|
لِتَسْلَمُوا: انْزَعُوا أَظْفَارَكُمْ مِنْ لَحْمِ فِلَسْطِينْ!
كريمة مكي
الحوار المتمدن-العدد: 7825 - 2023 / 12 / 14 - 16:55
المحور:
القضية الفلسطينية
السيد أفيخاي أدرعي: السّلام عليكم: عفوا يا ابن العم، نسيت أن أُحدّثك، في رسالتي البارحة، عن أمّي الزّهرة(فاطمة الزّهراء) و ذكرياتها الجميلة مع جدودك اليهود في الكاف مدينتي الأمّ و أرض مولدي. أمّي التي تضع المصحف في غرفتها و تُخفي في خزانتها ʺدلائل الخيراتʺ، بعد أن حرّمه علينا أتباع ابن عبد الوهاب، حدثتني طويلا عن يهود الحارة في الكاف العتيقة و عن عيد الفطيرة عندهم و كيف كان أهلنا المسلمين يُهدونهم خروفا في عيدهم هذا ليُرجعوا لنا منه الجانب الأيمن و معه طبقا كبيرا فيه فطائر بيضاء نصف ناضجة، لا هي بالحلوة و لا بالمالحة. كذلك تتذكر أمّي، حفظ الله ذاكرتها الثمانينيّة الوقّادة، تلك الأحداث الجميلة التي عاشتها في طفولتها البعيدة. أتدري، يا ابن العم، أنّ في الكاف مدينتي يوجد كنيس الغَرِيبَة اليهودية و هي المرأة الغريبة الثانية بعد غَرِيبَة جربة المعروفة و التي يحجّ إليها الكثير من اليهود كلّ عام و يتبرّكون بها أيّما تبرّك سلام الله عليها. جائتنا اليهودية الخائفة، للكاف لاجئة، منذ آلاف السنين فأَجَرْنَاهَا و حميناها و سكنت عندنا في اطمئنان تُمارس طقوسها في حريّة و أمان ثم أصبح بيتها، من بعدها، مزارا يهوديا و إن لم يكن بحجم و لا بشهرة كنيس جربة، و كنتُ و أنا أمرّ به صغيرة عند ذهابي لحانوت أبي في وسط المدينة لا أعلم أنّه كان بيتا لامرأة صالحة من طائفة أخرى تطوف بَرَكَتُهَا بأرجاء مدينتي الآهلة منذ قرون بالكهنة و القدّيسين و الأولياء الصّالحين. أين نحن الآن من بَرَكة تلك الأيام؟؟ أين نحن من الدِّين و المحبّة و التسامح و الوئام!! كم كنّا نحيا في سلام قبل أن يُهلككم أعوان الشيطان و يغرسوا أظفاركم في لحم فلسطين فما جنيتم غير الخوف و الرّعب و الآلام و الحنين. قل يا ابن العم: ألا يراودكم الحنين دوما لبلدان عشتم و عاش فيها أجدادكم في سلام؟؟؟ ألا تتحسّرون على أيّام الله في تونس أو العراق مثلا أو في بقيّة البلدان التي حمتكم و لكنّكم خرجتم منها بصفقة دنيئة لتُهجِّروا شعبا مسالما لِتَحُلُّوا، بكلّ بساطة، على أرضه محلّه. أتظنّون هكذا أنّكم ناجون و لن تلحقكم لعنة! كيف؟؟؟ و أنتم بالذات أكثر شعب تلاحقه اللّعنات من أوّل التاريخ إلى يوم النّاس هذا!! كيف انطلت عليكم تلك الصفقة المُريبة و ذلك التخطيط الجهنّمي الذي ألقوكم فيه؟! إنْ كان من يسرق أمتارا من أرض جاره يُصيبه غضب الرّب في الدّنيا و الآخرة فكيف بمن فعل فعلكم و استولى، بكذبة، على وطن و غرس كيانه المحتل في أرض محاطة من الجهات الأربع بالعرب فظلّ هجينا غريبا خائفا وحيدا: بلا جيران و لا عشيرة. ألهذا الحدّ توافقون حكّامكم المفتونون بحِيل الشيطان و تسمحون لهم بالعبث بوجودكم و أنتم المعروف عنكم حُسن التقدير و التدبير؟؟؟ قل لي، الآن، فقط، قل بحق الحق: هل كنتم يوما آمنين في فلسطين؟؟؟؟؟ هل ذقتم فيها طعم النّوم الهادئ المريح أو تمتّعتم مرّةً بطعام و لم تجدوا عليه مرسوما بالدّم خريطة فلسطين؟؟؟!! أيّ جناية جناها عليكم ʺهرتزلʺ و أتباعه المغرورين الغاصبين! إلى متى تستمرّون لهم هكذا تابعين و بفكرهم الأعمى مؤمنين! اعتبروا مما يجري عندكم منذ النكبة و طول كلّ هذه السنين، إنّي أراكم بحق مظاليم و إن كنتم عن ظلم حكّامكم المجانين لغافلين. بالأمس فقط رأيت جنديا منكم يبكي بحرقة و يغالب في حلقه الخنقة بعد أن جُرح جروحا في صدره و ظهره و أكبر من جرحه العميق كان موت أصحابه في اليوم الأخير. أبكاني بنظراته الضائعة و خوفه المُميت. لو كان من مقاومينا المؤمنين لَفَرِحَ لِأصحابه و لَوَعَدَهُمْ أجمل الوعود: إحدى الحُسنين! و لكن ابنكم المسكين مخدوع بمخطّط هرتزل المشين. قد قلت لك قبلا أني لستُ أقلق علينا نحن المؤمنين الصادقين، بل عليكم أبناء العم، لذلك أقول لكم اليوم و أعيد: لاَ تَجْنُوا بِدوركم على أولادكم و أحفادكم و تكتبوا لهم مصيرا كمصيركم الموجع و الحزين. اهدؤوا قليلا، أبناء العم الأصفياء الصادقين، اهدؤوا و اقرؤوا التاريخ من جديد و افهموه. لا حلّ لدولتين: فلسطين كلّها فلسطين. هذا هو السّلام فلا تُضيّعوه! و هذا قلمي النّازف على هذا التاريخ النّازف بيننا فاقرؤوه... فمن يدري، لعلّكم تستَبينوا نزف قلوب أحرار العالم كلّه على حالكم الحالك اليوم و حال، المنكوبة بكم، أرض فلسطين. فِيكم مؤمنين، و فيكم دُعاة سلام و محبّة صادقين، أعرف... و لهم، بالذات، اليوم أكتب لعلّنا نجتمع معا لأجل إرجاع الأمن للإسرائيليين و الحقّ للفلسطينيين. سيظلّ قلمي يمدّ لكم يدي ما حييت... فتريّثوا و لا تُسقطوه كما أسقطتم غصن الزّيتون من يد عرفات المسكين قبل أن تسقطوه هو نفسه و هو محاصر بجيشكم و سلاحكم في بيته في أرضه المنكوبة بكم: أرض فلسطين.
#كريمة_مكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إلى أفيخاي أدرعي: سَلَامِي لِيَحْيَ السنوار...
-
و يكتب القلم ما يُريد!!
-
السيد أفيخاي أدرعي: أمازلتَ بعدُ في ضلالك القديم؟!
-
إِلَيْكَ... يَا ابْنَ العَمْ: لاَ نَامَ وَ لَا اطْمَئَنْ مَن
...
-
وَ هَلْ أَنَا اخْتَرْتُهُمْ؟!؟
-
نحن قوم للأدب خُلِقْنَا
-
للسّياسة، في تونس، نساء... لَسْتِ، يا عبير موسي، منهن!!
-
امرأة القلم
-
في يدها القلم و في رأسها القضية.
-
إلى رئيسنا الصالح المُصلح: حتّى ينصلح لكم البال!!
-
أَيُنْسَى دَمُ الصِّبْيَانْ؟!
-
قُلْ يَا ابْنَ العَمْ: وَ هَلْ أَنْتُمْ تَقْرَؤُونَ حَقًّا؟!
-
إلى الطاهر بن جلّون: الشاعر إمّا يكون مُتنبي أو لا يكون!
-
على باب الخمسين...
-
ارفعوا أيديكم رجوعا للحق و استسلاما!!
-
لا تبني وطن غيرك...لن يبني وطنك غيرك!
-
و اسمعي يا عَمّة لمفخرة الجزائر و كلّ العرب
-
احذري يا عَمَّة من التآمر على حبّ الوطن!!
-
حركة ʺالنهضةʺ : الحلّ ليس هو الحلّ
-
هل يعرف محامي المخلوع طباخ الرّئيس؟؟؟
المزيد.....
-
مياه وردية اللون من الصنابير.. شاهد كيف يتعامل سكان هذه المد
...
-
كيف سينعكس التقارب بين تركيا ومصر على الصراعات الإقليمية؟
-
البولونيون يستعدون للهجوم على بيلاروس
-
الأمريكيون مصدومون من الأوكرانيين الذين يتدربون على F-16
-
نشطاء من حركة -تمرد ضد الانقراض- يغلقون الطريق السريع في لاه
...
-
صاروخ باليستي يسقط في إسرائيل من اليمن، والجيش يحقق في فشل ا
...
-
التضليل الإعلامي ـ سلاح روسيا -الناعم- لزعزعة الديمقراطيات
-
دراسة: الإنسان البدائي مر بنفس مراحل بلوغ الإنسان الحديث
-
تفاصيل مثيرة عن مرض نادر.. بريطانية تنفق نحو 8000 دولار على
...
-
طهران: قمر -جمران-1- رد إيراني على من يفرضون العقوبات
المزيد.....
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية
/ جوزيف ظاهر
المزيد.....
|