أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داخل حسن جريو - التنشئة الأجنبية لأطفال دول الخليج العربية .. وأثرها في بلورة مفهوم الهوية الوطنية















المزيد.....

التنشئة الأجنبية لأطفال دول الخليج العربية .. وأثرها في بلورة مفهوم الهوية الوطنية


داخل حسن جريو
أكاديمي

(Dakhil Hassan Jerew)


الحوار المتمدن-العدد: 7921 - 2024 / 3 / 19 - 10:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تناولنا بدراسة سابقة بعنوان " هشاشة التركيبة السكانية الخليجية ..ومخاطرالتواجد الأجنبي "
منشورة في العدد 7907 بتاريخ 5/3/ 2024 بموقع الحوار المتمدن. وإستكمالا لهذا الموضوع الهام , نتناول الآن أثر التنشئة الأجنبية لأطفال دول الخليج في بلورة مفهوم الهوية الوطنية . ويقصد بالهوية الوطنية هنا : الصفات العامة التي يتميز بها أفراد الوطن الواحد التي تشكل بمجموعها عناصر المواطنة لتحديد الإنتماء الوطني الشامل الجامع لجميع مواطنيه , والتي تغرس عادة في نفوس الأطفال منذ نعومة أظافرهم , لتعزيز روح المواطنة السليمة وحب الوطن والذود عن كرامته . ويعد العيش المشترك في كنف وطن واحد , والثقافة والتراث والعادات والتقاليد والقيم الأخلاقية والسلوك الإجتماعي المتبادل , أهم عناصر الإنتماء الوطني .
وتلعب اللغة والعقيدة المشتركة والإنتماء القومي دورا مهما بتعزيز روح المواطنة في المجتمعات متعدة الثقافات والمعتقدات والأديان في أجواء المحبة والتسامح والرغبة بالعيش في كنف وطن واحد , ولكنها تلعب دورا دورا حاسما وأساسيا في مجتمعات اللون الواحد أي المجتمعات التي تتألف من قومية واحدة أو دين معين واحد . والمعروف أن دول الخليج العربي هي من نوع دول اللون الواحد , ذلك أن جميع مواطنيها عربا يتكلمون اللغة العربية بوصفها لغة الأم , ويدينون بالدين الإسلامي , وتجمعهم الرغبة في العيش المشترك في دولهم بدواعي ضمان أمنهم ورعاية مصالحهم , عبر إتفاقات عسكرية مع الولايات المتحدة الأمريكية التي منحتها حق إقامة قواعد عسكرية في أراضيها , وحرية إستخدام موانئها لتجوب أساطيلها البحرية في مياه الخليج العربي حسب مقتضيات مصالحها . فضلا عن إيداع معظم إيراداتها النفطية والغازية في المصارف الغربية بعامة والمصارف الأمريكية بخاصة . وباتت اللغة الإنكليزية لغة المال والتجارة والثقافة في جميع دول الخليج العربي .
شهدت دول الخليج العربي في وقت قصير , إزدهارا إقتصاديا باهرا غير مسبوق في تاريخها, بفضل ثرواتها الهائلة من مبيعات النفط والغاز , تفوق قدراتها البشرية على إدارتها وتوظيفها لتحقيق نهضتها , الأمر الذي إستلزم إستقدام قوى عاملة أجنبية ماهرة وشبه ماهرة من بلدان شبه القارة الهندية ودول جنوب شرقي آسيا , لرخص أجورها من جهة , وقدرتها على التكييف مع ظروف ومعيشة دول الخليج العربي من جهة أخرى , فضلا عن توافقها مع مصاالح الدول الغربية التي لا ترى بوجودها تهديدا لمصالحها من جهة أخرى . فاقت أعداد هذه القوى العاملة أعداد مواطني دول الخليج العربي أضعافا مضاعفة , وباتت تهيمن على جميع الحرف المهنية من حدادة وسمكرة ونجارة وخياطة وبناء وإنشاءات وأعمال كهربائية وميكانيكية وزراعية وشق طرق وغيرها , حيث أصبحت جميعها حكرا عليها ولا تجد مواطنا يمارسها لتدني قيمتها الإجتماعية من وجهة نظرهم المتخلفة , بينما يفترض أن ينظر إليها من قبل راسمي السياسات ومتخذي القرارات من منظور أمن وطني , إذ لا يصح أبدا الإعتماد كليا على قوى أجنبية مهما دعت الحاجة لذلك . كما نجم عن تزايد أعداد القوى العاملة الأجنبية , مشكلات إجتماعية أبرزها أن معظمهم من الفئة العمرية الشبابية العازبة ( رجالا ونساءا ) , الذين يعيشون في بيوت سكنية متواضعة ومكتضة, لكي يوفروا أكبر قدر من المال لتحويله إلى أسرهم في بلدانهم , الأمر الذي أدى بدوره إلى تصاعد تعاطي المخدرات وتفشي الرذيلة والسرقة في المجتمع .
