أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم عبدالله - التجريد اللغوي في قصيدة الشاعرة السوريّة: نوّار أحمد الشاطر- عراء التيه. بقلم: كريم عبدالله – العراق 31/3/2024














المزيد.....

التجريد اللغوي في قصيدة الشاعرة السوريّة: نوّار أحمد الشاطر- عراء التيه. بقلم: كريم عبدالله – العراق 31/3/2024


كريم عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 7933 - 2024 / 3 / 31 - 17:07
المحور: الادب والفن
    


التجريد اللغوي في قصيدة الشاعرة السوريّة: نوّار أحمد الشاطر- عراء التيه.
بقلم: كريم عبدالله – العراق 31/3/2024
يقول كاندنسكي : من بين جميع الفنون فأنّ التجريدية أصعبها , أنّها تتطلب أن تكون رساماً وعالي الحساسية والأدراك بالألوان والتراكيب وان تكون شاعراً حقيقياً , والشرط الأخير اساسي .
نحن نستخدم اللغة من اجل إيصال معنى معين وواضح ومفهوم الى المتلقي , فهي تعتبر ( اللغة ) أداة توصيلية , ولكننا في القصيدة التجريديّة نقوم بتجريدها من هذه الخاصية , لنقوم بشحنها بزخم شعوري عنيف, وإحساس عميق, وبطاقات تعبيريّة, وعمق فكري, والنفوذ في الوعي , ففيها لا نرى الشخوص والأشكال , فنحن لا نرى سوى المشاعر والأحاسيس المنقولة لنا عبر هذه اللغة , أنّها تبتعد كثيرا عن خاصيتها التوصيلية ومنطقيتها , أنّ اللغة هنا تكون أشبه ما يكون بالألوان التي تزيّن وتلوّن اللوحة , المقاطع النصّية هنا عبارة عن كتل شعورية حسّية , فكلما يزداد تجريد اللغة كلّما قلّت التوصيلية فيها , مما يؤدي الى حدوث التجريد التامّ , فتكون المفردة عبارة عن وحدة جمالية شعوريّة حسّية تتخلّى عن خاصية التوصيل المعرفي . التجريديّة هي الشعور العميق والنفوذ الى جوهر الأشياء .كما في هذا القطع النصّي:
صرير أبواب الذاكرة لا ينام أبداً ، عويل الدموع يفتك بمفاصل الصمت ،من الصعب جداً إقناع قلب يقتات على صوتك بأن يكف عن البكاء .
فهنا نلمس مقدرة الشاعرة على تجريد لغتها, وتجعلنا نستشعر بكتل حسّية ملوّنة المشاعر والأحاسيس المرهفة ابتداءً بصرير الأبواب إلى عويل الدموع في مفاصل الصمت, وإلى قلب عصي عليه أن يقتنع ويقتات على صوت الذات الأخرى , طلباً ورجاءً بأن يكفّ عن البكاء, نرى بوضوح مقدرة الشاعرة على النفوذ إلى جوهر الأشياء- المفردات بعدما نزعت عنها خاصيتها التوصيلية , وجعلتها قادرة على نقل المشاعر والأحاسيس .
وكما قلنا أنّ ما يميّز الكتابة التجريدية هو تقليلها الاعتماد على توصيلية الكلمات ومنطقيتها , أنّها تعتمد على ثقل الكلمات الشعوري وزخمها الإحساسي وطاقتها التعبيرية , أنّ اللغة التجريدية تصل الى المتلقي قبل ان تصل اليه المعاني , فيدرك المتلقي النظام الشعوري والإحساسي قبل التوصيلة , وكما في هذا المقطع النصّي الجميل:
سنام الشوق نما في عراء تيهي ، أشواقي مضت كعاشقة أظمأها الحب تلاحق صهيل سرابك في قوافل الحلم والأمل يتشربها حتى أخر قطرة وهم .
اضافة إلى الأنزياحات اللغوية في لغة الشاعرة , هناك نتلمس رذاذ لغتها التجريدية حين ينمو سنام الشوق في عراء التيه, والأشواق تمضي كعاشقة أظمأها العشق والهيام ,وتتركنا الشاعرة نلاحق قوافل لغتها الغضّة المشبعة بطاقة الحنين , مما يجعل المتلقي يقف حائراً متسائلاً: ما الذي تعنيه الشاعرة ؟! أنّ اللغة التجريدية تحتاج إلى متلقي حاذق يجيد قراءة هذه اللقاء , ويغور عميقاً بين مقاطعها النصيّة من أجل أن يعود محملاً بكمّ هائل من المشاعر الملوّنة والأحاسيس المرهفة.
أنّ اللغة تعتمد على نقل الإحساس والشعور , فتتجلّى هذه المشاعر والأحاسيس دون خاصيتها التوصيلية والمحاكاة والمعنى . أنّ المفردات في اللغة التجريدية لا تحكي عن معان , وإنما تحكي عن ثقل شعوري وعاطفي واحساسي , أنّها مفردات ملوّنة بالشعور وليس بالتوصيل , يجب على الشاعر التجريدي أن يدرك الأدراك القوي بالبُعد الإحساسي والشعوري للكلمات والمعاني , وان يقتنص اللحظة الشعورية العميقة والقويّة . لا يمكننا ان نتصور المفردات دون قصد او تعبير عن شيء ما , لذا اعتقد الكثير بأنّ الكتابة باللغة التجريدية هي كتابة هذيانية ورمزية مغلقة ودون معنى واضح , ربما هذا المعتقد صحيح الا أنّها ليست كذلك , كونها لغة تنطلق من العوالم العميقة والشعور العميق وهذا مهم جداً أن يظهر أثر ذلك في اللغة وتؤثّر في نفس المتلقي , وكما في هذا المقطع المدهش:
بعثرني الغياب…لم أعد إلا هشيم حياة تذروه رياح الآهات ،فلا واحة تحتضن تشتتي ولا مرجاً ترعى فيه خيول لهفتي السارحة على بساط الخيبة .
نلاحظ هنا أنّ اللغة لا يمكن أن تكون هذاءات أو طلاسم, أنما هي لغة مثقلة بالهمّ الإنساني, والتشظّي, والخيبة, هي عبارة عن كُتل من الهموم ,والتشتت , واللهفة, وكأننا أمام لوحة تعبّر بصدق عما في أعماق الذات الشاعرة , دون أن نلمس منها توصلية في المعاني.
الكتابة التجريدية لا تكون الاّ بلحظة شعورية عميقة وقوية وبإدراك إحساسي كبير للمعاني, وبتجلّي تلك اللحظة الشعورية ,وذلك الثقل الإحساسي في الكتابة , حيث يتجلّى الثقل الإحساسي للكلمات, وإيصال اللحظة الشعورية العميقة والقوية , ففي التجريدية تصبح الكلمات الواناً ,والعبارات لوحات ,والنصوص مهرجانات .
لم يعد في العمر متسع للأوجاع ، جراح الروح أدمت أوجه البواح ،سأستعيد نفسي منك ،وأطلق سراح قصائدي من سجن معانيك ،حكايتنا خنقها اليباب ،قلبي اليتيم سأكفل شجون أحزانه وأهدهدها في جنة النسيان .
وهكذا تشعّ اللغة التجريدية , وتبعث في روح المتلقي صوراً من الجمال تتلألأ مشرقة حين تنعتق القصيدة من سجن مفهومها التوصيلي, وتتخلّى عن خاصيتها التوصيلية على حساب نقل المشاعر والأحاسيس , صوراً ملوّنة برّاقة.
القصيدة:
عراء التيه
صرير أبواب الذاكرة لا ينام أبداً ، عويل الدموع يفتك بمفاصل الصمت ،من الصعب جداً إقناع قلب يقتات على صوتك بأن يكف عن البكاء .
سنام الشوق نما في عراء تيهي ، أشواقي مضت كعاشقة أظمأها الحب تلاحق صهيل سرابك في قوافل الحلم والأمل يتشربها حتى أخر قطرة وهم .
بعثرني الغياب…لم أعد إلا هشيم حياة تذروه رياح الآهات ،فلا واحة تحتضن تشتتي ولا مرجاً ترعى فيه خيول لهفتي السارحة على بساط الخيبة .
لم يعد في العمر متسع للأوجاع ، جراح الروح أدمت أوجه البواح ،سأستعيد نفسي منك ،وأطلق سراح قصائدي من سجن معانيك ،حكايتنا خنقها اليباب ،قلبي اليتيم سأكفل شجون أحزانه وأهدهدها في جنة النسيان .

