العش ، لما استطاعت العصفورة توفير الطعام لهم جميعاً . الببغاء : المسكينة ، إنها تكدح طول النهار ، لتوفر الطعام للوقواق الصغير ، الذي ينمو بسرعة ، ويصبح حجمه بعد حين أضعاف حجمها . العمة : هذه هي الطيور الوقواقة . الببغاء : الوقواقة لم تأتِ لتسألكِ عن الطيور الوقواقة ، وإنما .. " تتوقف منصتة لحظة " أظنها قادمة ، الوقواقة . الوقواقة : " من الخارج " أيتها العمة .. الببغاء : نعم ، إنها هي . العمة : " تصيح " الباب مفتوح ، تفضلي .
تدخل الوقواقة ، وتقترب من العمة دبة
الوقواقة : طاب يومكِ . العمة : أهلاً ومرحباً بالوقواقة . الوقواقة : جئت اليوم إليكِ ، أكثر من مرة ، لكني لم أركِ للأسف . العمة : هذا ما أخبرني به عزيزي الببغاء ، ها أنا ذي ، تفضلي . الببغاء : جاءت تسألك عن النحل . العمة : آه النحل عالم واسع . الوقواقة : بالأحرى عن نحلة بالذات ، سمعتُ عنها قبل أيام . العمة : " تبتسم " لعلي خمنتُ . الوقواقة : وقواقة النحل . الببغاء : ماذا ؟ وقواقة النحل ! العمة : هذا ما خمنته . الوقواقة : أهي موجودة حقاً ؟ وقواقة النحل هذه ، أخبريني . الببغاء : ألا يكفي النحلُ المسكين الذئاب ، ذئاب النحل ، الزنابير القاتلة ؟ العمة : " تنظر إليه " .... الببغاء : والنحل الأصفر ، لصوص العسل الملاعين ؟ العمة : " مازالت تنظر إليه " .... الببغاء : وكذلك الدببة ؟ العمة : ببغاء . الببغاء : ما ذنب النحل ، إذا كانت الدببة تحب العسل ؟ العمة : ببغاء ، الوقواقة جاءت لتسألني عن وقواقة النحل . الببغاء : سأصمت ، تكلمي . الوقواقة : نعم ، وقواقة النحل ، أهي موجودة بحق وحقيقة ؟ العمة : " تهز رأسها " .... الوقواقة : عرفتُ حقاً ، إنني لن أقف على الحقيقة إلا منكِ أنتِ ، أيتها العمة . الببغاء : " يحدق في الوقواقة " أهي وقواقة .. وقواقة ؟ تلك المتطفلة . العمة : " تهز رأسها " .... الببغاء : يا لنحل العسل المسكين . العمة : وقواقة النحل لا تتطفل إلا على نوع معين من النحل ، وهذا النحل هو ليس نحل العسل . الببغاء : كما وقواقة الطيور . الوقواقة : " تنظر إليه " .... العمة : بل تتطفل فقط على النحل البنّاء .. الببغاء : النحل البنّاء يبني ، والوقواقة المتطفلة .. تهدم . العمة : والنحلة البناءة هذه ، ليست كنحل العسل ، فهي نحلة سمينة ، سوداء اللون ، يتكاثف الشعر في أنحاء جسدها .. الببغاء : " ساخراً " يا للجمال . العمة : وعشها لا يشبه خلية نحل العسل ، فهو يتألف من عيون حُفرت فوق بعضها بصورة رأسية ، في جدار طيني ،وتضع النحلة بيضة في كلّ عين ، وتقوم بإغلاقها ، وتطير منصرفة عنها . الببغاء : هذا ما تفعله النحلة البناءة ، ترى ماذا تفعل النحلة الوقواقة ؟ العمة : النحلة الوقواقة ، بعد أن تراقب النحلة البناءة ، وهي تبني عشها ، وتضع بيضة في كلّ عين من عيونه، وتغلقها الواحدة بعد الأخرى ، وحالما تراها تبتعد منصرفة ، تقترب من إحدى العيون ، فتنزع غطاءها ، وتحطم قشرة البيضة ، وتمتص محتوياتها ، ولا تترك منها إلا القشرة الجوفاء ، وتضع بدلها بيضة من بيضها ، ثم تغلق العين ، وتنصرف مبتعدة . الببغاء : مهما يكن ، فالوقواقة وقواقة ـ سواء كانت طيراً ، أو نحلة ، أو .. العمة : ببغاء .. الببغاء : ليتني زنبور . الوقواقة : " تنظر إليه " .... العمة : هذه هي وقواقة النحل . الوقواقة : أشكرك جزيل