|
العمة دبة الجزء الرابع
طلال حسن عبد الرحمن
الحوار المتمدن-العدد: 8153 - 2024 / 11 / 6 - 17:18
المحور:
الادب والفن
الملك
بيت العمة دبة ، العمة دبة والببغاء
الببغاء : أيتها العمة .. العمة : إنني متعبة .. الببغاء : هذا الثعلب .. العمة : أريد أن أنام . الببغاء : يجب أن توقفيه عند حده . العمة : " تتمدد في فراشها " لا أر يد أن أسمع عنه الآن أي شيء . الثعلب : " من الخارج " أيتها العمة .. الببغاء : ها هو الثعلب ، اسمعيه . العمة : أوه . الثعلب : " يطل برأسه من الباب " جئتك بضيف نادر .. عظيم .. العمة : لا أريد أحداً الآن ، إنني متعبة جداً . الثعلب : ليس أي أحد اسمعي جيداً ، إنه .. العمة : إنه .. ، إنه من ؟ الثعلب : الملك . الببغاء : الملك ! العمة : من ! الثعلب : الأسد ، ملك الغابة . " للأسد خارج الباب " مولاي تفضل ، تفضل جلالتك .
يدخل الأسد ، وعلى رأسه تاج مذهب
الأسد : مساء الخير . العمة : " تعتدل مذهولة " الأسد ! الثعلب : الملك . الأسد : " يرفع التاج عن رأسه " في السيرك فقط . الببغاء : السيرك ! الأسد : نعم ، هربت من السيرك ، لأذهب إلى الغابة ، لكني التقيت بالصديق الثعلب ، ونصحني أن أزور العمة دبة أولاً . الببغاء : " يهمهم " هم م م . الأسد : فجئتُ إليك . العمة : أهلاً ومرحباً ، تفضل أجلس . الأسد : " يجلس متعباً " أشكركِ . العمة : للأسف ، يا سيدي ، ليس لديّ الآن ما أقدمه لكَ . الأسد : أشكركِ ، يا سيدتي ، لقد تناولت طعامي في السيرك ، قبل أن أهرب . الثعلب : عرفتُ أنه شبعان ، ولهذا سرتُ معه ، وجئتُ به إلى هنا . العمة : تهز رأسها " .... الببغاء : إنه ثعلب . الأسد : " ينظر إلى العمة " .... العمة : يبدو أن الحياة ، في ذلك السيرك ، لم تعجبك تماماً . الأسد : الحقيقة إن الحياة في السيرك هادئة ، وآمنة ، ومستقرة ، لكن .. العمة : مهما يكن ، فإن الطعام يُوفرُ لك ، كلّ يوم ، دون عناء . الأسد : نعم ، هذا صحيح . العمة : ثم إن الحياة في الغابة ، ليست سهلة كما تتصورها . الأسد : لكن ما عرفته ، إن الغابة أفضل من قيود السيرك ، وأقفاصه ، ومهاناته . العمة : أنت تقول هذا ، لأنك ربما لم تجرب الحياة في الغابة . الأسد : من يدري ، إنني لم أجربها بعد . العمة : والتجربة قد تكون مرة . الأسد : الحقيقة إنني عشتُ حياتي كلها في السيرك ، فقد ولدت هناك لأبوين جيء بهما من الغابة ، وعاشا حياتهما في الأقفاص . العمة : ويبدو أنهما حدثاك عن الغابة ، التي عاشا فيها ، قبل أن يقعا في الأسر . الأسد : مات أبي في القفص ، دون أن يحدثني عن الغابة .. العمة : " تنظر إليه صامتة " .... الأسد : أمي نفسها ، لم تحدثني في البداية ، رغم تساؤلاتي الكثيرة الملحة .. العمة : " تنظر إليه صامتة " .... الأسد : لكن عندما كبرت ، وضعفت ، وأبعدت عن العمل ، وشعرت بدنو نهايتها ، وهي ما زالت في القفص ، راحت تحدثني عن الغابة ، والحياة فيها . العمة : " تهمهم " هم م م م . الثعلب : أيتها العمة .. العمة : " تنظر إليه " .... الثعلب : يُقال إن عدد الأسود في العالم ، قليل جداً الآن . العمة : نعم ، هذا صحيح .. الببغاء : يا للأسف . العمة : لقد فقد ملك الحيوانات ، معظم أراضي مملكته ، وهو لم يعد موجود الآن إلا في قارة أفريقيا ، ومنطقة محصورة غربي الهند . الأسد : قالت لي أمي ، إننا نحن الأسود ، كنا موجودين في معظم أنحاء العالم . العمة : أمك على حق ، فقد كانت الأسود في الماضي ، موجودة في بريطانيا ، وجنوبي أوربا ، وجنوبي آسيا ، وكذلك في أفريقيا . الأسد : " متحسراً " آه . العمة : حتى في العراق ، كان هناك أسود زمن الآشوريين ، وكان ملوكهم يعتبرون صيد الأسود رياضة محببة . الببغاء : لا يوجد ملوك آشوريون ، في العراق الآن . العمة : ولا يوجد أسود أيضاً . الثعلب : لقد صادهم الملوك الآشوريين . الببغاء : آه من الملوك الآشوريين . العمة : " للأسد " الأسود ، لمعلوماتك ، يعيشون في مجموعات عائلية ، وقد تتألف المجموعة من اثنين أو ثلاثة فقط ، وقد تبلغ الأربعين . الثعلب : إنهم ليسوا مثلنا ، فنحن .. الببغاء : دعنا منكم الآن . الثعلب : ينظر إليه " .... الببغاء : اسمع . العمة : هذه المجاميع ، تخرج غالباً للصيد معاً ، وعادة تقوم اللبوة بالصيد، وقتل الفريسة ، وليس الأسد ، لكن الأسد هو الذي يأكل أولاً ، ويأكل ما يشاء ، ولهذا يُقال حصة الأسد . الثعلب : آه ليتني أسد . العمة : أيها الأسد .. الأسد : " ينظر إليها " .... الأسد : نعم . العمة : أريدك أن تعرف ، أن الغابة التي تقصدها ، ليس فيها أسود . الأسد : " ينظر إلى الثعلب " .... الثعلب : " يهز رأسه " .... العمة : وهذا يعني ، يا سيدي ، أنك ستعيش فيها وحيداً . الببغاء : ليس لك لبوة تصطاد لك . العمة : ولا مدرب ، يقدم لك الطعام . الأسد : مهما يكن ، لا أستطيع أن أعود إلى القفص ، وأموت فيه ، كما مات أبي . العمة : فكر جيداً أيها الأسد . الأسد : فكرتُ جيداً ، يا سيدتي " يتجه نحو الباب " . العمة : " تمسك بالتاج المذهب " أيها الأسد ، نسيتَ التاج . الأسد : إنه نفاية ، ارميه مع النفايات ، لم أعد بحاجة إليه .
