أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - اللهُ في النفسِ الفردية والجَمْعِية














المزيد.....

اللهُ في النفسِ الفردية والجَمْعِية


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7984 - 2024 / 5 / 21 - 16:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عندما يكون أعضاء الفريقين المتنافسين على الفوز في نفس المباراة من نفس الدين، الإسلام مثلاً؛ لا غرابة أن يتوجه كل واحد منهم قبل انطلاق المباراة ومع تسجيل كل هدف بالدعاء والشكر والسجود لنفسه وفريقه مقابل الفريق الخصم، المنتمي أعضاؤه أيضاً لنفس الدين وسيفعلون الشيء نفسه حيال الفريق الأول. ثم مع انطلاق صافرة انتهاء المباراة، سينصرف أعضاء كلا الفريقين كلٌ في حال سبيله، مع الفائز رافعاً صوته بالحمد والشكر لتوفيق الله له والمهزوم حامداً وشاكراً الله كذلك ولو بصوت أكثر خفوتاً وانكساراً. إذا كان الفائز يَرُد انتصاره في المقام الأول إلى التوفيق من الله، لكن ذلك لن يمنعه عن المضي في تعداد نقاط القوة الموضوعية التي لمسها في فريقه وضَمِنّت له النصر. كذلك الفريق الخاسر، لن يفقد أبداً إيمانه بربه لمجرد خسارة مباراة في لعبة كرة القدم. بعد أن يحمد الله ويشكر فضله ويجدد الإيمان بقدره ومشيئته ("قَدَّر اللهُ وما شاء فعل")، سيمضي في تعديد بعض من ظروف المباراة التي لم تكن في صالحه، مثل الإجهاد أو سوء التحكيم أو الجمهور أو أرضية الملعب أو اتجاه الرياح أو غير ذلك. في النهاية، الموضوع بسيط، مجرد مباراة واحدة في لعبة دورية لا تستأهل من الطرف الخاسر أن يُكفر الآخر الفائز ويستبيح دمه، لاسيما وأن فرص المكسب والتعويض ستظل دائماً قائمة ومضمونة بحكم القواعد المنظمة للعبة. لكن ماذا لو كانت الرهانات أكبر، ولا توجد قواعد مُنظمة، وفرص التعويض ضعيفة أو منعدمة؟

في عالم السياسية والاجتماع والاقتصاد، لا توجد ملاعب ممهدة أصلاً لإقامة المباريات والمنافسات وتغيب قواعد اللعب النظيف. وفق القواعد الرياضية، إذا تعمد أحد اللاعبين الخشونة ضد لاعب من الفريق المنافس، سوف يُعرض نفسه لكي يُشهر ضده حكم المباراة بطاقة صفراء أو حمراء، أو حرمانه من اللعب لعدد معين من المباريات يتناسب مع حجم المخالفة، أو حتى إلغاء قيده من هذه الرياضة كلياً وحرمانه من المشاركة فيها للأبد. في عالم السياسة والاجتماع والاقتصاد، لا توجد قواعد واضحة تُنظم اللعب وتردع المخالفين. أكثر من ذلك، لا يوجد دوري. الفرصة إذا أتت، ستكون لمرة واحدة وقد لا تأتي ثانية أبداً. الفائز يفوز بكل شيء، والخاسر يخسر كل شيء ولن تأتي فرصة للتعويض. وهو ما يخلق دوراً آخر مغاير بالكلية للدور الذي يؤديه الله في نفوس أعضاء فريق كرة القدم. إذا كان الله في نفوس اللاعبين مجرد إله معنوي يستنهض الهمم ويواسى المكروبين، الله وسط الفرق الدينية المتنافسة على مصالح سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية له مغزى مختلف تماماً.

