كاظم فنجان الحمامي
الحوار المتمدن-العدد: 8131 - 2024 / 10 / 15 - 20:37
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
معظم الناس شاهدوا السفينة (زبيدي) راسية في البصرة داخل تفرعات انهار شط العرب بعدما تقادم عليها الزمن بما يزيد على 100 عام من النشاطات المشهودة في النهوض بأهم المهام البحرية والنهرية. .
وصلت هذه السفينة قادمة من بريطانيا بعد اكتمال الاحتلال البريطاني للعراق عام 1915، وكانت تعمل بالبخار، وتعنى بصيد الأسماك، فاصبحت من ضمن أسطول الموانئ العراقية قبل تأسيسها عام 1919، ثم حملت أسم (زبيدي). .
كانت تقوم بجولات أسبوعية داخل مياهنا الاقليمية في البحث والاستطلاع من جهة، وصيد الأسماك من جهة اخرى، تعود بعدها إلى ميناء المعقل لكي تفرغ حمولتها في مخازن التبريد التابعة لفندق شط العرب بينما تخصص حصة للنادي القريب من مقر الموانئ. ثم عملت كسفينة مسح ضمن مشروع تحسين الملاحه في نهر دجلة، وزارها المهندس (داود سلمان حميدي) عدة مرات لنصب جهاز SSB عليها، وكان طيب الذكر (زاير حسن) ربانها عند مدينة الصويرة على ضفاف دجلة. .
اذكر اننا عندما التحقنا بالعمل البحري في السبعينيات كان ربانها الكابتن طارق عبدالصمد النجم، ثم جاء من بعده الكابتن عباس جدي. واذكر ايضاً ان مدير عام الموانئ (عدنان القصاب) اقترح تأسيس شركة وطنية مستقلة لصيد الأسماك، فكانت السفينة (زبيدي) نواة لتلك الشركة التي شهدت تطورا مذهلا، فاتخذت الشركة الجديدة من رصيف العشار مقراً لها، واصبحت تعرف باسم: (الشركة العامة لصيد الأسماك)، واصبح لديها أساطيل من السفن الكبيرة التي كانت تمارس الصيد في مضيق موزمبيق وفي القرن الأفريقي، وجزر الكناري، والساحل الموريتاني، ثم توسعت الشركة بالطول والعرض فتأسست إلى جانبها شركة عراقية - روسية تعنى بالصيد البحري. وما ان اندلعت الحرب العراقية الإيرانية حتى انهار كل شيء، وتوقفت نشاطات الشركة. وتبعثرت سفنها العملاقة في الموانئ البعيدة، وضاع الخيط والعصفور. بينما ظلت السفينة (زبيدي) تذود وحدها، حتى جاء اليوم الذي لفظت فيه انفاسها الأخيرة، وصارت من ممتلكات القطاع الخاص، حيث اُستغلّت في تهريب المشتقات النفطية. لكنها مازالت منطوية على نفسها، ومنزوية داخل احدى جداول مدينة (حمدان) محتفظة بما تبقى من جسدها البالي من دون ان ينتبه اليها احد. .
#كاظم_فنجان_الحمامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