أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد عبد المجيد - وداعا أمير الإنسانية















المزيد.....

وداعا أمير الإنسانية


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 7832 - 2023 / 12 / 21 - 04:49
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


وداعا أمير الإنسانية.. الشيخ نواف الأحمد

كان المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح وطنا في أمير، ولو خُلق الحُب رجلا لكانه، ولو جُمعتْ الخصال الإنسانية لكانته!

المرة الأولى التي تشرفت بالسلام على سموه كانت في مكتبه بوزارة الدفاع الكويتية في صيف 1988 وكان اللقاء دافئا ووديا وكأننا نلتقي بعد غياب طويل.

ومنذ ذلك الحين استمر الدفء يسري فيما أطلق سموه عليه: في الكويت أنت أخي مهما طال الزمن والبعُد؛ ومع المحبة المتبادلة رأيت المغفور له في كل مرة كأنها تجديد علاقة أخوية تزداد ثباتا مع الأيام.

وانتقلت المحبة في زياراتي السنوية للديرة إلى مرحلة عجيبة من الاسترخاء في الحديث، فتفتحت الأبواب لي في كل الموضوعات التي أطرحها حتى ظننت أن الكويت ألصقت اسمي بها وبسموه!

وظن من يعرفونني أن سموه يستجيب لي فور طلبي الخوض في أي موضوع!

زيارتي لسموه وهو وزيرًا للداخلية سبقها عتاب المُحب، فقد كان ينتظر مني ما لا يتجرأ الآخرون على التلميح أو حتى الإشارة فيه.

قلت لسموه بُعيد وصولي لمطار الكويت الدولى بأن العاملات في المطار كن كُسالى كأنهن سلاحف. احتقن وجهه الكريم من الحرج، فردّ على الفور: عندما تأتينا في العام القادم ستجد المطار مختلفا كليا عما رأيت!

وفعلا فوجئت في العام التالي بمعاملة في المطار مع الزائرين كأنه تم تجديد اللغة والابتسامة والسرعة مع الزائرين.

قمت بزيارة سموه في المستشفى الكويتي وبدا أنني ألتقي أخي الذي لم تلده أمي.

علمت بمتاعب ترخيص تجديد الاقامة لإمام المسجد المجاور للفندق الذي لم يستطع التركيز في الخطبة لانشغاله بإحضار زوجته وأبنائه من مصر إلى الكويت فابلغت سموه، وأمر الشيخ نواف الأحمد بأن يصطحب كل إمام معه أسرته ، وظل الخطيب شاكرا لي طرحي هذا الطلب على سموه في كل زياراتي.

أخل الزمان بوعد وعدني إياه سمو الشيخ نواف الأحمد وهو أن يصطحبني في رحلة صيد بحرية، فهو صياد ماهر، وعاشق للبحر رغم أنه لا يأكل مما يصطاد، لكن المغفور له بإذن الله كان عاشقا لطهي وجبة السمك لضيوفه في رحلاته.

كل المسؤولين يعشقون السفر، إلا سموه فقد كان عشقه الأكبر في العودة السريعة فهو يشتاق للكويت فور مغادرته إياها ولو في رحلة عمل، بل قبل مغادرتها في قيظ الصيف وحرارة الديرة.

كان يملك قلبين: الأول من حرير، والثاني من حديد، فتختلط الرقة مع الشجاعة.

كان رحمه الله آخر من غادر الكويت عقب الغزو العراقي الآثم، فلما اطمئن على جنوده، استجاب لطلب سمو الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح بأن ينقل معركة الدفاع عن الوطن الصغير قريبا من الحدود السعودية، ووافق بعد الحاح.

كان المسافرون مع سموه يختطفون سويعات قليلة للتبضع، أما سموه فكان في حله وترحاله يشتاق حتى لغبار وحرارة الكويت ويرى رمالها جنة فيحاء.

كان يؤكد لي أن محبته تحمل الشكر العميق لأنني الصحفي الوحيد الذي تحدث في قلب بغداد عن حقوق الكويتيين في حدود آمنة ومستقلة، مما انعكس بعدها على تهديد مبطن من الاستخبارات العراقية، حتى أن برزان التكريتي توعدني بالتصفية الجسدية لوقوفي مع آل الصباح الكرام.

كانت قوته في رقته مع عدالة إنسانية حتى أنه علــّـم أفراد الحرس الوطني دروسا في العدالة والرحمة، وعندما تأكد لديه أن امرأة مُسنّة خالفت القوانين، قفز فوق القوانين فهو نائب رئيس الحرس الوطني، وجعل للمرأة الرأفة مرادفة للعدالة، فعادت لبيتها وأبنائها وأحفادها.

كان، غفر الله له، يحب السيدة حرمه حبّا جمّاً، ويشتاق إليها فور أن يتوقف محرك الطائرة التي تُقله في زيارة رسمية خارج الكويت، أما إذا كانت زيارة ودية فهو ينتظر حق المسافرين معه في الاستمتاع بمشاهدة معالم مكان آخر.

