أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آرام كربيت - هواجس في الثقافة مقتطفات 10















المزيد.....

هواجس في الثقافة مقتطفات 10


آرام كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 7851 - 2024 / 1 / 9 - 17:30
المحور: الادب والفن
    


الكراخانة
في مدينة القامشلي، كان المحل العمومي، الذي كان لا يزال يسمى باللغة الشعبية، الكرخانة، الملاصق للحدود مع الدولة تركيا، وعلى مسافة قريبة من المدينة الصناعية.
عندما كنت صغيراً في السن في فترة المرحلة الأعدادية، أي في الصف السابع، كنت أعمل في محل تصليح كهرباء السيارات، كمهنة أو لتطييف الوقت في فترة الصيف.
في كل يوم تقريبًا، وخلال فترة العصرونية، كنت أرى المومس، مريم وكانت تسمى مريمكيه تحببًا أو احتقارًا.
امرأة نحيفة جدًا، في وجهها بقايا حياة، وجهها عابس وجدي، منزع الجمال، مملوءة ثقة في النفس، معتدة بنفسها وبذاتها ووجودها، تتجه نحو عملها مرفوعة الرأس، ترفرف الهيبة والمهابة منها.
وكان لها موقعها العميق لدى أغلب الشباب والرجال في دنيا بداية السبعينات.
تشق طريقها مارة وسط محلات الصناعة أو تصليح السيارات وهي في حالة إباء.
ما لفت انتباهي أن أغلب الرجال كانوا يقفون أمام محلاتهم في حالة نكوص وخضوع وصمت، ورؤوسهم منخفضة، احتراماً لها وتقديراً لمكانتها.
كانوا يشعرون أن هيبتهم قابعة في ظل فخذيها، لهذا كان للمرء القارئ القدرة على قراءة الوجوه المهزومة أمام ظل امرأة او بقايا امرأة.
كانت عيون الذكور مملوءة بالشهوة والحرقة، والآهات والحسرة تنبثق من جوفه عقولهم، ونظرات الرغبة المقبورة في ذواتهم المحرومة.

الهواية
قالت لي:
ـ هل تحب سماع أغنية بصوتي؟
قلت لها:
ـ وهل تغنين؟
ـ هواية، أغني كهواية، هاوية.
أرسلت لي مقاطع غناء بصوتها، لأم كلثوم وأسمهان ومحمد عبد الوهاب، حقيقة استغربت من جمال صوتها وقوته ونظافته ورقته.
سألتها:
ـ ولماذا لم تغنين في وقت مبكر من عمرك؟
ـ لا تذكرني، أنها الحياة في بلادنا، قمع لكل ما هو جميل فيه. ليس كل إنسان لديه القدرة على الخروج من النفق المظلم يا صديقي. أننا أسرى الواقع.
شعرت أثناء غناءها أنني برفقة العديد من الأصدقاء والصديقات في فترة الشباب الأول، في العشرينات، وأننا معًا، والعود يجود ويحلق ويعزف، والصديقة تغني، ونحن ننطرب ونتمايل وننتشي ونحلق ونطير.
كان هذا الإحساس الجميل الذي رافقني، إحساس رقيق مثل خيط البيلسان، يقول لي، أننا في بلد حر ووطن حر، والناس الذين حولنا يشبهوننا في الفرح والحب والجمال والرقة.
كنا فوق الواقع، أقرب إلى النيرفانا أو اليوتوبيا، بين الغيوم وعلى حدود السماء أو إلى جوارها
لم يكن الديكتاتور موجودًا. كان ميتًا. كان الحلم حرًا، حلم راقص، كان يرقص فوق بقايا دولة الاستبداد المنهارة، طامرًا قذارتها وقواعدها. ورأينا أنفسنا منفصلين عنها في العمق والسطح.
كنّا البشر بكل نقاءهم وجمالهم ورقتهم، بعيدًا عن ما خلفته لنا الأيديولوجيات القميئة على مدى مئات السنين، بل آلاف القرون من الجمود والتحجر والقمع الذاتي.

عن السلطة
بوجود السلطة وسيطرتها على المجال العام، دخل الإنسان الغربة الوجودية مجبرًا.
تلقفته هذه السلطة، أخرجته من ذاته الطبيعية، وخلقت له ذاتًا على مقاس ذاتها.
وخلقت له تاريخًا هو تاريخها.
وفصلته كما يفصل الخياط ثوبًا كما يريد ويرغب. وحسب ما تستدعيه الحاجة، كسرير بروست، تقص الطويل وتطول القصير، إلى أن يدخل ضمن سريرها وعلى مقاسها.
قلنا سابقًا:
ـ لا تاريخ للإنسان خارج تاريخ السلطة.
نحن مجرد غرباء على مائدتها، نقتات من فتاتها، ونسبح بحمدها.
هذا الإنسان لا إنسان هو مجرد شيء.

مفهوم الدولة
مفهوم الدولة مغاير لمفهوم الحرية، الدولة والحرية متناقضتان في الجوهر والسطح.
لا يمكن للحرية والدولة أن يتصالحا، كل مفهوم منهما له ميدانه الخاص فيه، ولا يمكن أن يتوافقان.
الحرية أما أن تكون كاملة أو لا تكون، والدولة هي الدولة، جهاز فوقي.
الدولة منذ أن وجدت، كانت ولا زالت أداة استلاب وقمع للحرية، سواء المرئي منها أو المستتر، دون الدولة الحياة مستحيلة وبوجودها يشعر الإنسان بالغربة والضياع والتهميش.
أغلبنا يعيش تحت سقفها، أنها آلة طاحنة، الفاصل والفيصل في كل شؤون حياتنا ووجودنا وبقاءنا.
إنها الخصم والحكم، عامل اساس لتنظيم العبودية والخضوع، بيد أنها جعلت الفرد في كل أنحاء العالم جزء من دولابها، جزء من إرادتها وقوانينها، ولا يمكنه أن يعيش بمعزل عنها.
لقد انخرط أغلب الناس في مؤسساتها، لدرجة أصبحت رب العمل، صانعة لبقاءهم واستمرار حياتهم، يعملون في جهازها من خارجه في تسيير جهازها وآلتها.
صحيح أنها تمثل الطبقة المسيطرة، بيد أنها تسمح لبقية فئات المجتمع أن يعيشوا في سلام مختلس، تحت سقف العبودية، أن يأكلوا ويشربوا ويتناسلوا، ويستمروا.
هذا الربط بين جهاز القمع الأول، الدولة، والمجتمع أصبح ضرورة من ضرورات الحياة، لا يمكن الفكاك منهما في الزمن المنظور.
المؤسسة، هي الآلة العبودية الأول، القمع المبطن، نذهب إليها بكامل حريتنا وإرادتنا، ونسعد بخضوعنا الطوعي لها.
تأتي السياسة كمبخر، أو حامل المبخرة في سماء الدولة، لكن أين هي في هذا النص؟
هل يوجد دولة دون سياسة؟ من هم الساسة الذين ينظمون شؤون الدولة؟ أين جهاز المخابرات، القطاع العسكري، مصالح النخبة؟ هل الدولة بهذا التبسيط؟



بداية الثورة السورية
سيكون هناك ضحايا أكثر في الأيام القادمة إذا لا يدرك اولئك الذين يمسكون بزمام القيادة في المعارضة السورية.
أقول عليهم يدركوا شروط الخارج للخروج من الأزمة السياسية.
عليهم أن يملكوا الجرأة لمعرفة من يدور في أروقة البيوت السياسية العالمية قبل فوات الأوان.
هذه الأنظمة لا تتغير بسهولة التي يظن الكثير، أنها محمية كثيرًا من الخارج هذه المحميات.
إن يكون هناك عقلانية في الممارسة السياسية وفي المطالب السياسية.
إن نفاوض على المرحلة القادمة ونساومهم وفق شروطنا، أن نطلب ايقاف القتل والتهجير، أن يعود الجيش إلى ثكناته، أن نقبل بتسوية سياسية للمرحلة الانتقالية.

عن الجهل
الجهل كمان يندرج تحت بند الحرية الشخصية.
يعتقد البعض أنه خيار شخصي، لأن الثقافة تحتاج إلى عمل وجد ونشاط وروح باحثه عن الجمال.
وربما هو افتقاد للوعي.

الفاشية
عندما تفقد سلطة رأس المال الدولي القدرة في السيطرة على الفضاء العام تلجأ إلى القوة المجردة، إلى الفاشية للخروج من الأزمة، من حالة اليأس أو الانهيار العام الذي يلم بها.
وإن الوسائل التي تلجأ إليها هو الحرب الشاملة على المستوى الداخلي والعالمي كبديل عن تأكلها وهزيمتها.
فالفاشية هي حالة نكوص على الذات، ارتداد على الذات الضيقة، حاجة داخلية لإعادة تمركز السلطة في يد النخبة التي تعمل من أجل إعادة السيطرة على التراكم على المستوى الدولي كحالة أخيرة لبقاءها على قيد الحياة.
الفاشية السابقة كانت تعمل من أجل تعزيز وجودها في داخل بلدانها، بينما ما يحدث اليوم هو الخروج من إطار المحلي للتحكم في العالمي، وسرقة المال السائل والثروات من خلال زرع الخوف والرعب في نفوس الحكام والمجتمع في هذا العالم كله.
نحن أمام تحولات هائلة في الدولة والمجتمع على الصعد المحلية والدولية.


