أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داخل حسن جريو - أمراض سياسية عربية مزمنة .. لكنها ليست مستعصية















المزيد.....

أمراض سياسية عربية مزمنة .. لكنها ليست مستعصية


داخل حسن جريو
أكاديمي

(Dakhil Hassan Jerew)


الحوار المتمدن-العدد: 7802 - 2023 / 11 / 21 - 07:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تمتاز نظم الحكم السياسية في البلدان العربية , بأنها نظم حكم شمولية إستبدادية يترأسها , إما ملوك ثيوقراطيين أحاطوا أنفسهم بهالة من القدسية ودعاوى الحسب والنسب العائلي المرتبط ببيت النبي محمد ( ص ) , حيث بات يخاطبهم البعض بسيدنا ومولانا وبأمير المؤمنين , وهم أبعد ما يكونوا عن تعاليم ومبادئ الدين الإسلامي , أو أمراء وشيوخ قبائل متنفذة , أو قادة عسكرين مغامرين إستلموا مقاليد السلطة عبر إنقلابات عسكرية تحت شعارات ثورية براقة ووعود كاذبة بالحرية والعدالة الإجتماعية والديمقراطية وحقوق الإنسان . وأيا كانت صفة هؤلاء الحكام فأنهم جميعا كانوا حكاما مستبدين ,لا يقيمون وزنا لشعوبهم التي ما عليها سوى تقديم فروض الطاعة لهؤلاء الحكام , والتسبيح بحمدهم والدعاء لهم بطول العمر, لينعموا هم وعوائلهم بخيرات بلدانهم . أدار هؤلاء الحكام بلدانهم بطريقة بدائية لا تختلف عن إدارة مشايخ القبائل والعشائر في قراهم وعشائرهم ,حيث لهم وحدهم الكلمة الفصل وحرية التصرف بشؤونها , وما على الإخرين إلاّ السمع والطاعة وتنفيذ الأوامر .
أحاط هؤلاء الحكام أنفسهم بثلة من الأعوان الطامعين بتولي المناصب الرفيعة في الدولة والإستفادة من مغانمها , وبجوقة من الإعلاميين والمزمرين والطبالين لتلميع صورتهم , والحديث عن إنجازاتهم العظيمة بمناسبة وبدونها , فضلا عن حفنة من رجال الدين الذين يحللون ويحرمون بحسب مزاج حكامهم , ويحرمون خروج الناس عن إرادة ذوي الأمرأي الحكام .
لم تعرف البلدان العربية الديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة , سوى مرات قليلة في بعضها ولفترة قصيرة لإمتصاص حالة الغليان والغضب الشعبي العارم في بعض الأحيان , على الرغم من أن هذه النظم تعد من أقدم النظم السياسية في دول ما يعرف بدول العالم الثالث , حيث أن معظمها كانت دولا مستقلة منذ مطلع القرن العشرين , بينما لم تنل دول كثيرة إستقلالها إلاّ في وقت متأخر عن ذلك كثيرا , فالهند مثلا لم تنل إستقلالها إلاّ في العام 1947 , وأندونيسيا في العام 1945 وماليزيا في العام 1971, ودول أخرى كثيرة بعد هذا التاريخ , بينما كان العراق عضوا في عصبة الأمم منذ العام 1932 وعضوا مؤسسا لهيئة الأمم المتحدة عام 1945 . قطعت هذه الدول شوطا مهما في مضمار التقدم العلمي والإقتصادي وأصبحت دولا ذات شأن في المحافل الدولية بفضل سياسات حكوماتها الرشيدة , بينما تتقهر البلدان العربية أكثر فأكثر وكأنها دمى فارغة تتلاعب بها الدول الكبرى ومصالحها الدولية بسبب سياساتها العبثية وعدم إرتقائها لروح العصر , وقصر فهمها للمتغيرات الدولية وتقوقعا في دهاليز تاريخ مضى , وعدم إمتلاكها رؤية مستقبلية بالإستفادة من معطيات العلوم ومبتكرات التكنولوجيا الحديثة وتوظيف قدراتها الإقتصادية لتتماشى مع متطلبات الحاضر وتلبية آفاق المستقبل . وتنطلي عليها ألاعيب الدول الأخرى التي تغلب مصالحها دون شك , حيث ثير الشك والريبة بين الدول العربية بهدف جرها إلى صراعات عبثية جانبية ودفعها إلى شراء أسلحة ومعدات عسكرية . ولا عجب أن تتصدر البلدان العربية قائمة دول العالم بشراء الأسلحة . والمفارقة هنا أن الأمن القومي العربي, يعد الأمن الأكثر هشاشة في العالم على الرغم من مشتريات الأسلحة هذه , وإستضافة بعضها لأكبر القواعد العسكرية الأمريكية عدة وعتادا خارج الولايات المتحدة الأمريكية , ومنها إنطلقت وتنطلق الجيوش الأمريكية لغزو البلدان العربية ودول العالم الأخرى في حروبها العدوانية والتي لا ناقة فيها للدول العربية ولا جمل, بل أن معظم ضحاياه كانت دول عربية .
