أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - الدولة والإرهاب















المزيد.....

الدولة والإرهاب


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7806 - 2023 / 11 / 25 - 15:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن التاريخ السياسي لكافة شعوب العالم مليئ بجرائم القتل والإغتيالات والتصفيات والحروب والإبادة الجماعية لمجموعات بشرية كاملة. تاريخ البشرية تاريخ تسبح فيه الحضارات الديموقراطية والقمعية السلطوية جنبا إلى جنب على بحار من الدماء والرؤوس المقطوعة والأشلاء والمقابر الجماعية والحرائق والأنقاض. ومن هذا الجانب ليس هناك مجتمع أكثر مسالمة أو حضارية من الآخر، لأن مرتكبي هذه المجازر لا علاقة لهم بالشعوب، بل هم طبقة معينة تتواجد على قمة السلطة في كل زمان ومكان ويحملون جميعهم نفس الإسم ونفس الهوية: "قاتل"، رغم إختلاف اللغة أو الزمن أو الجغرافيا، جميعهم يحملون علامة قابيل على جباههم. ربما الفرق الوحيد يكمن في الأدوات المستعملة للقتل وللإغتيال والإبادة، من الحجر الذي شج به قابيل رأس أخيه هابيل حسب الأسطورة إلى السيوف والخناجر والسهام المسمومة، إلى الأسلحة النارية بمختلف أنواعها وعياراتها المتعددة من بنادق ومسدسات ورشاشات، إلى المتفجرات والقنابل الجرثومية والكيماوية والبيولوجية والإشعاعية والعنقودية والقنابل النووية المختلفة التي تلقيها الطائرات بآلاف الأطنان على رؤوس الرجال والنساء والأطفال كما يفعل الجيش الإسرائيلي الديموقراطي في غزة. عبقرية الإنسان في إختراع أسلحة جديدة وتطوير الأسلحة القديمة لا يضاهيها في الحقيقة سوى إزدياد الأسباب والدوافع لمزيد من المجازر كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة. فالإغتيال سياسة رسمية تمارسها العديد من الأنظمة في الشمال والجنوب وفي الشرق والغرب، كل حسب إمكانياته وقدراته المادية العسكرية والإقتصادية. والإغتيالات العديدة التي تمارسها إسرائيل وأمريكا والمعروفة من العالم أجمع ومن كل المنظمات الدولية، هي إغتيالات سياسية تدخل ضمن البرنامج الأمني لهاتين الدولتين، منظمة ومبرمجة ومنفذة من قبل الدولة ذاتها وبأوامر من أعلى المسؤولين في الحكومة لأغراض أمنية وإقتصادية وسياسية تتعلق بالحفاظ على مصالح ومكانة أمريكا وإسرائيل من منطق الحرب الوقائية وقتل العدو قبل أن يقتلني. هذه الإغتيالات التي تمارسها الدولة الإسرائيلية منذ عشرات السنين تجاه الفلسطينيين الرافضين للتطبيع السياسي وللإحتلال والإستيطان من قيادات فلسطينية في لبنان أثناء الحرب الأهلية اللبنانية وفي تونس والعديد من الدول الأوروبية، وخلال الانتفاضات الفلسطينية المتتالية حيث قامت إسرائيل باستخدام العديد من الوسائل القتالية وعلى رأسها القصف الجوي والمدفعي لتصفية العديد من السياسيين والنشطاء والمقاومين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، قد تطورت في المرحلة الراهنة لتصبح بطريقة واضحة ومعلنة كوسيلة للإبادة الجماعية وللتصفية العرقية للشعب الفلسطيني. والمبرر الوحيد واليتيم الذي تقدمه إسرائيل على الدوام هو حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. وهذا المنطق في الدفاع عن النفس، بالضرورة لا يمكن أن ينطبق على المعتدي المستعمر والمحتل لأراضي شعب آخر، ومن هنا اللجوء إلى حيلة "الإرهاب". إسرائيل تدافع عن نفسها ضد الإرهابيين والعدميين الذين يقتلون ويذبحون بدون مبرر سياسي أو أخلاقي. وقد أبتلع العالم بأسره هذه الأسطورة وسقط في فخ الدعاية الإسرائيلية والأمريكية والدول الغربية عموما، لأن هذه الحيلة سبق وأن أستعملتها كل الدول الإستعمارية كسلاح إستراتيجي ضد كل مقاومة للإحتلال من قبل الشعوب التي كانت تعاني من القمع والإذلال والإستغلال.
