أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسن مدبولى - حكم قراقوش !!















المزيد.....

حكم قراقوش !!


حسن مدبولى

الحوار المتمدن-العدد: 7843 - 2024 / 1 / 1 - 20:48
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


اشتهر المملوك المصرى الشهير " بقراقوش " خلال سنوات سيطرته على حكم البلاد فى عصر الأيوبيين ، إشتهر بشخصية تتصف بالجور والفساد والفجر فى الخصومة والمكر والخديعة واللؤم والكراهية وعبادة الذات والسادية المفرطة ، كما تميز بعشقه وتلذذه بالتنكيل بالبسطاء والمقهورين والضعفاء ، وكل من يعترض على فرماناته العجيبة ، مع محاباته ودعمه للفاسدين واللصوص وناهبى الحقوق وفاقدى الأخلاق ، ومع ذلك كان يدعى دوما قربه من الله ورعبه الشديد من غضبه !!
وعلى المستوى الشخصى كان قراقوش يتسم بالغباء والحماقة ، وكان يمتلك عقلا شديد السطحية والضحالة ، فأساء إلى مقام العدالة بقراراته وفرماناته الهزلية ، وأصاب وجدان الأمة بالهم العظيم واليأس والغمة،
كما كان لا يقتدي بعالم، ولا يعرف المظلوم من الظالم، والنصرة عنده لمن سبق لا لمن صدق، وكانت الخلق تهابه من فحش غبنه وفظاعة نقمته ،حيث كان يشتط اشتطاط الشيطان، ويحكم احكاما ما أنزل الله بها من سلطان ،
وقد ساد فى عهده الفساد ،وانتشرت الجرائم فى عموم البلاد ،وكثرت المظالم بين العباد،كما جف الزرع والضرع وعانى الناس من وقف الحال ،وارتعبوا من سوء المآل ،

وقد حاول البعض الايحاء بأن شخصية قراقوش تلك شخصية غير حقيقية ،وانها محض خيال أدبى تاريخى من فرط ما يثار حولها من مبالغات غير معقولة وتتناقض مع تاريخ الحقبة الأيوبية ، لكن البعض الآخر يؤكدون بأنه كان أحد وزراء صلاح الدين الأيوبى في مصر ، بل كان ركنا من أركان توطيد حكمه،
عاش قراقوش في بداية حياته كمجرد غلامً مملوكي من أصل أجنبى غير معلوم الهوية أو الأصل ، لكن مع وضاعة منشأه إستطاع أن يتدرج بلؤمه ومكره ويصل لأعلى الدرجات حتى صار قائدًا عسكريًا في بلاد الشام، ومن ثم في مصر التي وصلها مع بزوغ فجر الأيوبيين وحكم صلاح الدين.
ووفقا لبعض الكتابات التاريخية فإن "أبو سعيد قراقوش بن عبد الله الأسدي" الملقب بـ"بهاء الدين قراقوش"،عاش في القرن السادس الهجري وقضى قرابة الثلاثين عاما في خدمة "صلاح الدين الأيوبي" ونجليه، وقيل إن "صلاح الدين" عينه نائبا عنه في مصر وفوض إليه أمورها واعتمد عليه في تدبير أحوالها ومن هنا حصل توليه لمقاليد السلطة والحكم فى عموم مصر ،،،
و توفى فى عام 595 هجرية والذى يوافق عام 1201 ميلادية ،

وهناك العديد من المواقف والوقائع الغير منطقية المنسوبة إلى قراقوش،والتى قد يكون بها بعض المبالغات الساذجة أو التحريف المتعمد بقصد التهويل والإساءة له من خصومه وكارهى حكمه وحكم الأيوبيين ، لكن تلك الوقائع فى مجملها تشير بإختصار إلى أن الشعب المصرى فى تلك الحقبة كان واقعا تحت ضغط كبير خاصة فيما يتعلق بعلاقته المعقدة والمضطربة دوما مع حكامه ، كما أن الوقائع ذاتها تثبت أيضا صحة مقولة المتنبى عن إنه وجد بمصر الكثير من المضحكات لكنه كان ضحك كالبكاء كما قال :

الواقعة الأولى
السابق الى الشكوى هو صاحب الحق ! !

