أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد عبد المجيد - أنا أعرف متى سأموت!














المزيد.....

أنا أعرف متى سأموت!


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 7265 - 2022 / 5 / 31 - 02:33
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


سأموت عندما أتوقف عن القراءة؛ ففي القراءة روحُ الكون التي تطاردني ولا تسمح لي أن أفلت منها فأضيع في الفضاء اللا نهائي، ففيها وضع الخالقُ سِرَّه البديع.
سأموت عندما تجف ينابيع الحب داخلي، وتنبت بدلا منها كراهية مصنوعة من دين الشيوخ والأئمة والدُعاة، مبتعدة عن روح الله ورحمته وغفرانه ومحبته.
سأموت عندما أردد بيني وبين نفسي: إذا متّ ظمآن فلا نزل القَطــْـرُ، فلا أكترث لسجين مظلوم، ولا لطفل مُغتصَب، ولا لامرأة مُستعبَدة، ولا لشعب يحتفل أفرادُه بخنوعهم قبل النوم و.. بعد الاستيقاظ!
سأموت عندما أطرد حاضري وزمني لأتلبس بماضٍ لا يعرفني ولا أعرفه، وأرثُ منه حكاياتٍ مجهولةً جدباء تُصَحّر حياتي، ولا تُسقي مستقبلي، لكنها بحُكم جاذبية التخلف تجرني إلى الخلف خطوتين كلما تقدمت إلى الأمام خطوة.
سأموت عندما أتحالف مع طغاة الدنيا بالصمت، والخوف، والعمىَ الفكري؛ فأترك لهم خيرات الأرض يسرقونها، وينهبونها، ويبيعونها لحرمان أحفاد أبناء الوطن منها.
سأموت عندما أرى في كل رجل أمن شبحــًا يطاردني في منامي ويقظتي، وفي كل رجل دين حيّة تنفث سمومها باسم السماء، فتتسمم حياتي و.. أمارس الخرس الذاتي.
سأموت عندما أهجر المعرفة ساعة أو بعضَ الساعة، فالكون مخلوقٌ من أجلي؛ ولست مخلوقاً من أجله.
سأموت عندما أخاف من الموت كأنه نهاية النهايات، فأنا لا أتحول إلى تراب تحت الأرض؛ إنما فوقها عندما تلتحم روحي بروح ضفدع أو أرنب أو فأر بعدما أمسكت لدى مولدي بالكون كله.
سأموت عندما لا أشاهد، ولا ألمس، ولا أشمّ رائحة كتاب؛ فغيابه لحظات يغيب عنها الزمن، وتذبل أيام العُمر حتى لو ظننت أنني عشتها أو أعيشها.
سأموت عندما أرى الصغارَ كبارًا، وتتضاعف حياتي عندما أرى الكبارَ صغارًا؛ ففي الأولى يرونني صفرا من الأصفار، وفي الأخرى أتساوى معهم في الإنسانية.
سأموت إذا مارست البُخل الشُحَ ولم أتقيأ على نفسي؛ فالكاذب أوالجبان أوالسفيه نحتمله لبعض الوقت، أما البخيل الشُحّ فهو مولود من جنسٍ آخر، وفي كوكب آخر، دخل عنوة على حياة البشر.
سأموت عندما لا يتذكر أبنائي وأحفادي وكل أجيال من صُلبي أنني مررت بالقرب منهم حتى لو غادرتهم لعقود طويلة.
سأموت عندما أفغر فاهاً أمام حكاواتي جاهل يُخدّرني بحكايات ليس لها أصل أو غَزْل نُسجتْ منه؛ فأرفع قدْرَه، وأخسف بعقلي الأرض.
سأموت عندما يمر أمامي ديكتاتور سادي، فأغمض عيني، وأسدّ أذنيَ، وأكتم أنفاسي؛ ثم أزعم بعدها أن لا أحد مرَّ بالقرب مني.
سأموت عندما أصفق، وأهلل، وأطبــّـل، طواعية، لديكتاتور، ثم أطلب من الله أن يغفر لي لأنني زعمت عدم رؤيته، والحقيقة أن روحي هربتْ خائفة من شبحه.
سأموت عندما لا أتخيل نفسي فارسا مغوارًا فوق صهوة جواد، حتى لو كنت نائما تحت الفراش في غرفتي، فهذا أشرف وأفضل من تصوري أنني فأرٌ يفعصه سيدُ القصر بحذائه، ويكمل عليه رجل الدين بالفردة الأخرى من الحذاء.
سأموت إذا اكتشفت أن ينابيع الحب في قلوب أبنائي وأحفادي نحوي بدأتْ تجفّ رويدًا.. رويدًا؛ ليس بسببهم، إنما بسببي أنا!
سأموت عندما يُسرّ لي حفّار القبور وهو يحملني بأنه رآني من قبل عشرات المرات وقد هربتْ مني الشجاعة، وأشفـَـق علي؛ حتى جاء أجلي المحتوم!
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 31 مايو 2022



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الطريق إلى مراجعاتي!
- ذكريات نافارونية!
- النضوج عشر سنوات في كل عام!
- لا تُحاكموا سيدة المترو!
- المرض أقوى من الموت!
- قبل أنْ تغادر الدنيا!
- لماذا لم تردّ على اتصالي؟
- لهذا لا أردّ إلا قليلا!
- السلفي فضيحة!
- هل تجوز التهنئة؟
- من أقوال طائر الشمال
- لماذا تعتبر المرأة المسلمة نفسها حيوانا؟
- لا فائدة في العلوم والثقافة والآداب والإنترنيت!
- العدالة لروح جوليو رجيني!
- لا تُصدّقوهم إذا قالوا: الله أكبر!
- من قال بأنَّ أمَه ماتت فقد كذبَ!
- الحُكم بالسجن على رجل شجاع!
- دراكيولا يبني مُجَمّعًا للسجون؛ ويُغنّي له!
- لماذا التيارات الدينية الإسلامية تكره اللهَ؟
- لماذا لا تُقنع مُضيفيك بالإسلام؟


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد عبد المجيد - أنا أعرف متى سأموت!