الشكر ، يا عمة . العمة : على الرحب والسعة . الوقواقة : طاب يومك . العمة : رافقتكِ السلامة . الوقواقة : " تخرج " .... الببغاء : أيتها العمة .. العمة : نعم . الببغاء ، أريد أن أسألكِ سؤالاً . العمة : تفضل . الببغاء : لكن أريد أن تجيبيني بصراحة . العمة : بكلّ صراحة . الببغاء : الوقواقة لا شكّ قاسية .. العمة : " تنظر إليه " .... الببغاء : سواء كانت هذه الوقواقة من الطيور ، أو من النحل .. العمة : " مازالت تنظر إليه " ..... الببغاء : والآن صارحيني .. العمة : تفضل . الببغاء : أيهما أشدّ قسوة في رأيكِ ، وقواقة الطيور ، أم وقواقة النحل ؟ العمة : ببغاء .. الببغاء : لقد وعدتني . العمة : أنتَ تعرف ، إنني لا أحكم على أحد ، يا ببغاء .. الببغاء : " ينظر إليها " ... . العمة : لو كنتُ وقواقة لتصرفتُ كوقواقة ، وليست كببغاء أو دبة . الببغاء : آه منكِ . العمة : إنها الطبيعة ، يا ببغاء ، ولا أحد غير الطبيعة .
الببغاء ينظرصامتاً إلى العمة دبة إظلام 17 / 10 / 2016 العنكبوت دبدوب
الببغاء يقف خائفاً على مقربة من المنضدة
الببغاء : لن آمن هذه المرة على حياتي ، والعمة دبة تدرس العناكب ، يا ويلي ، تقول العمة دبة ، إن أنواع العناكب أكثر من " 35000 " نوع ، ولابد أن معظمها سام " يتلفت خائفاً " لعله الثعلب اللعين " يسرع في الصعود إلى قفصه " لقد وعد العمة دبة بأن يأتيها بالأرملة السوداء الرهيبة ، فلأهرب قبل أن يأتي ، وإن كنتُ أعتقد أنه يكذب .
يُدفع الباب ، ويدخل دبدوب حزيناً متألماً الببغاء : دبدوب ! دبدوب : أريد العمة دبة . الببغاء : العمة دبة ليست هنا ، وأنصحك أن تذهب الآن ، وتعود فيما بعد . دبدوب : " يجلس أمام المنضدة " كلا ، سأنتظرها " ينظر إلى الببغاء " الأمر هام جداً ، يا ببغاء . الببغاء : " يتلفت " إنني أخاف عليك ، فالبيت ليس آمناً تماماً . دبدوب : " يُحرك أصابعه كعنكبوت يقوم بنسج شبكته " .... الببغاء : " ينظر إليه خائفاً " دبدوب .. دبدوب : آه سأكون أول دب عنكبوت ينسج ، في هذه الغابة . الببغاء : دبدوب ، أظنّ أن الأرملة السوداء الآن هنا ، في البيت ، وهي أخطر عنكبوت في العالم . دبدوب : " ينهض كالمنوم " ببغاء ، أنا الأرملة السوداء . الببغاء : " يدخل القفص خائفاً " ماما . دبدوب : البارحة ، عند منتصف الليل ، جاءتني الأرملة السوداء ، بلونها الأحمر ، الببغاء : لكن الأرملة السوداء سوداء .. دبدوب : وانقضت عليّ ، و .. الببغاء : " يصيح خائفاً " كفى .. دبدوب : وعضتني ، فحلتْ روحها فيّ ، وغدوتُ منذ ذلك الوقت " يُحرك أصابعه كمن ينسج " الأرملة السوداء . الببغاء : " خائفاً " دبدوب .. دبدوب : لا أستطيع أن أنسج ، رغم أن روح الأرملة السوداء قد حلت فيّ ، وسأصاب بالشلل ، وأموت . الببغاء : دبدوب .. دبدوب : " يُحدق في الببغاء " إن لم أعض أحدهم ، مهما كان ، فتحل روح الأرملة السوداء فيه .. الببغاء : " ينكمش خائفاً " لا .. لا .. لا .. دبدوب : إلا إذا جاءت العمة دبة ، على جناح السرعة ، وأنقذتني . الببغاء : مهلاً ، مهلاً ، ستأتي العمة دبة ، وتنقذك " يبكي " وتنقذني معكَ . دبدوب : هذا إن كنتَ محظوظاً . الببغاء : " فرحاً " جاءت ، ها هي العمة دبة ، لقد جاءت ، وستنقذك ، أما أنا ، إذا نجوتُ ، فلن أبقى في هذه الغابة ، مهما كلف الأمر ، وسأعود إلى مدغشقر .
