|
|
اَلْأَحْلَام وَقِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ -اَلْجُزْءَ اَلثَّامِنَ عَشَر-
اتريس سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 7833 - 2023 / 12 / 22 - 17:25
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
37 _ اَلْأَحْلَام وَمَرَاحِلِنَا اَلْعُمْرِيَّةِ بِإخْتِلَافِ مَرَاحِلِنَا اَلْعُمْرِيَّةِ، تَخْتَلِفَ أَحْلَامَنَا، مِنْ أَتْفَهَ اَلْمَوَاقِفَ اَلْيَوْمِيَّةَ اَلَّتِي تُصَادِفُنَا فَجْأَةِ إِلَى أَقْصَى دَرَجَاتِ اَلطُّمُوحِ اَلَّتِي نَسْعَى لِلْوُصُولِ لَهَا فِي اَلْحَيَاةِ اَلْعَمَلِيَّةِ، تَتَغَيَّرَ اِهْتِمَامَاتِنَا وَ آمَالَنَا. فَالْأَحْلَامُ عَالَمٌ مُتَوَغِّلٌ فِي عَقْلِكَ، يَأْخُذَ وَضْعُهُ بِتَغَيُّرَاتِ اَلزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْآمِلَاتِ وَالْمَرَاحِلِ اَلْعُمْرِيَّةِ وَالظُّرُوفِ اَلْمُرْتَبِطَةِ بِكُلِّ هَذِهِ اَلْمَعَايِيرِ عَلَى اَلرَّغْمِ مِنْ إخْتِلَافِهَا إخْتِلَافًا جَذْرِيًّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُحْتَوَى وَالشُّعُورِ، فَإِنَّ حَالَاتِ اَلْحُلْمِ لَا تُقِلُّ تَعْقِيدًا عَنْ حَالَاتِ اَلْيَقَظَةِ. فَإِذَا مَا نَظَرُنَا إِلَى حَيَاةِ فَرْدِ مَا، نَجِدُ أَنَّ أَحْلَامَ اَلْأَطْفَالِ تَخْتَلِفُ تَمَامًا عَنْ أَحْلَامِ اَلْبَالِغِينَ. يَمِيلَ اَلْأَطْفَالُ إِلَى اَلْأَحْلَامِ اَلَّتِي تَعْتَرِيهَا اَلتَّفَاعُلَاتُ اَلْعَاطِفِيَّةُ مَعَ أَفْرَادِ اَلْأُسْرَةِ، وَ الْأَصْدِقَاءُ وَالْحَيَوَانَاتُ اَلْمُخِيفَةُ، فِيمَا يَحْلُمُ اَلْبَالِغُونَ بِغَيْرِهِمْ مِنْ اَلْبَالِغِينَ. وَتَزْخَرَ أَحْلَامُ اَلشَّبَابِ بِالتَّفَاعُلَاتِ اَلِإجْتِمَاعِيَّةِ بَيْنَ اَلْحَالِمِ وَالْأَصْدِقَاءِ اَلْحَالِيِّينَ وَأُولَئِكَ اَلَّذِينَ تَرْبُطُهُمْ بِهُمْ عَلَاقَاتٌ عَاطِفِيَّةٌ. كَمَا تَخْتَلِفُ أَحْلَامَ اَلرِّجَالِ إِلَى حَدٍّ كَبِيرٍ عَنْ أَحْلَامِ اَلنِّسَاءِ، إِذْ تَحْلُمُ اَلنِّسَاءُ بِكُلٍّ مِنْ اَلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ بِالتَّسَاوِي فِي أَغْلَبِ اَلْأَحْيَانِ، وَغَالِبًا مَا يَحْلُمُ اَلرِّجَالُ أَكْثَرَ بِالرِّجَالِ اَلْآخَرِينَ. وَيَمِيلَ كِبَارُ اَلسِّنِّ أَكْثَرَ إِلَى اَلْأَحْلَامِ اَلَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْأَعْمَالِ اَلْإِبْدَاعِيَّةِ وَ الْمَوْرُوثَاتِ وَالْمَخَاوِفِ اَلدَّائِمَةِ، فِي حِينِ تَعِجُّ أَحْلَامٌ اَلْمُحْتَضِرِينَ بِعَدَد مِنْ اَلظَّوَاهِرِ اَلْخَارِقَةِ لِلطَّبِيعَةِ، وَمَشَاهِدُ اَلْعَالَمِ اَلْآخَرِ، وَصُوَرَ لِقَاءِ اَلْمَحْبُوبِ اَلَّذِي مَاتَ. إِنَّ اَلْأَحْلَامَ اَلَّتِي تَنْقُلُ اَلطِّفْلَ إِلَى اَلْعَالَمِ اَلِاجْتِمَاعِيِّ لِمُوَفِّرِي اَلرِّعَايَةِ خِلَالَ اَلْفَتَرَاتِ اَلْأُولَى مِنْ حَيَاتِهِ تَصْطَحِبُ اَلْحَالِمَ بُرْقَةَ لِيَنْعَمَ بِقُرْبِ أَحِبَّائِهِ عِنْدَمَا تَقْتَرِبُ اَلْحَيَاةُ مِنْ نِهَايَتِهَا. وَتُرَافِقَنَا اَلْأَحْلَامُ حَرْفِيًّا مِنْ اَلْمَهْدِ إِلَى اَللَّحْدِ _ مِعْيَارُ اَلتَّوْقِيتِ : وَلَكِنَّنَا سَنَجِدُ اَلْأَمْرَ مُخْتَلِفًا، إِذَا حَوْلنَا أَنْظَارُنَا مِنْ دِرَاسَةِ اَلْأَحْلَامِ عَلَى مَدَارِ عُمْرِ اَلْإِنْسَانِ وَرَكَّزْنَا بَدَلاً مِنْ ذَلِكَ عَلَى اَلْأَحْلَامِ اَلَّتِي تُرَاوِدُنَا خِلَالَ لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، فَسَنَجِدُ أَيْضًا تَنَوُّعًا كَبِيرًا. تَتَنَاوَبَ فَتَرَاتِ نَوْمِ حَرَكَةِ اَلْعَيْنِ اَلسَّرِيعَةِ ( REM ) مَعَ فَتَرَاتِ نَوْمِ حَرَكَةِ اَلْعَيْنِ غَيْرِ اَلسَّرِيعَةِ ( NREM ) طَوَالَ اَللَّيْلِ، وَبَيْنَمَا يَتَقَدَّمُ اَللَّيْلُ تُصْبِحُ فَتَرَاتُ نَوْمِ حَرَكَةِ اَلْعَيْنِ غَيْرِ اَلسَّرِيعَةِ ( NREM ) أَقْصَرَ فِيمَا تُصْبِحُ فَتَرَاتُ نَوْمِ حَرَكَةِ اَلْعَيْنِ اَلسَّرِيعَةِ ( REM ) أَطْوَلَ. وَيُمْكِنَ أَنْ نَقْضِيَ حَوَالَيْ 45 دَقِيقَةٍ فِي فَتْرَةٍ مِنْ فَتَرَاتِ نَوْمِ حَرَكَةِ اَلْعَيْنِ اَلسَّرِيعَةِ قَبْلَ أَنْ نَسْتَيْقِظَ مُبَاشَرَةُ فِي اَلصَّبَاحِ. فَالْأَحْلَامُ اَلْمُسْتَمَدَّةُ مِنْ اَلِإسْتِيقَاظِ مِنْ نَوْمِ حَرَكَةِ اَلْعَيْنِ اَلسَّرِيعَةِ تَخْتَلِفُ تَمَامًا عَنْ اَلْأَحْلَامِ اَلْمُسْتَمَدَّةِ مِنْ نَوْمِ حَرَكَةِ اَلْعَيْنِ غَيْرِ اَلسَّرِيعَةِ. فَالْأُولَى مَلِيئَة بِالْعُدْوَانِيَّةِ عَلَى عَكْسِ اَلْأَخِيرَةِ. وَتَمِيلَ اَلْأَحْلَامُ اَلَّتِي تَحْدُثُ فِي وَقْتٍ مُبَكِّرٍ مِنْ اَللَّيْلِ ( اَلَّتِي تَتَأَلَّفُ غَالِبًا مِنْ نَوْمِ حَرَكَةِ اَلْعَيْنِ غَيْرِ اَلسَّرِيعَةِ NREM ) إِلَى اَلْإِعْلَانِ عَنْ مَسْأَلَةٍ عَاطِفِيَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِصِرَاعِ مَا يَجْرِي اَلتَّعَامُلُ مَعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ خِلَالِ اَلْأَحْلَامِ اَلْأُخْرَى اَلَّتِي تَدُورُ مَعَ تَقَدُّمِ اَللَّيْلِ. وَتَنْتَقِلَ اَلذِّكْرَيَاتُ اَلْعَاطِفِيَّةُ ذَهَابًا وَإِيَابًا مِنْ نَوْمِ حَرَكَةِ اَلْعَيْنِ غَيْرِ اَلسَّرِيعَةِ إِلَى نَوْمِ حَرَكَةِ اَلْعَيْنِ اَلسَّرِيعَةِ طَوَالَ اَللَّيْلِ ، حَتَّى تَسْتَقِرَّ فِي نِهَايَةِ اَلْمَطَافِ دَاخِلَ بُنُوكِ اَلذَّاكِرَةِ طَوِيلَةً اَلْأَجَلِ اَلْمَوْجُودَةِ فِي اَلدِّمَاغِ. كَمَا يَبْدُو أَيْضًا أَنَّ اَلْعَقْلَ اَلْحَالِمَ يَسْتَمِدُّ تَدْرِيجِيًّا اَلذِّكْرَيَاتِ اَلْأَقْدَمَ مِنْ بُنُوكِ اَلذَّاكِرَةِ أَثْنَاءَ تَقَدُّمِ اَللَّيْلِ. وَتَحْتَوِي أَحْلَامُ حَرَكَةِ اَلْعَيْنِ اَلسَّرِيعَةِ اَلَّتِي تَحْدُثُ فِي اَلصَّبَاحِ اَلْبَاكِرِ عَلَى عَدَدٍ مِنْ اَلْإِشَارَاتِ إِلَى ذِكْرَيَاتِ وَمَشَاهِدَ مِنْ اَلطُّفُولَةِ اَلْمُبَكِّرَةِ أَكْثَرَ مِمَّا تَحْتَوِي عَلَيْهِ أَحْدَاثُ حَرَكَةِ اَلْعَيْنِ اَلسَّرِيعَةِ اَلَّتِي تَجْرِي فِي وَقْتٍ مُبَكِّرٍ مِنْ اَللَّيْلِ. _ مِعْيَارُ اَلزَّمَانِ : لَا تَخْتَلِفُ اَلْأَحْلَامُ عَلَى مَدَى اَلْعُمْرِ أَوْ اَللَّيْلَةِ وَحَسَبٍ ، بَلْ تَخْتَلِفُ أَيْضًا عَبْرَ اَلْحِقَبِ اَلتَّارِيخِيَّةِ إِلَى حَدٍّ كَبِيرٍ. فَقَدْ كَانَ يَنْظُرُ إِلَى أَحْلَامِ اَلْيُونَانِيِّينَ وَالرُّومَانِ اَلْقُدَمَاءِ، وَفِي اَلْوَاقِعِ أَحْلَامِ مُعْظَمِ شُعُوبِ اَلْعَالَمِ اَلْقَدِيمِ، عَلَى أَنَّهَا بَوَّابَاتٌ تَقُودُ مُبَاشَرَةِ إِلَى عَالَمِ اَلْأَرْوَاحِ وَمَمْلَكَةِ اَلْأَجْدَادِ وَالْآلِهَةِ. وَنَظَرَتْ اَلشُّعُوبَ اَلْقَدِيمَةَ ( وَالشُّعُوبُ اَلتَّقْلِيدِيَّةُ حَتَّى يَوْمِنَا هَذَا ) إِلَى اَلْأَحْلَامِ عَلَى أَنَّهَا بِمَثَابَةِ مَكَانٍ يَجْرِي فِيهِ اَلتَّعَامُلُ مَعَ اَلْمَخْلُوقَاتِ اَلرُّوحِيَّةِ اَلَّتِي يُمْكِنُ أَنْ تُسَاعِدَكَ أَوْ تُعِيقكَ فِي شُؤُونِكَ اَلْيَوْمِيَّةِ إِلَى حَدٍّ كَبِيرٍ. _ مِعْيَارُ اَلْكَثَافَةِ وَالْقُوَّةِ : كَمَا تَخْتَلِفُ حَالَاتِ اَلْأَحْلَامِ أَيْضًا وَفْقًا لِمُعَدَّلِ كَثَافَتِهَا، فَكُلَّمَا