|
نقد قراءة د.غسان العطية لاسباب عدم حل القضية الفلسطينية
علاء الدين الظاهر
استاذ رياضيات
(Alaaddin Al-dhahir)
الحوار المتمدن-العدد: 7818 - 2023 / 12 / 7 - 16:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
1 مقدمة 2 هل القوميون العرب والفلسطينيون مسؤولون عن عدم حل القضية الفلسطينية؟ 3 العرب وهتلر 4 معاهدة بورتسموث وحلف بغداد والقضية الفلسطينية 5 تدخل العرب في القضية الفلسطينية 6 تجنيس الفلسطينيين 7 مراجعة قصيرة جدا للحرب في فلسطين 1948 8 تهجير اليهود العراقيين 9 التمييز بين اليهود والصهيونية 10 مانديلا فلسطيني 11 التدخل الايراني 12 الليبرالية والاعتدال 13 ما هو الحل؟
1 مقدمة قدم الاخ الدكتور غسان العطية على المنبر الليبرالي في 17 تشرين ثاني الماضي قراءة عن أسباب عدم حل القضية الفلسطينية. يمكن ان يكون العطية (مع حفظ الالقاب العلمية له ولغيره) معذورا في تقديمه المشتت بسبب تغطيته للمدة الطويلة التي استغرقها صراع الحركة الصهيونية مع الفلسطينيين وبسبب وكعة صحية ألمت به. انا اُكبر فيه مراجعته لمواقفه السياسية السابقة ونقده للفكر القومي وهو على حد علمي المتواضع ثاني قومي بعد الراحل وليد التميمي ممن قام بهذا. للاسف وقع العطية في مطبٍّ كبير عندما حمّل القوميين العرب والى حد ما الدول العربية (وشاركه في هذا مقدم الندوة الصديق حميد الكفائي) مسؤولية عدم حل القضية الفلسطينية. ايضا وقع في اخطاء تاريخية من الصعب تصديقها وهو رئيس سابق لمركز الدراسات الفلسطينية بجامعة بغداد وعاصر احداثا اكثر مني كونه يسبقني بجيل او اكثر. للاسف كانت مداخلات من استمع لتلك الندوة بعيدة كل البعد عن تصحيح ما ورد في قراءة العطية ما عدا استثنائين هما ان مقولة (خذ وطالب) تعود للملك فيصل الاول وليس للحبيب بورقيبة لكن العطية اصر على خطئه بأنها تعود لبورقيبة وخلطها بتذييل الشريف فيصل على ما يعرف بإتفاقية وايزمان ـ فيصل والتي وافق فيها الشريف فيصل على شروط الحركة الصهيونية في اقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. ناقشت هذا الموضوع في مقالتي (الفكر الوطني الالماني وتوحيد المانيا ونسخته العروبية وسلوكها)، الرابط في نهاية المقالة. إرتكب العطية خطاً آخر عندما تصور ان إتفاقية وايزمان ـ فيصل تعود للمفاوضات اثناء حكم الملك فيصل الاول. التصحيح الثاني كان قبوله بأن الكلية العسكرية العراقية كانت تعطي دروسا باللغة العبرية لطلابها. احب ان اؤكد اني لست هنا للدخول في مهاترات او مزايدات مع غسان العطية او مع غيره في موضوع شائك مثل القضية الفلسطينية. أيضا قلبي وعقلي مفتوح لكل رأي مخالف ولست ممن يقابل من يختلف معي بالكراهية او العداء او الاتهامات بالعمالة والخيانة. لست من هذه الطينة ولن اكن. اذا كنت ترغب في استخدام ما اكتبه لأجل كيل الاتهامات فأرجو منك ان تتوقف هنا عن قراءة هذه المقالة. جُل ما اذكره هنا هو لتصحيح ما ورد من اخطاء في ندوة العطية هذه وآمل ان يتقبلها العطية بصدر رحب. الباب ايضا مفتوح لمن يود تصحيح اي خطأ او مطب وقعتُ فيه وأعتذر عنه مسبقا.
2 هل القوميون العرب والفلسطينيون مسؤولون عن عدم حل القضية الفلسطينية؟ بسبب نقدي القاسي لما جلبه القوميون والبعثيون العرب على العراق خصوصا والمنطقة العربية عموما قد يستغرب البعض دفاعي هنا عنهم. إن ادعاء العطية بأن عدم حل القضية يعود لمواقف القوميين العرب أمر يثير الاستغراب تماما. كما ان تحميله التشدد الفلسطيني ورفض الفلسطينيين لكل الحلول اعتبارا من الورقة البيضاء البريطانية في اواسط الثلاثينيات يصبح كمن يقرأ الاحداث بصورة عكسية وكأنه كان على الفلسطينيين والعرب ان يقرأوا المستقبل وكأنهم يقرأون الفنجان او كانوا (فتّاح فال). بل يضع العطية نفسه في محل الاتهام بأنه يقدم الرؤية الصهيونية للصراع بينما الحركة الصهيونية واسرائيل هي التي وقفت ضد اي حل. للاسف يستخدم نفس هذه الرؤية التي قدّمها العطية، المطبّعون مع اسرائيل او ممن يروّجون للتطبيع وهذا سبب أقوى دفعني لكتابة هذه المقالة. سأراجع كل هذه الامور وغيرها لكني أبدأ بأسباب عدم نجاح الحل في الفترة التي اعقبت اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بحق اسرائيل بالوجود. سبب عدم النجاح في ايجاد حل للقضية الفلسطينية منذ نهاية الثمانينيات يعود الى عدة امور رئيسية اهمها الانسحاب من القدس الشرقية وقبولها كعاصمة لدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران1967 وعلى مساحة 22 بالمئة من ارض فلسطين التأريخية، حق العودة للاجئين الفلسطينيين الى بيوتهم وممتلكاتهم ومدنهم بما فيها ارض دولة اسرائيل او تعويض من لا يرغب بالعودة، فضلا عن ازالة المستوطنات في الضفة الغربية والقدس. كل هذه الامور ترفضها اسرائيل ولا يرفضها الفلسطينيون ولا القوميون العرب. إن الحاق تهمة عدم حل القضية الفلسطينية بالفلسطينيين والقوميين العرب إجحاف وظلم لا يمكن القبول به فضلا عن خطئه الفادح وغير المبرر. إن مسؤولية القوميين العرب في عدم حل القضية الفلسطينية مثل مسؤولية (جبار ابو الشربت) في انتشار وباء كوفيد 19 في العراق. في الواقع كان بالإمكان حل المشكلة الفلسطينية في بداية الخمسينيات لو وافقت اسرائيل على عودة اللاجئين الفلسطينيين او تعويض من لا يرغب منهم بالعودة وفقا لقرارات الامم المتحدة. كانت الدول العربية حتى الى ما بعد حرب حزيران 1967 تطالب بتطبيق هذه القرارات. كان وزراء الخارجية العرب يطالبون بهذا في الامم المتحدة والعراق كان يطالب بهذا من وزيري الخارجية فاضل الجمالي الى عدنان الباججي. وحتى جمال عبدالناصر لم يطلب اكثر من هذا. نعم كان هناك ضجيج اعلامي عروبي عن تحرير فلسطين لكن المواقف الرسمية والمحادثات الرسمية والسرية لعبدالناصر لم تزد على مطلب عودة اللاجئين او تعويضهم. لم يذكر العطية ايا من هذا او ذاك. هناك حمائم بين الساسة الاسرائيليين لكن لم تكن قوتهم السياسية تسمح بحل الصراع مع الفلسطينيين تحت اي ظرف سوى فرصة اتاحتها اتفاقية اوسلو مع حكومة اسحاق رابين ولكونه احدالصقور كانت هناك فرصة جيدة لحل الدولتين. بعد إغتيال رابين من قبل متطرف يهيودي، فشل خلفه شيمون بيريس في حل الصراع مع الفلسطينيين لكونه من الحمائم كما فشل