أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمل جمعة - يحدثُ أن يحدثَ كلّ شيء لرائدة














المزيد.....

يحدثُ أن يحدثَ كلّ شيء لرائدة


أمل جمعة
(Amal Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 7888 - 2024 / 2 / 15 - 16:21
المحور: الادب والفن
    


يحدثُ أن يحدث كلّ شيء لرائدة

أيلول 2023
لتخلص الدني، تقول فيروز في صباح ضجر، يقف الصوت مثل حشرجة: كيف ممكن أن تخلص الدنيا؛ دنياك مرة واحدة وما معنى أن تخلص الدنيا وأنت حيّ ترزق، إن لم يكن الموت هو إشارة الخلصان، فماذا حلّ بالحياة لتنهي نفسها وهي حيّة.
تلك العبارة التي كتبتها رائدة على دفترها المدرسي، احتفظت به طوال عشرين عاماً في خزانة المطبخ حيث تضع المنظفات الخطرة، وتحذر طوال الوقت من الاقتراب أو العبث، الكلام لزوجها وأطفالها الخمسة.
رائدة! من لا يعرف رائدة لم يدرك ندى الفجر، كانت عبارة كتبت بالحبر الأزرق السائل على أول صفحة في دفترها، هي حرزها وقوتها كلما أظلمت الدنيا وقهرها الزمان.
لن أصف لكم رائدة دعوا مخيلتكم ترسمها بشرط واحد: وجه لا ينسى وجمال قريب كأنه الماء وبعيد كأنه الحلم، وذائب مثل الحنين، لا يهم لون شعرها أو شكل عيونها عليكم أن ترونها فقط كما رآها كمال للمرة الأولى، فتحت له بوابة البيت الخشبية، ومنذ ذلك التاريخ لم تغلق بوابة الدهشة.
كلّ ما صار لرائدة مجرد أحداث تحدث كلّ يوم: لا تتزوج من تحبّ، لا تكمل دراستها الجامعية، تنجب خمسة أطفال دفعة واحدة، تنقطع عن زميلات المدرسة ربع قرن، تحلم كما الجميع بالسعادة، ولا شيء غريب أصاب رائدة فما كان لها كان لعشرات نساء قريتها تزوجت بعد قصة حبّ لم ترق للعائلة، أيضا سأترك لكم أن تتخيلوا كيف انقطع المشهد عندما كانت رائدة برفقة كمال للمرة الأولى يحتفلان بعيد ميلادها التاسع عشر، جريمتها كانت ثلاث كلمات أحبها وهو رفيق شقيقها، واحتفل معها بعيد ميلادها بخلوة قصيرة في بيته، وقصت أطراف شعرها الطويل في صالون حلاقة والأهم أنها لم تنتبه في كلّ ما حدث انها تقلد شقيقها حسام، أو هكذا كانت المرافعة القوية التي وبخت بها العائلة حسام وهو يجر شقيقته لعالمه الجامعي وسط الرفاق وقصص الحب، لامته العائلة كثيراً وجاء من العائلة شاب يسعى وقدم الحلّ؛ سيتزوج من رائدة وينهي الحكاية، فهو يحبها منذ كانت طفلة وهو ابن خالها وهو سترهم وساترهم أمام الناس.
اللحم الذي رمي في القدر كان كافياً لغداء ذاك اليوم، واللحم الطازج من ذبيحة الصباح بدا شهياً على المائدة، بقايا الأرز في الصحون مع صفرة اللبن المطبوخ أصابت رائدة بالغثيان وهي تجمع للقطة طعامها، كانت كعكة عيد ميلادها المقصوص من الأناناس تزينها حبات من الكرز، خلصت الدنيا ذاك النهار؛ وفي تاني شتي تركوا بعضن.
"تعذبنا فيروز كلّ صباح وهي تنكأ الذكريات، لا تقصد ذلك لكنها تغني قصصنا ونصدق انها كتبت خصيصاً لنا، قولي لي أي أغنية لا تنطبق على حالنا" هكذا كتب لها كمال بعد عشر سنوات، ولم تجاوبه رائدة بحرف كانت غاضبة منه بطريقتها الخاصة، لم تذكر اسمه ولو مرة واحدة، لم تعاتبه، لم تتابع أخباره، لمّت كل حكايتها القصيرة معه ولفتها مثل ربطة تلم بها شعرها للخلف لا تراها لكنها تحس بها طوال الوقت.
