سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 1773 - 2006 / 12 / 23 - 09:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لاشك في أن أحد الإصلاحات المهمة التي تحققت في الآونة الأخيرة هي إنشاء جهاز حماية المنافسة ومكافحة الممارسات الاحتكارية، وكذلك إنشاء جهاز حماية المستهلك.
فقد كان غياب هذين الجهازين ثغرة، إن لم نقل وصمة، لآن آليات الاقتصاد الحر يجب التعامل معها كحزمة واحدة وإلا تحول اقتصاد السوق إلي غابة يأكل فيها السمك الكبير السمك الصغير ولا يبقي فيها إلا الأقوي، مهما كان مصدر قوته مشروعا أو غير مشروع.
وكان من المعيب أن يكون هناك تشجيع علي الاستثمار دون أن يوازنه ترصد للممارسات الاحتكارية التي تقتل المنافسة، التي هي بدورها أحد المرتكزات الرئيسية للاقتصاد الحر.
كما كان من المعيب أن يكون هناك تشجيع للمنتجين دون أن يوازنه حماية للمستهلكين كما يحدث في كل البلاد التي تتبني اقتصاد السوق.
ورغم التحفظات التي رافقت انشاء الجهازين، جهاز حماية المستهلك وجهاز حماية المنافسة، فان انشاءهما قوبل بارتياح عام من المجتمع، رغم الاستياء والاستغراب من تآخر إنشائهما ثلاثين عاماً بينما يتم إصدار التشريعات التي تأتي علي هوي البعض في أيام معدودات!
لكن يبدو أن هذا التأخر الذي دام ثلاثة عقود لم يكن كافيا للبعض. فها هو سعيد الألفي رئيس جهاز حماية المستهلك يصرخ بأعلي صوت قائلاً أن وزارة المالية لم توافق علي الميزانية الخاصة بالجهاز رغم مرور أكثر من شهر علي اصدار اللائحة التنفيذية لقانون حماية المستهلك.
وأوضح الالفي أن تأخير اعتماد الميزانية يضعف قوة الجهاز امام المستهلكين الذين سيقدمون بشكاوي من سلع ومنتجات معيبة وغير مطابقة، مشيراً إلي أنه لم يتم الاستقرار علي مقر للجهاز حتي الآن، بالإضافة إلي أن الجهاز ينتظر موافقة الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة علي توفير درجات وظيفية لتعيين كوادر الجهاز، موضحاً ان عدد الموظفين في الجهاز حالياً أربعة أفراد فقط!
هذه التصريحات التي أدلي بها الاستاذ سعيد الألفي خطيرة جداً وتبين أن البيروقراطية كفيلة بقتل أي مبادرة وإغلاق الطريق أمام اي تقدم.
كما أن تصريحات سعيد الالفي تثير التساؤلات حول جدية التوجه نحو حماية المستهلك بالفعل وليس بالقول. فكيف يتم حماية المستهلك بجهاز ليس به سوي أربعة أفراد، وليس له مقر، وليس له ميزانية؟ ولماذا تتلكأ الجهات المعنية في توفير متطلبات هذا الجهاز الحيوي؟
وهل المطلوب منا أن نتعامل مع هذا التلكؤ بحسن نية علي أنه مجرد بيروقراطية، أم أنه مراوغة متعمدة لحماية أوضاع غير سوية، بدلاً من حماية المستهلكين؟!
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