يحكي ان شابا تعرض للضرب والاعتداء من أحد البلاطجة المعتادين على التسلط على خلق الله وذلك بعد أن حاول الشاب الدفاع عن اهل بيته وعن ماله ، ونما الى علم البلطجى أن الشاب سيذهب الى الحاكم للشكوى وطلب القصاص، فسارع البلطجى المعتدى بالذهاب الى دار القضاء ووقف بجانب قراقوش وعرفه بنفسه وبقدره وبنفوذه وخدماته للسلطان ، ثم ادعى انه مظلوم وأن شخصا ما يفترى عليه كذبا ،،،
وعندما اقبل الشاب الضحية وعليه علامات الاعتداء من كسور و جروح ،سارع البلطجى بالقول هذا هو الذي ضربنى وحاول قتلى ونهب أموالى والاعتداء على أهل بيتى ، فأقبل قراقوش على الشاب المظلوم المصاب وانهال عليه بالسوط بلا رحمه، وأمر حاشيته فبطحوه وكسروا عظامه حتى اشرف على الموت بينما الشاب يصرخ انا مظلوم، انا مظلوم أنا جئت شاكيا أطلب العدالة ، فرد عليه قراقوش قائلا: إن المظلوم الذى يريد العدالة هو الذى يسبق الجميع ويأتى الينا أولا رافعا شكواه !!

الواقعة الثانية
قراقوش والضرائب

يحكي ان جماعة من الفلاحين جاءوا الى قراقوش، وشكوا اليه ضخامة قيمة الخراج( الضريبة ) المفروضة على محصول القطن، وقالوا له: يا مولانا السلطان إن البرد الشديد أتلف القطن هذه السنة، واننا نرجو منك أن تسامحنا فى بعض المال المفروض علينا ،،
فكان جوابه لهم بعد سكوت طويل ،لأي شيء اسامح في بعض المال؟ لماذا لما رأيتم البرد إشتد لم تزرعوا مع القطن صوفا لاجل أن يدفئه، أنتم أغبياء استهنتم بعملكم وزراعتكم وتغافلتم عن واجباتكم وتريدون الفرار بفعلتكم وخداع الحكومة وأكل مال البلاد ،ثم أمر بجلدهم جميعا وحبس من يمتنع عن السداد ،،

الواقعة الثالثة
حصانة العسكر !!

روى ان جنديا من جنوده نزل في مركب، وكان به فلاح وزوجته، وكانت الزوجة حاملا في سبعة أشهر، فتحرش بها الجندى فنهرته فضربها فأجهضها وأفقدها وليدها وكاد يقتل زوجها ، فذهب الفلاح المكلوم الى الأمير بهاء الدين قراقوش، وشكا اليه الجندي، فتعمق قراقوش فى الامر وفكر طويلا ثم قال للجندي: خذ زوجة الفلاح عندك،فى دارك واطعمها واسقها حتى تصير حاملا في سبعة أشهر ثم أعدها الى زوجها. فقال الفلاح: يا مولانا لقد سحبت شكواى وتركت أجري على الله، ثم قام فقبل اقدام الجندى وطلب منه العفو والسماح ، و أخذ زوجته وخرج فارا طلبا النجاة له ولزوجته ،،

الواقعة الرابعة
العنصرية والتحيز

كان "قراقوش عنصريا " يميل إلى البيض ويكره السود وينحاز الى بنى جلدته من الأجانب غير العرب او المصريين ، وذات يوم إحتكمت إليه امرأة حجازية سمراء وجاريتها الرومية الشقراء ، وكانت تلك هي المرة الأولى التي يحكم فيها؛ فقالت الحجازية لـ"قراقوش": "إن هذه جاريتي قد أساءت الأدب على".. فنظر قراقوش إلى بياض الجارية الرومية وسواد الحجازية، وقال للحجازية: "ويلك هل الله سيخلق رومية بيضاء مليحة الملامح ويجعلها أمة و جارية لحجازية سوداء ؟
أنا لست أحمق أو مغفل".
ثم أمر جنوده باحتجاز الحجازية، لتقضي في السجن شهرا، فلما خرجت من السجن اعادوا عرضها عليه للبت فى أمرها فقالت لهم الحجازية اننى أعتقت الجارية وسحبت شكواى لكن قراقوش باغتها قائلا بل "إنها هي (أي الجارية الرومية ) التي تعتقك فأنت جاريتها وأن ارادت أن تبيعك فأنها تبيعك، وأمر باعادة السيدة الى السجن لحين حضور الجارية الرومية لتبت فى أمرها ،،

الواقعة الخامسة
عبقرية العدالة

- شكا رجل إلى قراقوش أن تاجرًا من التجار أكل عليه أمواله، فاستدعى قراقوش التاجر وسأله عن السبب فقال التاجر: "ماذا أفعل له أيها الأمير؟ كلما وفرت له الأموال لأسدد له دينه بحثت عنه فلم أجد له عنوان أذهب إليه فيه ، وفكّر قراقوش كعادته ثم حكم بأن يسجن الرجل الشاكى صاحب الدين الى أجل غير مسمى، وذلك حتى يعرف التاجر المدين مكانه عندما تتوفر معه الأموال ويأتى لتسديد الدين له ، فتنازل الرجل عن الدين قائلا: "أجري على الله".فوضت أمرى الى الله ،،

الواقعة السادسة
ذاكرة قراقوش وحكمته !