فهل يا ترى تعاني البلدان العربية من أمراض سياسية مزمنة لا تمكنها من الإفلات من قبضة التخلف والفساد والإستبداد وكأنه قدر بات محكوما على شعوبها . والمضحك المبكي أن الكثيرين ممن يصفون بالمفكرين السياسيين يبررون عجزهم وعجز نظم بلدانهم السياسية وأحزابها , بنظرية عداء الدول الغربية ودول أمريكا الشمالية , لبلدانهم من منطلق صراع الحضارات وتخوفهم من نهوض المارد العربي الإسلامي , والعمل بكل الوسائل لكبح هذا النهوض قبل أن ينطلق ووأده في عقر داره , بإلهائه بفتن وصراعات جانبية لشق وحدته وتفتيت نسيجه كي لا تقوم له قائمة . ونحن هنا لا ننكر صراع الحضارات بين الأمم , لكننا نعتقد أن هذا الصراع قائم منذ الأزل وسيستمر وتتبدل أشكاله وألوانه بحسب تبدل الحضارات . فبألامس كان الصراع بين الحضارات الفارسية والرومانية والإسلامية وغيرها , رافقته حروب دامية. أما اليوم فيمكننا القول أن ألصراع بين الحضارة الغربية والحضارات الإسيوية المتمثلة بالدرجة الأساس بالحضارة الصينية والحضارة الهندية والحضارة الإسلامية . والسؤال هنا كيف إستطاعت كل من الصين والهند ترويض هذا الصراع لمصلحة بلدانها دون التفريط بمصالحها , لتقف كل منهما عزيزة شامخة على قدم المساواة مع كبار الدول الغربية التي إستعمرتها ونهبت ثرواتها قرون طويلة . ألا ينبغي أن يكون ذلك درسا بليغا لمن يعلقون فشلهم على فزاعة صراع الحضارات , فصراع الحضارات صراع أبدي باق بقاء الزمن .
قلنا أن النظم السياسية العربية مصابة بأمراض مزمنة , ولكنها بالتأكيد ليست أمراضا مستعصية غير قابلة للشفاء , أي بألإمكان معالجتها والتخلص منها لو بذلت جهودا حقيقية لتشخيصها . وهي أمراض باتت معالمها واضحة للعيان يدركها القاصي والداني , متمثلة أولا وقبل كل شيئ الإستهانة بالمواطن وعدم إحترامه وهدر كرامته وحرمانه من حقه بالتعبير عن إرادته وسلب آدميته , وعدم تأمين حقه بالتعليم والعيش الكريم في وطنه , ومعاملته كبيدق يحركونه كيفما يشاؤون في صراعات عبثية , ولا يعرف عن وطنه اكثر من كونه جندي يساق في حروب لا ناقة له فيها ولا جمل . وهذا يتطلب أن يدرك الجميع وبخاصة ممن يتولون زمام السلطة أن الناس جميعا سواسية في الحقوق والواجبات , وأن لا أحد فوق القانون وأن أكرمكم أتقاكم , وأن السلطة لن تدوم فلو أنها دامت لغيرك لما آلت إليك . ولعل الإستئثار بالسلطة وكأنها أرث عائلي , أو النرجسية السياسية المفرطة بقدرات البعض ممن يتولون زمام السلطة بطريقة أو بأخرى ,التي يعتقدون أنها قدرات خارقة وأنهم وحدهم ولا أحد سواهم قادر على النهوض ببلدانهم من قادة أو أحزاب سياسية ,لدرجة تخوين من يعارض سياساتهم تلميحا أو تصريحا , إنما تمثل أخطر هذه الأمراض المزمنة التي أصيب بها النظام السياسي العربي ,وما نجم عنها من مآسي ونكبات لحقت بهذه البلدان ما زالت شعوبها تئن منها حتى يومنا هذا . فلم شمل الشعب وتوحيد قواه السياسية على كلمة حق سواء , كل حسب طاقاته وقدراته في ظل حكم رشيد بعيدا عن المجسوبية والمنسوبية, بوضع الشخص المناسب في المكان المناسب والوقت المناسب , والكف عن تعظيم الأشخاص المفرط مهما عظمت قدراتهم . وينبغي على قادة الأحزاب والقوى السياسية الكف عن إلقاء اللوم عن فشل سياساتهم ,على الآخرين في سياق نظرية المؤامرة التي يبررون من خلالها فشلهم في كل شاردة وواردة .وبذلك يمكن أن تتخلص هذه البلدان من أمراضها المزمنة . شافاها الله في القريب العاجل .



