أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعود سالم - بين العبثية والأديان














المزيد.....

بين العبثية والأديان


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7951 - 2024 / 4 / 18 - 12:15
المحور: الادب والفن
    


لقد تعود الإنسان على الحياة والنمو داخل هذه الحاضنة الزجاجية، ولا أحد له الحق أو القدرة على الخروج وإجتياز حواجز وحدود المكعب الإجتماعي الذي يحاصر البشرية في أغلب المجتمعات المعاصرة. تشرق الشمس من جهة الشرق، وتختفي في نهاية النهار من جهة الغرب، حيث يتناول المواطن عشائه المعتاد ويشاهد الأخبار ثم بعض المسلسلات الرخيصة ثم يتهاوي قبل منتصف الليل على سريره بعد أن يعدل المنبه على الساعة السادسة صباحا، حيث يبدأ يومه الجديد المماثل لليوم السابق، الدوش، الإفطار، أخذ الأطفال إلى المدرسة .. ثم المصنع أو الشركة أو الإدارة أو أي مكتب آخر، إما إذا كان بلا وظيفة وبلا مكتب فعليه يختلق مكتبا وعنوانا ووظيفة وأن يتظاهر بالذهاب إلى المكتب أو الورشة أو أي مكان آخر يبيع فيه طاقة عمله الجسدية أو الفكرية أو كلاهما. واللعبة تتواصل وعجلة الزمن تدور وتدور إلى ما لا نهاية. هذا السيناريو الرديء هو ما يسمى عادة بالحياة. غير أن هناك من يسمي هذه المسرحية بالحياة العبثية، نظرا لغياب المعنى وتفاهة فصول المسرحية بأكملها ورداءة الأداء والإخراج. ولكن الحقيقة تكمن في أن العبثية ليس إعتبار هذا المشهد الكوني برمته لا معنى له، وأنه ليس هناك أي شيء يمكن أن يبرر أي شيء وأن الكل هباء وغبار ووهم ضبابي سينتهي كفقاعة من الصابون، هذه النظرة المتشائمة لا يمكن نعتها بالعبث أو العبثية، لأنها نظرة واقعية وعقلانية لدرجة الموت. وربما يجب إعتبار العبثية في الرؤية المثالية المتداولة في عالمنا الموبوء، العبث الحقيقي هو تظاهر الإنسان بأن ضجيج العالم وزخم الحياة له معنى وهدف وغاية محددة ومعلومة، وأن كل ظاهرة كبيرة أو صغيرة، من الكواكب والمجرات إلى الذرات والإلكترونات والأجسام اللامرئية هي نتيجة خريطة دقيقة ونتيجة تخطيط مهندس إلهي متناهي بعد النظر وله هدف وغاية لخلق هذه المسرحية الرديئة. هذا هو ما يمكن تسميته بالعبث الأصلي والحقيقي، حيث يدفن الإنسان رأسه في الرمال ويغلق عقله بالمفتاح ثم يقرأ آية الكرسي أو البقرة أو الخروفن كلما واجهته أية عقبة أو موقف جديد لم يواجهه من قبل ويكرر بآلية مفزعة لا حول ولا قوة إلا بالله. العبث ليس غياب الهدف وإنما إختلاق أهداف وهمية وخيالية لتبرير هذا الغياب وبنائه وبناء هذه الشخصية المقدسة اللامتناهية القدرة، هذا المهندس والمخطط اللامرئي والغائب عن الأنظار. ذلك أنه بخصوص هذا المنطق العبثي، هدف الحياة ومعناها العميق قد يغيب عن أنظارنا ويتجاوز عقولنا المحدودة، ولكننا لا بد من الإعتراف والإيمان والتسليم ببديهية مقدسة وهي عدم وجود أي شيء في عالم الإنس أو الجن بالصدفة أو بدون سبب، لكل علة معلول والبعرة تدل على البعير ولا كائن بدون مكون. وفي نهاية الأمر حتى الصدفة والعرضية واللاضرورة هي ذاتها تخضع لبرنامج ومشيئة صاحبنا هناك في علوه الشاهق متدثرا بالسحب البيضاء، يراقب مخلوقاته البشرية التي تبدو كالنمل تحت قدميه ويستطيع في أي لحظة أن يسحقهم بأقدامه العملاقة. بطبيعة الحال، لن نعود لتحليل الأديان وفكرة الله والقوة اللامتناهية والعوالم الغيبية إلخ، وإنما نذكر بأن فكرة الله هي أضخم وأوضح فكرة عبثية خطرت على ذهن وعقل بشري، وأن الميثولوجيا الدينية والقصص والخرافات المنتشرة في ما يسمى بالكتب السماوية، يمكن إعتبارها من أكثر أنواع الأدب الخارق – أو الفانتاستيك – نجاحا وتشويقا. بل يمكن إعتبار قصص الطوفان وسفينة نوح وعصا موسى التي تشق البحر وتبتلع الأفاعي والبراق والإسراء والمعراج وأهل الكهف وبقية النصوص نوعا من أدب العبث وإرجاع هذا الإنتاج لأدب اللامعقول، لو لم تكن نصوصه ذات أسلوب ركيك ومكرر وتفتقد إلى الوميض والحرارة البشرية للآداب المعاصرة.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كينونة اللاشيء
- قصة النسخة - دوستوييفسكي
- الفلسفة واللغة
- فلسفة - الزمكان في اليابان
- فيكتور هوغو وطفل اليونان
- الكتابة عن الدم والأشلاء
- فلسفة الفراغ اليابانية
- الفكر المنغلق
- عن فلسفة النقل
- من بقايا أوراق السيد نون
- السؤال الذي يقتل
- الفلسفة بين الشرق والغرب
- التصوير أثناء الحرب
- الذي يكون والذي لا يكون
- الرصاصة ورقصة الغجرية
- أوليس وقوة الخداع
- أليس وأوليس
- عودة إلى ظاهرة الإرهاب
- الشعر وفلسفة التكوين
- الفكر والخيال واللغة


المزيد.....




- فيلم -العار- يفوز بالجائزة الكبرى في مهرجان موسكو السينمائي ...
- محكمة استئناف تؤيد أمرا للكشف عن نفقات مشاهدة الأفلام وتناول ...
- مصر.. الفنانة دينا الشربيني تحسم الجدل حول ارتباطها بالإعلام ...
- -مرّوكِية حارة-لهشام العسري في القاعات السينمائية المغربية ب ...
- أحزان أكبر مدينة عربية.. سردية تحولات -القاهرة المتنازع عليه ...
- سلطنة عمان تستضيف الدورة الـ15 لمهرجان المسرح العربي
- “لولو بتعيط الحرامي سرقها” .. تردد قناة وناسة الجديد لمشاهدة ...
- معرض -بث حي-.. لوحات فنية تجسد -كل أنواع الموت- في حرب إسرائ ...
- فرقة بريطانية تجعل المسرح منبرا للاجئين يتيح لهم التعبير عن ...
- أول حكم على ترامب في قضية -الممثلة الإباحية-


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعود سالم - بين العبثية والأديان