مرة واحدة غضب سمو الأمير الراحل مني وكانت في ابريل 2008 عندما قمت بتوزيع 91 كتابا من مؤلفاتي على الصحفيين في الملتقى الإعلامي، فاشتعلت الديرة واعتبر الضيوف في الملتقى عملي هذا محاولة للانقلاب ضد مبارك وزين العابدين بن علي والقذافي والبشير وغيرهم، وأنا فعلا مخطيء وقد خرجت عن كل قواعد الضيافة، وكانت فرصة نادرة للوشاة والحاقدين والخائفين والدبلوماسيين العرب للايحاء بأنني قمت بالتحريض لعمل انقلاب في أكثر من بلد عربي ، لكن سمو الأمير(ولي العهد آنئذ) كان أكبر من الوشاية الدبلوماسية والاعلامية، وكادت علاقتي بالكويت تنتهي إلى الأبد. وغادرتها مضطراً ، وبعدها بعامين تلقيت مكالمة هاتفية من الأخ يحيي عبد الباري وكنت في الحافلة بالمغرب.
وقال لي: إن سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد يبلغك بالترحيب بك في وطنك الثاني الكويت. وفعلا في عام 2010 كنت أعانق سموَه الذي أكد لي أنه أخي الذي لم تلده أمي، ولم يعاتبني على خروجي عن قواعد الذوق واللياقة والضيافة، وأنا بدوري فهمت العتاب الصامت.

في عام 2006 جاءتني أجمل مكالمة تليفونية وكان المتكلم سموه ليقول لي: أنت أول من أتصل به لتهنئتي بولاية العهد لمعرفتي أنك أول من أسعده هذا الخبر.

في أيام سموه الأخيرة وكان يُعالج في ايطاليا . أرسلت إلى سفير الكويت في روما طالبا منه التأكد أن بامكاني زيارة سموه وهو على
فراش المرض لأقوم بتقبيل رأسه الكريم، لكن الوداع كان أسبق من المحبة.

في جعبتي الكثير.. الكثير من حكايات الجوانب الإنسانية عن قائد كويتي أحببته، وآلمني فراقه، غفر الله له وأسكنه فسيح جناته.
كان الكويتيون واثقين بأنه لن تخرج من بين شفتي كلمة قيلت لي في جلسات خاصة، وما أكثرها!

وخالص العزاء لشعبنا الكويتي الذي اعتبرني طوال فترة وجود سمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح واحدا من أهل الديرة.
رحل رجل لم يعط أذنيه لأي صورة من صور الوشاية، فقد كان أكبر من الإعلاميين الوصوليين!
لو عاد بي الزمن لما قمت بتوزيع مؤلفاتي على الإعلاميين المصريين في الكويت، ولو قمت بتسليم كل منهم سلاحا ناريا لما تأخر في تصويب على صدري!
مشاعري الودية نحو الكويت لم تتغير أو تتأثر، وظلت محبتي قائمة وستظل ما بقي في جسدي نفَسٌ، فأهل الكويت وآل الصباح الكرام كانوا لي عائلتي في زياراتي السنوية.
كانوا يُسِرّون لي بما يحجبونه عن مسؤولين فظللت موضع ثقة، منذ أول مضيف فتح لي أبواب وقلوب أبنائها، سمو الشيخ ناصر محمد الأحمد الجابر الصباح ومرورا بسمو الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح والشيخ سعود ناصر الصباح والشيخ جابر المبارك الحمد الصباح والشيخ سلمان صباح السالم الحمود، وعبقري الدبلوماسية الأستاذ سليمان ماجد الشاهين، وأم الإعلام الكويتي السيدة أمل الحمد، وعشرات من الإعلاميين والمثقفين الكويتيين.
أريد أن أكتب عشرات الصفحات عن سمو الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد، وخشيت أن يضيق صدر أصدقائي وصدور الوشاة من الإعلاميين، شركاء المهنة.
قال لي سمو الشيخ سعد العبد الله ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بأنني أحتل قلوب الكويتيين، وكان ذلك خلال استقباله لي في مقر اقامته في لندن خلال رحلة سموه للعلاج.
ما قامت به الكويت من أجلي كان أكبر من كل محبة تلقاها أي إعلامي آخر.

طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو النرويج



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حق الفخر!
- لن أبعث تهنئة بالعيد القومي المصري!
- الأمّة ذات الرداء الأزرق!
- أوهام الترشح أمام السيسي!
- قال: لماذا لا تكتب؟ قلت له... !
- فاجعة قطع الصلة بين القاريء والكاتب!
- البشرة السمراء سوداء!
- المصريون يطردون اللهَ من الأرض إلى السماء!
- علــّـموا أطفالـَـكم الشجاعة قبل الإيمان!
- هل هناك فائدة في الكتابة؟
- العودة المستحيلة!
- هل سقطنا فعلا أم نحن في طريق الهاوية؟
- صحفي إسرائيلي في مكة، رؤية مخالفة!
- الدستور غير المكتوب!
- لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!
- خجل أنا من إنسانيتي!
- أنا أعرف متى سأموت!
- في الطريق إلى مراجعاتي!
- ذكريات نافارونية!
- النضوج عشر سنوات في كل عام!


المزيد.....




- فضيحة مدوية تحرج برلين.. خرق أمني أتاح الوصول إلى معلومات سر ...
- هل تحظى السعودية بصفقتها الدفاعية دون تطبيع إسرائيلي؟ مسؤول ...
- قد يحضره 1.5 مليون شخص.. حفل مجاني لماداونا يحظى باهتمام واس ...
- القضاء المغربي يصدر أحكاما في قضية الخليجيين المتورطين في وف ...
- خبير بريطاني: زيلينسكي استدعى هيئة الأركان الأوكرانية بشكل ع ...
- نائب مصري يوضح تصريحاته بخصوص علاقة -اتحاد قبائل سيناء- بالق ...
- فضيحة مدوية تحرج برلين.. خرق أمني أتاح الوصول إلى معلومات سر ...
- تظاهر آلاف الإسرائيليين في تل أبيب مطالبين نتنياهو بقبول اتف ...
- -فايننشال تايمز-: ولاية ترامب الثانية ستنهي الهيمنة الغربية ...
- مصر.. مستشار السيسي يعلق على موضوع تأجير المستشفيات الحكومية ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد عبد المجيد - وداعا أمير الإنسانية