#داخل_حسن_جريو (هاشتاغ)       Dakhil_Hassan_Jerew#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا للعار ...أنهم يتراقصون على أشلاء الشهداء
- غزة تستصرخ ضمائركم
- الحق الفلسطيني ثابت لن يسقط بالتقادم أبدا
- القضية الفلسطينية ... قراءة تأريخية موضوعية
- الوظيفة الحكومية ... تسلط أم خدمة
- حديث عراقي في الحسب والنسب العشائري
- سكان جنوب العراق... ملح حضاراته وزادها
- آه يا وطن ... كم سفكت بإسمك دماء ؟
- البحوث العلمية ... مفتاح التنمية المستدامة
- مشروع الدولة الكردية ... بين الواقعية والمأمول
- عبد الكريم قاسم في الميزان
- العلاقات العراقية الكويتية... قراءة تأريخية
- العلاقات الدولية في عالم متغير
- ضحايا الإرهاب الدولي ... جردة حساب
- إستحداث مجلس العلوم والتكنولوجيا ... ضرورة وطنية
- المجمع العلمي العراقي ... وقفة مراجعة وتقويم
- أحزاب سياسية بنكهة دينية
- الجاليات المسلمة المغتربة ...وتصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا
- الجاليات العربية المغتربة ... وموجة التحولات الإجتماعية الجد ...
- العراق سوء طالع ..أم سوء إدارة


المزيد.....




- مصر.. ماذا نعلم عن إبراهيم العرجاني بعد تعيينه رئيسا لاتحاد ...
- واشنطن وطوكيو تخصصان 3 مليارات دولار لتطوير صاروخ جديد يعترض ...
- هل ما يزال مكيافيلي ملهما بالنسبة للسياسيين؟
- سيناتور أمريكي ينتقد تصرفات إسرائيل في غزة ويحذرها من تقويض ...
- خطأ شائع في تنظيف الأسنان يؤدي إلى اصفرارها
- دراسة: ميكروبات أمعاء الأب تؤثر على نسله مستقبلا
- بعد 50 عاما من الغموض.. حل لغز ظهور ثقوب بحجم سويسرا في جليد ...
- خبراء: هناك ما يكفي من الماء في فوهات القمر القطبية لدعم الر ...
- الضغط على بايدن لمخاطبة الأمة إثراندلاع العنف في الجامعات
- السلطات الإسرائيلية تؤكد مقتل أحد الرهائن في غزة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داخل حسن جريو - أمراض سياسية عربية مزمنة .. لكنها ليست مستعصية