أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داخل حسن جريو - سكان جنوب العراق... ملح حضاراته وزادها















المزيد.....

سكان جنوب العراق... ملح حضاراته وزادها


داخل حسن جريو
أكاديمي

(Dakhil Hassan Jerew)


الحوار المتمدن-العدد: 7742 - 2023 / 9 / 22 - 06:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تنصف يوما حكومات العراق المتعاقبة منذ تأسيس دولة العراق الحديث عام 1921 وحتى يومنا هذا , سكان جنوب العراق , تحت ذرائع واهية وتبريرات سخيفة شتى , إذ ما زال معظمهم يكابد الأمرين من أجل لقمة العيش , يعانون من شتى أنواع القهر والحرمان والعوز والتهميش والتجهيل والأمية ونقص الخدمات , حيث تصنف محافظاتهم بحسب آخر الإستطلاعات الحكومية بأنها الأفقر بين محافظات العراق كافة . وألأسوء من كل ذلك ما يردده بعض من يحسبون أنفسهم في عداد المثقفين العرب وجهابذة رجال الفكر العربي من حملة الجنسية العراقية بمناسبة أو بدونها , فرية مفادة أن سكان جنوب العراق ليسوا عراقيين , إنما يصفونهم " بالمعدان " الذين جاء بهم المحتل البريطاني من الهند لتوطينهم في العراق عند دخول قواته العراق عام 1917 , كما يلصق بهم هؤلاء ألأدعياء صفة التخلف دون سواهم من العراقيين , وكأن الآخرين كانوا يومذاك في قمة التقدم , بينما يعرف القاصي والداني أن غالبية العراقيين كانوا أمييون لا يجيدون القراءة والكتابة إطلاقا . ولم يكتفوا بذلك بل راحوا يشككون بوطنيتهم وإنتمائهم الصادق للعراق ,وعدم أحقيتهم بجنسيتهم العراقية وقوميتهم العربية .
وهذا يستلزم منا توضيح حقائق التاريخ والجغرافية للمغفلين منهم أو ذوي النوايا السيئة ممن تحركهم نوازعهم المريضة واحقادهم الدفينة , لكل من لا يساير أفكارهم المريضة وحب التسلط وتسخير الآخرين ,لخدمتهم عبيدا أرقاء لا حول ولا قوة لهم , وليسوا شركاء يتقاسمون معهم الحياة بحلوها ومرها في كنف وطن واحد أسيادا في بلادهم, بصرف النظر عن أثنياتهم ومعتقداتهم يجمعهم حب العراق . وهنا نقول أن من يصفهم هؤلاء بالمعدان الغرباء عن العراق , هم في حقيقة الأمر أقدم سكان العراق على الإطلاق وبناة حضاراته العتيدة , ففي جنوب العراق قامت أقدم الحضارات الإنسانية يوم كان العالم بأسره يغط في ظلام دامس . قامت في هذا الجنوب حضارات سومر وأكد وبابل في العصر القديم , كما تدل على ذلك الشواخص التاريخية في بابل ونفر والوركاء وأور .قامت ممالك عربية في جنوب العراق هي : مملكة ميسان وهي مملكة عربية قديمة، نشأت في جنوب العراق في القرن الثاني قبل الميلاد، وذلك بعد تفكك إمبراطورية الاسكندر المقدوني. كانت عاصمتها خاراكس, ومملكة المناذرة التي كانت من أقوى ممالك العراق العربية قبل الإسلام فكانت هذه المملكة هي امتداد للممالك العربية العراقية التي سبقتها مثل مملكة ميسان ومملكة الحضر. كانت مدينة الحيرة عاصمة مملكة المناذرة .
تلتها الحضارة العربية الإسلامية, بتمصير مدينتي البصرة والكوفة .بنيت البصرة كأول مدينة إسلامية خارج الجزيرة العربية، وتم التخطيط لها لتكون واحدة من أكبر، وأشهر مدن العراق، وكانت تدعى «قبة الإسلام»، ومستقر المسلمين بالعراق، بناها عتبة بن غزوان سنة (14 ) للهجرة . اسهمت البصرة بشكل فاعل في اغناء وتطوير الثقافة العربية اذ كانت مركز اشعاع فكري انار ارجاء العالم الاسلامي وليس ببعيد عن الاذهان ذلك الدور الذي لعبه (مربدها) الذي كان يجمع فحول الشعراء والادباء وجامعها الكبير الذي كان افخم مدرسة علمية في عهد الامويين وصدر الخلافة العباسية فضلا عن ذلك ففي هذه المدينة وضع ابو الاسود الدؤلي قواعد النحو العربي والف الفراهيدي اول معجم في العربية ونبغ فيها علماء افذاذ من امثال سيبويه وابن دريد والمبرد والحريري والحسن ابن الهيثم واخوان الصفا وكان من مظاهر النشاط الثقافي والفكري الواسع ما ضمه مسجدها من مساجلات اسهم فيها ائمة في مختلف العلوم والمعارف الانسانية . قدمت البصرة خلال تاريخ العراق الحديث اسهامات فكرية وثقافية عن طريق شعراء وعلماء امدوا العراق بعطائهم الخصب وحسبنا ان نذكر هنا شاعرها الكبير بدر شاكر السياب وما قدمه للشعر العربي من روائع فنية عالية وان يكون احد شعراء العربية المبيرزين .