يُدفع الباب ، وتدخل العمة حاملة سلتها
دبدوب : " ينظر إليها متلهفاً " العمة .. الببغاء : أيتها العمة ، حذار ، لقد عضه عنكبوت مجنون ، سام . العمة : " تتفرس في دبدوب " آه .. دبدوب : عضتني فأصابتني بتقلص عضلي ، وألم شديد ، وحمى ، و .. العمة : " مازالت تتفرس فيه " أظنني أعرف هذا العنكبوت ، الذي عضكَ . دبدوب : نعم ، تعرفينه ، إنه القرصان الأحمر ، أبو مجداف . العمة : لكن القرصان الأحمر ، على ما أعرف يا دبدوب ، يعيش في مياه الجداول والبرك . دبدوب : نزلتُ إلى الماء ، وأردتُ اصطياد سمكة لدبدوبة ، فرآني هذا اللعين ، وانقض عليّ ، وعضني . العمة : ما أعرفه ، أن عضة هذا العنكبوت لا تسبب إلا ألماً طفيفاً . دبدوب : لا ، ليس القرصان الأحمر ، تذكرت ، إنه العنكبوت الذئب . العمة : آه ، حقاً ، إنه مثل الذئب المنفرد ، يعيش منفرداً ، وينقض على ضحيته كالذئب . دبدوب : نعم ، انقض عليّ .. العمة : لكن هذا العنكبوت الذئب ، يا دبدوب ، لا يأكل الدببة ، بل الحشرات ، وأنت كما أرى ، لست حشرة . دبدوب : " يلوذ بالصمت " .... العمة : ثم إن الأعراض ، التي ذكرتها ، لا تسببها إلا عضة الأرملة السوداء .. دبدوب : يا لي من أحمق ، ربما هذا من أثر العضة ، نعم ، لم يعضني القرصان الأحمر ، ولا العنكبوت الذئب ، وإنما الأرملة السوداء . العمة : " ترمق الببغاء بنظرة سريعة " آه أرأيت ؟ إن الأرملة السوداء تصيب حقاً من تعضه بالحمى ، والتقلص العضلي ، والألم الشديد ، والشلل ، ومن ثم .. دبدوب : " متخوفاً " ومن ثم .. ؟ العمة : الموت . دبدوب : يا ويلي ، سأموت ، وتُصبح دبدوبة أرملة .. الببغاء : الأرملة البنية . دبدوب : الأرملة ! لكني لم أتزوج بعد " ينظر إلى العمة " مادامت الأرملة السوداء قد عضتني ، فلن يُتاح لي أن أتزوج من دبدوبة . الببغاء : مسكينة دبدوبة . دبدوب : " من بين دموعه " أيتها العمة .. العمة : لا تبكِ ، يا دبدوب ، لديّ ما يُنقذك من الموت ، ويتيح لك أن تتزوج من دبدوبة أيضاً . دبدوب : حقاً ؟ العمة : لحظة واحدة " تتجه نحو المخزن " سآتيك بالدواء . الببغاء : الأرملة السوداء .. دبدوب : آه .. دبدوب : لو تعرف ، يا ببغاء ، كم هي مؤلمة عضتها . الببغاء : لكن ، وكما قلت لك سابقاً ، إن الأرملة السوداء لا تعيش هنا . دبدوب : " ينظر إليه صامتاً " .... الببغاء : " ينظر باتجاه المخزن " ها هي العمة دبة ، جاءتني بالدواء . العمة : " تأتي وفي يدها قرص عسل " هذا دواؤكَ ، يا دبدوب . دبدوب : " يأخذ القرص متلهفاً " نعم ، هذا الدواء سيشفيني من عضة .. العنكبوت ، أياً كان نوعه . الببغاء : لكن هذا قرص عسل . العمة : نعم ، الدواء مرّ ، فمزجته بقرص عسل ، حتى يمكن تناوله . دبدوب : آه ، هذه فكرة رائعة ، وإلا لن أستطيع أن أتناول الدواء ، وبالتالي لن أشفى من عضة العنكبوت . العمة : تناول قطعة من هذا الدواء كلّ يوم ، وحالما ينتهي تكون قد شفيت . دبدوب : " يتراجع حاملاً قرص العسل " أشكرك ، أشكرك جزيل الشكر " يستدير ويتجه نحو الباب " سأشفى بالتأكيد من عضة العنكبوت .
دبدوب يخرج ، الببغاء يهبط ، ويقف قرب العمة دبة
الببغاء : أيتها العمة .. العمة : " تنظر إليه " نعم . الببغاء : أنتِ تعرفين جيداً ، أن الأرملة السوداء لم تعضه . العمة : أعرف . الببغاء : لكنكِ مع هذا أعطيته قرصاً من العسل ، الخالي من الدواء . العمة : " تضحك " طبعاً . الببغاء : لماذا ؟ العمة : دبدوب محموم فعلاً ، ومعظم ما قاله ليس كذباً ، وإنما نتيجة الحمى ، وما أعطيته سيشفيه من الحمى . الببغاء : يبتسم " أنتِ طبيبة ماهرة حقاً " يستدير ويعود إلى قفصه " كلا ، لن أهاجر إلى مدغشقر .
الببغاء قرب القفص ، العمة دبة تنظر إليه مندهشة
إظلام 20 / 10 / 201 بطل الصوم بيت العمة دبة ، الببغاء يذرع المكان
الببغاء : يبدو أن العمة دبة ستجن ، والمهم أن لا أجن معها " يتوقف " بل سأجن إذا لم أعرف ما يشغلها هذه الأيام " الباب يُطرق " إنه الثعلب العجوز . الثعلب : " من الخارج " أيها الببغاء . الببغاء : أدخل . الثعلب : " يدفع الباب ويدخل " يا للعجب . الببغاء : لا تعجب ، فأولاً أنت شخت ، ولم تعد تخيف أحداً . الثعلب : " يقترب منه " وثانياً . الببغاء : أنت اليوم شبعان . الثعلب : " مندهشاً " آه . الببغاء : لقد أكلت بقايا فريسة عافها الأسد . الثعلب : لستُ ضبعاً . الببغاء : كلّ الثعالب تتحول إلى ضباع حين تجوع . الثعلب : لقد شختُ ، يا ببغاء . الببغاء : لكنك ما زلت ثعلباً . الثعلب : دعنا من هذا ، جئتُ إلى العمة دبة . الببغاء : أرأيت ؟ الثعلب : لقد وجدتُ بغيتها .