الأسد يخرج ، العمة والببغاء والثعلب وحدهم
إظلام
3 / 9 / 2014
الجمل
بيت العمة دبة ، الببغاء يحدق في الثعلب
الببغاء : " ضجراً " آه . الثعلب : تأخرت العمة دبة . الببغاء : وستتأخر أكثر . الثعلب : لا أدري ، لماذا تتأخر العمة دبة ، عندما أحتاجها . الببغاء : قلتُ لك ، ليس لدينا عسل . الثعلب : وقلتُ لك ، لا أريد عسلاً . الببغاء : أريد أن أنام . الثعلب : الجميع ينامون ليلاً . الببغاء : هذا شأني . الثعلب : نم إذن . الببغاء : أنام وعلى مسافة مني ثعلب ؟ الثعلب : نم واطمئن ، فأنا اليوم لستُ ثعلباً ، وأنت لستَ ببغاء . الببغاء : لستَ ثعلباً ، الدنيا قلبت " ينصت " ها هي العمة دبة قادمة . الثعلب : نم الآن . الببغاء : أنام وأنت والعمة الدبة تثرثران ! هذا مستحيل .
يُدفع الباب ، وتدخل العمة ، حاملة سلتها
العمة : آه الثعلب اليوم عندنا ، يا مرحباً يا مرحبا . الثعلب : جئتك في أمر هام . العمة : عسل . الببغاء : يقول لا . العمة : ليس ثعلباً إذن . الثعلب : " ينظر إلى الببغاء " .... الببغاء : تبقى ثعلباً . الثعلب : الإنسان . الببغاء : الإنسان ! العمة : دعكَ منه . الثعلب : أريد أن أعرف رأيكِ فيه . الببغاء : أصدقيه ، فأنا أعرف الإنسان . العمة : حدثه أنت عنه إذن . الببغاء : الإنسان جميل ، وذكي ، وقوي ، و .. العمة : وقاتل ، وسفاك للدماء ، و .. الثعلب : أيتها العمة .. العمة : " تنظر إليه " .... الثعلب : والجمل ؟ العمة : الجمل ! الببغاء : لكنك سألتني عن الإنسان . الثعلب : سؤالي واحد . الببغاء : تبقى ثعلباً . الثعلب : أنتِ تدرسين الجمل هذه الأيام . العمة : الجمل سفينة الصحراء . الببغاء : محاضرة جديدة . العمة : يتحمل الجوع والعطش طويلاً ، ويُقال أن أحد الجمال ، تحمل العطش في الصحراء " 34 " يوماً . الببغاء : آه . العمة : والجمال الأليفة نوعان .. الببغاء : لابد أن هناك جمالاً غير أليفة . العمة : نعم ، هناك جمال غير أليفة ، جمال برية ، وهي توجد في صحراء غوبي وسط آسيا . الثعلب : حسن ، أيتها العمة ، الجمال الأليفة نوعان .. العمة : بالضبط ، الأول الجمل العربي ، وله حدبة واحدة ، وهو موجود في الجزيرة العربية ، وبلدان أفريقيا الشمالية ، وفي الشمال الشرقي من أفغانستان . الثعلب : هذا الأول .. العمة : أما الثاني ، فهو جمل لا يُستخدم للركوب ، بل للنقل في بلاد وعرة وباردة جداً ، إنه الجمل البلخي ، ولهذا الجمل بدل الحدبة حدبتان . الببغاء : حدبتان ! آه . العمة : وهي أكبر وزناً ، وأكثر قوة ، وأشد سمنة ، قوائمها أقصر ، لكن خفها أكثر قسوة خشونة ، ثم إن فروتها أكثر طولاً وسماكة ، وهي ثابتة في سيرها في الطرق الوعرة والمنحدرة . الثعلب : " يلوذ بالصمت " .... الببغاء : أيها الثعلب ، انتهت المحاضرة ، اذهب الآن . العمة : ببغاء . الببغاء : بدل السؤال سأل سؤالين ، يكفي اليوم . العمة : دعكَ منه ، موضوع الجمال موضوع شائق جداً . الثعلب : سمعت أن الجمل ، يشرب في المرة الواحدة ، كمية كبيرة من الماء . الببغاء : آه . العمة : هذا صحيح ، فالجمل يستطيع أن يشرب " 68 " لتراً من الماء ، بل إن الجمل الشديد العطش ، يستطيع أن يشرب 6 13 لتراً من الماء . الببغاء : هذا يعني أن عدة جمال ، يستطيعون أن يشربوا بركة كاملة . الثعلب : أيتها العمة .. الببغاء : سيأتي بيت القصيد . الثعلب : سمعتُ حكاية ، وأريد أن أتحقق منها .. العمة : " تهز رأسها " .... الثعلب : يُقال أن أحد التجار ، سار في الصحراء ، أياماً عديدة ، ونفد منه الماء . الببغاء : فمات هو ، وعاشت جماله . الثعلب : بل عاش هو ، وعبر الصحراء ، وماتت معظم جماله . الببغاء : هذا مستحيل . الثعلب : وتقول الحكاية ، أنه كان يذبح جملاً من جماله ، ويستخرج الماء المخزون في جوفه ، ويشرب منه ، وهكذا ذبح العديد من جماله ، حتى عبر الصحراء . العمة : " تلوذ بالصمت " .... الببغاء : أيتها العمة .. العمة : حكايتك ، أيها الثعلب ، مجرد حكاية . الثعلب : يبدو أنك لم تصدقيها . العمة : أنا أصدق الحقيقة . الثعلب : " يبتسم بخبث " .... العمة : الحقيقة تقول ، إن الجمال لا تختزن الماء في معدتها وأمعائها ، وما تشربه عندما تكون عطشانة ، مهما كانت الكمية ، تتسرب فوراً عبر جدران أمعائها ، وتنتشر في جسم الجمل ، بعد شرب كمية كبيرة جداً من الماء . الثعلب : " يهمهم " هم م م . العمة : " بشيء من الحزم " والآن اذهب . الثعلب : هذا يعني أن الحكاية .. الببغاء : العمة قالت لك اذهب .. الثعلب : يا للإنسان . الببغاء : بل يا للثعلب . العمة : أنت لم تفهم قصده . الببغاء : ليس تماماً . الثعلب : إنه ببغاء .
