أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - السكيتش- بين محمد خضير وعواطف محجوب..















المزيد.....

السكيتش- بين محمد خضير وعواطف محجوب..


حكمت الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 7848 - 2024 / 1 / 6 - 16:15
المحور: الادب والفن
    


تهدي الكاتبة التونسية عواطف محجوب كتابها هذا* "إلى المبدع الموغل في القصِّ، محمد خضير". فهي تعلن لنا منذ مصافحة البداية ما معنى العنوان الثاني لمجموعتها القصصية "مزمنة" والذي جاء بمسمى "سكيتشات قصصية". إذ هي تعلم، كما نعلم نحن، إن محمد خضير، الكاتب العراقي الكبير صاحب "المملكة السوداء"، و"في 45 درجة مئوي"، و"رؤيا خريف"، له قصب السبق في قصصنا العربي المعاصر في توطين هذا المنزع السردي أو النوع الأدبي الذي أطلق عليه، ومنذ قصته "الحاجز"، اسم "السكيتش القصصي"، (أو كما كان يكتبه بصيغة "السكيج القصصي"، ثم عدل عن ذلك لاحقا، وحسنا فعل).
يعرف محمد خضير "السكيتش القصصي" على أنه "نوع أدبي يأخذ مداره السردي الحقيقي بين أنواع هامشية أخرى من السرد". ويعترف بأن هذا النوع قد ساد في منتصف القرن الماضي، وسُمي بـ"السكيتش" أي "التخطيط الأولي" لنماذج بشرية، أو لموقف وتجربة شخصية. ويستدرك بأن وسائل التواصل الإجتماعي الإلكترونية واسعة الانتشار اليوم مثل الفيسبوك وإكس (تويتر سابقا) والمدونات، "تقوم برعاية مثل هذه الأنواع المنقرضة المرتبطة بالصحافة (الخاطرة، البروفيل، لقطة الرصيف، حقيبة المتجول، صندوق البريد، المفكرة اليومية..) التي تندرج بشكلٍ سرديّ ما، تحت مفهوم "السكيتش" المستعار من فنّ الرسوم التخطيطية".
أما قيمة هذا النوع، ودائما مع محمد خضير، "فلا تتحدد بدرجة العمل الكامل. فهناك تخطيطات فنية ظلّت على نقصها، دليلاً على قمة الإنجاز والإبداع. وقد يفكر كاتب "السكيتشات" في تطويرها أو في استثمارها في عمل لاحق أكثر كمالا واكتمالا".
نظرت عواطف محجوب في الأمر مليا، وبعد تجاربها في مجموعتها القصصية الصادرة من قبل بعنوان "لاعب الظل"* والتجارب ما بعدها، فوجدت ان "السكيتش" ليس فرعا من فروع القصة القصيرة. فالقصة القصيرة "هي نوع من الأدب يركز عادة على حادثة أو شخصية واحدة وهي أقصر في الطول مقارنة بأشكال أخرى من السرد. غالبًا ما يكون لها بداية ووسط ونهاية وتهدف إلى نقل سرد كامل في حدود عدد الكلمات المطلوبة".
ويبدو أن سمة "اللااكتمال" أو النقصان، هي التي أغوت عواطف محجوب، (وربما أغوت غيرها) في توصيف محمد خضير لمفهوم "السكيتش القصصي"، فوجدت، كما يجد غيرها من الكتاب، ركاما من القصاصات المتخلفة من أعمال أدبية، وأجزاء من مذكرات يومية، وقطع من مشاريع لقصص لم يحالفها الحظ في الاكتمال، وغيرها من الزوائد التي تبقى عزيزة على الكاتب فلا يتلفها، ولكنه في عين الوقت يعلم تماما انها لا تتعضى لتولد على شكل نصوص منجزة قابلة للنشر.
وهنا تأتي عبقرية فكرة محمد خضير الآسرة عن مفهوم "السكيتش القصصي".
إنها حبل إنقاذ لجميع كتاب الأدب السردي الخيالي.
وهنا تأتي أيضا أهمية تلك الفوارق الضئيلة، لكن المنهجية، ما بين ابتكارات محمد خضير في "السكيتش القصصي" والدعوة إليه، وبين إضافات عواطف محجوب على أفكار من وجدته رائدا لها، وذلك في مفهومها عن السكيتش السردي"، والكتابة فيه.
لقد رأيت من زاوية نظري، وأنا الزاعم أني ضليع في قراءة إبداعات محمد خضير، منذ بواكيره، والبحث في إعجازها الأدبي، والزاعم إني ملم بإنجازات عواطف محجوب في ميدان السرد القصصي، رأيت أن محمد خضير يدعو إلى "السكيتش القصصي"، بينما تدعو عواطف محجوب إلى "السكيتش السردي".
فكيف ذلك؟
لنتفق باديء ذي بدء، وكما هو موثق في النقد الأدبي الإنگلوسكسوني في الأقل، إن "السكيتش" هو قطعة كتابية موجزة وانطباعية، تلتقط لحظة أو مشهدًا. إنها أقصر حتى من القصة القصيرة، وعادة ما تفتقر إلى هيكل سردي مقبول. قد يوفر "السكيتش" نظرة سريعة على حياة شخصية ما أو جانب من سيرة معينة، ولكنه لا يهدف بالضرورة إلى سرد قصة كاملة. لذلك، وعلى الرغم من أن القصص القصيرة و"السكيتشات" هي أشكال من أدب الخيال، إلا أنها تختلف من حيث الطول والهيكل ونطاق السرد. لكنهم يفرقون أيضا ما بين "سكيتش القصة"، و"سكيتش السرد". يمكن اعتبار "السكيتش" على أنه فرع ثانوي أو شكل متميز ضمن الفئة الأوسع للسرد الوجيز ، لكنه في الوقت نفسه لا ينتمي أجناسيا للقصة القصيرة. إن الفرق ما بين "السكيتش السردي"، و"السكيتش القصصي" إنما يكمن في تركيزهما وأغراضهما المختلفة.
السكيتش السردي NARRATIVE SKETCH هو قطعة كتابية موجزة تهدف إلى نقل سرد كامل في حدود عدد الكلمات المحدودة. عادة ما يتبع السكيتش السردي هيكل سردي تقليدي، مع بداية ووسط ونهاية واضحة. يركز "سكيتش السرد" على سرد قصة أو تطوير الشخصيات واستكشاف المواضيع ضمن قيود تنسيقه الموجز. قد يوفر نظرة سريعة على حياة شخصية ما أو بروفيل معين، ولكن هدفه الأساسي هو إنشاء سرد متماسك.
من ناحية أخرى، السكيتش القصصي STORY SKETCH هو قطعة كتابية موجزة وانطباعية تلتقط لحظة أو مشهدًا، ولا يهدف بالضرورة إلى سرد قصة كاملة أو اتباع هيكل سردي تقليدي. بدلاً من ذلك، يركز "سكيتش القصة" على استحضار مزاج أو جو أو عاطفة محددة من خلال وصفات وصور حية. قد يوفر لمحة عن حياة شخصية ما أو صورة قلمية لها، ولكن يبقى الغرض الرئيسي هو إنشاء انطباع واضح ولا يُنسى عبر عملية السرد نفسها.
باختصار: محمد خضير يرى إن صفة "اللاإكتمال" ضرورية للسكيتش القصصي وهي ملازمة له منذ تركه كقصاصة، وقد يجنح فيما بعد ليتحول إلى نص مكتمل بعد العمل عليه. بينما ترى عواطف محجوب إن "اللاإكتمال" هي سمة واعية يفرضها المؤلف على نص أساسي ليجعل منه سكيتشا سرديا، وينشره بهذا الوصف، دون أن يجنح لتحويله فيما بعد إلى نص مكتمل الأركان. بمعنى إن السكيتش هنا ليس "فضلة"، بل هو نص أساس يظهر نفسه وكأنه "فضلة".
قلت إن الفوارق طفيفة بين نوعي "السكيتش" المذكورين أعلاه، وإن التمييز بين تجارب الكتاب في انتهاج أي من السبيلين سيكون على النقد أصعب، لكن على الجميع الخوض في هذا المضمار الجديد، توطينا واستنباتا وتأصيلا لمشروع محمد خضير الرائد في هذا المجال، وكذلك بحثا وتحليلا ودرسا من خلال النقد والقراءة والتطبيق والمقارنة.
ولا شك إن ما قامت به عواطف محجوب في مجموعتها القصصية الجديدة "مزمنة" ليستحق منا كل التثمين. ولعل أقل ما يمكن القيام به تجاهها هو قراءة كتابها والكتابة عنه، والبحث والتقصي في كيفية قيامها بتطوير مفهوم "السكيتش"، وتوجيه التحية أيضا ولو من بعيد إلى ملك القصة القصيرة دون منازع، محمد خضير.

