أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - المجتمع الفاضل














المزيد.....

المجتمع الفاضل


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7853 - 2024 / 1 / 11 - 14:29
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


نذكر هنا سلسلة القصص المصورة اليابانية (مانجا) والمعروفة بإسم "مذكرة الموت" للكاتب "تسوجومي أوبا Tsugumi Ōba" والرسام "تاكيشي أوباتا Takeshi Obata"، للتدليل على بؤس العقل الإنساني المعاصر وضمور خياله وعقله لدرجة تبعث على اليأس والإحباط. أحداث القصة تدور حول شخصية "لايت ياجامي Light Yagami"، وهو طالب في المرحلة الثانوية من دراسته، ذكي على ما يبدو وذو خيال واسع، يحب الخير والهدوء والنظام، ويؤرقه ما يراه حوله من شرور وجرائم تثير القشعريرة في جسده كلما فكر فيها ناهيك عن الفساد الذي استشرى في كافة طبقات المجتمع. وقد عثر ذات يوم بالصدفة على مذكرة لها قوة سحرية خارقة للطبيعة وتحمل اسم Death Note (مذكرة الموت) تمنح لمستخدمها القدرة على قتل أي إنسان عن بعد وبدون أن يلمسه، شرط أن يكون قد رآه في السابق، وذلك عن طريق كتابة اسم الضحية في المذكرة مع تذكر واستحضار صورته في المخيلة، فالإسم وحده لا يكفي لتعيين الضحية لوجود أناس كثيرين يحملون نفس الإسم كما يبدو. وتسرد أحداث القصة محاولة "لايت" لإقامة عالم تتوفر فيه السعادة والأمن، مكونا من البشر الذين يحبون الخير، خالِ من الشر والجريمة، ويكون، بطبيعة الحال، هو الحاكم المطلق لهذا العالم المتخيل وذلك باستخدام المذكرة السحرية لقتل كل من يعتقد كونه شريرا، وينظف العالم من البشر الذين لا يستحقون الحياة في نظره. ولا نشك أننا نسبح هنا في عالم الشر ذاته، وهو نفس البرنامج الذي قامت عليه كل دكتاتوريات العالم، أي إختيار البشر الذين يستحقون الحياة حسب المعايير التي تختارها وتدمير البقية. الإعتقاد الطفولي بأن الجريمة توجد لأنه هناك مجرمون، التخلص من المجرم وقتله يعني محو الجريمة من المجتمع، ناسين حقيقة بسيطة وفي منتهى البساطة، وهي أن المجتمع ذاته هو الذي ينتج المجرم والجريمة معا، فليس هناك من يولد مجرما أو قاتلا منذ اليوم الأول لحياته، وإنما نخلق مجرمين وقتلة ونكونهم وندربهم في مصنع المجتمع الكبير. وننسى حقيقة أخرى أكثر بساطة من الأولى، بأنه من المستحيل أن نخلق مجتمعا يخلو من القتل مستعملين القتل كوسيلة للوصول إلى هذا الهدف، فالوسيلة التي نستعملها لا يمكن أن تكون متناقضة مع الهدف المنشود. فالغاية لا يمكن أن تبرر الوسيلة، بل على العكس من ذلك، الوسيلة جزء لا يتجزأ من الهدف المنشود ولا يمكن أن تنفصل عنه أو تكون في تناقض معه. ولكن هذه البديهيات البسيطة عادة ما تغيب عن عباقرة الفكر والفن والفلسفة والسياسة. وعندما أبدى البعض إشمئزازهم وتقززهم وإدانتهم الشديدة للطريقة الهمجية التي قتل بها الديكتاتور القذافي، أجاب الجميع وتقريبا بدون إستثناء بأنه يستحق هذه الموتة الشنيعة وبأنه لا داعي لمحاكمة مثل هذه المخلوقات، ولا داعي لتبديد الوقت والأموال، بل يجب قتله وفي أسرع وقت ممكن، مثل كلب. بطبيعة الحال، الطريقة التي نعامل بها الأعداء تدل على هوية المجتمع بكامله وتشير بما لا يدع مجالا للشك إلى المستقبل الذي ينتظره. رفضنا للقتل وعقوبة الإعدام دافعه ليس الرأفة بالمجرم أو بالمحكوم عليه بالموت، وإنما بالقتلة أنفسهم وبالمجتمع الذي يمثلونه. لأن قتل الدكتاتور القذافي تم بإسم الثورة الليبية وباسم الشعب الليبي بأكمله. ونحن نعرف أن الذي يقتل مرة ويتذوق طعم الدم، فإنه سيواصل القتل مرات ومرات، وهذه هي الدوامة التي تعاني منها ليبيا والعراق وسوريا، ومصر، وغيرها، حمامات يومية من الدم والإغتيالات والتفجيرات والحرائق، وصراع مستميت على كراسي السلطة وما يتبعها.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثابت والمتحول عند بارمينيدس
- خليبنيكوف واللغة المستحيلة
- هاسبارا أو فلسفة إسرائيل الإعلامية -٣
- المشروع الوجودي
- جثت الكلمات المبقورة
- العنصرية والخوف من الغرباء
- هاسبارا - فلسفة إسرائيل الإعلامية -٢
- هاسبارا - فلسفة إسرائيل الإعلامية
- الذاكرة
- الرسالة الأخيرة
- جذور المقاومة والإرهاب
- مهزلة القانون الدولي ومجلس الأمن
- العسكر والإرهاب
- قريبا .. نهاية العالم
- الدولة والإرهاب
- ظاهرة الإستسقاط وعلاقة الفن بالهلوسة
- إغتيال الأمل
- العدمية الإسلامية
- عن الكتابة أثناء وبعد المجزرة
- الإرهاب والعدمية


المزيد.....




- بلافتة تحمل اسم الطفلة هند.. شاهد كيف اخترق طلاب مبنى بجامعة ...
- تركي يطعن شرطيًا إسرائيليًا في البلدة القديمة بالقدس.. وتركي ...
- مراسلتنا في لبنان: قتلى وجرحى جراء انفجار في مطعم بالعاصمة ب ...
- -فتح- و-حماس- تصدران بيانا مشتركا
- ترامب: إذا عدت إلى البيت الأبيض فسوف أحاول مساعدة أوكرانيا و ...
- بوغدانوف يؤكد على ضرورة حل الأزمة السودانية داخليا دون تدخل ...
- تحقيق بي بي سي: وثيقة سرية تقول إن قوات الأمن الإيرانية تحرش ...
- العدل الدولية ترفض اتخاذ إجراءات عاجلة في دعوى نيكاراغوا ضد ...
- بالفيديو.. مهرجان البالونات الطائرة في بيرسلافل-زالسكي الرو ...
- العدل الدولية ترفض اتخاذ إجراءات عاجلة ضد ألمانيا في دعوى رف ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - المجتمع الفاضل