الأسباب التاريخية لإنهيار الإتحاد السوفيتي (6)

وسام جواد

الحوار المتمدن-العدد: 8104 - 2024 / 9 / 18 - 22:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

كيف خدعت الصهيونية وأهانت ستالين ؟
في 17 آيار 1948 إعترف نظام ستالين بالكيان الصهيوني بعد ثلاثة أيام من إعلان الاستقلال. وعينت الأوكرانية الصهيونية، غولدا مائير أول سفيرة لإسرائيل في موسكو، والتقت هناك بزوجة مولوتوف، اليهودية الأوكرانية، بولينا زيمتشوجينا، وتحدثت معها باللغة العبرية أمام الجميع، مثيرة بذلك، حفيظة الحاضرين، وترتب على ذلك، وضعها تحت المراقبة الى ان تم اعتقالها في كانون الأول 1948 بتهمة الخيانة والتجسس لصالح دولة أجنبية.
لم يدرك ستالين سر انتماء اليهود الجماعي للاحزاب الشيوعية ( أخفى الكثيرون منهم انتماءهم للحركة الماسونية والصهيونية ) وكان يقوده الإعتقاد، بأن تأسيس دولة لليهود، سيساعد على نشر الاشتراكية، ويقوض دور الاستعمار البريطاني في الشرق الأوسط، ويحرك من ساكن العرب، ذوي الميل للغرب. لذا، أمر بنقل الأسلحة المختلفة والعتاد، التي غنمها الجيش السوفيتي في الحرب العالمية الثانية، وضخ الكثير من الأموال للكيان الصهيوني، الذي تأسس على حساب السكان الأصليين من الشعب الفلسطيني .

الرد الصهيوني على ما قدمه ستالين .
في 1953 صرح بن غوريون " لا أقبل قطعا بالنظام البلشفي.. إذ لا علاقة لهذا النظام بالإشتراكية، فهو حظيرة للعبيد، ونظام قائم على القتل، والكذب، وسلب حريات العمال والفلاحين، وأكثر قسوة وتطرفا من النظام القيصري"، فتوترت العلاقات بعد ذلك . وزاد من أجواء التوتر، قيام الإعلام الصهيوني بحملات عدائية ضد السوفيت، تزامنت مع التفجير الارهابي للسفارة السوفيتية في تل أبيب، فاضطرت موسكو على إثر ذلك، الى قطع العلاقات الدبلوماسية وطرد السفير الصهيوني، وغلق السفارة السوفيتية في تل ابيب .

لينين وستالين والوطن لليهود
حاول لينين إعادة بناء الدولة بعد الدمار والخراب الذي حل بروسيا في الحرب العالمية الإولى والأهلية. واستغلت الأوليغارشيا اليهودية في أمريكا، صعوبة الوضع الإقتصادي المتدهور في جمهريات الاتحاد السوفيتي، فعرضوا على لينين رهن القرم مقابل 20 ملين دولار. وكان الهدف من هذا العرض، هو تأسيس وطن لليهود في القرم "الجهورية اليهودية السوفيتية الإشتراكية"، وانهاء دورالإسطول الروسي في مدينة سيفاستوبل جنوب القرم .
وإضطر لينين الى قبول العرض، نظرا للأزمة الإقتصادية، التي عصفت بالبلاد، لكن موته ترك ثقل القضية على عاتق خلفه، يوسف ستالين، الذي واجه انتفاضة التتار والبلغار واليونانيين والألمان في محطة قطارات العاصمة سيمفيروبل، إحتجاجا على توطين اليهود في القرم، ومنعهم من النزول من العربات، وارجاعهم الى الأماكن التي أتوا منها ، فخشي ستالين من حدوث الإضطرابات العرقية، ووافق على جدولة إعادة الدين، واختيار أرض فلسطين وطنا لليهود بدلا من القرم، مع تسليح الصهاينة بغنائم الحرب العالمية، كوسيلة لخصم جزء من الديون المترتبة على الاتحاد السوفيتي، وتجنبا للضغوط الأمريكية واللوبي اليهودي.
تجدر الإشارة الى أن الرئيس روزفلت، بحث مع ستالين في مؤتمر طهران عام 1943 ضرورة الالتزام بما تم الاتفاق عليه حول توطين اليهود في القرم، ومسألة ترحيل التتار، وهدد بوقف برنامج المساعدات العسكرية والغذائية، والتخلي عن فتح "الجبهة الثانية" التي طال انتظار السوفيت لها ضد المانيا النازية.

في 2005 صدر كتاب " لماذا أنشأ ستالين إسرائيل؟" لمؤلفه اليهودي الروسي ليونيد مليتشين، جاء فيه: "لم تكن إسرائيل لتظهر إلى الوجود، لو لم يشأ ستالين قيامها..". وقد شهد شاهد من أهلها. أما رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ، يهودا أولمرت، فقالها صراحة " لقد عملنا على تحطيم الإتحاد السوفيتي "، وهذا يعني ان حاجة اليهود الى الاتحاد السوفيتي قد انتفت بعد حصولهم على الاعتراف الرسمي و فرص هجرة اليهود من الاتحاد السوفيتي الى اسرائيل بمئات الآلاف دون عوائق تذكر.


بينت الوقائع والأحداث الحاصلة، خطورة الدور الصهيوني، لا في خداع القيادة السوفيتية وجرها نحو تحقيق هدف تأسيس الكيان على حساب الشعب الفلسطيني، وإنما في الدور، الذي لعبته الصهيونية في العمل على انهيار الإتحاد السوفيتي، الذي لولاه، لما تأسس هذا الكيان .

يتبع..(7) الصراع على السلطة بعد وفاة ستالين.

#وسام_جواد (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل