أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمل جمعة - وكوكب أيها الشامخُ تُهديك السلام














المزيد.....

وكوكب أيها الشامخُ تُهديك السلام


أمل جمعة
(Amal Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 3779 - 2012 / 7 / 5 - 12:34
المحور: الادب والفن
    


زمان كنتُ أسمعُ أمي تقول:"في بقلبي غصة مُرّة" وكأنني ما نضجت حينها بما فيه الكفاية لأفهمَ ما تتركهُ الغصّات من شعور بالخواء التام والمرارة ،لاحقاً عرفت من الغصات والإختناقات والمرارة ما أوجع قلبي وروحي.
لكن هذا اليوم تحديداً أحسُّ بقلبي ينفلت مني ويتفتفتُ بلا جدوى ،ليست رسالة بؤس أو شحن الهواء بالألم والأسى ...ببساطة أكاد أنفجر..
ليس فقط بسببِ حكاية السيّدة كوكب ضيفتي اليوم في برنامجي الإذاعي "ضد الصمت" ، وليس بسبب أنني أجهلُ كيف أعرفُ كلمةَ "حيّاة" وليس فقط بسبب اكتشافي أن حصتي من هذا الوطن لا تتعدى سوى فعل الدفاع اليومي أمام هجوم من كل الجِهات (علماً أنني تحديداً لا أدرك الترجمة الفعليّة والصفة اللازمة واستحقاقاتها لكوني مواطنة ) .
يولولُ الكلّ بإتجاهك ،تقضي النهار في ردّ التهم عنك وطبعاً عليك أن تفرزَ تهماً جديدة لمن يتهمّك.
عندما يصير الوطن سيلاً من الإتهامات والتشكيك والتخوين والضيق ،وأنت لم تدركْ بعد حدودهَ الفعليّة ،وتقسم ,بحدوده التاريخية ،أنك من هنّا،والله العظيم يا عالم أنا ابنة هذا البلد .يصيح الجميع في وجه الجميع ويختصمون ويطلقون الأحكام (الكلُّ قضاة والكلُّ متهمون والجميع جلادون )...أناديك أيها الوطن ! فردَ عليّ ،علنّي أرد عليهم وأرد عنّهم ما يضنيني ويضنيهم .
ليس الموقف شخصيّاً أبداً وشخصيّاً جداً في ذاتِ اللّحظة،والدليل هذا الشعور بالمرارة التي لا تطيق مرارتها ،فعندما أحدق حولي في الشوارع تنتابني الغربة،وعندما أنحني لأقطف أول ثمرة خِيار ناضجة من حديقتي أحسُّ بيتي ووطني ،لماذا صعب تفسيرك إلى هذا الحد أيها الوطن ؟وكيف تأتي في لحظة سلسلاً وبسيطاً وعادياً كوجّه أمي ؟
ولكن هل هذا يكفي ؟هل تكفينا حديقة لتترجم لنا جمالية الوطن ؟ لا بأس غاضبة جداً أنا ومقهورة."خلّوني في همّ الحجّة كوكب"
تحكي وهي في الخامسة والسبعين كيف لفظها ذوي القربى ومن ربتّهم في حِجرها لسنوات وسنوات ، عندما اشتد عودهم "تذكروا" أن هذه السيّدة ليست جدتهم البيولوجية ،عندما لاحَ في الأفق مليون دولار- ثمن بيت العائلة - اكتشفوا جميعاً أن لا رابطة دمّ تربطهم بها لذا فلا حصةَ لها في الأملاك الكثيرة ،وحجتّهم ورقةً صغيرةً تقول أن الجدّ (زوج الحجة كوكب) قد باع جميع أملاكه لابنته الوحيدة من زوجته الأولى ،متجاوزاً عروسه الجديدة(الحجة كوكب ) وابنتها التي تحبو بين أب بيولوجي وشقيقة كبرى في الأربعين من العمر ،مات الزوج تاركاً زوجة وابنتين ،كل الاملاك باسم الابنة الكبرى من زوجته الأولى ،ماتت الابنة -والتي وعدت طوال الوقت برعاية أختها الصغيرة ووالدتها - مورثة كل أملاكها لأبنها الوحيد ،تَجَبَّر الابن طارداً جدتّه (غير البيولوجية) ناسياً أنها رعتْ أطفاله لسنواتٍ وسنوات ،غافلاً عن بكاء طفلين كانا يتخاصمان صغاراً من ينام بحضن الجدة ،كبر الصغار وتجبروا وشهدوا لصالح والدهم وووو و
الحجّة كوكب طردت ،صارت في الشارع ومن ثم في خيمة لمدة اسبوع ،رَمَمَ أهل الخير قليلاً من الواقع المؤلم وضغطوا على الحفيد(غير البيولوجي ) فرماها في واحد من أملاكه المهترئة والآيلة للسقوط ...بيت قديم يتساقط سقفه .
تصعدُ وتهبطُ تسعين درجةً كلما احتاجت لأمر حياتي يومّي ،ترعاها ابنتها (المحرومة أيضا من ميراث أبيها) من بعيد حيث تسكن في أمريكا وتدرس وتعمل هناك ،أين وطن الحجّة كوكب وأين حصتها من هذا الوطن؟ وهل عليها هي الأخرى أن تنزل للشارع وتضرب عن الطعام وتصرخ بصوتها الضعيف :"قتلتني حُسّن نِيّتي ووثقت بحضني ومن تربى بدفئه ،خدعتُ لأن لي قلباً لم يشككْ ولم يخوّنْ وصدق الكلام ".
سبعة وأربعون عاماً عمر نكبتنا الكبيرة ونكبتها الخاصة لم تراجع الحجة كوكب سواد الحِبّر في أوراق زوجها وابنته وابن ابنته وأحفادٍ جحودين، واكتفت ببياض سريرتُها . فهل تكفيّها الحياة عازة الناس وتعيش ما تبقى من حُلم كريمةً في هذا الوطن .



#أمل_جمعة (هاشتاغ)       Amal_Juma#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهمّات نَهاريّة
- الغياب
- الرائحةُ العالقةُ بيننا
- ذاكرة المرايا
- سأموت فيما بعد
- المتسولة
- العاشِقات
- مات أبي
- كوابيس بأخطاء نحوية فادحة
- في صباح حار
- أرتجلُ الحب
- كأنها قلادة من الماس
- إعتزال
- سِر الغَجرية
- تلك الأشياء الصغيرة
- الذي لا يأتي
- ندم الخميس
- الطائرة ألقت بكومة رسائلي
- نص - مملكة اليمامات
- الخوف


المزيد.....




- -شاعر البيت الأبيض-.. عندما يفتخر جو بايدن بأصوله الأيرلندية ...
- مطابخ فرنسا تحت المجهر.. عنصرية واعتداءات جنسية في قلب -عالم ...
- الحرب في السودان تدمر البنية الثقافية والعلمية وتلتهم عشرات ...
- إفران -جوهرة- الأطلس وبوابة السياحة الجبلية بالمغرب
- يمكنك التحدّث لا الغناء.. المشي السريع مفتاح لطول العمر
- هل يسهل الذكاء الاصطناعي دبلجة الأفلام والمسلسلات التلفزيوني ...
- فيلم جديد يرصد رحلة شنيد أوكونور واحتجاجاتها الجريئة
- وثائقي -لن نصمت-.. مقاومة تجارة السلاح البريطانية مع إسرائيل ...
- رحلة الأدب الفلسطيني: تحولات الخطاب والهوية بين الذاكرة والم ...
- ملتقى عالمي للغة العربية في معرض إسطنبول للكتاب على ضفاف الب ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمل جمعة - وكوكب أيها الشامخُ تُهديك السلام