أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمل جمعة - سأموت فيما بعد














المزيد.....

سأموت فيما بعد


أمل جمعة
(Amal Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 3639 - 2012 / 2 / 15 - 11:13
المحور: الادب والفن
    


أحلم - وكثيراً جداً - ربما بحصةِ خمسة نيام أو عشرة كل ليلة، بل أكاد أحلم وأنا مستيقظة فوق مكتبي أو في سريري- وتلك أحلامي الأروع - كثيراً ما أحلم ولا أتوقف عن حلمي مثل طفلة صغيرة.
في الحلم تكون السماء طوع يدي (أمنح كنترول تحكّم كوني (في لحظات نادرة جداً من أحلامي) جهاز صغير ولكنه عملاق في قدراته العجيبة الغريبة،يشبه لعبة الأتاري الصغيرة بقوّى نافذة قادرة ومسيطرة وتملكُ الطاقة على التغيير الفوري.
جميل جداً اللّعب بكنترول التحكم الكوني،في لحظات تتحول الصخور لفراشات أو أي شيء آخر،تتحول العجائز لصبايا في السادسة عشرة دون أن تأخذ منهن مال الدنيا ،وتحول الرجال لكائنات لطيفة تشبه الدلافين المرحة في الماء ،أولئك العنيفون فقط.
أحلمُ بأطفال سعداء،لا يهمني ذكائهم أو قدراتهم ،بل تلك السعادة الصغيرة وهم يرتدون ملابس دافئة بالشتاء ولديهم دوماً أحضان حارّة وقصص قبل النوم ،ليس بالضرورة قبلات كثيرة فقط أن يحسنوا التعبير عن أنفسهم ويقولون بقوة : وأنت من أهل الخير يا ماما أو بابا أو أختي أو أي أحد ،أحبك" وينامون قبل أن ترد لهم التحية.
أحلمُ بثورة هائلة تصححُ كل الأخطاء مرة واحد- وبلا أدنى خطأ- لا جبناء يحصدون الثمار ولا مجانين يخربون الحكاية، حتّى الشجعان لا يموتون، يخوضون حربّهم ثم يمضون لزراعة أرضهم بهدوء أو شرب كأسٍ من الشاي من باب التسلية.
لقد مُنحت واحدة من أجود أحلامي على الإطلاق أستشعره لغاية للآن :"السماء بها غيوم ملونة تتحرك بسرعة هائلة وكبيرة ،تريني كل ما أريد ،لوحات فنية متقنة الصنع ودقيقة لدرجة الخيال،السماء ترسم ما بذهني باقتدار شديد -ربما كنت أرى جنتي ولست أدري وتهديني فرساً طائرة وسحرية إذا ضربت بحافرها الأرض خرجت ناراً عظيمة،وإذا طارت بي لونّت الجبال والوهاد وسكبت الماء في الوديان ،وربتت على البراكين فتمايلت وانسكبت جداول " رأيت الحلم لسنوات طويلة بلا توقف،كانت منحة رائعة لا أدري لأي سبب اختفت .
لكنني لا زلت أحلم وأرتجل أزماناً غريبة وثورات رائعة لا ينتصر بها أحد ولا يموت بها أحد ولكنها تغني في نهاية الحلم بصوت واحد.
أبتكر موسيقى غريبة وأعيش مع شخصيات تكبر وتنمو كل يوم في رأسي، تأكل معي وتشرب وتحلم معي أيضاً، لا تموت كائناتي الغريبة، وتفعل كل ما يفعله البشر سوى ذلك.
أعود لبيتي كل مساء مثقلة أخلع عني نهاري بالكثير من التعب، وكلما نفضت رأسي ضج بأصوات غريبة - لا زالت في مرمى دهشتي ولا زلت متعلقة بها وأحبها قبل أن تتحول لمقيمة كريهة في رأسي لا أحسن منها الفكاك ، تتبدل الوجوه والصور مثل شاشة سينما لا تتوقف ولكنها ستشاركني ثورتي بالتأكيد .
كأنه حلم وربما هو كابوس، يسيطرُ عليّ سيناريو مجنون أكل الليلة وقضم نهار إجازتي،يمتلك صوتاً هادراً في الموسيقى التصويرية المرافقة تشوش شخوص الحكاية وتجبرهم على التحرك بفوضى، أو الردّ بالصراخ في الحوار ،الموسيقى تعلو أكثر من اللازم وأنا أصرخ :" لسنا في عرض أوبرا يا جماعة ،نحن في فيلم سينمائي تسجيلي، الموت هنا موت والحياة حياة" الكل يركض باتجاهات عشوائية وأسمع صوتاً غاضباً يشتمني ويقول لي :"يا بنت هذا الفيلم جريء أكثر من اللازم ،ويركض ليقص لساني بمقص كبير،لا رقابة هنا نحن في حلم،أصرخ .
هاهاهاهاها كبيرة جداً وهائلة تكون ضحكتهم :"لا رقابة هنا نحن في حلم " تكرر الأصوات بلا توقف.
لست ممثلة في الحكاية،ولست راوية،ولكنني أشاهد وأعدل مثل متفرج لا يعجبه شيء تلك الميزة ،ولست أعدل وحدي كما يبدو وإلا لما وجدت رأسي يتدحرج بعيداً عني وأنا أقف أصرخ بوجه عبوس يخنقُ طفلةً صغيرةً ،ولما وجدت شعري وقد صار طويلاً جداً كما ترغبُ أمي وحولي خمسة أطفال وزوج طويل نائم ،ولما وجدت أم سعد الداية من تقوم بإدارة مستشفى الولادة بدلاً عن الطبيب المتأنق وتقوم بتبديل جنس المواليد حسب مزاجها ،قبل أن تعود لي القدرة على التعديل كمتفرجة ) كانت الطفلة قد كبرت كثيراً في تعديل آخر لمتفرج آخر) وعندما هَمّمت بإنقاذها قالت:أعيديني جنيناً سأولد فيما بعد فيما بعد،لكنني لا أجد كنترول التحكم الكوني في يدي هذه المرة .
أحلم بنهاية جميلة وعندما أقول نهاية ،فأنا أتقصد أن تكون حكايتنا المؤلمة قد طويت بين دفتي كتاب ،أو كفيلم سينمائي يختطفنا حتى آخر شهقة ،نضحك ،نبكي ونحبّ شخوص حكايته ونحزن كثيراً لأن الرواية لم تنصف الجميع ،وقد تساقط منذ بدايتها وحتى النهاية ألف روح ومئات الضحايا ،ولكن أحلم فما يحدث هنا هو مجرد فيلم يشبه الواقع ،مرآة تتهشم في النهايات. وسنغيّرها في حلم آخر، ونعيد القتلى ونحن نشاهد النسخة الأخيرة الصالحة للعرض، لكن لا نسخة تصلح للعرض حتى الآن وكدنا نموت جميعاً. ولكننا نحلم نحلم نحلم ..
ربّاه، لماذا لا تتوقف الأحلام أريد أن أصحو قليلا لأشرب بعض الماء وأرتاح، وسأموت فيما بعد.



#أمل_جمعة (هاشتاغ)       Amal_Juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المتسولة
- العاشِقات
- مات أبي
- كوابيس بأخطاء نحوية فادحة
- في صباح حار
- أرتجلُ الحب
- كأنها قلادة من الماس
- إعتزال
- سِر الغَجرية
- تلك الأشياء الصغيرة
- الذي لا يأتي
- ندم الخميس
- الطائرة ألقت بكومة رسائلي
- نص - مملكة اليمامات
- الخوف


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمل جمعة - سأموت فيما بعد