العمة تدفع الثعلب إلى الخارج ، وتغلق الباب
إظلام
3 / 9 / 2014
كلب الصيد البري
الببغاء في فراشه ، الجرو يتجول متشمماً
الببغاء : يغط في نومه " خ خ خ خ . الجرو : " يتمتم " جائع .. جائع .. جائع .. الببغاء : خ خ خ خ . الجرو : " يتوقف " عووو .. ماما . الببغاء : " يفزّ " ما .. ما .. ماذا ! الجرو : " يتطلع إليه أنتَ .. الببغاء : نعم . الجرو : عندما تجوع ، ماذا تفعل ؟ الببغاء : آكل طبعاً . الجرو : إنني جائع . الببغاء : لديّ جوز ، ولوز ، و .. الجرو : أنا جرو .. الببغاء : أعرف . الجرو : والجرو يأكل اللحم . الببغاء : ليس لديّ لحم . لجرو : أنت لحم . الببغاء : هذا ما كنتُ أخافه .. الجرو : لكنك مليء بالريش ، وأنا أكره الريش ، إنه مقزز . الببغاء : هذا أفضل . الجرو : " يصيح " عووو ماما . الببغاء : لا تصح . الجرو : أريد ماما . الببغاء : " ينصت " ها هي أمك الجديدة قادمة . الجرو : ماما ! الببغاء : العمة دبة .
يُدفع الباب ، وتدخل العمة ، تحمل إناء
الببغاء : لقد تأخرت . العمة : لابد أن آتيه بحليب . الببغاء : حليب ! إنه يريد لحماً ، وكاد يأكلني . العمة : اطمئن ، إنه ما زال صغيراً ، ولا يأكل الآن غير الحليب . الجرو : " يصيح " عووو ماما . العمة : جئتك بطعام يشبعك ، تعال يا بنيّ . الجرو : أنتِ ماما ! العمة : ماما قد تتأخر ، تعال كلْ الآن . الجرو : أريد لحماً . العمة : لدينا حليب لذيذ . الجرو : " يشير إلى الببغاء " ذاك لحم . الببغاء : أرأيتِ ، جئتني بوحش . العمة : لا تخف ، إنه مجرد جرو . الجرو : أريده ، لكن بلا ريش . العمة : إنه صديق ، ولا يجب أن نأكله . الجرو : إنني جائع . العمة : " تضع إناء الحليب أمامه " كلْ . الجرو : أهو حليب ؟ العمة : نعم ، تذوقه . الجرو : " يتذوقه مهمهماً " هم م م م . العمة : كلْ حتى تشبع . الجرو : إنه لذيذ ، لكنه ليس حليب ماما . العمة : إنه حلب عنزة . الجرو : حليب ماما ألذ . العمة : كلْ ، يا صغيري ، حتى تشبع . الجرو : " يشرب بنهم " .... العمة : " تبتسم " شرب كلّ الحليب . الببغاء : لو كنتُ حليباً لشربني معه . العمة : لابدّ أنه لم يرضع منذ البارحة . الجرو : " ينظر إلى العمة " .... العمة : " تمسح الحليب عن شفتيه " أرجو أن تكون قد شبعت . الجرو : نعم ، لكن .. أريد ماما . العمة : " ترقده وتربت عليه " ارتح الآن ، ما دمت قد شبعت ، ماما ستأتي قريباً . الجرو : " يغمض عينيه " الحليب لذيذ ، لكن حليب ماما ألذ .. آه . الببغاء : إنه ينام . الجرو : " يغط في نومه " خ خ خ خ . العمة : لقد نام . الببغاء : آه منكِ . العمة : " تنهض " لا ترفع صوتك ، إنه نائم . الببغاء : لو فقط تتركين هذه العادة . العمة : " تنظر إليه " .... الببغاء : لم يكن لكِ أن تأتي به إلى هنا . العمة : وجدته وسط الغابة يبكي وينادي أمه . الببغاء : لستِ أمه ، أنتِ دبة . العمة : لو تركته لمات من الجوع ، أو اختطفه فهد ، وأنت تعرف أن الفهود ، تفضل أكل الكلاب على أي شيء آخر . الببغاء : " يهز رأسه " .... العمة : " بصوت رقيق " الكلاب من أجمل الحيوانات الأليفة ، وأرقها ، وأوفاها ، و .. ليس كلها طبعاً ، والكلاب الأليفة والبرية أكثر انتشاراً في العالم ، من أي حيوان آخر . الببغاء : " يتمدد محبطاً " آه . العمة : لكن هذا الجرو ، على ما يبدو ، ليس من الكلاب الأليفة . الببغاء : هذا ما خمنته ، وإلا لما أراد أن يأكلني. العمة : من كان في عمره ، من الكلاب البرية أو الأليفة ، لا يأكل غير الحليب . الببغاء : لو بقي أياماً ، لن أكون إلا في بطنه . العمة : " تنظر إلى الجرو " نعم ، إنه من كلاب الصيد البرية ، وهذا النوع من الكلاب ، تصطاد في مجموعات ، وإذا خرجت إلى الصيد ، فإن الحيوانات كلها ، تبتعد عن طريقها ، وتختبئ في أماكن آمنة . الببغاء : لا أظن أنني في مكان آمن . العمة : ببغاء . الببغاء : إنني مع كلب صيد في مكان واحد . العمة : إنه مجرد جرو . الببغاء : " ينصت خائفاً " أصغي .. الببغاء : تبدو وكأنها عاصفة قادمة . العمة : لكن الجو صحو اليوم " تنصت " أخشى أنهم .. الببغاء : إنهم ؟ إنهم ماذا ! العمة : ربما مجموعة من كلاب الصيد . الببغاء : يا ويلي " الباب يقرع " الباب . العمة : أسمعه " الباب يطرق ثانية " سأفتحه .. الببغاء : " يرقد في فراشه " إنني نائم .