أيهود باراك في حلها وهو من الصقور. كان الصقور والمتطرفين الصهاينة ينظرون الى (الحمائم) كإنهزاميين ضعفاء على عكس (محاربي العرب) من الصهاينة والذين تميزوا في السياسة الاسرائيليين وأصبحوا من قادتها. لقد تطرق لهذا الموضوع الكاتب البريطاني ديفيد هيرست في كتابه (البندقية وغصن الزيتون) الذي ظهر نهاية السبعينيات في طبعته الاولى. هدف الحركة الصهيونية الاساسي هو جلب اليهود للاقامة في فلسطين وهذا يعني بناء المستوطنات. اذا لم تفهم هذه الحقيقة البسيطة فلم ولن تفهم اي شئ عن القضية الفلسطينية. إذن، من الواضح ان اسرائيل تريد بلع الارض الفلسطينية بالكامل وأكثر. كان بن غوريون يقول انه (لا يريد دولة يهودية في فلسطين بل دولة يهودية على فلسطين). وما يحدث في غزة اليوم من قصف همجي بربري اسرائيلي هو امتداد لمجزرة دير ياسين، اي استخدام العنف لتهجير الفلسطينيين عن ارضهم. في عام 1983 قدَمَ باحث يهودي اميركي كزائر لقسم الرياضيات في لايدن. اثناء النقاشات معي عن إحتلال اسرائيل للبنان قال ان هذه الحرب ستؤجّل حل الصراع لخمسة عشر عام. إن كل ما تقوم به اسرائيل من حروب او ردود فعل عسكرية مفرطة هي بالضبط لهذا الهدف: تأجيل الحل لعقود تقوم خلالها بملئ الارض الفلسطينية والسورية بالمستوطنات. منذ اكثر عشرين عام والحمائم في اضمحلال والمتطرفين الاكثر عنفا من الصقور في تصاعد. دعني اعود الى معالجة رفض الفلسطينيين للحلول التي طُرحت عليهم وأبدأ بهذا المثال البسيط. تصوّر ان عصابة مسلحة تحتل بيتك وتطلب منك ان تتنازل عن غرفتين منه لعائلة لها علاقة بها. هل ستقبل بذلك؟ وبعد ان ترفض هذا تأتي لجنة "محايدة" وتفرض عليك ان تتخلى عن اكثر من نصف بيتك لتلك العائلة واقربائها. هل ستقبل بهذا؟ إذا قبلت بهذا فهذا يعني انك تقبل بالظلم الفادح وبسرقة اكثر من نصف ممتلكاتك. هذا سبب رفض الفلسطينيون لما سمي بالورقة البريطانية البيضاء ورفضهم لقرار التقسيم. فضلا عن ان صراعهم لم يكن مع الهجرة اللاشرعية اليهودية لفلسطين فقط بل من اجل التحرر من الاحتلال البريطاني لوطنهم والذي يصفه العطية حياديا بالانتداب. هذا لم يكن انتدابا بل استعمارا وليس هناك افضل من مثال سوى هيمنة بريطانيا على النفط العراقي رغم قرارات عصبة الامم التي منحت حق السيطرة على النفط للحكومة العراقية ومنحت لبريطانيا الانتداب على العراق (كتحصيل حاصل لأن بريطانيا كانت قد احتلت العراق عسكريا). بريطانيا كانت تستعمر فلسطين بل ان عقلية المستعمر البريطاني كانت تحتقر العرب مثل سكان بقية مستعمراتها وكتابها ومسؤوليها هم من وصف الافارقة بالوحشيين ( Savages ). اذا قارنا الهجرة اللاشرعية لليهود اثناء الاحتلال البريطاني لفلسطين بالهجرة اللاشرعية الحالية لاوربا لكان الوضع ليس بنصف او ثلاثة ارباع مليون مهاجر لاشرعي افريقي وعربي لأوربا سنويا بل بمئة مليون سنويا. هل كانت اوروبا ستقبل بمثل هذه الهجرة اللاشرعية بينما عنصريتها تزداد عند قدوم نصف او ثلاثة ارباع مليون مهاجر غير شرعي؟ هل من حقنا ان نلوم الفلسطينيين على مواقفهم ونتهمهم بالمواقف المتشددة واللاعقلانية؟ اميركا واوربا تعترف الآن بأن التطبيع من خلال اتفاقيات ابراهام اولا كان خطأ وعادت لتكرار منولوج حل الدولتين. اذا احتاجت اميركا لخمسة اسابيع من مفاوضات مكوكية شاقة كي توقف العدوان على غزة لإسبوع من اجل هدنة انسانية وتبادل الرهائن ووفقا لقرار من مجلس الامن الدولي فكم من الوقت لتحتاج لتحقق حل الدولتين وإزالة المستوطنات؟
3 العرب وهتلر ان ادعاء غسان العطية بأن هتلر لم يعد العرب بشئ غريب جدا. قبل ان اعالج هذا الموضوع اقول بأن جرائم هتلر ضد اليهود جرائم ضد الانسانية وكانت احد اسباب التعاطف القوي مع اقامة دولة لليهود وبذلك تصبح المانيا شريكة لبريطانيا في قيام هذه الدولة. اولا، كان هناك نشاط غير عادي للوزير المفوض الالماني في العراق فريتز غروبا وربطته علاقات حميمة ببعض الضباط وبالملك غازي وكان من بين تلك الروابط اهداء هتلر سيارة رياضية للملك غازي. اثناء الحرب العالمية الثانية كانت هناك خطة لتقدم الجيش الالماني من ليبيا الى مصر ثم فلسطين وكان من بين المتعاونين مع النازيين انور السادات وسُجن بسبب هذا. تعاون السادات هذا مع المانيا النازية كان بسبب الاحتلال البريطاني لوطنه ومعاملة المحتل البريطاني السيئة لشعبه. وكانت هناك خطة اخرى لتقدم النازيين عبر حقول النفط في اذربيجيان ثم ايران حيث كان الشاه رضا بهلوي من المتعاطفين مع المانيا وكان هذا سبب اسقاطه لاحقا بعد الاحتلال البريطاني ـ السوفيتي لإيران وتنصيب ابنه محمد بدلا عنه، والتوجه للعراق لدعم حكومة رشيد عالي الكيلاني. مونتغمري اوقف تقدم رومل في صحراء ليبيا وأجبره على التراجع الى تونس ثم الانسحاب من هناك الى اوربا. تدخل هتلر في خطط قادته وإصراره على تركيز الهجوم على ستالينغراد كي يوجه ضربة معنوية لستالين (كون المدينة بإسمه) لم تؤدي فقط الى عدم استمرار التقدم نحو الجنوب والى إيران بل ادت الى استسلام الجيش الالماني في ستالينغراد بعد حصار طويل وهجوم سوفيتي مضاد تحت البرد القارص وضعف الامدادات الالمانية. يمكننا اليوم ان ننظر الى تلك الخطط كتفكير رغبي وأوهام لكن في ظل الانتصارات العسكرية الالمانية المذهلة في اوربا لم تكن تلك التوقعات، على الاقل في العراق، مبالغٌ فيها. لجأ الحاج امين الحسيني اولا الى العراق وبعد الاحتلال البريطاني الثاني هرب مع رئيس الحكومة رشيد عالي الكيلاني الى المانيا. ينتقد غسان العطية سلوك امين الحسيني هذا لأنه جاء ضمن (عدو عدوي صديقي) كما ينتقد علاقة حماس بإيران لنفس السبب لكنه يبرر إن لم يكن يدافع عن علاقة القيادات الكردية العراقية وبشير الجميل (بعد ان ترحّم عليه) بإسرائيل لأن (عدو عدوي صديقي). هل ممارسة (عدو عدوي صديقي) ابتداع عربي او فلسطيني؟ كيف نفسّر اذن تحالف هتلر مع ستالين ضد بولندا؟ وكيف نفسّر تحالف ترومان وتشرتشل مع ستالين بعد ان هاجم هتلر الاتحاد السوفيتي؟ ألم يكن تشرتشل من قال (سأتحالف مع الشيطان ضد هتلر)؟ ألم يتحالف نكسُن مع الصين لإضعاف الاتحاد السوفيتي؟ التأريخ ملئ بهذه التحالفات بين الامبراطوريات الغربية ضد غيرها. كيف نبرر تحالف القيادات الكردية او بشير الجميل مع اسرائيل وننتقد تحالف امين الحسيني مع المانيا النازية او حماس الاسلامية مع ايران الاسلامية؟ إن اتهام غسان العطية لأمين الحسيني بأنه ضحّى بوطنه من اجل السلطة ولم يجد قائدا غيره يفعل ذلك، يثير الكثير من الاستغراب. اولا، لم تكن للحسيني اي سلطة سياسية. كان للحسيني كمفتي للقدس نفوذ سياسي تنافسه في هذا عائلة النشاشيبي. كل ما قام به امين الحسيني من نشاط سياسي هو لإيقاف الهجرة اللاشرعية لليهود الى فلسطين ومنع تأسيس وطن قومي لهم على ارضها. ضحى الحسيني بمنصبه الديني عندما لجأ الى العراق هربا من سلطات الاحتلال البريطاني. وحتى لو صح اتهام العطية للحسيني هذا فهل هو الوحيد؟ من هو الزعيم العربي الذي ضحى بالسلطة من اجل وطنه؟ ربما كان الزعيم عبدالكريم قاسم من فعل هذا عندما رفض تسليح المواطنين لمقاومة انقلاب 8 شباط وقال انه لن يجعلها حربا اهلية، ولو فعل هذا لتغير الوضع لصالحه بسسب شعبيته العارمة. كل القادة العرب سقطوا بالانقلاب العسكري او انهى حكمهم الموت.
4 معاهدة بورتسموث وحلف بغداد والقضية الفلسطينية يقول غسان العطية ما معناه ان حكومة حزب العمال التي ابرمت معاهدة بورتسموث كانت متعاطفة مع الفلسطينيين وإنه لو تمت تلك المعاهدة لأصبح حل القضية الفلسطينية بشكل آخر. قرأت الكثير من ادعاءات الملكيين عن الحلول السحرية لقضية فلسطين لو لم تُسقط المظاهرات الشعبية تلك المعاهدة لكني لم اجد وثيقة رسمية واحدة تؤيد ايا من تلك الادعاءات وليس هناك اي ذكرٍ لهذا في مذكرات الساسة البريطانيين او في يومياتهم التي كتبوها إملاءً او بخط يدهم. كل هذا الادعاءات هي في الواقع ليس إلا خرافات سياسية بل تدحضها الوقائع. بعد ان تركت القوات البريطانية فلسطين وفقا لقرار التقسيم تركت معسكراتها بكامل اسلحتها ومعداتها العسكرية للقوات الصهيونية أي للعصابات الارهابية مثل إرغون وشتيرن التي كانت تهاجمهم وتقتل جنودهم وضباطهم. بعض الجنود والضباط البريطانيون إلتحقوا بالقوات الصهيونية وقاتلوا القوات العربية دون ان تحاسبهم حكومتهم العمالية كمرتزقة مع قوات اجنبية. في التسعينيات رأيت مقابلة تلفزيونية مع احد هؤلاء الضباط البريطانيين الذي كان عنصريا كارها مقيتا للعرب (تعبير يُقصد به الفلسطينيون) وأنه قرر العيش في اسرائيل. لعل غسان العطية نسى اعلان (إدفع شلنغ اقتل عربيا) لمحلات (مارك أند سبنسر) بعد حرب حزيران 1967، هذا الاعلان نشرته الصحف العراقية لتوضيح عنصرية بريطانيا. لم تقاضي حكومة هارولد ويلسن العمالية تلك الشركة على عنصريتها بل كانت متعاطفة ومؤيدة مئة بالمئة لاسرائيل. ينقل العطية عن نوري السعيد قوله ان العراق يعيش بين جارين قويين ولهذا انشأ حلف بغداد. نسمع العديد عن ابتكارات عبقرية لنوري السعيد مثل هذه دون ان نعرف المصدر سوى من احدى العراقيات المرتبطة عائليا بنوري السعيد وسياسيا بالعهد الملكي. هل هذه المقولة صالحة للتطبيق؟ لننظر الى بولندا وقلنا انه كان عليها الدخول في حلف مع جاريها القويين المانيا النازية والاتحاد السوفيتي. ماذا كانت ستكون النتيجة غير ابتلاعها من قبل هذين البلدين؟ وقد حصل هذا دون دخولها في حلف معهما في اتفاقية هتلر مع ستالين لأن الاقوياء لا يدخلون لوجه الله في احلاف مع الدول الضعيفة للدفاع عنها اذا كانت لديهم اطماع توسعية فيها. من ناحية سياسية كانت ايران ضعيفة سياسيا وعندما هرب محمد رضا بهلوي من حكومة مصدق عام 1953، هرب الى العراق واُستقبل رسميا هناك ثم اعاده الى السلطة انقلاب دبرته المخابرات المركزية وقائده كيرميت (كيم) روزفلت. ايضا هرب الشريف فيصل وجماعته الى تركيا التي خانوا دولتها العثمانية بالقتال مع بريطانيا ضدها في الحرب واستقبلوا هناك بحفاوة. مما يعني ان هذين الجارين القويين كانا على علاقة طيبة بالعراق ولا يمثلان تهديدا له. تركيا ايضا كانت ولا زالت منقسمة بين علمانية اتاتورك وهويتها الاسلامية وكان اعدام عدنان مندرس احد نتائج هذا الانقسام. عندما طالب محمد رضا بهلوي بشط العرب في عهد الزعيم عبدالكريم قاسم، ارسل عبدالكريم قاسم لواءً من الجيش الى البصرة انهى بها مطالب بهلوي حينها. هذا يعني ان 2500 جندي عراقي ارعبوا نظام الشاه وهذا يعني ان ايران حتى بعد بقائها في حلف السنتو (بعد خروج العراق من حلف بغداد) كانت ضعيفة عسكريا. الضعف والقوة امران يمكن النظر اليهما من وجوه مختلفة اذا صحت مقولة نوري السعيد هذه. يقول العطية ايضا ان بريطانيا العضو في حلف بغداد (بين العراق وايران وتركيا وبريطانيا وبدعم اميركا) كانت ستردع اسرائيل وتمنعها من سلوكها العدواني ويروّج غسان العطية من خلال هذا لعبقرية نوري السعيد. يا لعمري، ألم تكن بريطانيا الطرف الاساسي مع اسرائيل وفرنسا في العدوان الثلاثي على مصر بعد عام من إبرام معاهدة حلف بغداد؟ هل هناك خرافة سياسية اكبر من هذه التي يطلقها الاخ العطية؟ إن دعاء محمد حسنين هيكل بإن نوري السعيد قال لرئيس وزراء بريطانيا انطوني إيدن اثناء العدوان بأن على بريطانيا ان تضرب عبدالناصر وبقوة قابل للتصديق ليس بسبب علاقة نوري السعيد الوطيدة ببريطانيا إن لم يكن تبعيته لها بل لكرهه الشديد لعبدالناصر. حسب هذا التصريح فإن نوري السعيد لم يمانع بدخول اسرائيل في عدوان مع بريطانيا وفرنسا (التي كانت تستعمر المغرب العربي)، على دولة عربية. للتذكير، حلف بغداد لم يقم من اجل فلسطين بل كان في جوهره حلفا ضد الاتحاد السوفيتي الذي كانت اطراف حدوده تبعد عند اقرب نقطة 195 ميلا عن حدود العراق ولهذا السبب اُنشئ حلف بغداد وفقا لوزير الخارجية الاميركية (جون فوستر دَلًس) حينها. حتى حزيران 1967 كانت بريطانيا وفرنسا مصدرا التسليح الرئيسيين لإسرائيل مثل دبابات تشيفتن البريطانية وطائرات مستير وميراج الفرنسيتين. في حرب 1967 اسقط طيارو السرب السادس في الحبانية طائرات ميراج في أج 3 وإستشهد اثناء تلك المعركة الجوية الملازم الاول الطيار غالب عبدالحميد الذي عرفته كما عرفت بقية طياري هذا السرب. نحن لم نقرأ التاريخ في الكتب فقط بل عشنا احداثه ونعرف شخوصه وفي جزء منه كان والدي من المشاركين في صنعه. بريطانيا لم تكن لتقف بوجه اسرائيل بل هي اصل المشكلة إن لم يكن كل مشاكل الشرق الادنى والاوسط. هنا تنتهي عبقريات نوري السعيد وحلفه.
