أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اتريس سعيد - اَلْأَحْلَام وَقِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ -اَلْجُزْءَ اَلسَّادِسَ عَشَر-















المزيد.....

اَلْأَحْلَام وَقِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ -اَلْجُزْءَ اَلسَّادِسَ عَشَر-


اتريس سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 7831 - 2023 / 12 / 20 - 18:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


35 _ اَلْأَحْلَامُ وَفَرْضِيَّةُ اَلذَّاكِرَةِ اَلْكَوْنِيَّةِ ؟
فِي نِطَاقِ حُدُودِ اَللَّحْظَةِ لَا يَمْلِكُ اَلْعُلَمَاءُ مِنْ وَسِيلَةٍ أَكْثَرِ فَعَّالِيَّةٍ وَشُمُولِيَّةٍ مِنْ اَلضَّوْءِ لِدِرَاسَةِ اَلْكَوْنِ اَلْمَرْئِيِّ، وَمَعْرِفَةُ مُكَوِّنَاتِهِ وَهَنْدَسَتِهِ وَشَكْلِهِ وَتَارِيخِهِ وَتَطَوُّرِهِ إِلَخْ..، فَالضَّوْء هُوَ اَلذَّاكِرَةُ اَلْحَيَّةُ لِكُلِّ مَا حَدَثَ وَ يَحْدُثُ فِي هَذَا اَلْكَوْنِ اَلْمَرْئِيِّ مُنْذُ ظُهُورِهِ لِلْعِيَانِ قَبْلَ 13.825 مِلْيَارَ سَنَةٍ إِلَى اَلْيَوْمَ. وَلَكِنْ مَا نَرَاهُ بِفَضْلِ اَلضَّوْءِ لَا يُمَثِّلُ سِوَى جُزْءٍ ضَئِيلٍ جِدًّا لَا يَتَجَاوَزُ اَلْ 4 % مِنْ مُحْتَوَيَاتِ هَذَا اَلْكَوْنِ اَلْمَرْئِيِّ اَلْمَلِيءِ بِالْأَلْغَازِ وَ الْأَسْرَارِ وَالْغُمُوضِ، فَمَا بَالُكَ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِأَكْوَانِ أُخْرَى تَقَعُ خَارِجَ نِطَاقِهِ اَلْمَعْلُومِ ؟
تَبَقَّى اَلْكَثِيرَ مِنْ اَلْأَسْئِلَةِ اَلْمُتَعَلِّقَةِ بِالطَّبِيعَةِ اَلْكَوْنِيَّةِ مَحَلَّ جِدَالِ بَيْنَ اَلْعُلَمَاءِ وَبِالتَّالِي فَهِيَ مَطْرُوحَةٌ لِلنِّقَاشِ اَلْعِلْمِيِّ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ وَقْتٍ مَضَى، نَأْتِي عَلَى ذِكْرِهَا كَالْآتِي : هَلْ يَسْتَنِدُ اَلْكَوْنُ اَلْمَادِّيُّ إِلَى قَوَانِينَ فِيزْيَائِيَّةٍ جَبْرِيَّةٍ بِشَكْلٍ مُطْلَقٍ ؟ أَمْ أَنَّ حَرَكَةَ اَلْجُسَيْمَاتِ اَلْمَادِّيَّةِ تَكُونُ عَادَةٌ فِي مُنْتَهَى اَلِانْسِيَابِيَّةِ وَالِانْسِيَاقِ نَحْوَ اَلْعَشْوَائِيَّةِ ؟ إِذَا كَانَ هُنَاكَ نِظَامٌ كَوْنِيٌّ قَائِمٌ بِالْفِعْلِ ؟ فَمًا هِيَ طَبِيعَتُهُ ؟ وَهَلْ وُجُودُهُ قَائِمٌ عَلَى وَعْيٍ كُلِّيٍّ مُسْبَقٍ خَلَقَ اَلْكَوْنِ أَمْ أَنَّ اَلْقَوَانِينَ اَلْمَادِّيَّةَ هِيَ نِتَاجُ اَلْوَعْيِ اَلْإِنْسَانِيِّ اَلَّذِي لَا زَالَ يُحَاوِلُ إِدْرَاكَ كُنْهْ اَلْكَوْنِ ؟ ثُمَّ هَلْ هُنَاكَ مِنْ وَظِيفَةٍ يَقُومُ بِهَا اَلْوَعْيُ فِي تَغْيِيرِ نِظَامِ اَلْأَشْيَاءِ ؟ وَهَلْ اَلْوَعْيُ اَلْكَوْنِيُّ يَتَفَاعَلُ مَعَ اَلْوَعْيِ اَلْإِنْسَانِيِّ ؟