زَادَتْ كَثَافَةَ اَلِإسْتِثَارَةِ اَلْفِسْيُولُوجِيَّةِ أَثْنَاءَ نَوْمِ حَرَكَةِ اَلْعَيْنِ اَلسَّرِيعَةِ، كُلَّمَا زَادَ مُحْتَوَى اَلْحُلْمِ غَرَابَةً. فَعَلَى سَبِيلِ اَلْمِثَالِ، تَعْتَبِرَ اَلْأَحْلَامُ اَلْعَادِيَّةُ أَقَلَّ كَثَافَةً مِنْ اَلْأَحْلَامِ اَلْكَبِيرَةِ اَلْمَلْحَمِيَّةِ. وَغَالِبًا مَا تَتَضَمَّنُ هَذِهِ اَلْأَحْلَامِ اَلْمَلْحَمِيَّةِ مَجْمُوعَةً مِنْ اَلْمَشَاهِدِ اَلَّتِي تُصَوِّرُ اَلْعَوَالِمُ اَلْمُذْهِلَةُ اَلَّتِي يَزُورُهَا اَلْحَالِمُ مِرَارًا وَتَكْرَارًا خِلَالَ اَلْعَدِيدِ مِنْ فَتَرَاتِ اَلْأَحْلَامِ. وَعَلَى اَلْجَانِبِ اَلْآخَرِ، يَبْدُو أَنَّ اَلْأَحْلَامَ اَلْعَادِيَّةَ تَحْتَوِي بَدَلاً مِنْ ذَلِكَ عَلَى مُحْتَوَى نَمَطِيٍّ عَامٍّ إِذْ لَا يَقُومُ اَلْحَالِمُ بِأَيِّ شَيْءِ تَحْدِيدًا سِوَى اَلتَّفَاعُلِ إجْتِمَاعِيًّا مَعَ وَاحِدٍ أَوْ اِثْنَيْنِ مِنْ اَلشَّخْصِيَّاتِ اَلْمَأْلُوفَةِ. وَتَحْتَوِي نُسْخَةُ اَلْأَحْلَامِ اَلْعَادِيَّةِ اَلَّتِي تَزِيدُ قُوَّتَهَا قَلِيلاً عَلَى كُلٍّ مِنْ اَلشَّخْصِيَّاتِ اَلْمَأْلُوفَةِ وَغَيْرِ اَلْمَأْلُوفَةِ. وَ تَتَمَثَّلَ هَذِهِ اَلشَّخْصِيَّاتِ غَيْرِ اَلْمَأْلُوفَةِ، عَادَةٌ، فِي اَلْغُرَبَاء اَلذُّكُورِ مِمَّنْ يُشَكِّلُونَ تَهْدِيدًا غَامِضًا، وَتَبْدَأَ هَذِهِ اَلشَّخْصِيَّاتِ فِي اَلظُّهُورِ عِنْدَمَا تُصْبِحُ اَلْأَحْلَامُ أَكْثَرَ قُوَّةً. وَعِنْدَ مُسْتَوًى أَعْلَى مِنْ اَلْقُوَّةِ، يَتَوَرَّطَ اَلْحَالِمُ وَكُلُّ اَلشَّخْصِيَّاتِ اَلْأُخْرَى اَلْمَوْجُودَةِ فِي اَلْحُلْمِ فِي أَحْدَاثٍ وَأَفْعَالٍ تَنْطَوِي عَلَى نَوْعٍ مِنْ اَلسَّرْدِ اَلْمُوَجَّهِ صَوْبَ اَلْهَدَفِ. وَتَدَخَّلَ اَلشَّخْصِيَّاتِ مَعًا إِلَى قِصَّةٍ تَتَطَوَّرُ سَرِيعًا وَ تَتَضَمَّنُ اَلْكَثِيرُ مِنْ اَلْأَحْدَاثِ اَلدِّرَامِيَّةِ وَتَغْيِيرَاتُ سَرِيعَةٌ مُتَتَالِيَةٌ فِي اَلْحَبْكَةِ فَضْلاً عَنْ اَلْكَثِيرِ مِنْ اَلصِّرَاعَاتِ اَلْعَاطِفِيَّةِ. وَفِيمَا تَزْدَادُ مُسْتَوَيَاتِ اَلْقُوَّةِ، تَبْدَأَ اَلْكَثِيرَ مِنْ اَلْعَنَاصِرِ اَلْمَرْئِيَّةِ اَلْغَرِيبَةِ فِي اِجْتِيَاحِ اَلْحُلْمِ. وَتَدَخَّلَ عَنَاصِرَ مِثْل اَلْبِيئَاتِ اَلْغَرِيبَةِ وَالْمُسْتَحِيلَةِ وَالْكَائِنَاتِ اَلْخَارِقَةِ وَالتَّحَوُّلَاتِ اَلْمَجَازِيَّةِ لِلشَّخْصِيَّاتِ وَالْأَشْيَاءِ إِلَى اَلْحُلْمِ. عَلَى اَلرَّغْمِ مِنْ أَنَّ بُعْد اَلْقُوَّةِ قَدْ يَكُونُ مَسْؤُولاً عَنْ مَجْمُوعَةٍ مِنْ أَنْوَاعِ اَلْأَحْلَامِ، لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَسْؤُولاً عَنْ بَعْضِ أَكْثَرِ حَالَاتِ اَلْأَحْلَامِ إِثَارَةً لِلِاهْتِمَامِ. فَعَلَى سَبِيلِ اَلْمِثَالِ، يَحْلُمَ مَبْتُورُو اَلْأَطْرَافِ كَثِيرًا بِأَنَّ أَطْرَافَهُمْ سَلِيمَةً. رُبَّمَا لَا يَتَعَرَّضُونَ لِفِقْدَانِ أَطْرَافِهِمْ فِي اَلْأَحْلَامِ حَتَّى بَعْدٍ سَنَوَاتٍ مِنْ اَلْبَتْرِ، وَ حَتَّى لَوْ كَانَتْ اَلْإِعَاقَةُ اَلْبَدَنِيَّةُ خِلْقِيَّةً. وَعَلَى نَحْوٍ مُمَاثِلٍ، لَا يُمْكِنُ تَمْيِيزَ أَحْلَامِ اَلصُّمِّ وَالْبُكْمِ خُلُقِيًّا أَوْ اَلْمُصَابُونَ بِالشَّلَلِ اَلْخُلُقِيِّ عَنْ اَلْأَشْخَاصِ غَيْرِ اَلْمُعَاقِينَ. يَبْدُو اَلْأَمْرُ كَمَا لَوْ كَانَ اَلْحُلْمُ لَدَيْهِ صَلَاحِيَّةُ اَلدُّخُولِ إِلَى اَلْحَالِمِ بِأَكْمَلِهِ اَلَّذِي يُعْتَبَرُ شَخْصًا مُخْتَلِفًا عَنْ اَلشَّخْصِ اَلَّذِي يَسْتَنِدُ عَلَى حَالَةِ اَلْوَعْيِ اَلْكَامِلِ. وَتَحْتَوِي تَقَارِيرُ اَلْأَحْلَامِ اَلْمُسْتَمَدَّةِ مِنْ اَلصُّمِّ وَالْبُكْمِ عَلَيْهِمْ وَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ وَيَسْمَعُونَ بِشَكْلٍ طَبِيعِيٍّ. وَذَكَرَ اَلْمَرْضَى اَلْمُصَابُونَ بِدَرَجَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ اَلشَّلَلِ اَلنِّصْفِيِّ أَنَّهُمْ يَحْلِقُونَ وَيَرْكُضُونَ وَيَسِيرُونَ وَيَسْبَحُونَ. وَيَدْخُلَ اَلْحُلْمُ إِلَى شَخْصِ مَا مُخْتَلِف عَنْ اَلشَّخْصِ اَلْيَقِظِ اَلَّذِي يُرَاوِدُهُ اَلْحُلْمُ. وَنُقْطَةُ وُجُودِ شُخُوصٍ فِي اَلْأَحْلَامِ تَتَدَاخَلُ بِقُوَّةٍ فِي اَلْأَحْلَامِ، إِذْ لَا تَعْتَبِرُ اَلشَّخْصِيَّاتُ اَلَّتِي تَظْهَرُ فِي اَلْأَحْلَامِ مُخْتَلِفَةً فَقَطْ عَنْ حَالَةِ اَلْوَعْيِ اَلْكَامِلِ لِلشَّخْصِ اَلْحَالِمِ، بَلْ يُمْكِنُ بِالْفِعْلِ أَنْ تُسَيْطِرَ عَلَى هَذَا اَلْوَعْيِ. وَيُمْكِنَ أَنْ يَنْطَوِيَ اِضْطِرَابُ تَعَدُّدِ اَلشَّخْصِيَّاتِ / اِضْطِرَابُ اَلشَّخْصِيَّةِ اَلِانْفِصَامِيَّةِ ( MPD / DID ) عَلَى ظُهُورِ شَخْصِيَّاتٍ بَدِيلَةٍ. وَعَادَةُ مَا يُظْهِرُ اَلتَّغْيِيرُ اَلْجَدِيدُ أَوَّلاً فِي اَلْحُلْمِ، ثُمَّ يُسَيْطِرُ لَاحِقًا عَلَى اَلْمَرَاجِعِ اَلسُّلُوكِيَّةِ لِلْفَرْدِ وَيُصْبِح بَدِيلاً فِي فَتْرَةِ اَلنَّهَارِ. وَسَيَشْهَدُ اَلْحَالِمُ فِي اَلْغَالِبِ تَحَوُّلاً مِنْ هُوِيَّتِهِ اَلْأَوَّلِيَّةِ إِلَى هُوِيَّتِهِ اَلْبَدِيلَةِ أَثْنَاءَ اَلْحُلْمِ. _ فِي هَذِهِ اَلْحَالَةِ مِنْ يَحْلُمُ بِمَنْ : نَلْجَأُ فِي تَحْلِيلِ هَذَا اَلصَّدَدِ إِلَى رُؤْيَةٍ هَامَّةٍ يَتَعَرَّضُ لَهَا اَلْكَثِيرُونَ وَلَا يَجِدُونَ لَهَا تَفْسِيرًا، فَيَحْدُثُ شَلَلُ اَلنَّوْمِ اَلْمَعْزُولِ ( ISP )، اَلَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهُ اَلْفَرْدَ اَلتَّحَرُّكَ أَوْ اَلتَّحَدُّثِ بَعْدَ اَلِإسْتِيقَاظِ مِنْ اَلنَّوْمِ، عِنْدَمَا يَسْتَفِيقُ جُزْءٌ مِنْ عَقْلِ اَلْحَالِمِ فِي حِينِ يَبْقَى جُزْءٌ آخَرُ مُسْتَغْرِقًا فِي نَوْمِ حَرَكَةِ اَلْعَيْنِ اَلسَّرِيعَةِ REM. وَيُمْكِنَ لِلْحُلْمِ اَلتَّالِي أَنْ يَكُونَ مُرَوِّعًا إِلَى حَدٍّ كَبِيرٍ، إِذْ يُهَلْوِسُ اَلْفَرْدُ بِوُجُودِ كَائِنٍ شِرِّيرٍ ، وَيُحَاوِلَ فِيمَا بَعْدُ اَلتَّفَاعُلِ مَعَهُ بِطَرِيقَةِ مَا. وَفِي أَغْلَبِ اَلْأَحْيَانِ، تَكُون نِيَّةُ اَلْكَائِنِ اَلشِّرِّيرِ اَلسَّيْطَرَةِ عَلَيْهِ أَوْ تَدْمِيرِهِ وَيَبْدُو أَنَّ اَلْوَضْعَ يُصْبِحُ مُرَكَّبًا أَوْ يَمِيلُ بِدَفَّتِهِ إِلَى اَلتَّعْقِيدِ قَلِيلاً, فَنَجِدُ عَلَى اَلْجَانِبِ اَلْآخَرِ، أَنَّ أَحْلَامَ اَلِإسْتِيقَاظِ اَلْكَاذِبِ تَتَضَمَّنُ تَجْرِبَةٌ ذَاتِيَّةٌ فِي حِينِ تَظَلُّ دَاخِلَ حَالَةِ اَلْحُلْمِ. وَيَشْعُرَ اَلْحَالِمُ وَكَأَنَّهُ اِسْتَيْقَظَ، وَبَعْدَهَا يَبْدَأُ فِي اَلْقِيَامِ بِأَنْشِطَتِهِ اَلْيَوْمِيَّةِ اَلْمُعْتَادَةِ مِثْلٍ اِرْتِدَاءِ مَلَابِسِهِ، أَوْ تَنْظِيفِ أَسْنَانِهِ. وَ بَيْنَمَا يَقُومُ بِهَذِهِ اَلْمَهَامِّ اَلرُّوتِينِيَّةِ يَسْتَيْقِظُ بُعْدُهَا اَلْحَالِمُ بِالْفِعْلِ ! وَغَالِبًا مَا تَتَضَمَّنُ هَذِهِ اَلْأَحْلَامِ اَلْمُزْدَوِجَةِ ( حُلْمُ دَاخِلِ حُلْمٍ ) إِشَارَاتٍ إِلَى مَشَاهِدَ وَ شَخْصِيَّاتِ حُلْمٍ سَابِقٍ، بَدَلاً مِنْ تَجَارِبِ اَلِإسْتِيقَاظِ. وَرُبَّمَا يَسْتَيْقِظُ اَلْحَالِمُ فِي نَفْسِ بِيئَةِ اَلْحُلْمِ اَلَّتِي سَبَقَتْ اَلِإسْتِيقَاظَ اَلْكَاذِبَ. وَقَدْ يَضْطَرُّ اَلْحَالِمُ إِلَى خَوْضِ اَلْعَدِيدِ مِنْ عَمَلِيَّاتِ اَلِإسْتِيقَاظِ اَلْكَاذِبِ قَبْلَ أَنْ يَتَمَكَّنَ بِالْفِعْلِ مِنْ اَلِإسْتِيقَاظِ اَلْفِعْلِيِّ. لَا تَزَالُ هُنَاكَ شَخْصِيَّاتٌ أُخْرَى يُمْكِنُ مُصَادَفَتَهَا فِي اَلْأَحْلَامِ فَقَطْ. فَالْمَوْتَى، عَلَى سَبِيلِ اَلْمِثَالِ، لَا يَظْهَرُونَ فِي حَالَةِ اَلْوَعْيِ اَلْكَامِلِ، بَيْدَ أَنَّهُ مِنْ اَلْمُمْكِنِ أَنْ يُظْهِرَ فِي أَحْلَامِنَا وَيَبْدُو عَلَى قَيْدِ اَلْحَيَاةِ وَبِصِحَّةٍ جَيِّدَةٍ، وَيَحْمِلَ رِسَالَةً لِلشَّخْصِ اَلْحَالِمِ. وَ تُعْتَبَرَ هَذِهِ اَلْأَحْلَامِ فِي اَلْمُعْتَادِ وَاضِحَةً وَجَلِيَّةً وَمُكَثَّفَةً وَ نَعْتَبِرهَا حَقِيقِيَّةً تَمَامًا. لِمَاذَا تَعْتَبِرُ كُلَّ هَذِهِ اَلْأُمُورِ مُهِمَّةً ؟ إِنَّ اَلتَّنَوُّعَ اَلْكَبِيرَ فِي حَالَاتِ اَلْحُلْمِ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ اَلْأَحْلَامَ مُهِمَّةٌ مِثْلٌ حَيَاةِ اَلِإسْتِيقَاظِ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَعَّالِيَّةِ اَلْبِيولْوْچيَّةً، وَمِنْ اَلْمُرَجَّحِ جِدًّا أَنَّهَا تَتَمَتَّعُ بِآلِيَّاتِ وَوَظَائِفَ مُتَعَدِّدَةٍ اَلتَّوْلِيدِ. فَعَلَى سَبِيلِ اَلْمِثَالِ، مِنْ اَلْمُحْتَمَلِ أَنْ تُسَاعِدَنَا اَلْأَحْلَامُ اَلَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالتَّهْدِيدَاتِ اَلْمُخِيفَةِ عَلَى تَجَنُّبِ تِلْكَ اَلتَّهْدِيدَاتِ أَثْنَاءَ اَلنَّهَارِ، وَمِنْ اَلْمُحْتَمَلِ أَنْ يَعْمَلَ تَكْرَارُ اَلْحُلْمِ بِشَخْصِيَّاتٍ أَوْ بِيئَاتٍ جَرَى اَلتَّعَرُّضُ لَهَا فِي أَحْلَامٍ سَابِقَةٍ عَلَى تَعْدِيلٍ أَوْ إِصْلَاحِ أَوْ تَغْيِيرِ اَلْهَيْكَلِ اَلْمَعْرِفِيِّ لِمَفْهُومِ اَلْحُلْمِ ذَاتِهِ. وَتَحَدَّثَ حَالَاتِ اَلْحُلْمِ بِغَضِّ اَلنَّظَرِ عَمَّا يَجْرِي فِي حَالَةِ اَلِاسْتِيقَاظِ، كَمَا تُشِيرُ فِي اَلْعَدِيدِ مِنْ اَلْمَرَّاتِ إِلَى شَيْءِ دَاخِلَ حَالَةِ اَلْحُلْمِ بَدَأَ اَلْعَلَمُ لِتَوِّهِ فِي تَسْجِيلِهَا. يَتْبَعُ
#اتريس_سعيد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اَلْأَحْلَام وَقِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ -اَلْجُزْءَ اَلسَّابِ
...