تدخل العمة دبة ، وسلتها مليئة بالأعشاب
العمة دبة : السمّان . الثعلب : طير وأي طير . الببغاء : لا تقل أنك تعرف مكانه . الثعلب : أعرف تقريباً أين تهاوى . العمة دبة : وبحثت عنه .. الببغاء : لأجيء به إليكِ . العمة دبة : " تبتسم " لكنك لم تجده . الببغاء : " يحدق فيه " لابد أن العمة دبة سبقتك إليه ، لسبب آخر ، وربما وجدته . العمة دبة : لقد حلّ الظلام ، سيأتي إن لم يستطع الطيران ، ومواصلة الطريق ، فأحد جناحيه مصاب بجرح . الثعلب : ليته لم يستطع ذلك . العمة دبة : إياك أن تقترب منه إذا جاء . الثعلب : لن أفعل ذلك إلا بموافقتك . العمة دبة : " تنظر إليه " .... الثعلب : إذا أكلتِه أعطني .. الببغاء : أيها اللعين ، العمة دبة ليست أسداً ، إنها دبة . العمة دبة : ببغاء . الببغاء : إنني أمتدحكِ " الباب يُطرق " أيتها العمة .. العمة دبة : " تنظر إلى الباب " لعله هو . الببغاء : السمّان ! السمّان : " من الخارج " أيتها العمة . العمة دبة : إنه هو . الثعلب : " فرحاً " لم يطر . العمة دبة : " فرحة " نعم ، لم يطر . الببغاء : العمة فرحة ، وكذلك الثعلب ، يا للعجب " الباب يُطرق ثانية " . العمة دبة " تتجه نحو الباب " مهلاً إنني قادمة .
العمة دبة تفتح الباب ، يلوح السمّان
السمّان : مساء الخير . الثعلب " يندفع نحوه لا إرادياً " أهلاً .. أهلاً . الببغاء : " يمسكه " توقف . الثعلب : " يتوقف " إنني أرحب به . الببغاء : من بعيد . الثعلب : آه . العمة دبة : " للسمّان " أهلاً ومرحباً ، تفضل . السمّان : حاولت الطيران ، لكني لم أستطع ، وقد خيم الليل . العمة دبة : سأعالجك ، وأشفيك ، وستواصل الطيران إلى بلاد الشمس ، في وقت قريب . الثعلب : ولمَ العجلة ؟ السمّان : " ينظر إليه " .... الثعلب : أنت حقاً طائر سمين . الببغاء : أيها الثعلب . السمّان : " يتراجع " أنا .. سمّان . الثعلب : وسمين أيضاً . العمة دبة : " تبعد الثعلب جانباً " لندع ضيفنا يرتاح قليلاً . الثعلب : هذا ما أريده بالضبط . العمة دبة : " للسمّان " تفضل يا عزيزي ، ارتح هنا ، سأعالجك فوراً . السمّان " " يجلس " أشكرك ، عسى أن أطير قريباً ، وألحق برفاقي . الثعلب " يحدق في السمّان " جرحه عميق ، وقد لا يستطيع الطيران أبداً . الببغاء : " يدفعه جانباً " ابتعد أنت عنه ، وسيشفى . الثعلب : دعني أريحه من عناء هذه الحياة . السمّان : " خائفاً " أيتها العمة . العمة دبة : " تأتي بأدويتها " لا تخف ، يا عزيزي ، إنني هنا معك ، ولن يجرؤ على الاقتراب منك . السمّان : أشكركِ . العمة دبة : " تتفحص جناحه " هم م م م .. الجرح بسيط ، وستطير ربما قبل أن تحدثني عن كلّ ما تعرفه حول ما أريده . السمّان : اطمئني ، حتى لو شفيت ، فلن أطير حتى أخبرك بكلّ ما أعرفه . العمة دبة : أنت