|
تراثنا المفقود و شعر جمشيد
احمد الحمد المندلاوي
الحوار المتمدن-العدد: 8013 - 2024 / 6 / 19 - 00:07
المحور:
الادب والفن
# هو الشاعر الشعبي ميران كريم جمشيد،الشاعر الكوردي المندلاوي، التقيته لأول مرة في منطقة (سَرتَبْه -رأس التل) عند الحديقة العامة في محلة قلعة بالي، وسط مدينة مندلي،كان يسير ببطء واضعاً يدهُ على جبهته أحياناً ليتقي أشعة الشمس،لأنه كان ضعيف النظر ويشكو عمشاً في عينيه، أقبل بقامته الطويلة نوعما،وجسده النحيل بعدما عرفت أن القادم هو الشاعر الشعبي الكوردي الجوّال ميران كريم جمشيد، وهو يقترب من الستين عاماً، فسلمتُ عليه وبين أصابعه سيكارة من نوع اللف، فردَّ عليَّ السلام بإبتسامة يظهر في ثناياها ألوان من الشكوى والعتاب من الزمان الغادر، دخلتُ معه الى عالم الشعر الفسيح فإذا به ينشد أشعاراً جميلة كسيول تتدافع على الساحل، بهرت بأشعاره الرائعة التي في محتواها الكثير من الفلسفة والحكمة وحب الوطن ومكارم الأخلاق،وكلما أسأله عن شعر أو فكرة تراودني أتاني منه بلا توقف أبيات جميلة ومحكمة من الشعر المتين باللغة الكوردية – اللهجة الفيلية،فقلت له بلهجتنا المحلية:خالو ميران هل هذه الأشعار مكتوبة لديك في ديوان أو محفوظة لديك في مكان ما؟ فأجابني مشيراً الى صدره المنهك: - كلها يا بُني هنا في هذا الصندوق "كناية عن صدره". تمنيت أن أبقى معه ساعات وساعات ولكن في مكان هادئ بعيد عن ضوضاء السوق والمارة لأدوّن ما أستطيع كتابته من الشعر والحكم، وشيء عن حياته وذكرياته، ولكن كان الوقت لا يسمح فالمدرسة في إنتظاري، ولا أريد إزعاجه بهذا الشكل من الوقوف في الشارع فأفترقنا بأمل لقاءٍ ثانِ معه، ذلك هو شاعرنا ميران جمشيد المندلاوي المبدع؛ والذي سمّيته مع نفسي بـ "أعشى مندلي" نسبة الى "أعشى قيس – الشاعر الجاهلي"، وكان ذلك أوائل عام 1970م، وهو يقترب من الستين عاماً، وبذا يكون بهذا التقدير من مواليد عام 1910م ومن سكنة محلة السوق الكبير،و يتردد على قرية كبرات (كبري). فكان هذا هو اللقاء الأول و الأخير، بسبب الظروف التي تعرضنا لها، وسمعت فيما بعد أنَّه توفي بتأريخ 13/3/1980م، ولكن مع الأسف لم يبحث عنه أحد من كتابنا الكرام إلا القليل، ومنهم صديقنا العزيز الدكتور عدنان محمد قاسم كتب عنه شيئاً نزيراً،وهو مقال بعنوان: صفحات مجهولة من حياة الشاعر الجوال ميران المندلاوي المنشور في صحيفة التآخي – العدد: 4767 في 29/5/ 2006م (1)، كما ذكره زميلنا الباحث الكوردي عبد الرقيب يوسف في كتابه القيّم "حدود كوردستان الجنوبية"، فقد كتب عنه شيئاً قليلاً إذ يقول: وكان في مندلي شاعر شعبي كوردي شهير في مندلي وخانقين يسمى ميران جمشيد المندلاوي، وكان ضعيفاً في بصره ومعيشته، وغير متزوج مع أنَّ عمره كان جاوز الخمسين، وكانت له قوة على إرتجال الشعر باللرية - الفيلية، ويخزنُ في ذاكرته ذكريات ومعلومات كثيرة جداً، وكان الأكراد يحبّونه ويحبّون أشعاره ونكاته كثيراً، ومدح بأشعاره بعضاً من الأكراد البارزين منهم الحاج حميد شفي (من رؤوساء عشيرة قره لوس، وفي عام 1970م سافر الى منطقة كلالة التابعة لقضاء رواندوز، ومدح الملا مصطفى البرزاني الخالد وبعضاً من رجال الثورة الكوردية بأشعاره المرتجلة، وتعرفت على ميران جمشيد لأول مرة في مقهى صديقي داود بواسطة الأخ علي جمعة (أمين مكتبة مندلي العامة)،وقرأ لنا من أشعاره وحواره الشعري مع إمرأة كوردية شاعرة أيضاً بإسم منيجة كلهوري، وأخرى بإسم بيانسير، وكان يحفظ الكثير من الشعر الكوردي لشعراء اللٌر في بشتكوه / إيلام، ويقوم بزيارات متكررة الى هناك، ويضيف عبد الرقيب: عندي بعض أشعاره مع معلومات أخرى عنه سأنشره في مقال(2). كما ذكره الاستاذ ظاهر حبيب قاسم المندلاوي في كتابه (ذكريات على نهر الكلال ..