تَخَيُّلُ عُلَمَاءِ نَظَرِيَّةِ اَلتَّعَدُّدِ اَلْكَوْنِيِّ أَوْ اَلْأَكْوَانِ اَلْمُتَعَدِّدَةِ multivers، أَنَّ اَلْكَوْنَ اَلْكُلِّيَّ اَلْمُطْلَقَ اَللَّامُتَنَاهِيَ عَلَى شَكْلِ جُبْنَةٍ غَرْوِييرْ مَلِيئَةً بِالثُّقُوبِ وَكُلِّ ثُقْبِ مِنْهَا يُمَثِّلُ كُونَا مُسْتَقِلًّا عَنْ بَاقِي اَلْأَكْوَانِ اَلْأُخْرَى وَ عَدَدِهَا لَامُتَنَاهِي، وَمِنْ بَيْنِهَا ثُقْبٌ صَغِيرٌ عَادِيٌّ يَقْبَعُ فِيهِ كَوْنَنَا اَلْمَرْئِيَّ اَلَّذِي لَا نَرَى مِنْهُ وَلَا نَعْرِفُ عَنْهُ سِوَى 4 % هُوَ اَلْجُزْءُ اَلْمَرْئِيُّ وَالْمَلْمُوسُ وَ الْمَأْلُوفُ، وَالْبَاقِي نَعْلَم بِوُجُودِهِ عَلَى نَحْوٍ غَيْرِ مُبَاشِرٍ مِنْ مَوَادَّ مُضَادَّةٍ وَسَوْدَاءَ وَطَاقَاتِ مُعْتِمَةٍ أَوْ مُظْلِمَةٍ كُلَّهَا مَجْهُولَةٌ اَلْمَاهِيَّةِ يَفْصِلُ بَيْنَهَا نَسِيجٌ فَضَائِيٌّ أَوْ زَمَكَانِيٍّ لَانِهَائِيٍّ. إِنَّ اَلْفِيزْيَاءَ اَلسَّائِدَةَ إِلَى حُدُودِ اَللَّحْظَةِ اَلرَّاهِنَةِ، اَلْمُعْتَمَدَةَ دَاخِلَ اَلْأَوْسَاطِ اَلْعِلْمِيَّةِ، أَصْبَحَتْ تَمِيلُ فِي مُجْمَلِ تَصَوُّرَاتِهَا اَلنَّظَرِيَّةِ إِلَى مُحَاوَلَةِ بِنَاءِ أَنْمَاطٍ إفْتِرَاضِيَّةٍ قَائِمَةٍ عَلَى اَلرِّيَاضِيَّاتِ اَلتِّقْنِيَّةِ اَلَّتِي تُوَفِّرُهَا اَلْحَوَاسِيبُ اَلْعِمْلَاقَةُ وَالْخَيَالُ اَلْعِلْمِيُّ اَلْمُفْرِطُ فِي اَلتَّجْرِيدِ، حَيْثُ أَصْبَحَ اَلرَّصْدُ وَالِإخْتِبَارُ مُجَرَّدِ عَوَامِلَ ثَانَوِيَّةٍ فِي هَذَا اَلْمِضْمَارِ، مَا أَنْتَجَ نَوْعًا مِنْ اَلْعَلَمِ اَلِإفْتِرَاضِيِّ اَلْمُوغِلِ فِي اَلتَّجْرِيدِ وَالْمَحْمُومِ بِالسِّبَاقِ مَعَ سَيْرُورَةِ اَلْعَصْرِ وَ دِينَامِيكِيَّتِهِ اَلْمُلِحَّةِ عَلَى مُسْتَوَى اَلْمُتَغَيِّرَاتِ اَلْجَذْرِيَّةِ اَلْمَطْلُوبَةِ، هَذَا اَلضَّرْبِ مِنْ اَلنُّزُوعِ اَلْمَعْرِفِيِّ أَدَّى إِلَى ظُهُورِ مَا يُمْكِنُ أَنْ نَصْطَلِحَ عَلَى تَسْمِيَةِ لَهْفَةِ اَلِإكْتِشَافَاتِ اَلْعِلْمِيَّةِ، اَلَّتِي أَصْبَحَتْ ظَاهِرَةٌ نَافِقَةٌ تَتَصَدَّرُ اَلْمَشْهَدَ.
