مهمّات نَهاريّة

أمل جمعة
(Amal Juma)

الحوار المتمدن-العدد: 3721 - 2012 / 5 / 8 - 17:51
المحور: الادب والفن
    

تسقط الأيام واحداً واحداً ، متتابعة وبلا خبرةٍ أو تنسيق ،كلّ يومٍ هو الميّتُ الفريد ،لا أكاد أميزُ الفرقَ الصغيرَ في الرحيل وإختلاف شهقة النهاية .
الصباحُ وجعي الدائم الممزوج بالعسّل والترقب،ألف عام أنتظرُ صباحاً يأتي على غير عادة النّهار، طويلاً وبطيئاَ وبه ما يكفي من الطيبة لأتفقد الأشياء دفقةً دفقةً.
ترعبّني دَقْة الساعة الرتيبة وأنت، وكلّ ما مرّ من ذكريات وحروبٍ تافهة وضيقة لا تُورثُ المجد ولا سواه من المعاني ، أطوي سنين عمري كشالٍ طيّع ،لفّةً لفّةً، وأراقبُ العصافير المصروعة تطيرُ بنزقٍ بين شجرة وأخرى ،تختصرُ الغناء كعرسٍ فقير البهجة والترتيب .
أمزج الحروب والذكريات في فنجان قهوتي وأشربه رشفةً رشفةً.
جدّتي ترحل في يوم مولد أبي،تختارُ موتَها بعناية في أول نيسان ،وصديقتي ترحلُ في ذكرى رحيلِ أبي ،بتواضع طُبعت عليّه تسقط في أيلول كورقة حقيقية تدركُ منطقَ الفصول. ومنطق النهايات الكاملة .
حان الوقت لأرمي كل شيء ولكنني أنتظر صباحاً بطيئاً وطيباً ،وانتظرك لتملأَ ما فَرغَ وتؤثثهُ بحكايات مرحة وقصيرة العمر ،كزهرة بنفسج ليلكيّة ،ما أورثتني الحكايات الطويلة إلا سوء الهضم وسوء النيّة .
أتزين أمام المرآة وأعد نفسي لنهارٍ ٍ غير معلوم،أطوي الذكريات كشالٍ حريري ،طيّةً طيةًّ وأدسها في جيب قلبي الأيمن .
خمسُ أجندات فاخرة ،فارغة كالعادة ،في تاريخٍ محددٍ أجدُ دائرةً تحيط ُيوماً معلوماً ،دائرة مرسومة بقلمٍ جال بها أكثر من دورة، وكلمات مبعثرة هنا وهناك ،أي حزن كان بذاك التاريخ ؟ ولماذا حفظته لسنوات ويغيب من ذاكرتي الآن ؟ كيف لي أن أنسى ما تَيقْنتُ من عدم نسيانه ؟
ألقي الأجندات في النار الهائجة فتنطفىء على الفور ،ثقيلة هي الذكريات ،وثقيل مرورك وغيابك، أرتبك في ذاكرتي قبلةً قبلةً وأدسك في يدي .
أعترف ما زلت أحلم،رغم تطاير زغبي الأصفر وصلابة ريشي ،أحلم كطفلة خضراء تمتلكُ ذهناً بلون البنفسج وقلباً شديد التورد، أصفطُ الأحلام بنفسجة فوق بنفسجة وأدسها في جيب قلبي الأيسر ،وأبدأ النهار بكامل أرديتي.

#أمل_جمعة (هاشتاغ)       Amal_Juma#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل