أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رامي أبو شهاب - عتمة تتعرى














المزيد.....

عتمة تتعرى


رامي أبو شهاب

الحوار المتمدن-العدد: 1777 - 2006 / 12 / 27 - 05:41
المحور: الادب والفن
    


في الصباحات الباردة
عتمة تتعرى
رائحة تبغ عتيق عالق ، حافلة تعبر سكون الفجر البدائي
عيون يمتطيها النعاس
تراب بارد يعلق بأحذية الحزن ، لم يكن هناك شيء يغريني بالنهوض ، سوى فنجان قهوة يكتسح الجثة الباردة .
لم تكن الأخبار الصباحية مزعجة وهي تقع علي لزجة كقطر حلوى
فقط ثلاثة وعشرون قتيلا وعائلة كاملة
لم يكن هناك من فيض إنساني يقيم بيني وبينه ألفة .......
وجوم حائر لأعمدة الكهرباء المصابة برشح مزمن.........
لم أعد متماديا بالوجود، وضالعا بالانتشاء الزائف ، أضعت خيبتي في زواي جسدي ومضيت إلى العمل ، لعل صديقي يكون معتدا بنفسه وهو ينتظرني في غرفته المظلمة، وقد أعد لنا حفلة صخب قوامها فنجان قهوة وشيئا من الشعر قبل أن نباشر كينونتنا المزمعة .
في الشارع المعتاد والجاهز كشطائر المدارس؛ وقفت في انتظار الحافلة التي لا تتأخر ...
طفل بحقيبة مهترئة
زي مدرسي أزرق وعشرة قروش يداعبها في جيبه تأكيدا على أنها لن تخرج إلا في فسحة ما بعد الحصة الثالثة .........
صبية مراهقة مرت كالمعتاد
كانت تكفي كي تشعل جذوة الحنين .........
هي تعلم أنني حائر مابينها وبين حافلة " تجنبني توبيخ صباحي ينزله مديري الاخرق على وجهي البائس" ........
حملت وجعي الذائب وتركتها - غزالة في مهب الهواء المشبع برائحة البرودة - و تزحلقت انا نحو صقيع خاو من الفراغ ..... مضيت .
هو وجهه اليومي المتغضن المحايد يواجهني كل يوم
أسقطت الحياة منه حيرتها وبدا أحادي المعنى تمنيت أن أكون وجهه
وألقي عني هذه الحوّامات ...
أغلق الكعكعة الصّباحية بعد أن رشّ عليها الزعتر
انتشيت برائحة وطن ما....... و مضيت إلى موقف الحافلة .......
و تركته كما هو محايدا وصباحيا دوما .
سيدة تحمل حقيبة؛ تساءلت هل تضع فيها شيئا من العطر الرخيص، وقلما من الروج الأحمر وشيئا من النقود؟
لعل فيها قلما للتوقيع الصباحي، وأجزم أن هنالك فاتورة كهرباء حان أوانها.....
كانت عيناها لامعة، مع أن المساحة حولهما بدأت تتغضن بفعل صخور السنين المتزحلقة ترهلت وضاءة الجبين .........
وبقايا أطلال جمال ...... بائد ..
لمحت في جسدها حنينا للحب، كانت تناضل كي تبقي على شيء من كينونتها الانثوية الذاوية...........
رمقتي بنظرة مفاجئة، و على جانب شفتيها خبأت نصف ابتسامة........
مضت وهي نصف أنثى .
............
كنت مجسدا ككومة بشرية زائدة في مقعد بارد في الزواية الأخيرة من حافلة معتمة.........
أمامي شابان يعملان في مصنع المعلبات الذي يقع على الطريق
أطلق أحدهما وصفا مسهبا لصديقته التي يلتقيها في الكافتيريا ........
اندهش الثاني معبرا عن إعجابه الواضح وفي ممري جانبي من وجوده
بدت خيبته - لافتقاره لحبيبة ما يمضي إليها - مال نحو زجاج النافذة و أطلق العنان لخياله، لعله كان يحلم ..........
تعرت الشمس من غيماتها في الظهيرة........
حل دفء معقول عند موعد الخروج ........
في طريق العودة لم أجد سوى هذيان مديني محموم ، صخب وفوضى تقتلع جدران الإنسانية الهادئة .
الطفل يجري وراء كرة في زقاق حارته البائسة بعد أن ألقى زيه الكالح في حجر أمه.....
العجوز رحل ومعه بقية من كعك وما تبقى من زعتر ..........
سيدتي مضت إلى بيتها كي تعد طعام الغداء قبل عودة زوجها العتيد....
الفتاة احتوت حلمها في جدران غرفتها.........
أما الشاب فلا بد أنه يلقي الغزل تحت كعبي حبيبته.........
أما الآخر، فلا بد أنه يتسكع مثلي في السوق بحثا عن حب ما أو غيمة ترشح مطرا في تراب جاف .



#رامي_أبو_شهاب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اكتظت لغتي فيكِ
- بودلير والمطر
- حث في تناقضات الجسد
- باموق و تركيا مسافتان في المكان الواحد وفي الاتجاه المختلف
- اختزليني برائحة أرضك
- حماس في الحكومة
- قبلة في المقهى الإيطالي
- صهيل الإسمنت
- فوق التراب حالة ازدحام
- مسافات عالقة
- امرأة اللغة
- جسدك حقل حنطة
- في الحلم قضمني السمك
- حبيبتي تعد نفسها في المساء الأخير
- تبلل المعنى حتى جف
- ثمة حزن جديد يعوي
- جسدك عسل القصائد
- حفلو شواء للحم الفلسطيني الأحمر
- قهواتك تمتصني بشفتيها
- تقاطعات في محاولة فك اشتباك الجسد


المزيد.....




- آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى ...
- آلة السانتور الموسيقية الكشميرية تتحدى خطر الاندثار
- ترامب يعلن تفاصيل خطة -حكم غزة- ونتنياهو يوافق..ما مصير المق ...
- دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ
- جون طلب من جاره خفض صوت الموسيقى – فتعرّض لتهديد بالقتل بسكي ...
- أخطاء ترجمة غيّرت العالم: من النووي إلى -أعضاء بولندا الحساس ...
- -جيهان-.. رواية جديدة للكاتب عزام توفيق أبو السعود
- ترامب ونتنياهو.. مسرحية السلام أم هندسة الانتصار في غزة؟
- روبرت ريدفورد وهوليوود.. بَين سِحر الأداء وصِدق الرِسالة
- تجربة الشاعر الراحل عقيل علي على طاولة إتحاد أدباء ذي قار


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رامي أبو شهاب - عتمة تتعرى