من المتهم الحقيقي في حكاية رائدة، الجميع عاتب حسام حتى حبيبته تركته لأجل ذلك وقالت: أنت ثائر كاذب تقول شعراً عن الحبّ والحرية ولا تحتمل أن تطفئ شقيقتك شمعة ميلادها مع من تحبّ.
لن أحدثكم عن حسام جميعكم تعرفون هذا الرجل تقابلونه كل صباح وتعجبون به كثيراً، وتتذكرون أنه العاشق سيء الحظ، تتذكرون أيام الجامعة وحسام نجمها وثائرها، تبكون لحبه العاثر أنتم، ويكتب هو بلا توقف عن عشقه المطعون والنازف إلى الأبد.
صفعتني رائدة في عزّ نحيبها وأنا اقترب لأضمها إلي، كان ذلك يوم رحيل فتاها في الفجر، دمه غطى الزقاق وهو يركض بجرحه تجاه البيت بعد أن فتتت رصاصة قلبه، صفعتني ورمت نفسها في حضني بعد ذلك: لماذا تعودين الآن، لقد هربت عشرين عاماً حتى لا ترين دموعي، اكتفيت بالصمت يا حبيبة أخي، ارحلي ارحلي كانت تشدني إليها بقوة وتطالبني بالرحيل.
أنا رجاء؛ من طعنت حسام في قلبه وتركته يتلوى في حبّ عاثر، أنا رجاء الشاهدة على الحكاية، أطلقت الرصاص على حبيبها الكاذب، خلعت قلبها عندما خلع قلب رائدة وقالت الحبّ كالموت كأس يمرّ على الجميع، والموت يساوي الجميع، فإن فشلت في حماية حكاية حبّ عليك الاعتزال.
كل هذا حكته لي حنون كما كان يداعبها الجميع، وهي تريني صورة عتيقة لأشقائها، كانت حنون طفلة الوقت الضائع جاءت بعد سبعة من الأولاد والبنات بفارق عشر سنوات، التصقت بإخوتها مثل قطة وتوسطت دائماً صورهم وصور رفاقهم، لم تنجح إلا في حماية صورة زلقت أسفل الخزانة عندما أحرق شقيقها الغاضب على الدوام ألبوم لصور العائلة كعقاب لرائدة ولحسام العشاق جالبي العار، دائماً عجبت لماذا أحرق الصور تحديداً، ولماذا مسح تاريخاً كان الأجمل والأحلى، كانت تبتسم :" رغم أنه أحرق البوماً كاملاً لكن هذه الصورة كانت تكفي لرواية، انظري أمي بثوبها بورود صغيرة وشعرها الخروبي الطويل ، أبي يضحك كان يضحك بقوة، انظري جميعهم هنا يوم زارتنا رجاء وأبوها للمرة الأولى، انظري حتى حارق الألبوم في الصورة ، كمال كان أيضا في الصورة، ، كلنّا كنا هناك،



#أمل_جمعة (هاشتاغ)       Amal_Juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم سبت
- العرض الأخير
- المرأة التي اعتزلت سماءها ظهيرة صيف
- وكوكب أيها الشامخُ تُهديك السلام
- مهمّات نَهاريّة
- الغياب
- الرائحةُ العالقةُ بيننا
- ذاكرة المرايا
- سأموت فيما بعد
- المتسولة
- العاشِقات
- مات أبي
- كوابيس بأخطاء نحوية فادحة
- في صباح حار
- أرتجلُ الحب
- كأنها قلادة من الماس
- إعتزال
- سِر الغَجرية
- تلك الأشياء الصغيرة
- الذي لا يأتي


المزيد.....




- التضييق على الفنانين والمثقفين الفلسطينيين.. تفاصيل زيادة قم ...
- تردد قناة mbc 4 نايل سات 2024 وتابع مسلسل فريد طائر الرفراف ...
- بثمن خيالي.. نجمة مصرية تبيع جلباب -حزمني يا- في مزاد علني ( ...
- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمل جمعة - يحدثُ أن يحدثَ كلّ شيء لرائدة