تفتح الباب ، يدخل كلب بريّ ضخم
الكلب : أيتها الدبة .. العمة : " تتراجع خائفة " أهلاً ومرحباً الكلب : قيل لي ، إن صغيري عندك . العمة : آه نعم ، وجدته يبكي وسط الغابة ، وخفت علية من الفهد ، فجئت به إلى هنا " تشير إليه " انظري ، إنه نائم ، بعد أن أطعمته حليب معزة . الكلب : أمه وأعمامه وأخواله وعشيرته في الخارج ، تحيط بالبيت . الببغاء : " يطل من مكانه " خذه .. خذه .. العمة : إنه صغير جميل ، أرجوك ، دعه يزورني بين حين وآخر ، إنني أحبه " تشير إليه " تفضل احمله ، برفق ، إنه نائم . الكلب : " يحمل الجرو " أشكركِ " يخرج " . الببغاء : أمه وأعمامه وأخواله و .. العمة : " بصوت رقيق " آه ما أجمل الكلاب . الببغاء : سأهاجر ، وأتركك ، وليكن ما يكون .
الببغاء يرقد في فراشه ، العمة دبة تقف صامتة
إظلام
4 / 9 / 2014 الثعلب
العمة والببغاء يرقدان ، كلّ منهما في فراشه
الببغاء : " يستيقظ " أيتها العمة . العمة : لستُ نائمة . الببغاء : هذا ما خمنته . العمة : لا تقل لي ، إنك رأيت الثعلب الليلة في المنام . الببغاء : لا ، لم أره . العمة : هذا المحتال ، لم يأتِ منذ مدة . الببغاء : ولن يأتي ما دمتِ تحتاجينه ، فهو يأتي عندما يحتاج هو إليكِ . العمة : أنت تعرف ، أنني درست الكثير عن الكائنات الحية .. الببغاء : أعرف .. أعرف . العمة : والآن أريد أن أدرس ، خصلة واحدة من خصال الثعلب بالتفصيل . الببغاء : يا للعجب ، لا أظن أنك تجهلين أي شيء عنه . العمة : لا ، ربما أجهل ، فهو كما تعرف ، محتال ومتكتم .. الببغاء : وسيبقى ، فهو ثعلب . العمة : لم يطلق لسانه تماماً . الببغاء : إنه كما قلتِ ، محتال . العمة : وهذا ما أدرسه بالضبط . الببغاء : هناك ، كما تعرفين ، حكايات كثيرة عن حيل الثعلب . العمة : الحكايات كثيرة فعلاً ، بعضها صحيح ، وبعضها الآخر غير صحيح ، أريد منه ، ما هو صحيح . الببغاء : ليأتي ، لعله يحدثك . العمة : هذا ما أنتظره .
يدخل الثعلب بهدوء، ويحدق ملياً في الببغاء
الببغاء : لن تخيفني ، العمة دبة موجودة . الثعلب : اشتقتُ إليك . العمة : لقد غبتَ فترة طويلة ، وهذه ليست عادتك . الثعلب : تزوجتُ . العمة : آه صحيح ، نحن في كانون الثاني . الببغاء : لابد أنك خدعت أنثى ، وأقنعتها بالزواج منكَ . الثعلب : هذا ما يحلو للذكر أن يظنه ، والحقيقة أنه هو الذي يُخدع . العمة : " تهمهم " هم م م م . الببغاء : هذه من الحكايات ، التي لا تصدق . العمة : من يدري . الثعلب : أيتها العمة .. الببغاء : أريد قرص عسل . الثعلب : بل أريد أن أعترف . العمة : هذا ما أردته منك ، فذهبت ، وغبت هذه المدة الطويلة . الثعلب : فكرتُ ، أنت عالمة ، ومن واجبي أن أقدم لك هذه الخدمة . الببغاء : أيتها العمة ، احذريه . الثعلب : الحيلة هي سلاحي . العمة : هذا أمر معروف . الثعلب : القوة هي سلاح الأسد والنمر والذئب ، والسرعة سلاح الغزال والفهد الصياد والأرنب ، وأنا لستُ قوياً كفاية ، ولا سريعاً ، لا في الهجوم ، ولا في الهرب . الببغاء : لم يبقَ إلا الحيلة . العمة : أعرف بعض حيلك في الصيد . الثعلب : أنت تعرفين بعضها ، والآخرون يعرفون أيضاً ، لكن إذا عُرفتْ كلّ حيلي ، أموت من الجوع . الببغاء : أريد أن أعرف حيلة ، لم تجربها هنا . الثعلب : السحر . الببغاء : السحر ! العمة : " تضحك " سمعتُ بها .
