أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد عبد المجيد - علــّـموا أطفالـَـكم الشجاعة قبل الإيمان!














المزيد.....

علــّـموا أطفالـَـكم الشجاعة قبل الإيمان!


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 7524 - 2023 / 2 / 16 - 10:24
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


لو كان لي تلخيص سنوات عُمْري الطويلة في خبرة يتيمة مضغوطة في كلمة واحدة فسأقول بأنها الشجاعة التي نزرعها في نفوس أطفالنا، فهي القيمة الأسمى والأفضل والأجمل، وبدونها تنزوي في ركن قصيّ كل القيم الأخرى؛ ولا أبالغ إنْ قلت بأنها تسبق الوطنية والدين والإيمان بالله والتعليم والثقافة.

روح الكون يتم نفخها عبر الشجاعة، ومن يفتقد إلى الشجاعة فقد مات حيّاً دونما أدنى ملاحظة من الأجساد المتحركة حوله!

كل طفل تزرع في نفسه الجُبنَ فأنت تزلزل أحد أبنية المجتمع قبل أنْ ينهار في وقت لاحق؛ قد يطول العُمر كله.

لا تفرح بعودة ابنك سالما،غانما بعد أن شاهد في صمت مطبق زميله أو صديقه يُضْرَب في المدرسة أو في الشارع أو في الحارة ؛ ولم يندفع كالمجنون لحمايته فالشهامة يرضعها مع حليب أمه وشرارة عين أبيه في تحريض واضح وصريح لينتزع الحق ولو من أنياب أشرس الأولاد!

ابنُك الهاديء، المسالم، الهارب من أرض معركة يخوضها أطفال صغار ضد أقرانهم، حتى في اللعب، ينبغي أن لا يُسعدك، فهو جزء من مجتمع جبان، وخانع، وضعيف ما بقي له من عُمر.

من هنا تبدأ صناعة المجتمع الذليل، والخاضع لأي صفعة ظالمة من شرطي أو مخبر أو بلطجي أو موظف كبير أو ثري؛ وفي النهاية يرتمي الجميع تحت أقدام الحاكم الديكتاتور حتى لو لم يلوّح لهم بعصا مكسورة لا تخيف عنزة أو.. شاة مريضة.

عندما يكبر ابنك اللطيف والهاديء والمسالم الذي بدّلت بأنيابه أسنانًا لبنية مخلخلة سيكون واحدا من الملايين المرتعشة أقدامهم لدى مرورهم أمام أي سلطة تنفيذية أو قضائية أو أمنية أو بلطجية، والذين يحكمهم مريض عقلي إذا تنفستَ أمامه فقد أسقطه؛ وإذا به يُسقطك من زفيره قبل أن تشهق.

دينك ووطنيتك وتعليمك وثقافته وجسدك المنتفخ لن يعلــّـمك الشجاعة والشهامة؛ فهناك مئات الملايين الذين يتبولون في ملابسهم إذا سمعوا نباح كلبٍ في قفصه، أو حاكم في قصره.

قبل أن تُعلــّـم ابنك أيّ قيمة روحية أو وطنية أو دينية؛ عليك أن تسأله عن رد فعله إذا تعرّض أقرب أصدقائه إلى اعتداء، فإذا تردد، فأنت أمام مهمة شبه مستحيلة لإعادة استقامة البناء قبل أن ينهار بين لحظة وأخرى.

لا تفرحوا بلــُطف أبنائكم في الأزمات، ولكن ارقصوا سعادة إذا اتحدتْ الشراسة مع الشهامة في كل المواقف، فأنتم تصنعون المجتمع المتمرد قبل المواطن المطيع، وتجعلون الإيمان بالسماء معقوداً بالعروة الوثقى.

هل فكرتَ مرّة في النبتة الأولى للجماهير الخانعة، والمرتعشة، والجبانة أمام هراوة حاكم بلطجي ولو لم يُلوح بها؟

إنها الشجاعة الغائبة في الطفولة والبيت والمدرسة والشارع والملعب والخلاء والظلام وفي قسم الشرطة؛ فيستطيع أجهل وأضعف وأحمق إنسان أن يُقنع الجماهير المليونية أن تركع له، وهي في فراشها مبللة.