إِنَّ دِرَاسَةَ اَلْأَحْلَامِ وَفْقَ أُسُسٍ عِلْمِيَّةٍ حَدِيثَةٍ تَسْتَنِدُ إِلَى مَنَاهِجَ تَجْرِيبِيَّةٍ رُوحِيَّةٍ حَدِيثَةٍ تَخْتَلِفُ عَنْ اَلْمَنَاهِجِ اَلتَّجْرِيبِيَّةِ اَلْمَادِّيَّةِ اَلسَّائِدَةِ فِي اَلْأَوْسَاطِ اَلْعِلْمِيَّةِ مِنْ حَيْثُ اَلْمَقَايِيسُ وَ الْمَعَايِيرُ بِمَا يَتَنَاسَبُ مَعَ مَوْضُوعِ اَلْبَحْثِ فِي هَذِهِ اَلظَّاهِرَةِ فَوْقَ حِسِّيَّةٍ بِإعْتِبَارِهَا إِحْدَى اَلظَّوَاهِرِ اَلْبَارَاسِيكُولْوجِيَّة اَلْمُتَعَالِيَةَ عَنْ اَلْإِدْرَاكِ وَ الْوَعْيِ اَلْمَادِّيِّ اَلْمُقَيَّدِ بِالْقِيَاسِ اَلْمَنْطِقِيِّ اَلْأَرِسْطِيِّ اَلتَّقْلِيدِيِّ وَالْمَنْهَجِ اَلتَّجْرِيبِيِّ اَلَّذِي يُحَنِّطُ اَلظَّوَاهِرَ اَلطَّبِيعِيَّةَ فِي تَوَابِيتَ ضَيِّقَةٍ مِنْ اَلْجُمُودِ اَلْاَبْسَتِيمِي اَلدُّوغْمَائِيَّ اَلَّذِي أَصْبَحَ يُعَرْقِلُ سَيْرُورَةَ اَلْعَلَمِ.
يُمْكِنُ دِرَاسَةَ اَلظَّوَاهِرِ اَلْكَوْنِيَّةِ وَتَقْيِيمِ نَتَائِجِهَا اَلْعِلْمِيَّةِ اِسْتِنَادًا إِلَى عِلْمِ اَلظَّوَاهِرِ اَلْمُفَارَقَةِ وَدِرَاسَةِ اَلْمُعْطَيَاتِ اَلْأَوَّلِيَّةِ اَلَّتِي يُقَدِّمُهَا اَلْبَارَاسَيْكُولُوجِي وَالْبَارَانُورْمَالْ.
إِنَّ فَهْمَ طَبِيعَةِ اَلْمَادَّةِ اَلْمُظْلِمَةِ وَالثُّقُوبِ اَلسَّوْدَاءِ وَالْجُسَيْمَاتِ اَلْمُعْتِمَةِ يُشَكِّلُ مَدْخَلاً أَسَاسِيًّا نَحْوَ إِدْرَاكِ اَلْجَانِبِ اَلْخَفِيِّ مِنْ اَلْكَوْنِ، مَهْمَا كَانَتْ سُرْعَةُ اِنْتِشَارِ اَلضَّوْءِ فِي اَلْكَوْنِ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ هُنَاكَ نُقْطَةٌ نِهَائِيَّةٌ يَتَوَقَّفُ عِنْدَهَا فِي أُفُقٍ مُعَيَّنٍ مِنْ اَلْكَوْنِ، إِنَّ مَحْدُودِيَّةَ اَلِإنْتِشَارِ اَللَّانِهَائِيِّ هَاتِهِ لَا بُدَّ وَأنْ تَحَدَّثَ وَفْقَ مَقَايِيسَ رِيَاضِيَّةٍ مُحَدَّدَةٍ تَبْقَى مَجْهُولَةً لَكِنَّ أَسْرَارَهَا تَظَلُّ مُنْطَوِيَةً فِي صُلْبِ طَبِيعَةِ اَلْمَادَّةِ اَلْمُعْتِمَةِ اَلَّتِي تَحْجُبُ اَلتَّمَدُّدَ اَلضَّوْئِيَّ أَوْ تَبْتَلِعُهُ مِنْ اَلْحَيِّزِ اَلْمَادِّيِّ اَلْخَارِجِيِّ لِلْكَوْنِ، كَمَا هُوَ حَالُ اَلثُّقُوبِ اَلسَّوْدَاءِ.