من القطب .. السمّان : الجنوبي . الثعلب : حيثُ يعيش صديقي البطريق . السمّان : " يحدق فيه " .... الببغاء : دعك منه ، إنه لا يعرف البطريق . الثعلب : إنني أراه منذ سنين ، وهو يطير فوق الغابة ، مهاجراً إلى القطب الشمالي . السمّان : لكن البطريق لا يطير .. الثعلب : ماذا ! آه هذا جيد . الببغاء : ولا يهاجر . الثعلب : وهذا أيضاً جيد . السمّان : والبطريق لا يعيش إلا في القطب الجنوبي . الببغاء : لقد خرف . الثعلب : الشمالي قطب ، والجنوبي قطب ، فلماذا ..؟ العمة دبة : اسكت ، ودعنا نستفد من معلومات ضيفنا .. السمّان . السمّان : تفضلي ، اسألي ما تشائين . العمة دبة : أريد أن أعرف بطل الصيام عن الطعام ، بين كائنات القطب .. الثعلب : لو كنتُ في القطب .. الببغاء : لمتَ من الجوع . الثعلب : أنا ! يبدو أنك لا تعرفني جيداً ، إنني .. العمة دبة : اسكت الآن ، دعنا نسمع السمّان . الثعلب : " في هيام " أسمعْنا ، يا سمّاني . الببغاء : " محذراً " أيها الثعلب .. الثعلب : حسن " للسمّان " أسمعنا ، يا حبيبي . العمة دبة : تكلم ، يا عزيزي ، إنني أصغي . السمّان : بعض حيوانات القطب الجنوبي ، تهاجر إلى حيث الغذاء والدفء ، كالبط البري وأمثالي من طيور السمان ، والقسم الأكبر منها يلجأ إلى السبات كالدببة .. الثعلب : " يهمس للببغاء " يبدو أن العمة ليست دبة . الببغاء : " يشير بإصبعه " صه . الثعلب : ليتها تسبت . العمة دبة : " للسمان " واصل كلامك ، يا عزيزي. السمّان : كالدببة والأفاعي والضفادع والسحالي والقنافذ والسلاحف ، وهي تدخل مخابئها ، وتبقى فيها حتى الربيع . الببغاء : العمة سألتكَ عن .. بطل الصيام . العمة دبة : " للسمّان " نعم ، هذا ما سألتكَ عنه . السمّان : طيور البطريق وذكور الإوز تترك الطعام لفترة أثناء التكاثر واحتضان البيض ، لكن بطل الصوم المطلق هو .. آه يبدو أنني شخت . الببغاء : ذكر أم .. ! السمّان : إنه ذكر ، وهو يظل بلا طعام عدة أسابيع ، وبعد ذلك يخلد إلى النوم ، ويرتاح ثلاثة أسابيع متواصلة ، ثم يصحو ليعيش حياته المعتادة مرة أخرى . العمة دبة : " تتنهد بارتياح " شكراً ، يا عزيزي ، لقد أتعبتك . السمّان : عفواً . الببغاء : ليس هناك فقط أبطال للصوم ، هناك بطلات أيضاً ، وأن كانت لا تعيش في القطب . العمة دبة : " تنظر إليه " .... الببغاء : أنتِ حدثتنا عنها . العمة دبة : أنا ! الببغاء : نعم أنتِ . العمة دبة : آه ، تعني .. الببغاء : نعم ، أنثى الإخطبوط . العمة دبة : حقاً ، تذكرت . الببغاء : إنها أم بكل معنى الكلمة . العمة دبة : لا أعظم من هذه الأم ، فهي تصوم بعد وضعها للبيض ، وتبقى تحرسها ليل نهار ، دون أن تتناول أي طعام ، وحين يفقس البيض ، ويخرج الصغار إلى الحياة ، تتهاوى إلى القاع ، وتفارق الحياة .