وبنيت مدينة الكوفة كثاني مدينة إسلامية خارج الجزيرة العربية عام ( 17) للهجرة إبّان نهضة الإسلام الكبرى، حين كان المسلمون ينطلقون إلى الفتوحات، ، بعد انتصار المسلمين في معارك القادسية والمدائن وجلولاء، فاختاروها لتكون قاعدة ومقرّاً للقيادة . أصبحت الكوفة عاصمة للدولة الإسلامية في زمن خلافة الإمام هلي بن أبي طالب ( ع) , وقامت في الكوفة – منذ ذلك الحين – مدرسة في علوم اللغة، وكان لأهل الكوفة عبر عصور التاريخ باع طويل في الفقه، وفيها أمر الإمام عليّ أبا الأسود الدؤلي بوضع قواعد النحو، كما برع من أهلها جابر بن حيان في الكيمياء، وفي الكوفة ولد أعظم شعراء العرب قاطبة , ابو الطيب المتنبي الذي ذاع صيته في كل مكان .وأختيرت الكوفة ثانية لتكون أول عاصمة للخلافة العباسية قبل تأسيس مدينة بغداد .
وفي عصرنا الحديث أسهم أبناء الجنوب بنهضة العراق وبناء كيان دولته بعد تحرره من ربقة الإحتلال العثماني البغيض الذي دام قرونا طويلة ومن الإحتلال البريطاني الذي أعقبه , بفضل تضحيات أبناء الجنوب في ثورة العشرين التي قادها أبن الجنوب الشيخ شعلان أبو الجون في مدينة الرميثة . كان أبناء الجنوب وقود الثورة, ولكن كان ريعها وقطاف ثمارها من نصيب الآخرين , فما زالت مدن الجنوب الأكثر فقرا وحرمانا من جميع الخدمات بين مدن العراق حتى يومنا هذا , ولا عجب أن يتنمر عليهم الآخرون أحفاد من حصد ثمار ثورتهم . برز من أبناء الجنوب شعراء وعلماء وأدباء ومفكرون بارزون , نشير هنا إلى البعض منهم , الشاعر الكبير محمد الجواهري شاعر العرب الأكبر والشاعر أحمد الصافي النجفي مترجم رباعيات الخيام والشاعر الوزير محمد رضا الشبيبي مؤسس المجمع العلمي العراقي , ورائد الشعر الحر بدر شاكر السياب ,وشاعر القرنين عبد الرزاق عبد الواحد والشاعرة المبدعة لميعة عباس عمارة , ورائد القصة الأول في العراق جعفر الخليلي , ومبدع الأدب الروائي القصير محمد خضير وغيرهم الكثيرون , وتطول القائمة أكثر في مجالات الفنون والمسرح والموسيقى والرياضة التي تكاد تكون حكرا على أبناء الجنوب . وأبدع أبناء الجنوب في العلوم والطب والهندسة على الرغم من عدم تكافؤ الفرص المتاحة لهم لولوج هذه المعارف , يكفي أن نشير هنا إلى أن أول رئيس لجامعة بغداد في العهد الجمهوري كان من محافظة ميسان هو الدكتور عبد الجبار عبد الله , وعالم الفلك المعروف عبد العظيم السبتي وغيرهم الكثيرون من علماء وأطباء ومهندسون ومفكرون في شتى صنوف المعرفة يضيق هنا المجال لذكرأسمائهم .
ونشأت في الجنوب معظم الحركات الثورية اليسارية منها والقومية والإسلامية في محافظات ذي قار والبصرة والنجف على وجه التحديد , بحكم محرومية سكانها وشعورهم بالغبن والتعسف وعدم المبالاة من الحكومات المتعاقبة حتى يومنا هذا . الم ينصفوا أبدا . أما آن الآوان لينصف أبناء الجنوب مصدر خيرات العراق , لا أن يكون حالهم حال البعير يحمل ذهبا ويأكل عاقولا , وفوق هذا وذاك يتنمر عليهم المتنمرون بأقبح الأوصاف ويتهمونهم ظلما بالتخلف . والغريب أن من يشككون بعراقية أهل الجنوب , يدعون أنهم عربا وهنا نسأل هؤلاء المستعربين كيف يكون العراق بلدا عربيا إن لم يكن سكان جنوبه عراقيون وهم جلّهم عربا أقحاحا . ويحدونا الأمل أن تتخلص النفوس من أدران الحقد والكراهية , وتتصافى على حب العراق وطنا آمنا لكل العراقيين بصرف النظر عن أصولهم وفصولهم , ينعمون بخيراته ويسهمون ببنائه وإعلاء صرحه .