5 تدخل العرب في القضية الفلسطينية اثناء الندوة حصلت انتقادات حادة لتدخل الدول العربية في القضية الفلسطينية والذي لولاه لتمكن الفلسطينيون في حل قضيتهم مع اسرائيل. لا بد ان اشكر الاخ العطية على مراجعة موقفه من عبدالكريم قاسم وذكره بأنه الزعيم العربي الذي فتح التدريب العسكري للفلسطينيين ودعا الى ترك الفلسطينيين لتحرير وطنهم ولم يتدخل في قضيتهم. في الواقع كان عبدالكريم قاسم اول من طالب بقيام الدولة الفلسطينية على الضفة الغربية وغزة وإنتقد استيلاء بلدين عربيين (اي الاردن ومصر) على تلك الاراضي الفلسطينية. من هذه الدولة الفلسطينية قال عبدالكريم قاسم بأن الفلسطينيين سيقومون بتحرير بقية وطنهم. سأعطي هنا مثالا يظهر ان الفلسطينيون انفسهم كانوا يطالبون بالتدخل العربي في قضيتهم ويُظهر جحودهم ونكرانهم لفضل عبدالكريم قاسم. نفس هؤلاء الفلسطينيون الذين تدربوا في كلية الاحتياط العسكرية شاركوا في إنقلاب 8 شباط ضد عبدالكريم قاسم لأنهم كانوا يؤمنون بإدعاءات عبدالناصر بقيامه بتحرير كامل فلسطين وليس بعبدالكريم قاسم الذي طالب بقيام دولة على الضفة الغربية كحل مرحلي يقومون انفسهم بعدها بتحرير كامل فلسطين. الاسوأ ان بعضهم قام بتعذيب الشيوعيين العراقيين يدا بيد مع الجلادين البعثيين. نعم الفلسطينيون يستحقون النقد ايضا لكن في المكان والوقت الصحيحين ومن دون اذكاء الكراهية لهم. دعني اعود الى الوراء قليلا. صحيح ان الفلسطينيين طالبوا الدول العربية قبل حرب 1948 بالتدخل لإنقاذهم من الصهاينة لكن هذا نصف الحقيقة. بطلب من الجامعة العربية، قام حينها اللواء الركن المتقاعد اسماعيل صفوت بزيارة فلسطين تمكن فيها من تقدير موازين القوى. استنتج في تقريره الى الجامعة العربية بأن ميزان القوة يميل كثيرا الى القوات الصهيونية واقترح انضمام الجيوش العربية للقتال دفاعا عنهم. اثناء الحرب قاد اسماعيل صفوت مجموعة من المتطوعين الفلسطينيين. كان يقيم في نفس شارعنا (شارع طه) وفي النهاية القريبة من منطقة الكمب، وإن لم تخني الذاكرة، لم يكن بيته بعيدا عن بيوت الفريق الركن رفيق عارف آخر رئيس اركان للجيش في العهد الملكي ، اللواء الركن عمر علي واللواء الركن عبدالوهاب شاكر (والد سعد ورعد). اتذكر ان والدي كان يلتقي بهؤلاء (لا اتذكر انه التقى بعبدالوهاب شاكر) ويتبادل معهم ذكريات حرب فلسطين ويخبرهم عن اسباب هزيمة 1967. هذا التدخل العربي كان مطلوبا من الفلسطينيين وضروريا بسبب ضعف قوتهم العسكرية. تحت هذا العدوان الاجرامي الوحشي الحالي على غزة تجد الفلسطينيون يلعنون الحكام العرب على ما يحدث من قتل ودمار في غزة لأن الحكام العرب لا يساعدونهم في محاربة اسرائيل. بل ان حماس تريد ادامة الصراع مع اسرائيل أملا بظهور (صلاح الدين) جديد يحرر كامل التراب الفلسطيني وهذا دليل آخر على ان الفلسطينيين انفسهم يريدون التدخل العربي في قضيتهم لا بسبب سوى ضعفهم العسكري امام الوحش الصهيوني. حتى نهاية حكم عبدالرحمن عارف لم يكن هناك تدخل عراقي يذكر في القضية الفلسطينية سوى الدفاع عنها في الامم المتحدة. في الواقع ذكر (ابو اياد) لصديق مشترك بأنه وأحد زملائه من قادة (فتح) زارا الرئيس عبدالرحمن عارف عام 1968 الذي اخبرهما بأن العراق سيتبرع لـ (فتح) بخمسين الف دولار ولـ (العاصفة) بخمسين ألف دولار. يذكر (ابو اياد) بأنه وزميله كتما ضحكتهما لأن الرئيس عارف لم يدرك ان فتح والعاصفة هما نفس المنظمة وقبلا التبرعين منه. في الواقع اتذكر شخصيا ان الاعلام العراقي حينها كان يميز بين فتح والعاصفة كمنظمتين مختلفتين. ما اقصده هنا ان العراق لو كان يتدخل في الشأن الفلسطيني لما حدث مثل هذا الالتباس. قام النظام البعثي العراقي بعد انقلاب 1968 بتأسيس (الجبهة العربية) كمنافسة لمنظمة (الصاعقة) التي انشئها البعث السوري وكان كلا النظامين يستغلان هاتين المنظمتين للمزايدة لا غير. السؤال هل كان دور هاتين المنظمتين مؤثرا؟ بعد ان تدخل الجيش السوري عام 1976 لإنقاذ الكتائب والقوى المسيحية من هزيمة عسكرية على يد القوى الوطنية والمنظمات الفلسطينية فقدت الصاعقة نفودها الذي كان ضعيفا اصلا مقارنةً بمنظمة فتح او الجبهة الشعبية او الجبهة الديمقراطية. ايضا فقدت (الجبهة العربية) نفوذها بعد ان انقلب صدام واصبح حليفا للكتائب. منظمة (الجبهة العربية) هي الاخرى لم تكن ذات نفوذٍ كبير اصلا. كان الفلسطينيون يعتبرون (الصاعقة) منظمة جواسيس لسوريا و (الجبهة العربية) منظمة جواسيس للعراق. التأثير القوي كان لفتح والتي كانت الى حد ما تحت تأثير ما يعرف بالاعتدال السعودي بسبب تمويل السعودية السخي لها. بالطبع لا ينكر احد العلاقة المتميزة بين عبدالناصر وجورج حبش لكن الاخير كان مستقل الارادة. هل كان الفلسطينيون في وضع يساعدهم على التفاوض مع اسرائيل وحل قضيتهم بدون الدعم العربي القوي؟ لننظر اولا الى اوضاعهم كلاجئين لا حول ولا قوة لهم في الدول العربية. كيف يمكن لهؤلاء ان يتفاضوا مع دولة غاشمة ترفض اصلا عودتهم او تعويض من لا يرغب بالعودة؟ من يتصور ان هذا ممكن يطلب من الفلسطينيين القبول بالامر الواقع وتسليم امرهم الى الله. هذا تصور ساذج لم يكن ليجلب للفلسطينيين اي حل غير الاستسلام. الشئ الذي يمكن بل يجب ان ننتقده هو استغلال القضية الفلسطينية للمزايدات السياسة والعنترية التي قام بها في المقام الاول نظام عبدالناصر ونظام البعث سواءً جناح عفلق ممثلا بالضابط البسيط امين الحافظ او بجناح صلاح جديد ممثلا بالثلاثي نور الدين الاتاسي ويوسف زعيّن وابراهيم ماخوس. هذه المزايدات ادت الى كارثة حزيران 1967. من المؤسف بل من المفجع ان لا يتم انتقاد عبدالناصر وجناح صلاح جديد على ما جلبوه من كارثة اسبابها وفواجعها وآلامها تعاني منها المنطقة بكاملها حتى اليوم. بل على العكس، يتم تصوير عبدالناصر على انه المنقذ ولا ذكر لدور جناح صلاح جديد في هذه الكارثة المأساوية.