من جارية الى كومسنك) و ذكر عنه أشياء لطيفة في صفحة 23-24، (3). أنَّه جزء من تراثنا الحضاري وحبّذا لو يتم البحث جدياً عن شاعرنا المبدع ميران جمشيد وتدوين سيرة حياته، وجمع أشعاره، فإنّه جزء مهم من تراثنا الجميل.. المصادر: 1- حدود كوردستان الجنوبية - عبد الرقيب يوسف . 2- صفحات مجهولة من حياة الشاعر الجوال ميران المندلاوي – د. عدنان محمد قاسم - صحيفة التآخي– العدد: 4767 في 29/5/ 2006م. 3- ذكريات على نهر الكلال..من جارية الى كومسنك - ظاهر حبيب المندلاوي . 4- الشعر والشعراء في مندلي/الشعر الكوردي إنموذجاً- أحمد الحمد المندلاوي – مكتب دلير/بغداد -2014م.
#احمد_الحمد_المندلاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
باوة ززبابا
-
محكمة البندليج -1
-
جكا سوور في مندلي
-
الف بيت شعر و حبة الشعير
-
من كبريات العشائر الفيلية زنكنة
-
ماذا قالت أساور نيازي ؟
-
ومضة وإشارة الى العناوين..
-
جولة في مضيف هوزى له ك
-
مراثي خراب مندلي
-
كتاب عن اللهجات الكردية
-
الشاعر الجيلي
-
كلمة حميد / تكملة مواقف ومختارات أدبية 5
-
معرض كتاب مندلي الأول – المراجع/ج1
-
بةو فير كوردى سادة بويم / بةش يةكم
-
كاتبات من مندلي /01
-
الفشت و تاريخ مندلي
-
اللامي الاستاذ من مندلي
-
كلمة حميد / مختارات أدبية 3
-
حلم 15 كانون الاول
-
مندلي و حكومتها المؤقتة2/11
المزيد.....
-
-فين أنا- في دورته الخامسة.. مسار فني لإعادة اكتشاف طنجة الم
...
-
نجمة أفلام إباحية أمريكية شهيرة تكشف تفاصيل تعرضها للحجز في
...
-
كيف عكس -يهودي- روح فيلم -الرسالة- للمخرج السوري العالمي مصط
...
-
بعد تشخيص إصابته بمرض باركنسون.. المخرج الدنماركي لارس فون ت
...
-
نجمة أفلام إباحية أمريكية شهيرة تكشف تفاصيل تعرضها للحجز في
...
-
الاحتفال بمولد النبي محمد بالرقص والغناء والموسيقى.. افتاء م
...
-
مصر.. داعية إسلامي يثير جدلا كبيرا بتعزيته لفنان شهير في -و
...
-
-ملفات بيبي- الفيلم الوثائقي الذي أغضب نتنياهو
-
انطلاق معرض بغداد الدولي للكتاب تحت شعار -العراق يقرأ-
-
من هي صفية بن زقر -سيزان السعودية- التي نعاها أبناء الخليج؟
...
المزيد.....
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
-
ظروف استثنائية
/ عبد الباقي يوسف
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل
...
/ رانيا سحنون - بسمة زريق
-
البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان
...
/ زوليخة بساعد - هاجر عبدي
-
التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى
/ نسرين بوشناقة - آمنة خناش
-
تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة
/ كاظم حسن سعيد
-
خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي
...
/ أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة
-
آليات التجريب في رواية "لو لم أعشقها" عند السيد حافظ
/ الربيع سعدون - حسان بن الصيد
-
رنين المعول رؤى نقدية لافاق متنوعة ج1 كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
المزيد.....
|