يسود للحظة صمت حزين ، الثعلب يفتح فمه ، ويتثاءب
الثعلب : آآآآ ه . الببغاء : يبدو أنك نعست . الثعلب : " ساخراً " معلومات قيمة . العمة دبة : " تنظر إليه مؤنبة " .... الببغاء : اذهب ونم . الثعلب : " يتجه نحو الباب " سأنام مرتاحاً ، فأنا شبع اليوم . الببغاء : حمداً لله . الثعلب : " عند الباب " لكني سأجوع غداً . الببغاء : ليتك أنثى إخطبوط . الثعلب : " ينظر إليه " إنني ثعلب .. ذكر . الببغاء : ثعلب عجوز . الثعلب : مهما يكن فأنا ثعلب " للعمة دبة "أخشى أن السمّان لن يستطيع الطيران غداً . العمة دبة : لا تخشَ ، سيطير . الثعلب : وإذا لم يطر ، واشتدّ مرضه ، أنا موجود . الببغاء : " للثعلب " اذهب قبل أن تدفنك العمة دبة حياً . الثعلب : سنرى " وهو يخرج " إلى الغد . العمة دبة : لقد شاخ . الببغاء : إنه يعيش الآن كالضبع . السمّان : في القطب ثعالب .. الببغاء : أرجو أن لا تكون ، كهذا الثعلب العجوز . العمة دبة : الثعلب ثعلب في كلّ زمان ومكان . السمّان : الثعلب القطبي ، رغم كلّ عيوبه ، كائن جميل . الببغاء : الثعلب جميل ! السمّان : يقال أنه ، يتحول في الشتاء ، إلى كائن أبيض كالثلج . الببغاء : لكن نواياه تبقى سوداء . العمة دبة : " تضحك " كليل القطب ، الذي يمتد لستة أشهر من السنة . الببغاء : بل أسوأ ، لأن نوايا الثعلب واحدة ، سوداء على مدى العام . العمة دبة : ضيفنا متعب ، وغداً سيواصل طيرانه ، لنذهب الآن إلى أسرّتنا . الببغاء : أنتِ محقة " يذهب إلى سريره " تصبحون على خير . العمة دبة : الجميع " للسمّان " تعال ، يا عزيزي . السمّان : " ينهض " أتعبتكِ اليوم . العمة دبة : بل أفدتني ، لولاك لما عرفت بطل الصوم في القطب الجنوبي . الببغاء : " يغط في نومه " خ خ خ خ خ . العمة دبة : " تكتم ضحكتها " نام الببغاء . السمّان : يا للمسكين ، لابد أنه متعب . العمة دبة : هذه عادته " تتوقف عند سرير " هذا سريركَ ، يا عزيزي . السمّان : " يتمدد في السرير " أشكركِ . العمة دبة : " تتجه إلى سريرها وتتمدد فيه " تصبح على خير . السمّان : تصبحين على خير ، يا عزيزتي .
تخفت الأضواء ، لا يسمع غير غطيط الببغاء إظلام 5 / 3 / 2012
#طلال_حسن_عبد_الرحمن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العمة دبة الجزء الرابع
-
ببغاءة الحلم
-
العمة دبة الجزء الثاني
-
مسرحيات للأطفال العمة دبة الجزء الاول
...
-
سيناريو ربيع دائم
-
ثلاث مسرحيت للأطفال طلال حسن
-
رواية للأطفال الثعلب العجوز طلال حس
...
-
قصص قصيرة شتاء الأيام الآتية
...
-
لمحات من صحافة الأطفال في نينوى
-
طلال حسن في سطور
-
القناع في مسرحيتي الإعصار وكلكامش لطلال حسن -مقاربة في المكو
...
-
الفضاء في مسرح طلال حسن -مسرحية الإعصار- نموذجاً
-
هيلة يارمانه
-
رواية للفتيان الفتاة الغزالة
...
-
حكايات من التراث حكايات موصلية طل
...
-
حكايات من الموصل طلال حسن
-
حكايات من الموصل طلال حسن
-
حكايات شعبية جنجل وجناجل
-
مسرحة الموروث الشعبي -قراءة في مسرحيات (هيلا يارمانه) لطلال
...
-
خمس مسرحيات من التراث الموصلي
...
المزيد.....
-
-ا?لف يوم ويوم-وثائقي بمهرجان مراكش يحكي سيرة -الحاج إدموند
...
-
فيلم -الخنجر- ثمرة تعاون بين RT وعمان
-
مروان حامد يتحدث عمّا -يثير الاهتمام- في فيلم -الست- ويشيد ب
...
-
مسرحية -الفيل يا ملك الزمان-.. إسقاطات رمزية على مأساة غزة
-
رحيل المخرج العراقي قيس الزبيدي أحد أبرز رموز السينما الوثائ
...
-
دمياط المصرية في المصادر العربية وكتب الرحالة والمؤرخين
-
سحب الجنسية الكويتية من فنانين وإعلاميين يثير مزيدا من الجدل
...
-
وزير الإعلام العماني: الفيلم الوثائقي -الخنجر- ثري ومبهر بصر
...
-
إيران: إطلاق سراح مغني الراب توماج صالحي بعد إلغاء حكم بإعدا
...
-
لوكاشينكو يدعو وزير الثقافة الجديد لترتيب الأوضاع أو الموت
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|