اَلْأَحْلَامِ يُمْكِنُهَا أَنْ تَفْتَحَ مَجَالَاتٌ عِلْمِيَّةٌ شَاسِعَةٌ وَتَقَدَّمَ اِكْتِشَافَاتٍ جَدِيدَةً غَيْرَ مَسْبُوقَةٍ حَوْلَ طَبِيعَةِ اَلْمَادَّةِ اَلْمُعْتِمَةِ اَلْمُنْتَشِرَةِ فِي أَرْجَاءِ اَلْكَوْنِ، هَذَا اَلِإفْتِرَاضِ اَلنَّظَرِيِّ يَسْتَنِدُ إِلَى اَلْعَدِيدِ مِنْ اَلِإسْتِنْتَاجَاتِ اَلْعِلْمِيَّةِ مِنْهَا أَنَّ اَلْأَحْلَامَ أَصْبَحَتْ تُشَكِّلُ إِحْدَى اَلْمُسْلِمَاتِ اَلْبَدِيهِيَّةِ حَوْلَ قُوَاهَا اَلْخَارِقَةِ وَ إِمْكَانِيَّاتِهَا اَللَّامَحْدُودَةِ عَلَى رَصْدِ اَلْحَقَائِقِ اَلْكَوْنِيَّةِ أَكْثَرَ مِمَّا تَفْعَلُ اَلتِّيلْوسْكُوبَاتْ اَلْعِمْلَاقَةَ، كَذَلِكَ إِمْكَانِيَّةٌ اَلْأَحْلَامِ مِنْ تَقْدِيمِ اَلِإفْتِرَاضَاتِ وَالِإسْتِنْتَاجَاتِ اَلنَّظَرِيَّةِ أَكْثَرَ مِصْدَاقِيَّةٍ مِنْ اَلنَّتَائِجِ اَلَّتِي تُقَدِّمُهَا اَلْحَوَاسِيبُ.
وَفْقَ اَلْمَقَايِيسِ اَلْفِيزْيَائِيَّةِ اَلْمُعَاصِرَةِ هُنَاكَ اَلْعَدِيدُ مِنْ اَلْقَوَاسِمِ اَلْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ اَلْأَحْلَامِ وَالظَّلَامِ، أَنَّ اَلْأَحْلَامَ لَا تَحْدُثُ إِلَّا فِي اَلظَّلَامِ اَلْحَالِكِ وَالْعَتَمَةِ اَلشَّدِيدَةِ، كَمَا أَنَّهَا تَنْبَثِقُ مِنْ لَا شَيْءَ شَأْنِهَا شَأْنَ اَلظَّلَامِ اَلَّذِي لَا بِدَايَةَ لَهُ أَوْ إنْتِهَاءٍ، كَذَلِكَ إفْتِقَادَ كِلَا اَلْعُنْصُرَيْنِ إِلَى اَلْكُتْلَةِ وَالشِّحْنَةِ اَلطَّاقِيَّةِ، اَلْأَمْرُ اَلَّذِي يَجْعَلُهَا بِمَنْأًى عَنْ تَحْلِيلِ اَلْمَاتِيمَاتِيكْ اَلرِّيَاضِيَّ وَالِإخْتِبَارِ اَلتَّجْرِيبِيِّ. لَكِنَّ كِلَا اَلْعُنْصُرَيْنِ وَأَقْصِدُ اَلْأَحْلَامَ وَالظَّلَامَ لَا يُمْكِنُ إِنْكَارَ وُجُودِهِمَا اَلْمَادِّيِّ وَتَأْثِيرِهِمَا عَلَى حَيَاةِ اَلْإِنْسَانِ وَالْكَوْنِ.