القدر أو الصدفة
القدر بالنسبة لي هو صدفة علمية، هو نتاج تراكم سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات أو الدول.
لا شيء ينبع من الفراغ أو الوهم، الصدفة نتاج الحركة والعمل، تتجمع الطاقات التي يقوم بها الأفراد والجماعات فتتشكل من الروافد الكثيرة المتجمعة نهر عظيم.
والقدر أو التراكم له جانبين، مثل النهر تمامًا، ربما هذا التراكم يؤدي إلى فيضان جارف يأتي على المدن كلها أو يسير في مجرى أمن ومنظم ولطيف، كله مرهون بحركة الأفراد أو المجتمع أو الدولة وحركتها وقدرتها على إدارة ملفاتها الكثيرة باقتدار وكفاءة أو العكس، ربما تدار بغباء وقلة الحيلة أو المعرفة.

السجين السياسي
السجين السياسي، سجنه ليس محليًا، ليس سجينًا في نظام الاستبداد الوطني، في بلدان الاستبداد الثقافي والسياسي والاجتماعي.
يبدو من الخارج أنه مسجون في وطنه، بيد أن الواقع مختلف تمامًا، أنه سجين النظام الدولي كله.
هذا النظام الدولي مترابط مع بعضه بوشائج عميقة وقوية جدًا، متداخل، يرفد بعضه، يسند بعضه، في كل المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية مخافة أن يهار، ولا يسمح لسقوط أي نظام إلا بموافقة النظام كله أو عمومه.
إنه نظام مخابراتي، متداخل، التنسيق بين أجهزة المخابرات على قدم وساق، ليس اليوم، أنما منذ عشرات العقود.
المجتمعات في العالم رهينة في يد هذا النظام العالمي المخابراتي، الذي يشبه جراء الضباع، يلعبون معًا، لكن الناظر لهم يظن أنهم يتقاتلون.
هذا النظام جاهز للانقضاض على أي مجتمع يفكر من الخروج من تحت وصايته، وتجربة سوريا جلية للعيان في الأمس، وكازاخستان في الأمس اليوم.
أسرعت روسيا إلى كازاخستان لإنقاذ النظام الفاسد فيها بأسرع من البرق، ولتعطي دروسًا للمجتمعات في العالم أن الوصاية عليه مستمرة.



#آرام_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواجس في الثقافة مقتطفات ـ 9 ـ
- هواجس في الثقافة مقتطفات 8
- هواجس في الثقافة مقتطفات ـ 7 ـ
- هواجس في الثقافة مقتطفات 6
- هواجس في الثقافة مقتطفات ـ 5 ـ
- هواجس في الثقافة مقتطفات ـ 4 ـ
- هواجس في الثقافة مقتطفات 3
- هواجس في الثقافة مقتطفات 2
- هواجس في الثقافة ـ مقتطفات ـ 1 ـ
- عيد رأس السنة الجديدة في السجن
- فرانكشتاين
- قراءة متأنية في رواية الرحيل إلى المجهول للكاتب آرام کرب ...
- الهيمنة
- البشموري
- والدي العاقر
- المثقف العضوي
- مشكلة سبينوزا
- الكبت في رواية عندما بكى نيتشه
- عندما بكى نيتشه
- الوعي المغيب


المزيد.....




- فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال
- الشريط الإعلاني لجهاز -آيباد برو- يثير سخط الفنانين
- التضحية بالمريض والمعالج لأجل الحبكة.. كيف خذلت السينما الطب ...
- السويد.. سفينة -حنظلة- ترسو في مالمو عشية الاحتجاج على مشارك ...
- تابعها من بيتك بالمجان.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة ...
- ليبيا.. إطلاق فعاليات بنغازي -عاصمة الثقافة الإسلامية- عام 2 ...
- حقق إيرادات عالية… مشاهدة فيلم السرب 2024 كامل بطولة أحمد ال ...
- بالكوفية.. مغن سويدي يتحدى قوانين أشهر مسابقة غناء
- الحكم بالسجن على المخرج الإيراني محمد رسولوف
- نقيب صحفيي مصر: حرية الصحافة هي المخرج من الأزمة التي نعيشها ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آرام كربيت - هواجس في الثقافة مقتطفات 10