أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صليبا جبرا طويل - تأميم العقل















المزيد.....

تأميم العقل


صليبا جبرا طويل

الحوار المتمدن-العدد: 7874 - 2024 / 2 / 1 - 20:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تأميم العقل لا يخضع لنواميس إلهية ولا لقوانين طبيعية بل لسلطة منتفع. في غياب المفكرين النهضوين يسلب العقل مِن مَن لا يقدره الى مَن يستعبده.

أفتتح مقالي بسرد اسطوري كي ابين أهمية العقل والفكر الحر في التداول على إتخاذ قرار منطقي مفيد للإنسان – للمواطن – بالإجماع من قبل أصحاب سلطة بعيدا عن الفرض والإجبار والتفرد في معالجة الشؤون العامة والخاصة... اجتمعت الألهة الإغريقية يوماً بقيادة زيوس ( رب الألهة والبشر) للتباحث حول إطلاق اسم أحدها على المدينة المعروفة اليوم باسم أثينا. رسى الاختيار على بوسيدون ( إله البحار والمياه) وعلى أثينا – منيرفا - (آلهة العقل والحكمة)، كان الشرط على أن يأتي الإله الفائز بشيء فيه أكثر فائدة للإنسان، فضرب بوسييدون برمحه ذي الشعب الثلاث بالأرض فولد على الفور حصان جميل أبهر الجميع، أما أثينا فضربت بعصاها الأرض فنبت على الفور شجرة زيتون، ففازت بذلك أثينا على بوسييدون وسميت مدينة أثينا باسمها.
العبرة التي نستنتجها من هذه الأسطورة ما زالت حية باقية الى يومنا هذا وهي "أن العقل هو سيد الموقف بلا منازع" قديما وحديثاً اليوم وغداً . للمؤمن بالله أقول زرع الله - ولغير المؤمن أيضا - العقل فينا كى نستعمله لمعرفة الكون سننه وقوانيه وإدارة شؤونه وبناءه وارتياده بكل ما نطور فيه من معارف دون قيود أو حدود.
من يوئمم العقل لا يسعى الى بناء جسور بين الماضي والحاضر بل هدم كل المحاولات التي تحقق هذا البناء. إنجازات الماضي كانت لزمانها تقدم رائع مميز تليق به لكنها في زمننا الحاضر تحتاج الى إعادة نظر وصياغة جديدة تليق بعصرنا التقني.
العالم الثالث فيه وطني العربي الكبير الذي أعشق كل ذرة من ترابه ونسيم هواءه وارتوى من ماءه أقول لقد طال الانتظار في محطة الزمن العاجز عن التغيير وبات القهر والصمت والذل والفقر والجهل والتخلف والغربة متحكمة فينا، برغم كل هذه الالآم التي تعصف ما زلنا صامدون . لكني حائر أنا كملايين غيري أتسائل في كل لحظة متى ستعتق بناتك/ وابنائك من قبضة كل وصى وظالم وحاكم يؤمم عقولهم ويعتقل أفكارهم ويستعبدهم ؟
السؤال المحير الذي يحتاج الى فهم وايضاح هل الزعماء اختارهم الله ؟ ألإجابة بنعم، تعني ان الله (جل جلاله) قد إختارهم وعينهم ونصبهم واعطاهم الرئاسات وإدارة شؤون الناس في كل مفاصل حياتهم. وإن كان لا، فذلك يعني أن الشعب قد إختارهم. انا لا اتدخل في إختيار الله ( جل جلاله) ولكن في من إختاره الشعب. فمن إختاره الشعب بحرية نابعة عن تفكير عقلي حر سليم هو منهم ولهم يحافظ على حريتهم وكرامتهم ويدير شؤونهم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بالقانون ويحرسهم بعنايته، ولا يتستر بدين ولا يحتمي به فذاك عار وخروج عن فهمنا للقصد الإلهي من خلقه للإنسان كي يكون حراً وصاحب إرادة حرة مستقلة.
الله لا يوزع العقول كما يظن ويروج له بعض من متعهدين ومقاولين وعمال مهرة من كافة الملل والطوائف وأصحاب الأيديولوجيات والفلسفات والأفكار الخ... لكنه ترك لنا حرية ملؤها بما ويناسب ميولنا وتطلعاتنا واهدافنا البناءة الشريفة في الحياة. من يركز على توزيعها يشكل خطراً جسيما على البشرية لأنه على استعداد ومتحفز الى ملئها بالقوة وإلغاء حرية الفرد في التفكير وقبول أي راي يخالف توجهاته، لأن كل ما يخالفه مدنس ، وما تحجب القدسية عنه وجب محاربته وهدمه.
العقل الذي نملك - الذي بناه الله – كيف يجرؤ أن يؤممه مؤمن أو ملحد أو لا ديني لإن محور وظيفة الدماغ تنبع من بعث روح الاندهاش فينا والشك والتحليل للوصول الى اليقين والصواب في الحياة دون تشنج أو تعصب أو إكراه أو إرهاب كي نعمل من أجل خير وسعادة البشرية جمعاء. من لا يدرك هذه الحقيقة – القصد الإلهي - بعمق يتعدى بقصد وإصرار أولاً: على القصد الإلهي ، وثانياً: على حياة البشر وحرياتهم.
من يوئمم العقل يقصد أن يبقى أوهامنا متداخلة ومتراكمة عبر الزمن ومتشنجة أمام كل من يحاول نقضها أو نقدها ونقتص منه بالترهيب ، الاكثار الزيادة والمبالغة تبني احقاد وكراهية......همه ان يطمس الوعي بالماضي حتي لا نفهم حاضرنا إلا بظله ويبقى بذلك مستقبلنا متخلفاً مجهولاً. وبلا حاضر منفتح على العالم وثقافته المتنوعة سنبقى نجر ذيول الجهل والمعرفة ستزداد إتساعاً في كافة مجالات العلم والمعرفة والحياة بيننا وبين الشعوب الأخرى ونبقى مستهلكين للإنتاج الحضاري وبعيدين عن الإنتاج المعرفي تقنياً ومعرفياً وثقافياً.
اليوم في غياب الإجماع وضبابية القرارات في كثير من زوايا الكون ما احوج البشرالى التجمع والتشاور والتحقق – كما طالب كبير الالهة زيوس في مجلس الالهة اليونانية - من فائدة كل عمل وقرار يأخذه مسؤول في كافة مؤسسات الدولة العامة والخاصة. من أجل نهضة العقل وارتقاء الإنسان والمجتمع ، من خلال إخضاعه للتباحث بعد التحليل والحكم على ما فيه من فائدة أو مضرة لتكريم صاحبه أو صرفه. عصر الاساطير مضى وولى منذ زمن بعيد ، لكن العبرة التي نستنتجها من هذه الأسطورة ما زالت حية باقية الى يومنا هذا وهي "أن العقل هو سيد الموقف" قديما وحديثاً اليوم وغداً أيضاً. للمؤمن بالله أقول زرع الله - ولغير المؤمن أيضا - العقل فينا كى نستعمله لمعرفة الكون سننه وقوانيه وإدارة شؤونه.
تأميم العقول ومصادرة حرية الفرد الفكرية التي تحترمها وتكرمها وتؤكدها كل الشرائع الإلهية والوضعية، المحلية والعالمية وتحويلها الى أداة طاعة لخدمة الأحزاب والقوى الحاكمة تستحق التدقيق والبحث عن مصادرها وفي مصادرها واستخدامها لوسائل عقائدية أو أيديولوجية عن طريق المال والجمال والضعط والتملق والترهيب والمناصب والاستمالة بالوعود. كما أن دغدغة العواطف لإستمالة الافراد لا تأتي بمنافع لانها لا تخاطب العقل، تعمل على احتباس الأفكار في عقل المفكر وتجمعها والضغط عليه وبالتالي انفجارها.
من لا يعترف بأهمية وضرورة حرية التفكير يحتقرالعقل ويهندسه كما يريد. في الحياة عقلنا (فكرنا) هو بوصلتنا بالرغم ان المجتمع الذي يعيش فيه الفرد يسعى لبرمجته، من يبرمج العقل ويحتجزه في اطار من صنعه ليحتكره لا ليجعله أداة تقدم معرفي ونهضة علمية لهم أقوال: حذار حذار حذار ... التأميم العقلي لن يردع الإصلاح، لأن إحتباس الأفكار يؤدي الى ضغوط اجتماعية عقائدية وفكريه تقود صاحبها للنضال ضد كل من حجبها ومنعها وكفرها لتؤدي الى خروج عن الإجماع ينتهي بعواقب وخيمة تؤدي الى الضغط على حاملها وانفجارها.
كثيرا ما نتحدث عن الاخلاق والقيم ومحاربة الفساد، بين الحديث والعمل الجاد يختبيء الشيطان أب الشرور في العالم . أن صدق عزيمتنا على العمل يكمن في صدق حسن نوايانا واقوالنا. الخروج من قبضة من يسعى لتأميم عقولنا يحتاج الى حرية لا تستقر إلا بالكلمة الجريئة الشجاعة الصادقة نابعة من إيمان بالتغير من أجل الاجيال القادمة دونها ندخل في نفق العبودية دون وعى دون ان ندرك ما ينتظرنا من مآسي وذل وتخلف وأهوال.