إِنَّ اَلرُّؤْيَةَ اَلْبَصَرِيَّةَ لَا تَحْدُثُ إِلَّا فِي حَيِّزِ اِنْتِشَارِ اَلضَّوْءِ حَيْثُ يَنْطَبِقُ اَلشَّيْءُ نَفْسُهُ عَلَى اَلرُّؤْيَةِ اَلرُّوحِيَّةِ اَلَّتِي لَا تَتِمُّ إِلَّا فِي حَيِّزٍ تَتَوَاجَدُ بِهِ اَلْعَتَمَةُ، بِحَيْثُ مَهْمَا كَانَ اَلِإنْتِشَارُ اَلضَّوْئِيُّ شَاسِعًا وَمَهُولَاً فَهُوَ لَا يُعِدُّوا كَوْنُهُ مُجَرَّدَ بُقْعَةٍ صَغِيرَةٍ جِدًّا دَاخِلَ اَلظُّلْمَةِ اَللَّانِهَائِيَّةِ اَلْمُنْتَشِرَةِ فِي أَرْجَاءِ اَلْكَوْنِ اَلْفَسِيحِ. نَفْسُ اَلْأَمْرِ يَنْطِقُ عَلَى اَلْوَاقِعِ اَلْمَادِّيِّ مُقَارَنَةً بِالْأَحْلَامِ، اَلْوَاقِعَ لَيْسَ إِلَّا مُجَرَّدُ وَهْمٍ عَرَضِيٍّ عَابِرٍ بَيْنَ ظُلُمَاتِ اَلْأَحْلَامِ اَللَّامُتَنَاهِيَةِ، إِنَّ اَلْوَاقِعَ وَهُمْ عَابِرٌ لَا بُدَّ أَنْ يَتَلَاشَى بَيْنَ ثَنَايَا اَلْأَحْلَامِ فِي لَحْظَةٍ زَمَنِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ كَمَا تَتَلَاشَى اَلنُّجُومَ بَيِّنٌ فَكُوكْ اَلثُّقُوب اَلسَّوْدَاءِ، أَنَّ اَلظَّلَامَ هُوَ اَلْأَصْلُ بِمَا أَنَّهُ اَلمَادَّةُ اَلْأَوَّلِيَّةِ اَلسَّابِقَةِ عَلَى وُجُودِ اَلضَّوْءِ اَلَّذِي أَوْجَدَ اَلْكَوْنُ اَلْمَادِّيُّ وَ الْحَيَاةُ، كَذَلِكَ اَلْأَحْلَامَ فَهِيَ اَلْأَصْلُ فِي وُجُودِ اَلْإِنْسَانِ اَلرُّوحِيِّ وَالنَّوَامِيسِ اَلْعُلْيَا، وَكَذَلِكَ اَلْأَمْرُ بِالنِّسْبَةِ لِقَانُونِ اِنْخِفَاضِ اَلْمَادَّةِ وَالطَّاقَةِ اَلَّذِي يَحْكُمُ اَلْجَانِبُ اَلْمَلْمُوسُ مِنْ اَلْكَوْنِ اَلَّذِي هُوَ فِي حَدِّ ذَاتِهِ اِنْعِكَاس لِقَانُونِ اِنْخِفَاضِ اَلظُّلْمَةِ وَالْأَحْلَامِ اَلَّذِي يُعَدُّ بِمَثَابَةِ إِحْدَى اَلْقَوَانِينِ اَلْكَوْنِيَّةِ اَلْقَائِمَةِ فِي اَلْجَانِبِ اَللَّامَلْمُوسِ وَالْمُعْتِمِ مِنْ اَلْكَوْنِ.
إِنَّ أَشْكَالَ اَلْوَعْيِ اَلْمُتَعَدِّدَةِ لِلْمَظَاهِرِ اَلْمَادِّيَّةِ تَبْقَى مَحْفُوظَةً فِي مَكَانٍ مُعَيَّنٍ مِنْ اَلْكَوْنِ، هَذَا اَلْمَكَانِ اَلَّذِي يُفْتَرَضُ أَنْ يُشَكِّلَ اَلْجَانِبُ اَلْخَفِيُّ اَلَّذِي لَا يُمْكِنُ اِكْتِشَافُهُ وَإِدْرَاكُ مَاهِيَّتِهِ دُونَ اَلتَّحَرُّرِ مِنْ اَلرُّؤْيَةِ اَلْقَاصِرَةِ لِلْأَشْيَاءِ وَالنَّظَرِ إِلَى مَا أَبْعَدَ حُدُودَ اَلْمَادَّةِ حَيْثُ يَمْكُثُ جَبَلَ اَلْجَلِيدِ فِي اَلْأَعْمَاقِ اَلْمُظْلِمَةِ لِلْوُجُودِ.