6 تجنيس الفلسطينيين مطالبة غسان العطية بمنحهم الجنسية في الدول العربية (وهو ما تطالب به الدعاية الصهونية) تعني فقط تصفية القضية الفلسطينية لأن اسرائيل ستقول هؤلاء اصبحوا مواطنين في دول عربية وسقطت كل حقوقهم. في الواقع اسقطت اسرائيل حقوق الفلسطينيين الذين كانوا قبل او اثناء حرب حزيران خارج الضفة الغربية (للعمل او الدراسة) وبعد ضغوط دولية منحتهم اقامة يتم تجديدها سنويا. من المؤسف ان يلجأ غسان العطية الى جعل حالة خاصة وكأنها الحالة العامة عندما قال بأن منح عدم منح الدول العربية الجنسية للفلسطينيين ادى الى هجرتهم الى الدول الاوربية وحصولهم على جنسيتها وتساءل (هل إن هذا افضل؟). عزيزي غسان، معظم الفلسطينيون يعيشون في مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية وغزة والاردن وسوريا ولبنان وهؤلاء الذين استوطنوا في الدول الغربية لا يختلفون عني وعنك وعن مواطني الدول العربية من الخليج الى المحيط، لكل واحد منهم ظروفه واسبابه سياسة كانت ام اقتصادية ام مهنية. لوتم تطبيق نفس هذه المقولة عى العراق لقلنا ان كل سكان العراق انتقلوا الى بريطانيا واميركا. لم يكتفِ العطية بهذا الاستخدام الخاطئ بل اتهم العراقيين بالنفاق بسبب ما حصل للفلسطينيين بعد غزو 2003. نعم كان هذا سلوكا مخزيا ومؤلما وغير مشرف بل اجرامي لكن هذا كان حدثا استثنائيا في ظرف غابت فيه كل سلطات الدولة. كان الطالب يغتال استاذه الجامعي لأنه رسب في امتحانه. اغتيل حينها معاون عميد كلية الهندسة بجامعة بغداد وعندما استنكرت هذا وقلت بإنه بدلا من القتل على يد منتقم يجب ان يُقدم للمحاكمة اذا كان قد قام اساء استخدام سلطته. برر قتله احد اصدقائي من الاساتذة في نفس الكلية بالقول بأن الكثيرين من زملائه تعرضوا للأذى بسببه. اذا كان هذا الحال الفكري والنفسي لإستاذ جامعي فما بالك بحال غير المتعلم الذي تعرض للتعذيب والسجن او فقد اخوته بسبب تقرير رفعه فلسطيني يعمل لمخابرات صدام؟ تعاملَ العراقيون على العموم وخلال تأريخ القضية الفلسطينية بكل طيبة وخير وقدموا المساعدة للفلسطينيين. النفاق لم يكن عراقيا بل عربيا عندما اقام هؤلاء الفلسطينيون الذين تعاونوا مع نظام صدام في خيم صحراوية ولشهور على الحدود الاردنية ـ العراقية. رفضت كل الدول العربية استقبالهم الى ان قبلتهم، إقرأ، البرازيل اثناء عهد الرئيس لولا دي سلفا الاول كلاجئين وعانوا هناك ايضا لأن هذه الدولة لم تمتلك الاجهزة التي تعتني باللاجئين. كان على العطية ان ينتقد نفاق الدول العربية والخليجية منها بالذات بدلا من إستنكار حالة استثنائية وجعلها الحالة العامة في العراق.
7 مراجعة قصيرة جدا للحرب في فلسطين 1948 قبل الهدنة الأولى حصل تقدم ملحوظ للقوات العربية عموما والقوات العراقية خصوصا. اثناء الحرب تم فرض حظر لبيع السلاح على الدول العربية واسرائيل. فرض حظر بيع السلاح هذا طُبّق على الدول العربية بينما تغاضى الغرب عن صفقة السلاح التشيكوسلوفاكية لاسرائيل، سلاحٌ مرّ امام اعين سلاح البحرية البريطانية مما ادى الى تغيّر ميزان القوى بعد الهدنة الاولى وتقدم اسرائيلي متزايد على جبهات القتال. كان آمر الفوج الثاني عبدالكريم قاسم لا يتوقف عن القتال عند صدور الاوامر بوقف اطلاق النار. اثناء تلك الهدن كان يرسل ضابطا مع جنوده ليضعوا كمينا داخل الخطوط الاسرائيلية ويسحب جثث القتلى من جنود اسرائيل الى خطوط فوجه ويهاجم القوات الاسرائيلية مدعيا (الدفاع عن النفس بعد ان هاجمته القوات الصهيونية). كانت لجان الهدنة بعد شكاوي اسرائيل تتقصى عن تلك الهجمات فيقول لهم عبدالكريم قاسم انه قام بالرد على خرق القوات الاسرائيلية ودليله القتلى من جنود اسرائيل داخل المواقع العراقية. كان هناك ضابط هدنة اميركي معجب بعبدالكريم قاسم. اما اسرائيل فألقت بمناشير تحرض فيها جنود الفوج الثاني للهرب من قيادة عبدالكريم قاسم الذي يقودهم الى الهلاك وهو القائد العسكري العربي الوحيد الذي القت اسرائيل مناشيرا ضده. ماذا فعل النظام الملكي؟ أحال عبدالكريم قاسم الى مجلس تحقيقي لعدم إلتزامه بوقف إطلاق النار. هذا المجلس التحقيقي الذي تكوّن من ضباط زملاء لعبدالكريم قاسم ومتعاطفين معه، قام بتبرئته. لاعجب إذا بدأ ضباط الفوج الثاني (وأنا ابن احدهم) بتشكيل كتلة الضباط الوطنيين والتي تشكّل منها لاحقا تنظيم الضباط الاحرار الذي اسقط النظام الملكي. اما قصة (ماكو اوامر) التي كررها غسان العطية فهي نكتة فلسطينية لا علاقة لها بالواقع وقد كذّبها العميد المتقاعد خليل ابراهيم حسين في موسوعته عن ثورة 14 تموز وكان حينها ضابط هندسة في الفوج الثاني برتبة ملازم اول. ذكر لي امين ملك (حاليا استاذ للادب الانكليزي في جامعة مكّووَن في ادمنتن، كندا) بأنه زار عام 1964 ضمن وفد من طلبة كلية الآداب الضفة الغربية والقدس عندما كانت جزءا من الاردن. احد الفلسطينيين القى محاضرة عليهم قال فيها بأن قائدا عراقيا كان ينوي الهجوم نحو تل ابيب وشطر اسرائيل الى شطرين. عندما سألوه