جاءت امرأة الى قراقوش، وشكت اليه ابنها، وقالت انه يضربها ، فامر قراقوش بحبس الولد لمدة عام ، فلما عادت السيدة الى بيتها تحسرت على ولدها، فعادت فى اليوم التالى الى الحاشية، وسألتهم اطلاق سراحه بعد أن منحتهم بعض المال .فنصحوها بأن تكتب عريضة تدعى فيها أن سنة الحبس قد انتهت وان ابنها يستحق الافراج والعتق !
ففعلت ذلك وقدمت العريضة لقراقوش، فلما قرأها قراقوش قال لها: انت تكذبين، وانا لست مسطولا أو مخدورا ، لايزال متبقى على ابنك يوما كاملا من السنة ولابد من استكمال حق العدالة ، وامر باطلاق سراح الابن فى اليوم التالى .

الواقعة السابعة
لا قيمة للانسان وحياته

جاءت الشرطة لـ"قراقوش" بغلام كان يعمل عنده حداد،ليفصل فى أمر إتهامه بجريمة قتل، فأمر بشنقه، فقيل له: "إنه حدادك الذي ينعل لك الفرس والأحصنة ، فنظر "قراقوش" ناحية بابه فوجد رجلا آخر يعمل كصانع أقفاص فقال: "ليس لنا بهذا القفاص حاجة، اشنقوا القفاص واتركوا الحداد لكي ينعل لنا الفرس".

الواقعة الثامنة
الجهل المطبق !!

ومن بين ما قيل عن "قراقوش" أيضا أنه لم يكن يعرف الفارق بين الشعر والقرآن من فرط جهله ، حتى أن رجلا جاء إليه ومدحه بقصيدة من الشعر وأنشدها بصوت رخيم طيب شديد العذوبة ، فقال له "قراقوش": "يا مقرئ أحسنت لقد قرأت قراءة طيبة" لكلام الله فتح الله عليك، ينبغى أن تصلى بنا بتلك الآيات المحكمات ، فبهت الشاعر وظنه يبالغ فى مدحه !؟
ومن النوادر الأخرى فى هذا الخصوص انه قيل له إن طائر "الباز" المفضل لديه قد هرب من القفص وطار، فأمر قراقوش بغلق كل أبواب القاهرة حتى لا يستطيع الطائر الفرار خارج الديار ،

وما بين صورة الغباء والحمق يختلف البعض حول الرجل ، فمنهم من يصفه بالديكتاتور، بينما يصفه آخرون بالفيلسوف غير المألوف ، لكن المؤكد أن صورة قراقوش على غرابتها ومأساتها باتت امرا عاديا معتادا يعكس جانبا واقعيا من حياة المصريين البائسة عبر التاريخ ،،،،،



#حسن_مدبولى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كارلوس وفلسطين ،،
- الحركيون العرب !!
- الشنتو والكامى واليابان !!
- الإقتصاد والنهب والحرية !!
- العاصمة الإدارية الجديدة ،،
- بين غزة وبولاق أبو العلا !!
- شخصيات عظيمة على طريق النضال الثورى والماركسى ،،
- التاريخ والأستثناء
- الإحتلال يدهس، والمصريون يحتفلون !
- إحنا آسفين يا بيومى !!
- إحنا آسفين يا صلاح انت كمان؟
- ماضون حتى 2030،لكن رفقة الغلاء إلى متى !؟
- جرائم ،وجرائم !!
- طيبة قلب بايدن، أو غباؤه ،
- الصليب الأحمر والرحلة 571
- السكة للصين،والمسافة لغزة !؟
- النصر البيروسى !؟
- ما العمل المصرى !؟
- الرد على الإبتزاز المهين ،،
- سلام لفلسطين ،،


المزيد.....




- جامعة إيرانية: سنقدم منحا دراسية للطلاب المطرودين من جامعات ...
- لبنان.. لقطات توثق لحظة وقوع الانفجار بمطعم في بيروت وأسفر ع ...
- هدنة مع حماس أو اجتياح رفح.. خيارات إسرائيل بشروط أمريكية
- وزير الخارجية السعودي أجرى اتصالين هاتفيين برئيس مجلس السياد ...
- زيلينسكي يقيل رئيس قسم الأمن السيبراني في هيئة الأمن الأوكرا ...
- برلماني أوكراني سابق يكشف مخططا غربيا يخص زيلينسكي سيكتسح ال ...
- -استهداف مبان وموقع عسكري جنود-..ملخص عمليات -حزب الله- ضد ا ...
- طقس العرب: صورة فضائية تاريخية لاتساع غير معهود لسحب رعدية ف ...
- خبير عسكري: حزب الله نجح في قصف مواقع القبة الحديدية بأساليب ...
- مقتل عنصر من كتيبة طولكرم برصاص أجهزة أمن السلطة الفلسطينية ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسن مدبولى - حكم قراقوش !!