أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعود سالم - هاسبارا - فلسفة إسرائيل الإعلامية -٢















المزيد.....

هاسبارا - فلسفة إسرائيل الإعلامية -٢


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7834 - 2023 / 12 / 23 - 16:17
المحور: القضية الفلسطينية
    


ليس غريبا أن تولي إسرائيل إهتماما بالغا لمجال الصحافة والإعلام والدعاية لتبرير سياستها في الداخل وفي الخارج على المستوى العالمي. وبخصوص الأعلام الداخلي، حسب دراسة لوليد العمري "الصحافة والإعلام في إسرائيل" نشرت في موقع مؤسسة الدراسات الفلسطينية 2020، فقد تم في سنة 1972 توزيع وثيقة إعلامية داخلية للمناقشة حملت عنوان: «صدقية، نزاهة، توازن، مهنية في بث الأخبار وشؤون اليوم ». وتلا ذلك صياغة قائمة توجيهات خاصة بالعاملين في التلفزيون والراديو والصحافة عموما. وحملت قائمة التوجيهات هذه اسم «وثيقة ناكدي» نسبة إلى كاتبها ناكديمون روغل، وقد تم تعديلها ثلاث مرات في السنوات 1979 و1985 و1995، الأمر الذي أدى إلى مضاعفة بنودها أربع مرات عما كانت عليه في نصها الأصلي إلى أن بلغت 161 بنداً.
كان ما يسمى "الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي" من أبرز الموضوعات التي أُدخلت تعديلات وتوجيهات على آلية التعامل معه في إطار التغطية الصحافية، إذ نص التعديل الثالث في سنة 1985 على تعليمات بشأن تغطية الأخبار في الأراضي المحتلة، التي كان المصطلح المستخدم للإشارة إليها هو «هشطحيم هموحزقيم»، أي المناطق المدارة، واستبدلت هذه التسمية بأمر من إدارة سلطة البث إلى إسم «يهودا والسامرة وغزة»، وذلك في إشارة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة. وحظر الأمر استخدام عبارة الضفة أو الضفة الغربية. كما حظرت التعليمات استخدام عبارة «علم فلسطين» والاستعاضة عنه بعبارة «علم م. ت. ف. / علم أشاف»، وكُلف المدير العام لسلطة الإذاعة فحص «كل مقابلة من يهودا والسامرة وغزة» وتحديد صلاحيتها للبث. ترتب على ذلك وعلى الفور نوع من اللغة الجديدة كما وصفها جورج أورويل، وبالتدريج ظهر صنف جديد من الكلمات المنتقاة لتحل محل كلمات أخرى، «كلمات فقدت معناها الأصيل، كلمات لا تصف الواقع، وإنما تحاول إخفاءه، فـ "ضم القدس الشرقية" أصبحت "توحيد المدينة"، تكثيف المنطقة بدلا من توسيع المستعمرات، وتحل كلمة "تحريض" بدلا من الإعراب عن الرأي الفلسطيني، وفي فلسطين يوجد متعلمون فقط ولا يوجد مثقفون وقريون وليس مزارعون، أزقة وليس شوارع في الضفة الغربية، الفلسطينيون يشاغبون بدلا من يتظاهرون… الأمثلة متعددة ولا نهاية لها .. "جنود دورية للجيش الإسرائيلي، هوجموا صباح اليوم قرب مخيم بلاطة، أطلقوا أصوات تحذير، ثم أطلقوا النار في الهواء.... ولقي اثنان من العرب مصرعهما في الحادثة…»
أما بخصوص عالم السياسة الخارجية، فلا تُحسب الانتصارات بالنتائج العسكرية على الأرض فقط، بل بوجهة النظر العامة للجماهير العريضة عن هذه النتائج وتقبلها سلبا أو إيجابا، وهذا يعتمد على ما يُسمى بالسرد أو الرواية التي ترسم المشهد العام لتأثر على إدراك الجموع، وتضفي شرعية لبعض التصورات حول أي حدث، وتنزعها عن أحداث أخرى، وبالتالي، تتم تهيئة المُتلقي لقبول بعض المعلومات مهما كانت كاذبة وتكذيب البعض الآخر ولو كانت واقعية وحقيقية. كان السرد الذي يصب في مصلحة إسرائيل هو الشغل الشاغل للنخبة الصهيونية منذ قيام هذه الدولة، وهو ما تبلور حين أُنشئت وزارة «هاسبارا» عام 1974. و طبقًا للدكتور «يوناتان مندل»، المحاضر بقسم دراسات الشرق الأوسط في جامعة بن غوريون، برزت أهمية «هاسبارا»، التي تعني «التفسير» أو «الشرح» كما سبق القول في لَيّ الحقائق بما يتماشى مع الرواية الإسرائيلية، خاصةً عند تورُّط الحكومة في صراعات دامية، تُعرِّضها لانتقادات دولية واسعة النطاق. لذلك، تستهدف الهاسبارا، التي لم تعد وزارة قائمة بذاتها، بل توسعت لتصبح قسما داخل كل وزارة في الحكومة، تستهدف النُخب السياسية الغربية وصناع الرأي من المثقفين والفنانين وكذك الجمهور العادي العريض، عن طريق التأثير على وسائل الإعلام والصحفيين والفنانين والطلاب.