الثعلب يثب فجأة ، ويتمرغ كأنه أصيب بالجنون
الببغاء : " يطل عليه مندهشاً " أيتها العمة .. العمة : راقبه فقط . الببغاء : لقد جنّ . الثعلب : " يتوقف " .... العمة : هذا هو السحر . الثعلب : نعم ، ولو لم يكن الببغاء صديقي لأكلته. العمة : أنت تلجأ إلى هذه الحيلة ، لتوقع ضحاياك من الطيور والأرانب ، فعندما تراك هكذا ، تقترب منك مذهولة ، فتثب عليها و .. الثعلب : وأسكتُ بها جوعي . الببغاء : أيها اللعين . الثعلب : ليس لديّ من يطعمني مثلك . الببغاء : إنني لا ألوم مطارديك ، فأنت لص محتال . الثعلب : لا تصدق ما يحكيه عني مؤلفو حكايات الأطفال " يقترب منه " فأنا لم أتظاهر بالموت لأصيد الغراب ، ولم أدع ِ النسك والرغبة في الذهاب إلى الحج ، لأصيد الديك . الببغاء : " يتضايق من رائحته " ابتعد عني ، اف ، لا أدري كيف تهرب من مطارديك ، ولك مثل هذه الرائحة النفاذة . الثعلب : هذه الرائحة تحبها زوجتي . الببغاء : لابدّ أن رائحتها أسوأ من رائحتك . العمة : نقطة ضعفه في هذه الرائحة ، لكن قلما تدركه كلاب الصيد ، التي تطارده مع الصيادين .. الثعلب : لأنه لديّ مخ . العمة : عندما تطارده كلاب الصيد ، يلجأ إلى عدة حيل ، منها أنه يكرر سيره في مكان واحد ، ثم يقفز قفزة جانبية واسعة ، ليقطع الأثر .. الببغاء : " يهمهم " هم م م م . الثعلب : " يبتسم " .... العمة : أو يتسلق شجرة مائلة ، ويختبئ بين أغصانها ، فتمر الكلاب من تحته ، دون أن تنتبه إلى وجوده . الببغاء : لن تنقرض الثعالب . العمة : وقد يسبح في نهر ليقطع الرائجة ، أو يختلط بالأغنام ، أو يتمرغ في السماد ، وقد يلجأ إلى ثعلب آخر ، ليضلل مطارديه . الثعلب : أيتها العمة .. الببغاء :احذريه .. الثعلب : زوجتي ستلد . العمة : زوجتك تلد في نيسان أو أيار . الثعلب : لابد أن أهيئ طعاما لها وللصغار . الببغاء : " ساخراً " يا للأب الطيب . العمة : مهما يقال عن الثعلب ، إلا أنه أب صالح ، ففي نيسان أو أيار يولد له أربعة جراء ، وتبقى الثعلبة مع جرائها بضعة أسابيع ، يؤمن الثعلب الطعام لها وللصغار . الثعلب : " للببغاء " أرأيت ؟ إنني أستحق قرص عسل أو أكثر . العمة : هذا حق ، لكن .. الثعلب : أيتها العمة .. العمة : " تدفعه نحو الباب " اذهب الآن ، وتعال في نيسان . الببغاء : حقاً أنتِ العمة دبة . الثعلب : ويتحدثون عن .. الثعلب .
العمة تدفع الثعلب إلى الخارج ، وتغلق الباب
إظلام
5 / 9 / 2014
ملك الفئران
بيت العمة دبة ، الببغاء يتمشى منفعلاً
الببغاء : الحياة مع العمة دبة ، أصبحت مهنة شاقة " يتوقف " ليت الأمر اقتصر عليها ، فالمشقة هي حيواناتها ، التي تكاد لا تنتهي " يمشي " لابد أن أضع حداً لهذا الأمر ، وإلا ..
يُفتح الباب ، وتدخل العمة ، حاملة سلتها العمة : وإلا .. الببغاء : " يتوقف " أيتها العمة .. العمة : اليوم استراحة . الببغاء : لا استراحة في هذا البيت . العمة : سنأكل ، ونشرب ، ونتسامر ، و .. الببغاء : الملك جاء عدة مرات . العمة : الملك ! الببغاء : ملك الفئران . العمة : " تبتسم " لو كان للببغاوات ملك ، لكنتَ أنت .. الببغاء : لا تغيري الموضوع . العمة : ما زلنا في الملك . الببغاء : جاء مرات ، وقال الأمر ملح .. العمة : " تهمهم " هم م م م . الببغاء : لم يدعني أرتاح . العمة : إنني أتفهم قلقه وخوفه . الببغاء : " ينظر إليها " .... العمة : لقد حلت في الجوار ، منذ عدة أيام ، عائلة من أبناء عرس . الببغاء : أبناء عرس ؟ العمة : الفئران ، في هذه المنطقة ، كانوا مرتاحين ، وسعداء بعض الشيء ، حتى جاءت عائلة ابن عرس هذه ، واستوطنت هنا . الببغاء : وما شأن الفئران ، إن المنطقة واسعة ، وتسكنها مختلف الكائنات الحية . العمة : لو تعرف ما يعرفونه عن أبناء عرس ، لما قلت هذا . الببغاء : ما أعرفه ، إنها حيوانات صغيرة . العمة : صغيرة نعم ، فطولها بما فيه ذنبها ، لا يزيد عن " 25 " سنتمتراً . الببغاء : ثم أن في المنطقة القواقم والدلوق والظرابين ، وحتى الثعالب ، وكلها تقتات على الفئران . العمة : هذا صحيح ، يا ببغاء ، لكن ابن عرس شيء آخر . الببغاء : أفهميني . العمة : أبناء عرس سريعو الحركة ، وهم يشقون العشب متلوين كالحية ، وهي حين تسير بين العشب ، فمن الصعب رؤيتها ، لأن قوائمها قصيرة جداً ، ولأن أجسامها الطويلة قريبة جداً من الأرض . الببغاء : لكن أعداء الفئران الأخرى ، لا تختلف في هذا عن أبناء عرس . العمة : نعم ، لكن ما يختلف أن ابن عرس ، يستطيع أن يطارد الفئران ، حتى في أوكارها ، فهو نحيف جداً ، حتى يُقال أنه يستطيع أن يمرّ في خاتم الزواج . الببغاء : أوه . العمة : إضافة إلى ذلك ، فإن ابن عرس يمكن اعتباره ، ملك الصيد عند الحيوانات ، رغم صغر حجمه ، فهو يصطاد الفئران والجرذان والضفادع والطيور الصغيرة ، ويسبح لاصطياد الفول والأسماك بأنواعها ، ويستطيع أن يتسلق الأشجار بسهولة ، لاقتناص الطيور وفراخها الصغيرة في أعشاشها ، بل إنه يهاجم حيوانات أكبر منه حجماً ، ويفترسها ، كالأرانب الأليفة والبرية . الببغاء : آه فهمت الآن إلحاحه في مقابلتك ، هذا المسكين ، ولكن ماذا يمكن أن تقدميه له وللفئران ؟ العمة : إنه مسكين حقاً " الباب يُطرق " .. الببغاء : إنه هو . العمة : نعم ، إنه هو " تتجه نحو الباب " فلأفتح الباب .
العمة دبة تفتح الباب ، يدخل الفأر
الببغاء : ها هي العمة دبة ، لقد جاءت أخيراً . الفأر : صباح الخير . العمة : أهلاً ومرحباً . الببغاء : قل لها ما تريده . الفأر : عفواً ، لقد جئت لزيارتك اليوم ، أكثر من مرة . الببغاء : قلتُ لها ذلك . العمة : يا للأسف ، لو كنت أعرف بحضورك ، لعدتُ سريعاً . الفأر : الأمر مهم ، بل مصيري بالنسبة لنا ، نحن الفئران ، وإلا ما أثقلتُ عليك . العمة : ليتني أستطيع أن أخدمكم ، تفضل . الفأر : تعرفين ، يا سيدتي ، إننا كائنات صغيرة ، والكثير من الحيوانات يعتدون علينا ، بل ويفتكون بنا ويفترسوننا ، ولكن استطعنا مع الزمن أن نتكيف للأمر ، رغم ما نعانيه . العمة : نعم ، هذا واقع الكائنات الصغيرة المستضعفة في الغابة عامة . الفأر : لكن الآن حلت بنا كارثة ، لا نستطيع تحملها ، أو التكيف معها ، وإذا استمرت ، فلن يبقى منا أحد على قيد الحيلة . العمة : ابن عرس . الفأر : وعائلته بأكملها . العمة : إنني أتفهم وضعكم ، إن أبناء عرس من أشرس الحيوانات وأخطرها . الفأر : علينا بالذات . العمة : هذا صحيح . الفأر : ولهذا لجأنا إليكِ . العمة : ابن عرس ، كغيره من الكائنات ، يسكن في المكان الذي يلائمه ويريحه .. الفأر : لكن وجوده ، في هذا المكان ، يعني القضاء علينا . العمة : " تنظر إليه صامتة " .... الفأر : أنتِ كائن كبير ، وقويّ جداً ، ويمكن أن تسحقيه . العمة : هذا ليس من حقي . الفأر : نحن نباد . العمة : هذا أمر مؤسف . الفأر : أسفك لن ينقذنا . العمة : " تنظر إليه صامتة " .... الفأر : ما العمل ؟ العمة : هذا الأمر متروك لكم . الفأر : ماذا لو قررنا المجيء عندك ، وسكنّا هنا جميعاً ، وأنت تعرفين سرعة تكاثر الفئران . الببغاء : هذا تهديد . العمة : لا ، لا ، هذا ليس تهديداً . الفأر : لا خيار لنا . العمة : في هذه الحالة ، ستأتي عائلة ابن عرس ، وستسكن في البيت أيضاً ، ولن يكون من حقي أن أمنعها . الفأر : " يلوذ بالصمت محبطاً " .... العمة : إنني آسفة ، لكني واثقة أنكم ستجدون الحل المناسب ، أتمنى لكم التوفيق .
الفأر يستدير ، ويخرج ، العمة دبة تغلق الباب
إظلام
6 / 9 / 2014
الشبح
بيت العمة دبة ، الببغاء وحده ، يرقد في فراشه
الببغاء : الآن أستطيع أن أغفو ، ولو بعض الوقت ، لا العمة دبة موجودة ، ولا واحد من حاشيتها المزعجين ، ولا .. " الباب يُطرق " آه أرنوب " من الخارج " أيتها العمة . الببغاء : هذا أرنوب أرنوب : " من الخارج " أيتها العمة . الببغاء : العمة دبة ليست في البيت . أرنوب : " من الخارج " أرجوك ، يا ببغاء ، افتح لي ، الأمر هام . الببغاء : " بصوت خافت " وراحتي ليست هامة " يصيح " الباب مفتوح ، ادخل .
أرنوب يدفع الباب ، ويدخل بسرعة خائفاً
أرنوب : الثعلب .. الببغاء : يطاردك ، هذا أمر عادي . أرنوب : لقد جُنّ . الببغاء : لا عليكَ ، إنه يتظاهر بالجنون ، يقفز ، يتمرغ ، ويتماوت ، و .. أرنوب : لا .. لا .. الببغاء : ليته يُجن فعلاً ، لكن هذا مستحيل ، إن الثعلب يُجنن ولا يجن . أرنوب : إنه يسير ، ويحدث نفسه ، ويصيح بأعلى صوته .. الشبح .. الشبح الببغاء : سأجن ، كفى ، مهما كان ، فهو .. الثعلب .
الباب يُطرق ، أرنوب يدور بسرعة خائفاً قلقاً
أرنوب : إنه هو ، الثعلب ، خبئني . الببغاء : مهلاً ، لعله ليس الثعلب الثعلب : " من الخارج " أيتها العمة .. أرنوب : " مازال يدور " أرأيت ؟ إنه الثعلب .. الببغاء : صوته غير طبيعي فعلاً . أرنوب : خبئني أرجوك ، خبئني الثعلب : " من الخارج " أيتها العمة دبة . أرنوب : إنني لم أحتمله عاقلاً ، فكيف وهو مجنون ؟ الببغاء : اختبئ ، إنه يدفع الباب
أرنوب يختبئ ، يدخل الثعلب قلقاً مترنحاً
الثعلب : أريد العمة دبة . الببغاء : العمة دبة ليست هنا ، كما ترى . الثعلب : أريدها لأمر هام للغاية . الببغاء : أنصحكَ أن تأتي إليها غداً ، بعد أن تكون قد هدأت قليلاً . الثعلب : كل ، أريدها اليوم . الببغاء : ربما ستتأخر اليوم كثيراً . الثعلب : مهما يكن ، سأنتظرها . الببغاء : ذهبت إلى النهر ، تدرس أسماك البيرانا الثعلب : سأنتظرها ، وستأتي الببغاء : هذا إذا لم تفترسها أسماك البيرانا الثعلب : " يتشمم " أشمّ رائحة أرنب الببغاء : أنت واهم . الثعلب : أنفي لا يخطئ ، وخاصة عندما أكون جائعاً . الببغاء : أنت جائع دائماَ . الثعلب : " يتشمم " أرنب صغير ، مكتنز ، لذيذ ، و .. الببغاء : جاءت العمة دبة .