وقد مرتحليل ما يسمى بظاهرة الإرهاب من قِبل الحكومات والأنظمة السياسية، بمراحل تاريخية عديدة شهدت خلالها العديد من التطورات النوعية طالت صورها وأهدافها ودوافعها وآلياتها، وواكبت ذلك جهود دولية سياسية، وجندت العديد من العناصر المتخصصة الجامعية وألأكاديمية لهدف إحتواء هذه الظاهرة بالدراسة والتحليل والبحث عن الحلول من أجل وضع حد  لتداعياتها ونتائجها بخصوص مصالح النظام الإستعماري - الرأسمالي المهيمن. وقُدمت عشرات التعريفات من أجل الوقوف على المدلول الدقيق لظاهرة الإرهاب، ولكن ليس هناك اتفاق على تعريف واحد واضح ونهائي سواء على مستوى الحكومات والمنظمات الدولية أو حتى بين الأكاديمين المهتمين بمعالجتها من الفروع المختلفة. في الواقع، لا تزال التعاريف الوطنية أو المحلية للإرهاب متروكة إلى حد كبير لتقدير الدول ذاتها، ما يولّد تفسيرات متباينة في التشريعات المحلية الخاصة بمكافحة ما يسمى بالإرهاب. وقد أدت هذه التعريفات المبهمة في أغلب الدول إلى سياسات وممارسات تنتهك حريات الأفراد والسكان الأساسية وتوطيد سياسة مراقبة المواطنين لمحاربة العناصر الإجتماعية المعارضة للرأسمالية الليبرالية السلطوية، وتبني سياسة تمييز عنصري ضد مجموعات أقلية كما هو الحال في فرنسا التي تمنع التجمعات والتظاهرات المساندة للمقاومة الفلسطينية بحجة " مساندة الإرهاب ".
ومع ذلك هناك اتجاهات تركز على معالجة الظاهرة من خلال المضمون الأخلاقي للعمل "الإرهابي"، فعلى الرغم أن صفة أومقولة "الإرهاب" ترتبط عموما بالتحقير والإزدراء واللاشرعية، وتتحلى عموما بالسلبية الأخلاقية وذلك لتجريد الإرهابي من إنسانيته وجعله "شيئا" لا يمكن الحوار معه بأي طريقة من الطرق مما يبرر إعدامه فورا بدون أية محاكمة وبدون سماع ما يمكن أن يقوله، رغم هذه الصورة المرعبة فإن ثمة دراسات أضفت شيئًا من "الشرعية" على بعض الأعمال الإرهابية باعتبارها مبررة وتتسم بالشرعية ارتباطًا بطبيعة الأهداف التي تدافع عنها، إذ ليس كل الأعمال التي ينعتها البعض بالإرهاب تتساوى طبقًا للمعايير الأخلاقية أو الإنسانية. وكمثال نذكر تحليل الفيلسوفة الأسترالية جيني تيكمان Jenny Teichman  في كتابها المتعلق بكيفية تعريف الإرهاب How to Define Terrorism، حيث تأكد بأنه لابد أن نعترف بأن الإرهابيين ليسوا دائمًا وبالضرورة على الجانب الخاطئ من المعادلة وعليه فإن التعريف الحديث للإرهاب يتعين ان يتضمن كونه تمردًا ذا أهداف نبيلة لكنه، في بعض الأحيان ذو وسائل سيئة ولا تتناسب مع الوضع السياسي والإجتماعي. وذلك لأنه ليس هناك ما هو مشروع أو غير مشروع أخلاقيًا في حد ذاته، وأن نتائج العمل هي التي تبين ما إذا كان عملًا صحيحًا أو خاطئًا، وبالتالي فالأعمال الإرهابية حسنة ومقبولة إذا كانت تستهدف أهدافًا جيدة وسيئة إذا كانت تستهدف أهدافًا سيئة. ونحن نتفق مع هذه الرؤية التي تحاول إخراج هذا المصطلح من عالم الأخلاق ومقولات الخير والشر الميتافيزيقية، ففي مواقف الإحتلال والإستعمار، لا يمكن تطبيق مقولة الإرهاب إلا على قوى الإحتلال والإستعمار ذاتها، والشعوب التي تعاني من الإحتلال لها الحق، ولو كان هذا الحق لايمتلك الشرعية القانونية، في الدفاع عن حريتها وإستقلالها بكل الوسائل الممكنة. وقد قلبت إسرائيل هذه المعادلة لتتبنى فكرة حقها في الدفاع عن النفس وتنعت المقاومة الفلسطينية بالإرهاب. ونتفق مع نوام تشومسكي Noam Chomsky بإعتبار "الدولة" التي تحتكر شرعية العنف المسلح بأنها هي المرتكب الرئيسي للإرهاب اليوم.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظاهرة الإستسقاط وعلاقة الفن بالهلوسة
- إغتيال الأمل
- العدمية الإسلامية
- عن الكتابة أثناء وبعد المجزرة
- الإرهاب والعدمية
- تِك تاك تِك تاك بوم
- أبجدية الزلازل
- الكوابيس الملونة
- الإنعتاق
- أوقفوا ضخ النفط لإنقاذ ما تبقى من غزة
- لماذا مشايخ العرب لم يوقفوا ضخ النفط ؟
- عن حماس والإخوان والمقاومة
- قلق ونوستالجيا
- الصرخة
- براءة النوم في شراشف النكبة
- الميت الحي
- المقاومة المسلحة والطرق المسدود
- باريس، عاصمة إسرائيل
- طير الليل أو النعوشة
- العبور من الجحيم للجحيم


المزيد.....




- بعد مظاهرات.. كلية مرموقة في دبلن توافق على سحب استثماراتها ...
- تل أبيب.. اشتباكات بين الشرطة وأفراد عائلات الرهائن في غزة
- مقتل رقيب في الجيش الإسرائيلي بقصف نفذه -حزب الله- على الشما ...
- دراسة تكشف مدى سميّة السجائر الإلكترونية المنكهة
- خبير عسكري يكشف ميزات دبابة ?-90? المحدثة
- -الاستحقاق المنتظر-.. معمر داغستاني يمنح لقب بطل روسيا بعد ا ...
- روسيا.. فعالية -وشاح النصر الأزرق- الوطنية في مطار شيريميتيف ...
- اكتشاف سبب التبخر السريع للماء على كوكب الزهرة
- جنود روسيا يحققون مزيدا من النجاح في إفريقيا
- الأمور ستزداد سوءًا بالنسبة لأوكرانيا


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - الدولة والإرهاب