وبالعودة إلى صلب موضوع دراستنا هذه , نقول أدى الإزدهار المالي الخليجي أدى إلى تنامي ظاهرة إستخدام معظم العائلات الخليجية إن لم يكن جميعها إلى إستقدام عاملات أجنبيات من دول شبه القارة الهندية ودول جنوب شرقي آسيا , لإدارة منازلهن من طبخ وتنظيف وغسل ملابس وتربية أطفالهن , حيث إنصرف النساء المواطنات ممن نالن قسطا ولو يسيرا من التعليم في بعض الوظائف الكتابية في الدوائر الحكومبة ,حتى وإن لم تكن لمعظمهن حاجة حقيقية لخدماتهن , أي بطالة مقنعة لوجاهة وظيفية زائفة . أي ترك هؤلاء الأطفال تحت رعاية عاملات أجنبيات غالبيتهن غيرمتعلمات بما يؤهلهن لرعاية الأطفال وتربيتهم .
وقد تناقلت وسائل الأنباء أكثر من مرة سوء معاملتهن لبعض هؤلاء الأطفال , إنتقاما من سوء معاملة ذويهم لهن , كما تناقلت وسائل الأنباء أيضا الإستغلال الجنسي لهن من قبل الأباء أو ألأبناء الكبار في العائلة . وفي جميع الأحوال أن هؤلاء العاملات ليس لهن معرفة كافية بعادات وقيم وأخلاقيات وأعراف المجتمعات الخليجية, ولا يجدن لغة التخاطب باللغة العربية , ويتحدثن بلغة إنكليزية ركيكة , ولا يشعرن بالأمان حيث يتم إستقدامهن عن طريق مكاتب توظيف خاصة , بصيغة ما يعرف بالوكيل الضامن لوجودهن لخدمة المنازل بعد سحب جوازهن وإيداعه لدى مكتب التوظيف لضمان عدم سفر أي منهن خارج البلد دون علمه وموافقته .
وتزداد تربية الأطفال نعقيدا أكثر في دول الخليج العربي في ضوء تزايد الرغبة لدى العوائل الخليجية الميسورة , بالإنخراط في المدارس الأجنبية ألأمريكية والبريطانية على وجه الخصوص , التي مناهجها وأساليب تدريسها جميعها باللغة الإنكليزية , وبعدها الإلتحاق بجامعات أمريكية أو بريطانية في دول الخليج العربي أو في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وكندا وأستراليا ودول أوربية عديدة . ويذكر أن هناك أكثر من جامعة أمريكية وبريطانية وفرنسية والمانية وأسترالية في أكثر من دولة خليجية . فلا عجب أن ترى سكان الخليج بات الكثير منهم يتحدث اللغة الإنكليزية بطلاقة , ويتباهى بثقافته الأنكلو سكسونية , بعد أن كان بالأمس يتباهى بأصوله العربية الضاربة في أعماق التاريخ .
ومن هنا يمكننا أن نفهم سر الإندفاع الخليجي نحو إسرائيل ومشروع التطبيع الصهيوني الخليجي الذي تروج له الولايات المتحدة الأمريكية , وترددها بإدانة ما يحصل في غزة من فضائع ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين جهارا نهارا , وتوجيه اللوم للمقاومة الفلسطينية بدلا من ذلك , بوصف موقفها هذا , موقفا متحضرا يتماشى مع موقف الدول الغربية الأكثر تحضرا في العالم كما عشش ذلك في عقولهم . وليس بعيدا عن الأذهان موقفها الداعم وتحالفها مع الولايات المتحدة لغزو العراق وتدميره عام 2003 .
ولكي تصحح دول الخليج العربي مسيرة تنشئة أطفالها بثقافات وافدة لا تمت بصلة لأرث بلدانها الحضاري المتراكم لديها عبر العصور ,وذلك عبر مزاوجة واعية بين الماضي والحاضر في إطار تلاقح الحضارات والثقافات الإنسانية من مختاف منابعها دون تعصب أو إنغلاق , ودون إنبهار أو إنبطاح أمام أي منها , من منطلق الثقة بالنفس والتخلص من مركب الشعور بالنقص أزاء الآخرين. عندها يمكن أن تنهض دول الخليج العربي وتزدهر إزدهارا حقيقيا مستداما في مأمن من عوادي الزمن وغدر الغادرين , والله المستعان .