إِنَّ فَرْضِيَّةَ اَلذَّاكِرَةِ اَلْكَوْنِيَّةِ تَظَلُّ مَطْرُوحَةً لِلنِّقَاشِ اَلْعِلْمِيِّ فِي ظِلِّ اَلتَّسَاؤُلَاتِ اَلْحَرِجَةِ اَلَّتِي تَفْرِضُهَا اَلْحَاجَةُ اَلْمَاسَّةُ إِلَى اِكْتِشَافِ اَلْحَقِيقَةِ وَالنُّهُوضِ بِالْعِلْمِ بِإعْتِبَارِهِ أَيْقُونَةِ اَلْخَلَاصِ اَلْبَشَرِيِّ اَلْمُقَدَّسَةِ دُونَ اِسْتِثْنَاءٍ. هَذَا اَلْعَلَمِ اَلْكَفِيلِ بِتَحْرِيرِ اَلْعَقْلِ مِنْ أَوْهَامِ اَلْمِيتَافَرِيقِيا اَلزَّائِفَةَ اَلَّتِي أَصْبَحَتْ تُقَدِّمُ نَفْسَهَا فِي قَوَالِبَ مِنْ اَلْأَفْكَارِ اَلسَّطْحِيَّةِ تُقَيِّدُ اَلِإكْتِشَافَات اَلْعِلْمِيَّةَ اَلَّتِي لَمْ تَعُدْ تَبْرَحُ عَتَبَةَ اَلظَّوَاهِرِ اَلْمَلْمُوسَةِ.
إِنَّ اَلْأَحْلَامَ تُعَبِّرُ عَنْ وَاقِعِ مُتَعَالِي مَوْجُود وَحَقِيقِيٍّ، يُمْكِنَ اَلْوُلُوجُ إِلَى أَقْدَاسِهِ وَغَزْوِ عَتَبَاتٍ مَعْبَدُهُ مِنْ خِلَالِ إِعَادَةِ اِمْتِلَاكِ حَوَاسِّنَا اَلْبَاطِنِيَّةِ اَلَّتِي نَسْتَطِيعُ مِنْ خِلَالِهَا سَبْرُ أَغْوَارِ اَلظَّلَامِ وَرُؤْيَتِهِ بِالْبَصَرِ اَلرُّوحِيِّ خَارِجَ نِطَاقِ مَجَالِ اَلطَّيْفِ اَلْمَرْئِيِّ، حَيْثُ تَمْتَدُّ اَلرُّؤْيَةُ اَلْبَصَرِيَّةُ إِلَى رُؤْيَةِ اَلْأَكْوَانِ اَلْقَابِعَةِ تَحْتَ اَلْأَشِعَّةِ مَا تَحْتَ اَلْحَمْرَاءِ وَمَا فَوْقَ اَلْأَشِعَّةِ مَا فَوْقَ اَلْبَنَفْسَجِيَّةِ، كَذَلِكَ اَلْقُدْرَةَ عَلَى إِدْرَاكِ اَلتَّرَدُّدَاتِ اَلصَّوْتِيَّةِ مَا تَحْتَ 20 Hz وَمَا فَوْقَ 20,000 Hz وَمُلَامَسَةُ اَلْغَيْرِ اَلْمَلْمُوسِ وَتَذَوُّقِ مَا لَا يُمْكِنُ تَذَوُّقُهُ مِنْ اَلْمَوْجُودَاتِ وَشْمَ اَلرَّوَائِحِ اَلَّتِي لَا تُوجَدُ فِي حَيِّزنَا اَلْمُدْرِكَ. وَهَذِهِ مُجَرَّدُ نَمَاذِجَ لِلْحَوَاسِّ اَلْبَاطِنِيَّةِ اَلْخَارِقَةِ اَلَّتِي لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى.