يُدفع الباب ، وتدخل العمة دبة حاملة سلتها
ثعلوب : العمة دبة .. العمة : " تضع السلة على المائدة " أهلاً ثعلوب . الببغاء : جاءك لأمر هام للغاية . ثعلوب : قلتِ مرة ، إن المجنون .. العمة : اهدأ ، يا ثعلوب ، واجلس . ثعلوب : دعيني ، لا أريد أن أجلس ، اسمعيني.. الببغاء : دعيه يتكلم . العمة : تكلم ، إنني أسمعكَ . ثعلوب : قلتِ إن المجنون ، يرى مالا يراه العاقل .. الببغاء : ويشم ما لا يشمه .. ثعلوب : " منفعلاً " ببغاء .. العمة : دعك منه ، تكلم . ثعلوب : طاردتُ أحدهم قبل قليل .. الببغاء : هذا ما تفعله دائماً . ثعلوب : طاردته في منطقة المستنقعات .. الببغاء : تلك منطقة مسكونة . العمة : ببغاء .. ثعلوب : سأطاردك يوماً ، ولن تفلت مني . العمة : دعنا من الببغاء ، تكلم ، طاردته في منطقة المستنقعات .. ثعلوب : فهرب مني إلى داخل المستنقع ، وعلى ضوء القمر .. الببغاء : لا يوجد قمر اليوم . العمة : أكمل . ثعلوب : رأيته يركض فوق سطح الماء.. الببغا : يا للعجب . ثعلوب : بل التفت إليّ ، وغمز لي بعينه . الببغاء : هم م م .. هذا لم أره حتى في المنام . ثعلوب : صدقيني ، رأيته بعيني هاتين ، لم يكن يسبح ، أو يغطس ، بل كان يركض فوق سطح الماء . الببغاء : حقاً المجنون يرى ما لا يراه العاقل . العمة : أنا أصدقكَ ، يا ثعلوب . ثعلوب : أيتها العمة .. العمة : لكن أنصحكَ ، أن لا تطارد القنفذ مرة أخرى ، في منطقة المستنقعات . الببغاء : القنفذ ! ثعلوب : كيف عرفتِ أنه قنفذ ! أنتِ لم تطارديه معي . العمة : إن القنفذ ، هو الحيوان الوحيد ، الذي يستطيع المشي والركض ، على سطح الماء ، دون أن يغطس . ثعلوب : " ينظر إلى الببغاء " ببغاء .. الببغاء : لقد رأيتَ ما لم أره . ثعلوب : وشممتُ رائحة أرنوب هنا . العمة : " تنظر إلى الببغاء " .... الببغاء : اذهب الآن . ثعلوب : أشكركِ يا عمة ، " يتجه إلى الباب " تصبحان على خير " يخرج " العمة : أرنوب ، أخرج ، ذهب الثعلب . أرنوب : " يطل برأسه " ... الببغاء : حقاً أنتِ .. العمة دبة .
العمة دبة تبتسم فرحة ، أرنوب يخرج من مخبئه
إظلام
وحوش النباتات
الببغاء وحده ، يجثم قريباً من القفص
الببغاء : العمة دبة مشغولة ، هذه الأيام بالنباتات ، ومن حسن الحظ ، أنه قلما يأتينا أحد من المزعجين الآن ، أمثال دبدوب وسلحوفة والثعلب و .. " الباب يُطرق " الخطأ خطئي ، ذكرت القط ، فجاء ينط " الباب يُطرق ثانية " أيها الثعلب ، العمة دبة ليست في البيت . الأرنبة : " من الخارج " اطمئن ، يا ببغاء ، لستُ الثعلب ، وإنما الأم أرنبة . الببغاء : آه الأرنبة ، أم أرنوب ، هذا صوتها " بصوت مرتفع " الباب مفتوح ، ادفعيه وادخلي .
الأم أرنبة ، تدفع الباب بهدوء ، وتدخل
الأم : طاب يومكَ ، يا ببغاء . الببغاء : طاب يومكِ ، أرنوب ليس معكِ ، أرجو أن يكون بخير . الأم : أبقيته في البيت ، وأغلقتُ عليه الباب ، فالثعلب يحوم في الجوار . الببغاء : لو كنتُ العمة دبة ، لخنقته ، وخلصتُ منه أرنوب وسنجوب و .. الأم : حتى لو قتلته العمة دبة ، فهناك الذئب والضبع والفهد والصقر والكلاب البرية و ..
يُدفع الباب ، وتدخل العمة دبة ، حاملة سلتها
العمة : أم أرنوب ؟ أهلاً ومرحباً . الأم : أهلاً بكِ . العمة : " تضع سلتها على المنضدة " لابد أنكما كنتما تتحدثان عن الثعلب . الببغاء : الثعلب وغيره . الأم : الحياة هنا في الغابة لا تطاق ، فهي مبنية على القسوة والافتراس . العمة : هذه هي الغابة منذ أن وجدت . الأم : لنكن منصفين ، ليس كلّ من في الغابة قتلة وسفاحين . الببغاء : هناك السلاحف مثلاً .. العمة : السلاحف تفترس الأسماك وغير الأسماك . الببغاء : والطيور .. العمة : البومة من الطيور ، وكذلك العقاب والصقر والنسر . الأم : ليتنا في الغابة نباتات ، فليس بينها ثعلب أو تمساح أو ضبع أو .. الببغاء : أو دب .. العمة : " تنظر إليه " ببغاء .. الببغاء : الدب يأكل الأسماك والطيور والحشرات ، والنحل وكلّ ما في الخلية من شمع وعسل ويرقات و .. العمة : " تنظر إليه " ببغاء .. الأم : كفى ، يا ببغاء . الببغاء : " يصمت " .... الأم : عفواً ، جئتُ أسلم عليكِ . العمة : أشكركِ . الببغاء : " يتمدد " الأفضل أن أنام . الأم : " تصمت " .... العمة : ما قلتاه عن بعض الحيوانات صحيح ، " للببغاء " وحتى ما قاله عن الدب ، صحيح أيضاً . الببغاء : " يعتدل " عفواً ، أيتها العمة . العمة : لا عليك . الببغاء : أنتِ تعرفين كم أحبكِ ، ثم " يغالب ابتسامته " أنتِ لستِ من الدببة . العمة : " تبتسم " بل دبة بامتياز . الببغاء : سأوافقكِ ، حتى لا تقولي ، إنني أخالفكِ في كلّ شيء . الأم : " تبتسم " .... العمة : قلتِ أنه ليس بين النباتات قتلة وسفاحون ، وهذا خطأ . الأم : ماذا ! الببغاء : لا يمكن أن يكون بينها ثعالب وذئاب وضباع و .. العمة : بل بينهم كلاب وحشية ، ومصاصو دماء ، وتماسيح ، وأكلة لحوم البشر .. الببغاء : الويل لهم . الأم : وكلّ ظني أنهم كائنات مسالمة . العمة : هناك نبات اسمه " جاك في المقصورة " ، منه ذكر ومنه انثى ، تأتي ذبابة صغيرة ، وتدخل مقصورة الذكر ، وتعاني من ضيق المكان ، وترفرف بأجنحتها ، فتحمل حبوب الطلع ، وعندما تدخل مقصورة الأنثى ، وتعطيها حبوب الطلع ، لا تسمح لها بالخروج ، وتبقى هناك حتى الموت . الببغاء : هذا هو الفرق بين الذكر والأنثى . الأم : " تهز رأسها " الذكر الطيب .. الببغاء : الأنثى كانت جاحدة . العمة : آه من الذكور . الأم : مهما يكن ، " فجاك في المقصورة " ربما هو الوحيد . العمة : بل واحد من عشرات . الببغاء : حدثينا .. حدثينا . العمة : كما أن في الحيوانات وحوش وقتلة ، كذلك في النباتات ، من بينهم خناق الذباب ، وآكلة الحشرات الندية ،ومصيدة فينوس ، ونبات الكوبرا.. الببغاء : أيتها العمة .. العمة : والزهرة الفخ ، و .. الببغاء : الكوبرا ، ما أعرفه إنها أفعى ، والأفعى حيوان ، وليس نبتاً . العمة : إنه نبات يشبه أفعى الكوبرا . الببغاء : ليتكِ تحدثينا عنه . العمة : لنبات الكوبرا هذا رأس مجنح ، وعينان بيضاويتان ، تجذب الحشرات ، برحيقها الحلو ، ورائحته العذبة ، تندفع الحشرات إلى العينين ، وتجد فتحة فتدخلها ، فتغلق خلفها ، إنها مصيدة رهيبة ، وهي أيضاً معدة نبات الكوبرا ، التي تهضم الحشرات ، وتمتصها . الببغاء : آه إنه كوبرا النباتات بحق . الأم : هذا فضيع حقاً ، نباتات تأكل حشرات . العمة : وهناك نباتات ظالمة ، تتطفل على نباتات أخرى ، وتسرق غذاءها . الببغاء : يمكن أن أفهم كلّ هذا على فضاعته ، نباتات تأكل حشرات ، أو تأكل نباتات أخرى ، أما نباتات تأكل البشر ، فهذا ما لا يمكن أن أفهمه . العمة : ستفهمه إذا عرفت هذه النباتات ، وشكلها ، وحجمها . الببغاء : لا أظنه بحجم التمساح مثلاً . العمة : اسمع ، سأصف لك واحداً ، وستتمنى أن لا تراه ، حتى في الحلم . الأم : أيتها العمة ، أرفقي بنا ، أنت تعرفين أن بين الببغاوات أرانب . الببغاء : " للأم " سدي أذنيكِ ، أنتِ أرنبة . الأم : مهما يكن ، أريد أن أعرف . العمة : حسن ، اسمعا . الببغاء : نريد حقائق . الأم : نعم ، حقائق ، وليكن ما يكون . العمة : في جزيرة مدغشقر ، في المحيط الهندي ، شجرة عجيبة تأكل الانسان .. الببغاء : كما تأكل الدببة الأرانب . الأم : " محتجة " ببغاء . العمة : وهذه الشجرة تشبه الصنوبر ، لها أربع ورقات فقط ، طول الواحدة " 80 " سنتمتراً ، وعرضها " 40 " سنتمتراً ، وهي تتدلى من الشجرة ، وإذا تسلق أحد النبتة ، ولمس زهورها ، فإن الأوراق الأربع المتدلية ، ترتفع وتنطبق عليه ، ولا تعود إلى ما كانت عليه إلا بعد مرور اسبوعين ، أما الانسان فلا يبقى منه غير رأس مسلوخ . الببغاء : " يتمدد " أيتها العمة .. الأم : " تتجه نحو الباب " ليتني لم أسمع هذا. الببغاء : أريد أن أنام . الأم : الثعلب أرحم من هذه النبتة . الببغاء : سأنام إذا استطعت . الأم : " عند الباب " من حسن الحظ ، إننا لسنا في جزيرة مدغشقر . الببغاء : " ينقلب نحو الحائط " لا يبقى غير رأس مسلوخ ، وأريد أن أنام . الأم : " تخرج " .... الببغاء : " يرفع صوته " أيتها الأرنبة الأم ، لا تحلمي بمدغشقر . الأم : " من الخارج " لن أنام حتى أنسى ، ولن أنسى . العمة : مهما يكن ، فالذنب ليس ذنبي ، هذه هي الحياة . الببغاء : آه . العمة : ولكن ، يا ببغاء ، لا تنسَ الأزهار .. والفراشات .. والعصافير .. و .. الببغاء : : أيتها العمة ، دعيني أنم .
العمة دبة تصمت ، الببغاء يغط في النوم
إظلام
24 / 4 / 2016
#طلال_حسن_عبد_الرحمن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ببغاءة الحلم
-
العمة دبة الجزء الثاني
-
مسرحيات للأطفال العمة دبة الجزء الاول
...
-
سيناريو ربيع دائم
-
ثلاث مسرحيت للأطفال طلال حسن
-
رواية للأطفال الثعلب العجوز طلال حس
...
-
قصص قصيرة شتاء الأيام الآتية
...
-
لمحات من صحافة الأطفال في نينوى
-
طلال حسن في سطور
-
القناع في مسرحيتي الإعصار وكلكامش لطلال حسن -مقاربة في المكو
...
-
الفضاء في مسرح طلال حسن -مسرحية الإعصار- نموذجاً
-
هيلة يارمانه
-
رواية للفتيان الفتاة الغزالة
...
-
حكايات من التراث حكايات موصلية طل
...
-
حكايات من الموصل طلال حسن
-
حكايات من الموصل طلال حسن
-
حكايات شعبية جنجل وجناجل
-
مسرحة الموروث الشعبي -قراءة في مسرحيات (هيلا يارمانه) لطلال
...
-
خمس مسرحيات من التراث الموصلي
...
-
رواية للفتيان الغزالة
...
المزيد.....
-
هل تعلمين كم مرة استعارَت أمي كتبي دون علمي؟!
-
رئيس الهيئة العامة للترفيه في السعودية تركي آل الشيخ يبحث عن
...
-
رحيل الفنان المغربي مصطفى الزعري
-
على طريقة الأفلام.. فرار 8 أشخاص ينحدرون من الجزائر وليبيا و
...
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|