#داخل_حسن_جريو (هاشتاغ)       Dakhil_Hassan_Jerew#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آه يا وطن ... كم سفكت بإسمك دماء ؟
- البحوث العلمية ... مفتاح التنمية المستدامة
- مشروع الدولة الكردية ... بين الواقعية والمأمول
- عبد الكريم قاسم في الميزان
- العلاقات العراقية الكويتية... قراءة تأريخية
- العلاقات الدولية في عالم متغير
- ضحايا الإرهاب الدولي ... جردة حساب
- إستحداث مجلس العلوم والتكنولوجيا ... ضرورة وطنية
- المجمع العلمي العراقي ... وقفة مراجعة وتقويم
- أحزاب سياسية بنكهة دينية
- الجاليات المسلمة المغتربة ...وتصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا
- الجاليات العربية المغتربة ... وموجة التحولات الإجتماعية الجد ...
- العراق سوء طالع ..أم سوء إدارة
- العراق ... لمحة تاريخية إستذكارية
- المصالحات العربية ... صحوة وعي أم إستراحة مقاتل ؟
- التعليم العالي وبناء مهارات العمل
- بعض مساعي تطوير قطاع التعليم العالي ... بين الواقع والمأمول
- إستقلالية الجامعات بين الوهم والحقيقة
- بعض خصائص العراق الفريدة
- تنويع مصادر الدخل القومي والناتج المحلي .... ضرورة وطنية


المزيد.....




- السعودية.. إدانة تركي الدخيل ومستثمرين بـ-مخالفة نظام السوق ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن قصفه بنية تحتية عسكرية لـ-حزب الله- بج ...
- باكستان تسلم النرويج إسلاميا يُشتبه في تورطه بهجوم استهدف مه ...
- ما أسباب الفيضانات في الخليج؟ وهل لها علاقة في التغير المناخ ...
- شاهد: حجاج أرثوذكس يحيون يوم الجمعة العظيمة في القدس المحتلة ...
- الخارجية الروسية تفند الاتهامات المتعلقة بتورط موسكو في تفجي ...
- مكتب الإعلام الحكومي بغزة ينشر تحديثا لحصيلة الحرب: 3070 مجز ...
- كمبيوتر عملاق يتنبأ بـ-ضربة ثلاثية- تؤدي إلى انقراض البشرية ...
- التلفزيون المصري يكشف حقيقة إطلاق أول مذيعة بالذكاء الاصطناع ...
- الخارجية الروسية: رد الفعل الأمريكي على الاحتجاجات المؤيدة ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داخل حسن جريو - سكان جنوب العراق... ملح حضاراته وزادها