*هذا المقال بقلمي ورد كتقديم في كتاب عواطف محجوب بعنوان "مزمنة" والصادر راهنا عن منشورات كناية.
*مزمنة، سكيتشات قصصية، عواطف محجوب، كتاب كناية 2023.
*لاعب الظل، قصص قصيرة، عواطف محجوب، مومنت للكتب والنشر، 2021.

*خبر صدور "مزمنة"، وفيه إمكانية الحصول على نسخة من الكتاب:
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=1771116373312425&id=100012422385303



#حكمت_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بابِ الجَّلادين..
- ما بين الحجارة والطمي..
- حبنا الذي ترعرع في الكنائس..
- موزاريللا..
- جدل الصورة والقناع في -الكتابة بسيف الثائر علي بن الفضل- لعب ...
- ارتجال موسيقى الجاز، وعنوان رواية -جاز- لتوني موريسون، أية ع ...
- طبعة جديدة من -الكتابة بسيف الثائر علي بن الفضل-..
- أوزماندياس-؛ أو -رمسيس الثاني..
- أغنية أمين صالح الأولى: الرواية بشعر النثر..
- حينما يتمشى مَلاكٌ على المسرح: -جون فوسه- وريث العابثين..
- شعراء أساسيون..
- شعراء أساسيون عليك معرفة أعمالهم الثمينة..
- صوت من لا صوت لهم: -جون فوسه- بمسرحياته القصيرة يحصد -نوبل- ...
- An Allegory about a City.. كناية عن مدينة
- إثنان زائداً إثنين يساوي عشرة! السرد كأداة لتعزيز قوة الثقاف ...
- شاعر ليبي يقضي في إعصار دانيال..
- زلزال في المغرب..
- الشاعر وقناع الداندي..
- القصيدة العربية الجديدة ما بعد النثر والتفعيلة..
- قصيدة باتجاهين: تجربة في القراءة والترجمة..


المزيد.....




- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...
- -زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب ...
- اصدار جديد لجميل السلحوت
- من الكوميديا إلى كوكب تحكمه القردة، قائمة بأفضل الأفلام التي ...
- انهيار فنانة مصرية على الهواء بسبب عالم أزهري
- الزنداني.. رائد الإعجاز وشيخ اليمن والإيمان
- الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي ...
- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - السكيتش- بين محمد خضير وعواطف محجوب..