الشراسة لا تتصادم مع أجمل قيم الحياة وأسماها؛ شريطة أن تتقدمها الشجاعة في الحق والعدل.

إذا قال لك ابنك بأنه وقف صامتا يراقب اعتداء أحدٍ على صديقه؛ فلك الحق أن تلطم وجهكَ حتى يدمى، وتتخيل ابنك بناء مكسورا في مجتمع مهتز يلتف أفراده حول الجُبن كقيمة كبرى تُنجيه من الأذى؛ لكنها تصنع منه عبدًا ذليلا في مجتمع تتحسس جماهيره أقفيتها الحمراء حتى لو لم تُصْفــَـع.

علــّـموا أولادكم الشجاعة قبل الدخول إلى المسجد والكنيسة والمدرسة وقسم الشرطة ولجنة الانتخابات.

علـّـموا أولادكم أنْ يبصقوا، بـَـلـْـغماً، على صورة الحاكم إنْ كان ظالما، وأنْ يخففوا البصقة إن كان عادلا؛ وشجّوا رؤوسكم في الحائط عندما تتأكدون أن أولادكم من لطفهم ووداعتهم ومسالمتهم وصمتهم وهدوئهم يديرون وجوههم إذا مرّوا أمام مظلوم يتم افتراسه، أو أنهم لا يدافعون عن السجناء الأبرياء.

الكلبشات التي يضعها الشرطي في معصمي صديقك البريء من جرّاء وشاية تلتف حول معصميك قبله؛ ولو كنت لا تراها.

قفوا أمام أبنائكم لتعليمهم الشجاعة والتمرد والتهور والاندفاع والجنون قبل أن يصبحوا جزءًا من البناء الضعيف والمهتز.

دقيقة شجاعة أفضل عند اللهِ من مئة يوم من الصلاة؛ فاللهُ لا يحتاج إلى الجبناء في مساجده وكنائسه ومعابده.

أنت شهيد إذا قتلت نفسَك لأن ابنك جبان، وسيغفر اللهُ لك وداعـــَـك لحياتِك العاجزة عن صناعة الشجعان.

طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 16 فبراير 2023



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل هناك فائدة في الكتابة؟
- العودة المستحيلة!
- هل سقطنا فعلا أم نحن في طريق الهاوية؟
- صحفي إسرائيلي في مكة، رؤية مخالفة!
- الدستور غير المكتوب!
- لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!
- خجل أنا من إنسانيتي!
- أنا أعرف متى سأموت!
- في الطريق إلى مراجعاتي!
- ذكريات نافارونية!
- النضوج عشر سنوات في كل عام!
- لا تُحاكموا سيدة المترو!
- المرض أقوى من الموت!
- قبل أنْ تغادر الدنيا!
- لماذا لم تردّ على اتصالي؟
- لهذا لا أردّ إلا قليلا!
- السلفي فضيحة!
- هل تجوز التهنئة؟
- من أقوال طائر الشمال
- لماذا تعتبر المرأة المسلمة نفسها حيوانا؟


المزيد.....




- هكذا أنشأ رجل -أرض العجائب- سرًا في شقة مستأجرة ببريطانيا
- السعودية.. جماجم وعظام تكشف أدلة على الاستيطان البشري في كهف ...
- منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي محذرًا: الشرق الأوسط ...
- حزب المحافظين الحاكم يفوز في انتخابات كرواتيا ـ ولكن...
- ألمانيا - القبض على شخصين يشتبه في تجسسهما لصالح روسيا
- اكتشاف في الحبل الشوكي يقربنا من علاج تلف الجهاز العصبي
- الأمن الروسي يصادر أكثر من 300 ألف شريحة هاتفية أعدت لأغراض ...
- بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب -نشاطات تخري ...
- حزب الله يعلن مقتل اثنين من عناصره ويستهدف مواقع للاحتلال
- العلاقات الإيرانية الإسرائيلية.. من التعاون أيام الشاه إلى ا ...


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد عبد المجيد - علــّـموا أطفالـَـكم الشجاعة قبل الإيمان!