عن اسم هذا الضابط اجاب: عبدالكريم قاسم. يقول امين ملك انه وبقية الطلاب شعروا بالفخر. كان قد مر عام على جريمة قتل عبدالكريم قاسم ولم يكن من الممكن في تلك الفترة (وبعدها لثلاثين عام) في العراق اي ذكر ايجابي لإسم عبدالكريم قاسم. ايضا اثناء حرب 1948 كان عبدالكريم قاسم ينوي الهجوم على القوات الاسرائيلية وفك الحصار عن الجيش المصري في الفالوجة (من الصدف ان جمال عبدالناصر كان من الضباط المحاصرين). الهدن المتتالية وقرارت وقف اطلاق النار المتتالية واوامر العهد الملكي بالالتزام الشديد بها منعت عبدالكريم قاسم من تنفيذ خططه وأزادت من احباطاته وإحباطات ضباطه وكراهيتهم للنظام الملكي. قبل بدء مفاوضات الهدنة الاخيرة والدائمة رفض نوري السعيد الدخول في تلك المفاوضات لأن هذا يعني اعترافا بإسرائيل وقرر سحب القوات العراقية من مواقعها فيما يُعرف بالمثلث العربي. اليوم نعرف ان الحركة الصهيونية كانت على اتصال بالملك عبدالله قبل وبعد حرب 1948. ذهب الاسرائيليون اليه وطلبوا منه تسليم المثلث العربي او مواجهتهم في معركة غير متكافئة بعد انسحاب القوات العراقية. لم يكن امام الملك عبدالله خيار غير تسليم هذا المثلث لإسرائيل دون قتال. بالنسبة لكتلة الضباط الوطنين وغيرهم كانت هذه خيانة مدبّرة من قبل النظامين الهاشميين فضلا عن ما حدث من تراجع بعد الهدنة الاولى والتي كانت القوات العراقية تتقدم قبلها. هذه نتيجة عبقريات نوري السعيد. في بداية الخمسينيات هرب العقيد الاردني عبدالله التل الى مصر ونشر رسائل الملك عبدالله السرية مع اسرائيل والتي كان يقوم بنقلها بين الطرفين. لم يكن هناك بعدها عند الضباط الاحرار اي شك عن خيانة النظامين الهاشميين. انا ادرك ان تصرف نوري السعيد كان غبيا ومن دون ان يحسب حسابه لعواقب ذاك التصرف لكن لا صلة له، على الاقل مباشرة، بقرار الملك عبدالله. وضع نوري السعيد الملك الاردني في خيار صعب. سبق وأن كتبت بإن نوري السعيد لم يكن داهية او ذكيا كما يروّج البعض له لأن الذكي والداهية يحسب حسابا لعواقب افعاله على المدى البعيد ولا يقترف الاخطاء الجسيمة التي اقترفها نوري السعيد. رابط مقالتي عن دهاء نوري السعيد ادناه في اسفل هذه المقالة. قد يستغرب البعض الصلات بين الملك عبدالله والحركة الصهيونية. في الواقع كانت الحركة العربية والحركة الصهيونية تتعاونان ضد الدولة العثمانية وكانت الحركة الصهيونية تموّل العرب في مجلس المبعوثان وتشتري من اللبنانيين منهم اراضٍ في فلسطين. انقل من مقالتي (الفكر الوطني الالماني وتوحيد المانيا ونسخته العروبية وسلوكها) التقرير الصحفي التالي: (كان عنوان تقرير تشارلس سلدن في صحيفة نيويورك تايمز في 5 آذار 1919: (امير الحجاز يرحب بالصهاينة. فيصل يُطمئن "ابناء العم" بتعاون العرب في فلسطين... "حركتانا تكمل بعضها البعض"). تقرير تشارلس سلدن هذا ينقل عن رسالة من فيصل الى ممثل الحركة الصهيونية في اميركا فيلكس فرانكفورتر: (العرب ينظرون بعطف عميق الى الحركة الصهيونية. مفوضينا في باريس على علم كامل بالمقترحات التي قدمتها الحركة الصهيونية الى مؤتمر السلم في ويعتبروها معتدلة وسليمة. سنفعل افضل ما في وسعنا لتمريرها ونتمنى لليهود عودة مرحب بها قلبيا للوطن)).
8 تهجير اليهود العراقيين اثار غسان العطية تهجير اليهود العراقيين في الخمسينيات وعن حبهم الذي يزال عند غالبيتهم للعراق وذكرياتهم عنه خصوصا وإن معظمهم كان يحيا حياة كريمة في العراق بينما انتهى بهم الامر للسكن في الخيم وكمواطنين درجة ثانية حُرموا حتى من الاستماع الى الاغاني العراقية في اسرائيل. لا احد ذو ضمير يقبل بما حصل لهم حينها لكن من هو المسؤول عن تلك الجريمة؟ يقول رئيس الوزراء توفيق السويدي انه اصدر قانون اسقاط الجنسية عن اليهود للسماح لحوالي سبعة آلاف يهودي بالهجرة الى اسرائيل وتفاجأ بوصول العدد الى اكثر من مئة وعشرين الف. السويدي يخفي انه كان يتفاوض في بيته مع اسرائيلي بجواز سفر اميركي مزور للحصول على عشرة دنانير (30 دولار) مقابل كل يهودي تقوم شركة نقليات (يمتلكها السويدي) بنقله الى منطقة أج 3 حيث تنقله شركة طيران اميركية مزيفة الى قبرص ومنها الى اسرائيل. بمعنىً آخر، ان للسويدي مصلحة في زيادة عدد اليهود الذين يتنازلون عن جنسيتهم العراقية مقابل السماح بهجرتهم الى اسرائيل. وكي أنصف توفيق السويدي أقول انه لم يكن يتوقع ان تكون تلك الزيادة لتصل الى اكثر من مئة وعشرين الفا. قام الموساد بتفجير عدد من الكنانيس اليهودية في بغداد وفجّر قنبلة عند مركز المعلومات الاميركي في بغداد مما اشعر يهود العراق بعدم الامان خصوصا وأن التيار القومي (ممثلا في حزب الاستقلال) في العراق كان يعاديهم ويعتبرهم طابورا خامسا لاسرائيل. هنا يجب ان ننتقد سلوك القوميين على سذاجته وضيق افقه وعاطفته لكن العامل الاساسي في تهجير اليهود هو قنابل الموساد فضلا عن جشع توفيق السويدي. ليكن هذا واضحا دون لبس. هنا ايضا يخطأ غسان العطية في دفاعه المبطن عن العهد الملكي.