إِنَّ سِجِلَّاتٍ اَلْاَكَاشَا Akashic records بَعْدٌ كَوْنِي مَوْجُودٍ وَ حَقِيقِيٍّ, وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ مَكْتَبَةٍ ضَخْمَةٍ هَائِلَةٍ تُوَثِّقُ كَافَّةَ اَلْأَحْدَاثِ فِي حَيَاةِ اَلشَّخْصِ بَلْ لِلْكَوْنِ كُلِّهِ، حَيْثُ تَخْتَزِنُ كُلَّ اَلْوَقَائِعِ وَالْأَحْدَاثِ وَالتَّجَارِبِ اَلْحَيَاتِيَّةِ لِلْأَشْخَاصِ وَالْكَائِنَاتِ وَ تُعَدّ بِمَثَابَةِ اَلذَّاكِرَةِ اَلْكَوْنِيَّةِ اَلَّتِي تَحَفَّظَ كُلُّ اَلْوَقَائِعِ وَالْأَحْدَاثِ عَلَى شَكْلِ بَيَانَاتٍ قَابِلَةٍ لِلْعَرْضِ وَلَا نَسْتَطِيعُ اَلْوُصُولُ إِلَيْهَا إِلَّا مِنْ خِلَالِ تَحْقِيقُ اَلصَّحْوَةِ اَلرُّوحِيَّةِ فِي عَالَمِ اَلْأَحْلَامِ
يَتْبَعُ



#اتريس_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اَلْأَحْلَام وَقِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ -اَلْجُزْءَ اَلْخَامِ ...
- اَلْأَحْلَام وَقِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ - اَلْجُزْءَ اَلرَّاب ...
- اَلْأَحْلَام وَقِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ -اَلْجُزْءَ اَلثَّالِ ...
- اَلْأَحْلَام وَقِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ -اَلْجُزْءَ اَلثَّانِ ...
- اَلْأَحْلَام وَقِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ اَلْجُزْءَ -اَلْحَادِ ...
- اَلْأَحْلَام وَ قِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ - اَلْجُزْءَ اَلْعَا ...
- اَلْأَحْلَام وَ قِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ -اَلْجُزْءَ اَلتَّاس ...
- اَلْأَحْلَام وَقِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ -اَلْجُزْءَ اَلثَّامِ ...
- اَلْأَحْلَام وَ قِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ - اَلْجُزْءَ اَلسَّا ...
- اَلْأَحْلَام وَ قِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ - اَلْجُزْءَ اَلسَّا ...
- اَلْأَحْلَام وَ قِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ -اَلْجُزْءَ اَلْخَام ...
- اَلْأَحْلَام وَ قِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ - اَلْجُزْءَ اَلرَّا ...
- اَلْأَحْلَام وَقَوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ - اَلْجُزْءَ اَلثَّال ...
- اَلْأَحْلَام وَقِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ - اَلْجُزْءَ اَلثَّان ...
- اَلْأَحْلَام وَقِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ - اَلْجُزْءَ اَلْأَوّ ...
- كُلُّ شَيْءٍ يَدْفَعُ لِلرِّيبَةِ وَيَهْدِمُ ذَلِكَ اَلْغُرُ ...
- كيف تعتقد أن الله سيحميك
- نعم أنا مع حرب الإبادة الجينومية
- هل بدأت معالم الحرب الكبرى في الظهور
- شيء ما أقحمني في هاته اللعبة


المزيد.....




- اكتشف العجائب السرية المخفية تحت الأرض في تركيا
- -حرب صامتة- بين إيران وإسرائيل.. 800 هجوم و-القبة- تعمل بنشا ...
- شاهد: رفح على حافة كارثة صحية.. ظروف إنسانية مزرية وانتشار ل ...
- بمعدل سنوي.. التضخم في تركيا يرتفع إلى 69.8 بالمئة
- عائلة مثليّ بريطاني تتهم السلطات القطرية باستدراجه عبر تطبيق ...
- تسلحت بأحمر شفاه مسموم.. قصة أميرة مسلمة مسالمة برعت في العم ...
- جندي أوكراني يتمرد ويحتجز اثنين من زملائه وأطباء رهائن في خي ...
- فرنسا.. وقفة تضامنية مع فلسطين أمام جامعة السوربون
- الإمارات.. المركز الوطني للأرصاد يوضح حالة الطقس في البلاد
- -فاينانشال تايمز-: مجموعة الـ 7 توقفت عن مناقشة مصادرة الأصو ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اتريس سعيد - اَلْأَحْلَام وَقِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ -اَلْجُزْءَ اَلسَّادِسَ عَشَر-