#صليبا_جبرا_طويل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنهزام الفكر مصيبة حضارية
- الضمير يبحث عن الإنسان
- فكرة معرفة ورأي
- أفكار معلبة
- لوحة نفاق
- خيبات أمل
- الحقيقة ثورة الحرية
- مهم وقيادي ؟!
- ألإنسانية بريئة منكم
- طاعة خوف أم طاعة قناعة ؟
- أٌمية ثقافية
- الانسانية محبة
- الثورة سيدة الديمقراطية والحريات
- الكرامة حياة
- الانسانية طريق حياة
- مواطن أم فرد في وطن
- مستقبلنا وليد وعينا
- عروبتنا تغرق بالأحلام
- العلمانية حرية تقدم ومستقبل
- الثالوث الانتهازي


المزيد.....




- البنك الاسلامي للتنمية وافق على اقتراح ايران حول التمويلات ب ...
- استباحة كاملة دون مكاسب جوهرية.. هكذا مرّ عيد الفصح على المس ...
- قائد الثورة الاسلامية سيستقبل حشدا من المعلمين 
- تونس تحصل على 1.2 مليار دولار قرضاً من المؤسسة الدولية الإسل ...
- مين مستعد للضحك واللعب.. تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 20 ...
- «استقبلها وفرح ولادك»…تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ك ...
- لوموند تتابع رحلة متطرفين يهود يحلمون بإعادة استيطان غزة
- إبادة جماعية على الطريقة اليهودية
- المبادرة المصرية تحمِّل الجهات الأمنية مسؤولية الاعتداءات ال ...
- الجزائر.. اليوم المريمي الإسلامي المسيحي


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صليبا جبرا طويل - تأميم العقل