مع الوقت، ضمنت هذه الاستراتيجية عدة مكاسب دبلوماسية مثل تحديد الطريقة التي يتم بها معالجة القضايا الخاصة بالدولة الإسرائيلية إعلاميًا في المستقبل، ونزع أي شرعية عن أي انتقادات توجَّه لحكومة الاحتلال، وأخيرًا تعطيل الجهود الرامية لتنظيم الفلسطينيين لأي تحالفات معادية. مثلًا، في عام 2008، قامت وزارة الخارجية الإسرائيلية بإرسال وفد غير رسمي من الناطقين باللغات الفرنسية، الإنجليزية والألمانية لأوروبا بهدف إجراء مقابلات مع وسائل إعلام محلية، وأعضاء البرلمان بهدف توصيل رسائل لا يستطيع الدبلوماسيون أرسالها، وكانت التعليمات والإستراتيجية محددة واضحة وهي عدم التطرُّق للسياسة، بل الالتزام بسرد الحكايات والأحداث الشخصية المثيرة للعواطف عن التخوُّف من الحياة بجانب الفلسطينيين بسبب أعمال المقاومة وتأثيرها على عائلاتهم وحياتهم اليومية وأعمالهم. وكانت هذه الإستراتيجية نتيجة بحوث ودراسات قامت بها مؤسسات متخصصة في إستيعاب الرأي العام والتأثير عليه بواسطة الصحافة والإعلام والسينما والفن عموما. فقبل ذلك بعدة سنوات، استأجرت مؤسسة «مشروع إسرائيل»، وهي مؤسسة مقرها واشنطن، صحفي وناشط جمهوري يميني يدعى «فرانك لونتز - Frank Ian Luntz» من أجل عمل دراسة مستفيضة لتحديد كيفية صياغة الرواية الإسرائيلية في الإعلام. وفرنك لونتز هذا من مواليد 23 فبراير 1962 هو مستشار سياسي ومتخصص في سياسة الاتصالات ومنظم لإستطلاعات الرأي. وقد شمل عمله المساعدة ودعم العلاقات العامة للسياسات المؤيدة لإسرائيل والمناهضة للمقاومة الفلسطينية. ودعا إلى استخدام المفردات المصممة والمبتكرة لإنتاج التأثير المطلوب في الرأي العام. وعمل بإنتظام مع قناة Fox News وCBS News كمعلق ومحلل وخبير إعلامي. ويصف لونتز تخصصه بأنه "اختبار اللغة وإيجاد الكلمات التي من شأنها أن تساعد عملائه على بيع منتجاتهم أو تحويل الرأي العام حول قضية أو مرشح"
وفي يناير 2009، كتب لونتز تقريرًا بعنوان "قاموس اللغة العالمية لمشروع إسرائيل 2009". تم تكليفه من قبل "مشروع إسرائيل" وكان الهدف منه تقديم كاتالوج للمتحدثين الإعلاميين باستخدام لغة محددة يعتقد لونتز أنها ستخلق انطباعًا أكثر إيجابية عن إسرائيل في الولايات المتحدة وبقية المجتمع الدولي. على سبيل المثال، عند مناقشة برنامج حل الدولتين، نصح التقرير بوصف نقاط التفاوض الفلسطينية بأنها "مطالب" لأن الأميركيين حسب إعتقاده يكرهون الأشخاص الذين يقدمون "مطالب". وأوضح من خلال هذه الوثيقة المفردات التي يجب أن يتم استخدامها في الإعلام الأوروبي والأمريكي للتأثير على الرأي العام ودعا إلى تصميم إجابات مختلفة على الأسئلة المتعلقة بالقضية الفلسطينية بشكل يتماشى مع الجماهير المختلفة، والتأكيد على أنّ الصراع أعقد مما يتصوره من لا يعيش في هذه البقعة من العالم، التأكيد على تصوير المدنيين الإسرائيليين كضحايا والأهم هو ربط المقاومة الفلسطينية بالإسلام السياسي، وهو ما أدى بطبيعة الحال إلى ظهور حركة حماس أثناء الإنتفاضة الأولى سنة 1987 وتطورها والقضاء تدريجيا على الفصائل التقدمية للمقاومة، فالمسؤولين الإسرائيليين يعترفون بأنهم ساعدوا في تأسيس الحركة من أجل إنقسام المعارضة الفلسطينية وإضعاف التيارات العلمانية التقدمية. ورغم أن التقرير كان مختوما بـ "ليس للتوزيع أو النشر"، إلا أنه تم تسريبه إلى مجلة نيوزويك بعد وقت قصير من كتابته.
وهذا رابط لتحميل التقرير لمن يرغب في الإطلاع عليه
‏https://www.transcend.org/tms/wp-content/uploads/2014/07/sf-israel-projects-2009-global-language-dictionary.pdf