نوّار أحمد الشاطر



#كريم_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قِبابكِ حصونَ بلا عبّاد
- التابو والرمز في قصيدة الشاعرة السورية : مريم مصطفى- نداء ها ...
- حلمٌ برائحة السِعْد*
- أفٍّ لكِ ولما تعملين
- جذوركِ العطشى أنضجتها أنفاس خيولي
- سيّدةُ الزهرةِ الحمراء
- حينَ قطفتُ شرفَ زهرتكِ الحمراء
- جمالية البناء الفني للصورة الأدبية في النص السردي التعبيري ل ...
- الادب كرسالة انسانية – قراءة في قصيدة– هل نحن من البشر؟! للش ...
- الزمنكان في رواية (مالم يقله سيزيف في مذكراته المجنونة) للكا ...
- الإدراك الحسّي النفسي في ديوان ( ضوء أسود ) للشاعرة المغربية ...
- العنصر الدرامي في رواية ما لم يقله سيزيف في مذكراته المجنونة ...
- سيّدةُ الأحلام السعيدة
- محاكمة الكاتب في (( ما لم يقله سيزيف في مذكراته المجنونة )) ...
- عسلٌ منبوذ المرارة
- سيّدةُ الليل الأنسيّة
- الكاتب كريم عبد الله بين النفحة الصوفية و شعرية الألم . بقلم ...
- صدر عن مؤسسة أبجد للترجمة والنشر والتوزيع في بغداد الكتاب ال ...
- سيّدةُ السوتيان الأحمر
- سولاف سيّدةُ التين


المزيد.....




- إلغاء حفل النجمة الروسية -السوبرانو- آنا نيتريبكو بسبب -مؤتم ...
- حضور وازن للتراث الموسيقي الإفريقي والعربي في مهرجان -كناوة- ...
- رواية -سماء القدس السابعة-.. المكان بوصفه حكايات متوالدة بلا ...
- فنانون إسرائيليون يرفضون جنون القتل في غزة
- “شاهد قبل أي حد أهم الأحداث المثيرة” من مسلسل طائر الرفراف ا ...
- تطهير المصطلحات.. في قاموس الشأن الفلسطيني!
- رحيل -الترجمان الثقافي-.. أبرز إصدارات الناشر السعودي يوسف ا ...
- “فرح عيالك ونزلها خليهم يزقططوا” .. تردد قناة طيور الجنة بيب ...
- إنتفاضة طلاب جامعات-أمريكا والعالم-تهدم الرواية الإسرائيلية ...
- في مهرجان بردية السينمائي.. تقدير من الفنانين للدعم الروسي ل ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم عبدالله - التجريد اللغوي في قصيدة الشاعرة السوريّة: نوّار أحمد الشاطر- عراء التيه. بقلم: كريم عبدالله – العراق 31/3/2024