9 التمييز بين اليهود والصهيونية غسان العطية محق تماما في ضرورة التمييز بين اليهود كديانة وبين الحركة الصهيونية. للنظر الى الفلسطينيين وهم يتعاملون كل يوم مع محتل يهودي الديانة. والفرق بين اليهود والصهيونية عندهم نقاش اكاديمي عديم الفحوى. ومع ذلك عدم التمييز خطأ فادح رغم ان الفرق بين اليهودي والصهيوني محدود جدا. بسبب وجود يهود معادين او منتقدين للصهيونية وعلى قلة عددهم يجب التمييز هنا. احد هؤلاء هوالاستاذ الجامعي آفي شليم وهو ليس الوحيد من الاكاديميين اليهود. منهم احد اصدقائي الفيسبوكيين (قائد اوركسترا في الدنمارك) من اليسار الاسرائيلي. اجد في انتقادته الحادة افضل من اي انتقاد عربي او فلسطيني لإسرائيل. عدم التمييز بين اليهود والصهاينة له جذوره التاريخية ايضا. وعد بلفور الذي صرّح بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين لم يتحدث عن حركة صهيونية. الكتاب الابيض البريطاني هو الآخر تحدث عن العرب (قوم) واليهود (ديانة) وكذلك قرار التقسيم كان بين عن العرب (قوم) واليهود (ديانة). في حرب 1948 كان الضباط يتحدثون بنفس هذه اللغة رغم ان المقصود هو الصهاينة وأذكر لكم هذه الحادثة والتي بسببها اقوم بالتمييز بين اليهود والصهاينة. بعد حرب حزيران كنا كشباب نناقش الهزيمة نسكن منطقة نجيب باشا. اذكر منهم سنان ويسار إبنا محمد بهجة الاثري وفراس الشاوي وآخرون. في احد الامسيات انضم الينا شخص قومي النزعة لا اتذكر اسمه لكنه كان يضع اسمه على لوحة على باب بيته وتحته (دكتوراه في الاقتصاد). قال لنا انه كان يدرس في بريطانيا اثناء العدوان الثلاثي على مصر وإن حل قضية فلسطين في نظره يكون بوضع اليهود العراقيين في ملعب الكشافة وإنذار اسرائيل بالسماح بعودة اللاجئين الفلسطينيين او نقوم بقتل هؤلاء اليهود. صادف ان يعود بعدها والدي من اجازة في الاردن واتفقت ان اعود معه الى البيت حيث كان يقضي امسية مع بعض اصدقائه من ضباط متقاعدين وساسة في مكتب احد المحامين من اصدقائه. كررت امامهم ما قاله (الدكتوراه في الاقتصاد) وتفاجئت بالوجوم على وجوههم. والدي وعلى عادته لم يرد لكن في منتصف الطريق الى البيت قال لي بأن الحرب ليست مع اليهود العراقيين ولو كان الامر كذلك لقتل اليهود الساكنين في شارعه عام 1948 ولم يذهب لقتالهم في فلسطين. ذكر ان بين جيرانه كانت عائلة احمد سوسة (حامل اول دكتوراه في الهندسة المدنية في العراق ومؤرخ) والذي أسلم بعد قيام دولة اسرائيل. قال والدي انه قاتل في فلسطين محتلين يهود طردوا الفلسطينيين من ارضهم وبيوتهم. ما اعنيه هنا هو وجود تمييز بين استخدام (اليهود) كمحتلين في فلسطين وبين غيرهم من (يهود) عند اجيال تلك الفترة. وصف العطية وغيره لليهود كأبناء العم مرفوض ايضا. ابن العم لا يقتل ابن عمه ولا يسرق ارضه ولا يُشردّه منها. هذا عدو يجب محاربته وليس ابن عم. ومن الناحية الجينية، مالذي يجمعني بنتنياهو إبن نيويورك او بيهودية فرنسية في التاسعة عشرة من العمر قدمت قبل ثلاثة شهور لفلسطين لتقيم في احدى المستوطنات في الضفة الغربية وتحمل رشّاشة لإرهاب الفلسطينيين؟ هل هناك محرقة لليهود في نيويورك او فرنسا حتى يقدم هؤلاء لفلسطين ويقترفوا الجرائم بحق الفلسطينيين؟ هل من الصعوبة ان تتصور شعور الفلسطيني امام هذه الارهابية القادمة من فرنسا او رد فعله إذا إنتمى الى حماس او الجهاد الاسلامي؟ قيمة الشخص في سلوكه وليس في تركيبته الجينية. لو كان ابن عمك الفعلي قاتلا لعشرة اطفال هل كنت ستدعي بقرابته او تتبرأ منه او على الاقل تشجب جريمته؟ فما بالك بمن احتل ارضا وشرّد وقتل شعبها وأمعن في الاجرام بحقه؟ فضلا عن انه لا اصل علمي لهذه القرابة الجينية المزعومة وتُستخدم لتبرير وتشجيع التطبيع مع اسرائيل مثلما حدث في اتفاقيات ابراهام الاميركية. 10 مانديلا فلسطيني مطالبة غسان العطية بوجود شخصية فلسطينية مماثلة لشخصية مانديلا غريبة ايضا. حزب الكونغرس الوطني الافريقي لمانديلا كان يمتلك جناحا عسكريا نشطا. مانديلا لم يكن سلميا تماما مثل غاندي. فضلا عن ان هذه المطالبة خاطئة لأن السلطة في جنوب افريقيا عادت الى سكانها الاصليين اما المستوطنون البيض فتخلوا بعد الضغوط عن سلطتهم ونظامهم العنصري. إذا اردنا ان نقارب الوضع الفلسطيني بجنوب افريقيا فهذا يعني ان السلطة ستعود للفلسطينيين ويتخلى عنها المستوطنون الاوربيون والاميركيون وغيرهم ويصبح السلمي محمود عباس رئيسا للجميع في دولة فلسطينية على كامل التراب الفلسطيني يعيش فيها الجميع بسلام وأمان. هذا هو الحل الوحيد الذي اراه وعداه لن اعترف بالظلم الذي جرى ويجري بحق الفلسطينيين.