في غياب القواعد الموضوعية المنظمة للتنافس، تتحول وظيفة الله من مجرد الشحن والتحفيز المعنوي بغرض الانتصار دون مخالفة القواعد إلى كونه هو القواعد ذاتها. وحين يصبح الله هو ذاته مرادف القواعد الموضوعية التي يحتكم إليها المتنافسون فيما بينهم لتقرير ما هو الحق وما هو الباطل، تنشأ مزايدات بلا نهاية في ادعاءات الأطراف حول من منهم الأصدق امتثالاً وتمثيلاً لقواعد الحق. كل طرف يتصنع القُرب من الله، وفي الوقت نفسه يتهم الطرف الآخر بالهرطقة والزندقة والتجديف بحق الله. وكلما زادت حدة التنافس والصراع على المصالح السياسية والاجتماعية والاقتصادية بين الأطراف المنتمية لنفس الدين، زادت معها بالتوازي دعاوى كل منهم كونه الأقرب إلى الله والأصدق لتمثيله وسط المؤمنين به. هكذا يتحول الله من الوظيفة المعنوية الفردية مثلما في عالم الرياضة إلى أخرى وجودية جمعية. وجود جماعتنا بحد ذاته مُعلق بوجود الله؛ كذلك وجود الله ذاته مُعلق بوجود جماعتنا على وجه التحديد والحصر. نحن الإسلام. هزيمتنا هزيمة للإسلام، حتى لو كنا في تنافس أو صراع أو حرب مع جماعة مسلمة أخرى.

في غياب القواعد الموضوعية التي يُفترض أن تُنظم وتَحكم الاختلاف والتنافس الطبيعي والاعتيادي بين البشر، يضطر هؤلاء إلى الاستنجاد بأشرس غرائزهم الفطرية التي تضمن لهم النجاة والبقاء في عالم متقلب ومحفوف بالمخاطر. ويأتي استحضار قوة الآلهة في صفك في صدارة أقدم الوسائل وأكثرها تجريباً وفاعلية. هكذا ينزل الله من محراب الأماني والضمائر الفردية إلى الميدان الجمعي يتقدم الصفوف في نضال مقدس ضد المنافسين، حتى لو كانوا من نفس الدين.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جمهورية الجيش وحركة كفاية في يناير 25
- شرعية الحكم والأمر الواقع
- من خواص العقل العربي المعاصر- حماس عينة
- اللهُ في السياسة
- هيا بنا نَكْذب
- حقيقة الأجهزة السيادية في الدولة الوطنية
- لماذا نَظْلمُ النساء؟
- لَعَلَّنَا نفهم الخير والشر
- لا الشمسُ تَجري...ولا الليلُ يُسابق النهار
- الخير والشر، بين المطلق والنسبي
- نظرية العقد الاجتماعي 2
- نظرية العقد الاجتماعي
- إشكالية الشريعة والاجتهاد
- ماذا كَسَبَت العراق بعد صدام
- ديمقراطية دقلو
- نظام عربي من دون سوريا والعراق؟
- يا أنا يا بطاقة التموين
- الإرادة الفردية والسلطة في الثقافة العربية
- مفهوم القوة في العصر الحديث
- تشريح لمفهوم المقاومة في ثقافة العرب


المزيد.....




- حرس الثورة الاسلامية: الشبكة كانت مرتبطة بمجاميع ضد الثورة ب ...
- فيديو.. رئيس المخابرات التركية في الجامع الأموي
- حرس الثورة الاسلامية في مدينة قزوين يفكك شبكة معادية للثورة ...
- مصر.. قرار بشأن جماعة الإخوان المسلمين و15 عضوا فيها
- أبو مازن يفتتح المبنى الجديد لسفارة دولة فلسطين لدى الفاتيكا ...
- “خلي أطفالك يبسطوا” اضبط الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20 ...
- “يـا لـولـو فيه نـونـو الجديدة ” استقبل فورا تردد قناة طيور ...
- هالصيصان شو حلوين… تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على الأق ...
- يالــــولــو فيه نــونـو.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 ...
- بعد نحو 500 عام.. اكتشاف سر في لوحة مايكل أنجلو في كنيسة بال ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - اللهُ في النفسِ الفردية والجَمْعِية