-
اَلْأَحْلَام وَقِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ -اَلْجُزْءَ اَلسَّادِ
...
-
اَلْأَحْلَام وَقِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ -اَلْجُزْءَ اَلْخَامِ
...
-
اَلْأَحْلَام وَقِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ - اَلْجُزْءَ اَلرَّاب
...
-
اَلْأَحْلَام وَقِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ -اَلْجُزْءَ اَلثَّالِ
...
-
اَلْأَحْلَام وَقِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ -اَلْجُزْءَ اَلثَّانِ
...
-
اَلْأَحْلَام وَقِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ اَلْجُزْءَ -اَلْحَادِ
...
-
اَلْأَحْلَام وَ قِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ - اَلْجُزْءَ اَلْعَا
...
-
اَلْأَحْلَام وَ قِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ -اَلْجُزْءَ اَلتَّاس
...
-
اَلْأَحْلَام وَقِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ -اَلْجُزْءَ اَلثَّامِ
...
-
اَلْأَحْلَام وَ قِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ - اَلْجُزْءَ اَلسَّا
...
-
اَلْأَحْلَام وَ قِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ - اَلْجُزْءَ اَلسَّا
...
-
اَلْأَحْلَام وَ قِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ -اَلْجُزْءَ اَلْخَام
...
-
اَلْأَحْلَام وَ قِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ - اَلْجُزْءَ اَلرَّا
...
-
اَلْأَحْلَام وَقَوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ - اَلْجُزْءَ اَلثَّال
...
-
اَلْأَحْلَام وَقِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ - اَلْجُزْءَ اَلثَّان
...
-
اَلْأَحْلَام وَقِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ - اَلْجُزْءَ اَلْأَوّ
...
-
كُلُّ شَيْءٍ يَدْفَعُ لِلرِّيبَةِ وَيَهْدِمُ ذَلِكَ اَلْغُرُ
...
-
كيف تعتقد أن الله سيحميك
-
نعم أنا مع حرب الإبادة الجينومية
المزيد.....
-
هكذا تبدو كنوز توت عنخ آمون مجتمعة داخل المتحف المصري الكبير
...
-
طموحات ترامب من زيارة ولي العهد السعودي.. إليكم ما نعلمه
-
بأول زيارة له إلى الصين.. أسعد الشيباني يلتقي وانغ يي في بكي
...
-
خبير جنائي لبي بي سي: جنديان من قوات المارينز مسؤولان عن مقت
...
-
وضع إنساني صعب في غزة.. مجلس الأمن يصوت اليوم على مشروع القر
...
-
مع انطلاق موسم الأعياد في باريس.. ليا سيدو تضيء الشانزليزيه
...
-
الثلاثاء أولى جلسات محاكمة المتهمين في أحداث الساحل السوري
-
أبيغيل سبانبرغر.. ضابطة استخبارات تحكم ولاية فرجينيا
-
دراسة: المحيطات تفقد اخضرارها ونظمها البيئية معرضة للانهيار
...
-
تركيا تتمسك باستضافة -كوب 31- وأستراليا تستبعد الرئاسة المشت
...
المزيد.....
-
قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف
...
/ محمد اسماعيل السراي
-
تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي
...
/ غازي الصوراني
-
من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية
/ غازي الصوراني
-
الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي
...
/ فارس كمال نظمي
-
الآثار العامة للبطالة
/ حيدر جواد السهلاني
-
سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي
/ محمود محمد رياض عبدالعال
-
-تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو
...
/ ياسين احمادون وفاطمة البكاري
-
المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة
/ حسنين آل دايخ
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|