مؤسسة جاويد لخدمات المسنين ، سابقة نادرة لعصامي جاد ومثابر في كندا

علاء مهدي
(Ala Mahdi)

الحوار المتمدن-العدد: 8087 - 2024 / 9 / 1 - 09:34
المحور: المجتمع المدني
    

يلماز جاويد (1938-2022)، مواطن عراقي، من مواليد مدينة كركوك، ينتمي إلى عائلة يسارية، مارس العمل مبكراً متحملاً مسؤولية رعايتها. واظب على الدراسة مساءً ليصبح معلماً. دخل كلية التجارة محتفظاً بعمله كمعلم. انتمى للحزب الشيوعي العراقي ومارس دوره الحزبي بكل أمانة وإخلاص. تعرض للاعتقال في شباط 1963 حيث خسر سنتين من دراسته الجامعية كما سحبت يده من وظيفة التعليم. ونتيجة لتفوقه في الدراسة الجامعية بكلية التجارة، تمكن من الحصول على وظائف متقدمة وتخصصية في مجال المحاسبة والتدقيق حيث عمل في عدة مكاتب مشهورة في العراق الأمر الذي مكنه من الوفاء بالتزاماته العائلية الكبيرة.
تعرفت عليه من خلال عملي المحاسبي والتدقيقي حيث كنت أمارس مهنة التدقيق بعد الدوام الرسمي من خلال مكتب المحاسب القانوني الأستاذ صباح كاظم، فوجدته إنساناً خلوقاً، ومحاسباً كفوءاً، ومدققاً ماهراً، تعلمت منه الكثير في مجال المهنة.
وكحال مجموعة كبيرة من العراقيين، ونتيجة للظروف غير المستقرة للوطن العراقي، هاجر وعائلته المكونة من زوجة وابنتين إلى كندا بحثاً عن الأمان والاستقرار بعيداً عن إرهاب الأنظمة الشمولية وعذاباتها. في وطنه الجديد وجد مساحة للحرية وفرت له ولعائلته الصغيرة مجالات لنشاطات متعددة، فبعد أن حصل على دبلوم في المحاسبة من المؤسسات الكندية المختصة، قام بإنشاء " مؤسسة جاويد لخدمات كبار السن "، وهي مؤسسة تخصصت بتقديم خدماتها لكبار السن وغير القادرين على العمل ممن يعانون من مشاكل صحية، كذلك مساعدتهم على التأقلم مع الحياة والمجتمع الجديد. وقد قدم من خلال المؤسسة خبراته المحاسبية والمجتمعية للقادمين الجدد من العراقيين والعرب حيث ساعدهم بتسوية قضاياهم الضريبية مع الدوائر المختصة وكذلك ترجمة ما يردهم من رسائل من دوائر الدولة والبنوك والمدارس والإجابة عليها. ولم يقتصر الأمر على هذه الخدمات بل تولى تنظيم الحسابات الختامية للمؤسسات والجمعيات العراقية مجاناَ، وعلى سبيل المثال، الجمعية العراقية الكندية، والجمعية المندائية في كندا، والتيار الديمقراطي العراقي في كندا، وأكاديمية المقامات وغيرها من المؤسسات.
ولم يكتفِ بتقديم تلك الخدمات بل قام بتأسيس " نادي كبار السن"، حيث يلتقي فيه المسنون من بنات وأبناء الجالية أسبوعيا للمناقشة والتباحث في قضاياهم والأمور العامة التي تهمهم سواء عبر الأخبار في بلدانهم الأصلية أو كندا. وقد تولت زوجته السيدة خولة بعنون السنجري مهمة إدارة تجمع السيدات ضمن النادي، كذلك تهيئة المشروبات الساخنة والحلويات لرواد النادي الذين كانوا يستمتعون بممارسة ألعاب الطاولي والدومينو والورق.
بعد رحيله المبكر، أصبح من الصعب على السيدة زوجته القيام بكافة مهام وأعمال النادي، الأمر الذي أضطرها للطلب من أحد المحاسبين زملاء زوجها الراحل لإغلاق النادي رسمياً، إلا أن الجمعية العراقية الكندية تقدمت بطلبٍ لدمج المؤسسة بأكملها بجمعيتهم لكي يبقى أسم " جاويد " متداولاً بين بنات وأبناء الجالية وهذا ما تمت الموافقة عليه.
على الرغم من مرور ما يقارب أربعة عقود على هجرتي إلى أستراليا، فأنني لم أصادف مثل هذه الممارسة الرائدة من لدن أبناء الجالية العراقية في أي من الولايات الأسترالية، لذلك أرى أن خطوة المرحوم يلماز جاويد كانت خطوة رائدة علينا أن نفتخر بها ونثمنها كي تكون مثالاً نيراً لباقي الجاليات العراقية في المهجر.
لروح فقيدنا الأستاذ يلماز جاويد السلام والطمأنينة، ولذويه ومحبيه وزملائه جميل الصبر وعظيم السلوان.

#علاء_مهدي (هاشتاغ)       Ala_Mahdi#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل