أحمد إدريس
الحوار المتمدن-العدد: 7917 - 2024 / 3 / 15 - 09:51
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
https://www.youtube.com/watch?v=GX22AqpsgVk
لا أعرف صاحب الفيديو و لكني أحسبه من الجزائر. لستُ أدري سبب اختياره هذا العنوان المُثير و اللافت : "يا مهدي يا منتظر أفتِنا باركك الرب في كلمة الكافر". هذه الكلمة التي، كما يقول في بداية حديثه، أرهقتنا كثيراً… قد ينتحر مشايخنا و مُتطرِّفونا الذين يُطْلقون على جُل سكان العالم هذه الصفة، لو أُصيبوا بمرض عُضوي يمنعهم من التلذُّذ بالتلفُّظ بمِلْء أشداقِهم بهذه الكلمة : لأنها الساطور الذي به يقتلون مادياً أو معنوياً كل مَن لا تَروقهم أفكارُه و نظرتُه للحياة. مِن أفاعيل مشايخ التكفير : لقد كفَّروا مُسلمين أسوِياء الفِطرة يسعون من غير ادعاء للعصمة في نشر الوعي و تنوير العقول، مع إدراكهم بأن تكفيرهم لهُم رُبما يُؤدِّي لإزهاق أرواح هؤلاء الأشخاص المُسالمين أو على الأقل سوف يُعرِّضهم للنَّبذ الإجتماعي على المُستوَيَيْن الرسمي و الشعبي، و ما كفَّروا مُتأسلمين مُفسدين في الأرض يُمارسون دون أي إحساس بوَخْز الضمير قطع الرؤوس !
الأُمة المُسماة إسلامية بِسَبب تعطيل هؤلاء القوم و إتلافِهم لِمَلَكة التفكير لدى الكثير من أبنائها، تفعل أمراً عجيباً و مُحيِّراً و غريباً للغاية فهي تُطلق صِفة الكفر على نقيضَيْن مُطلَقَيْن في دُنيانا : على ذلك الكيان الغاصب الظالم المُحتل و المُرتكِب للمجازر و على الدولة التي رفعت ضِده دعوى أمام محكمة العدل الدولية. هو كافر و هي كافرة ! و كل مَن لا يقول بهذا فهُو أيضاً كافر في منظومتهم، بمُقتضى قاعدة وضعوها تُعلن و تقرِّر بدون مُواربة : « مَن لا يُكفِّر الكافر فهو كافر ».
لِمَ تأكيدي بإستمرار على مسألة الكفر ؟ لقطة في فيلم "معركة الجزائر" ما زالت بذهني. صرخة إمرأة جزائرية بِوَجه أحد جنود الإحتلال الفرنسي عند نقطة تفتيش : « لا تلمسني أيها الكافر » ! الفيلم شاهدتُه لأوَّل مرة قبل حوالي أربعين عاماً و بعد طول تأمُّل و تفكير و عقود من الزمن تخللتها مُعاناة متعدِّدة الأبعاد، نتج عن تلك اللقطة التصوُّر الذي عرضتُه على القُراء العرب عبر مقالات عِدة ما طالعها لِحَد الآن بإهتمام حقيقي إلاَّ قليل… ليس مُجافِياً للحق القولُ بأن فهمنا التقليدي المُستقر مُنذ قرون عديدة و الذي تتوارثه هذه الأمة على مر الأزمنة و الأجيال لمسألة الكفر، قد سبَّب و برر و زيَّن بل أضفى القداسة و الشرعية قديماً و حديثاً على كمٍّ هائل من المُمارسات العُدوانية و الجرائم و الأفعال القبيحة.
فيما يتعلق بعنوان الفيديو لا يَتوهمَّن أحد أنني من خلاله أُسوِّق بطريقة خفِيَّة ماكرة لأمر ما. لست المهدي المنتظر و لست المُخلص المأمول. لا شأن لي بكل هذا و إن كنتُ ممن يسعون إلى الإصلاح قدر المُستطاع و حسب ما هو مُتاح. منذ سنين بل عقود تتعاقب عليَّ كقِطَع الليل المُظلم الأكدارُ و الأوجاع و المِحن و الأمراض و الأحزان و ليس بمقدوري إنقاذ أو إيجاد حل لنفسي المرهَقة. فكيف بإنقاذ أمة أو العالم إن كان هذا ما يُنتظر من المُسمى بالمهدي ؟
#أحمد_إدريس (هاشتاغ)