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هاسبارا - فلسفة إسرائيل الإعلامية
- الذاكرة
- الرسالة الأخيرة
- جذور المقاومة والإرهاب
- مهزلة القانون الدولي ومجلس الأمن
- العسكر والإرهاب
- قريبا .. نهاية العالم
- الدولة والإرهاب
- ظاهرة الإستسقاط وعلاقة الفن بالهلوسة
- إغتيال الأمل
- العدمية الإسلامية
- عن الكتابة أثناء وبعد المجزرة
- الإرهاب والعدمية
- تِك تاك تِك تاك بوم
- أبجدية الزلازل
- الكوابيس الملونة
- الإنعتاق
- أوقفوا ضخ النفط لإنقاذ ما تبقى من غزة
- لماذا مشايخ العرب لم يوقفوا ضخ النفط ؟
- عن حماس والإخوان والمقاومة


المزيد.....




- أسموها -قاعة هند-.. طلاب متضامنون مع الفلسطينيين يغلقون مدخل ...
- هدى عبد المنعم.. 2000 يومًا من الاحتجاز التعسفي
- كيف تتصرف إذا علقت داخل المصعد مع انقطاع الكهرباء؟
- المكسيك تتهم الإكوادور بانتهاك القانون الدولي وترفع دعوى ضده ...
- من الشام إلى المهجر البرازيلي..
- زيارة لوزير أوروبي إلى دمشق هي الأولى من نوعها منذ بدء أزمة ...
- حماس: العرض المصري الحالي هو أفضل ما قدم لنا والتوصل إلى اتف ...
- الصين تقول إن حماس وفتح تبديان رغبة في المصالحة بعد محادثات ...
- قصف إسرائيلي استهدف منزلا في حي الصبرة بمدينة غزة
- الاحتلال الإسرائيلي يدمر قسم غسيل الكلى في مستشفى الشفاء بغز ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعود سالم - هاسبارا - فلسفة إسرائيل الإعلامية -٢