#داخل_حسن_جريو (هاشتاغ)       Dakhil_Hassan_Jerew#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هشاشة التركيبة السكانية الخليجية ..ومخاطرالتواجد الأجنبي
- الشعوبية تبعث من جديد
- الحقوق تنتزع ولا تعطى
- شيطنة المقاومة الفلسطينية ... لمصلحة من ؟
- القضية الفلسطينية ... قراءة واقعية
- صفقة القرن ... تهجير سكان غزة
- أحزاب سياسية أم إقطاعيات عائلية ؟
- تحية إجلال وإكبار للشعب الفلسطيني
- أمراض سياسية عربية مزمنة .. لكنها ليست مستعصية
- يا للعار ...أنهم يتراقصون على أشلاء الشهداء
- غزة تستصرخ ضمائركم
- الحق الفلسطيني ثابت لن يسقط بالتقادم أبدا
- القضية الفلسطينية ... قراءة تأريخية موضوعية
- الوظيفة الحكومية ... تسلط أم خدمة
- حديث عراقي في الحسب والنسب العشائري
- سكان جنوب العراق... ملح حضاراته وزادها
- آه يا وطن ... كم سفكت بإسمك دماء ؟
- البحوث العلمية ... مفتاح التنمية المستدامة
- مشروع الدولة الكردية ... بين الواقعية والمأمول
- عبد الكريم قاسم في الميزان


المزيد.....




- منهم آل الشيخ والفوزان.. بيان موقّع حول حكم أداء الحج لمن لم ...
- عربيا.. من أي الدول تقدّم أكثر طالبي الهجرة إلى أمريكا بـ202 ...
- كيف قلبت الحراكات الطلابية موازين سياسات الدول عبر التاريخ؟ ...
- رفح ... لماذا ينزعج الجميع من تقارير اجتياح المدينة الحدودية ...
- تضرر ناقلة نفط إثر هجوم شنّه الحوثيون عليها في البحر الأحمر ...
- -حزب الله- اللبناني يعلن مقتل أحد عناصره
- معمر أمريكي يبوح بأسرار العمر الطويل
- مقتل مدني بقصف إسرائيلي على بلدة جنوبي لبنان (فيديو+صور)
- صحيفة ألمانية تكشف سبب فشل مفاوضات السلام بين روسيا وأوكراني ...
- ما عجز عنه البشر فعله الذكاء الاصطناعي.. العثور على قبر أفلا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داخل حسن جريو - التنشئة الأجنبية لأطفال دول الخليج العربية .. وأثرها في بلورة مفهوم الهوية الوطنية