11 التدخل الايراني نقد التدخل الايراني الايراني شئ صحي وطبيعي لو كان منصفا ولو درسنا اسبابه وتأريخه ونفاق من يشجبه. خُذ مثلا الصمت عن التدخل الخليجي في دعم الارهاب في العراق وسوريا واليمن وليبيا ولبنان؟ من الذي دعم ويدعم بمليارات الدولارات هذا الارهاب؟ هل تدفق الارهابيون الى العراق مثلا من اوزبكستان، الاردن، المغرب، مصر، سوريا، السعودية، من فلسطينيي لبنان وسوريا والاردن مقبول وطلب دعم ايراني من حكومة عراقية مرفوض، حكومة مهما كان رأينا بها وشجبنا لفسادها فهي حكومة مُنتخبة؟ هل رأيتم نفاقا ودجلا اكثر من حكومات خليجية تطالبنا بالاعتدال مع اسرائيل وتدعم الارهاب والتطرف في العراق وسوريا واليمن وليبيا ولبنان؟ كل مصالح ايران متضررة بسبب دعمها للفلسطينيين عموما وحماس والجهاد الاسلامي خصوصا وبسبب دعمها لحزب الله. موقف ايران هذا مزيج من موقف ديني وموقف مبدئي. اذا كان الادعاء بأنها تقوم بهذا لتوسيع لتوسيع نفوذها فإن الثمن الذي تدفعه باهظ جدا ولا يمكن تصديقه. يمكن التساؤل هنا هل إن نفوذها هذا كان سيصبح قليلا لو إعترفت بإسرائيل واعادت سفارتها الى طهران كما كانت ايام الشاه؟ هل كان برنامجها النووي سيتعرض لكل هذه المشاكل والعقوبات؟ لا اتذكر اي اعتراض على البرنامج النووي الايراني ايام الشاه بل ان فرنسا هي من باعته المفاعل النووي والذي الغى تلك الصفقة الخميني نفسه. لم يكن هناك اي اعتراض على تدخلات ايران ايام الشاه محمد رضا بهلوي بل كان مرحبا به ولم تكن ايران سنيّة المذهب حينها. كل ما كانت ايران عليه حينها إنها حليفة اساسية لأميركا ولإسرائيل وكان الاعلام يطلق على الشاه صفة (كلب اميركا في الخليج) وكان هذا دوره بالفعل وأسوأ. كان الشاه خنجرا في خاصرة العراق. دول الخليج الحالية بدأ تأريخها عندما طلب شيوخ بعض العشائر فيها طلب الحماية من بريطانيا ايام دولتهم العثمانية ووقعوا معاهدات مع الوكيل البريطاني في الخليج وبقوا تحت هذه الحماية حتى بداية السبعينيات. بعد استقلال هذه المشايخ الصغيرة اصبحت تحت حماية الشاه واميركا. بعد سقوط نظام الشاه اصبحت تحت نظام حماية نظام صدام التكريتي واميركا ثم اصبحت اميركا الحامي الوحيد لها بعد اسقاطها لنظام صدام. بعد ان وقّع باراك اوباما الاتفاقية النووية مع ايران شعرت دول الخليج بخطر سقوط انظمتها لأنها كما قال عنها خليفة اوباما، دونالد ترمب، بأنها ستسقط خلال اسبوعين من دون حماية اميركا لها. لهذا بحثتْ هذه الدول عن حليف جديد ووجدت ضالتها في نتنياهو. ولا احد يعترض على هذا التحالف الشرير المعادي لكل طموحات المنطقة وعلى حساب القضية الفلسطينية بالدرجة الاساسية. تذكّر ان ايران "الفارسية الشيعية الصفوية" (اضف ما يعجبك من اوصاف لها) هي التي التزمت بالدفاع عن هذه القضية. لماذا تلوم إذن حماس والجهاد الاسلامي؟ في الواقع، خوف دول الخليج من ايران الاسلامية يعود الى نجاح ثورتها وإسقاط نظام الشاه. يقول الملا عمر غريغار بأنه ايام القتال ضد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان دُعي للقاء امير سعودي. عرض عليه هذا الامير ملايين الدولارات للقيام بأعمال ارهابية في ايران لكن الملا غريغار رفض قائلا لهم بأن ايران دعمت اكراد العراق في ايام حالكة ولن يقوم ضدها بمثل تلك النشاطات. رجل صاحب مبدأ وقيم مهما اختلفت معه. وبالمناسبة التدخل ليس من طرف واحد. النشاطات الارهابية في ايران من قبل داعش والقاعدة لمن يود ان يعرف تدخلات خليجية في ايران. التدخل الايراني في شؤون دول المنطقة ليس جديدا وكان سببا للحروب مع الدولة العثمانية ويعود للحكم القاجاري. لسنا بحاجة للعودة الى كل هذا التأريخ لكن دعني اراجع الظروف التي تسمح بتدخلها في العصر الحديث. ذهبتُ عام 1974 لزيارة جنوب لبنان ووصلت الى قرية (مِعِركِة) قرب الحدود مع فلسطين. راعتني احوال الفقر في تلك القرية. في بيروت اخبرني احد اصدقائي اللبنانيين بأن افراد تلك المنطقة يعيشون ويموتون ولا يرى الواحد منهم ورقة المئة ليرة (حوالي 40 دولار حينها). بينما في زغرتا كان المزارع الماروني ينقل الطماطم بسيارة مرسيدس حديثة وفي بيروت كانت المجلات تنشر اخبارا عن الملياردير الفلاني الذي يجلب من باريس بطائرته الخاصة الطعام لكلابه. في حي (النبعة) الذي كان يقطنه الهاربون من القصف الاسرائيلي لجنوب لبنان التقيت بشابة جميلة تسكن في غرفة مع شقيقها وامها. كانت الغرفة مقسّمة بستائر من القماش المتهرأ تمنح لكل من الثلاثة حصته من مساحة الغرفة. الاسوأ انها كانت أميّة لم تدخل المدرسة. لو كانت تقيم في هوليوود لأصبحت ممثلة مشهورة. جارتها كانت اُمّا لثمانية اطفال وهي في الحادية والعشرين من العمر ولم تُنهِ الدراسة الابتدائية وتقيم مع اطفالها وزوجها في غرفة مماثلة. حزب الله ليس مجموعة مقاتلين بل فتح مدارس ومستشفيات وتعاونيات ودور ايتام وورشات نسيج للارامل. حزب الله ليس دولة داخل دولة بل هو الدولة في جنوب لبنان لأن الدولة اللبنانية غائبة عن جنوب لبنان ولم تقدم لشيعتها سوى الاحتقار. في لبنان كلمة (متوالي) اهانة وليست وصفا كما هي كلمة (كِردي) كما هو حال كلمة (شروكي) في العراق. اشكروا ايران على تدخلها في لبنان لأن مالها يخدم ابناء الجنوب بينما يسرق حكام لبنان الفاسدون قُوتهم ومالهم ويمتهنون حقوقهم. اثناء احدى المظاهرات في البحرين أوقفت امرأة بحرينية (يملأ جسدها المجوهرات) سيارتها البريطانية الفاخرة وسألت مراسلا بريطانيا كان يغطي الحدث: (ماذا يريدون؟). سأجيبك عزيزتي. يريدون بيتا بعُشر ثمن بيتك وليس بيتا سقفه من التنك. يريدون طعاما لا ينفخ جسدهم مثل جسدك بل يسد جوعهم. يريدون ملابسا لائقة وعيشا كريما. يريدون تعليما يمنح اطفالهم مستقبلا افضل. يريدون ممارسة معتقداتهم بحرية وبدون اذلال او احتقار. حال شيعة السعودية ليس بأفضل حال من حال الاغلبية الشيعية البحرينية. في العراق لم يكن (الشروكية) بأفضل حالا. بدلا من شكرهم لكونهم عماد الاقتصاد العراقي وقيامهم بالاعمال الشاقة لقاء اجرٍ زهيد، يتم احتقارهم ويتم التشكيك في اصولهم السومرية. تصلني على الفيسبوك كتابات يقول كتّابها ومنهم اسامة النجيفي بأن (الشروكية) جاؤوا مع الجاموس من الهند وأصل هذا الادعاء يعود لعدي إبن إبن العوجة "العظيم". البعض يشتم عبدالكريم قاسم لأنه جلبهم (يبدو انهم قدموا من المريخ) وأسكنهم في بيوت في مدينة الثورة. العروبي اسامة النجيفي يضيف بأن لا شئ يجمعه مع سكان العراق الجنوبيين ويطالب بالانضمام الى تركيا بعد ان نسى شعار (امة عربية واحدة). الاسوأ ان عراقية ذات جذور داغستانية تكره الشيعة وطالبت على الفيسبوك قبل اكثر من عشر سنوات بضرب كربلاء والنجف بقنبلة نووية وكانت تتطلع للحصول على جنسية اخرى وتتخلص من جنسيتها العراقية ناسيةً الحياة اللائقة والكريمة التي منحها العراق لها ولعائلتها وجعلها من الطبقة العالية. الاغرب ان بعض العراقيين الذين اقاموا وتعلموا في الغرب وحصلوا على جنسيات بلدانه يتعاملون بنفس العقلية مع (الشروكية). ليكن واضحا هنا اني لا اعني الاخت تمارا الداغستاني هنا فهي ذات خُلقٍ ارفع من سلوك تلك المرأة. كما لا يجوز تعميم هذا التطرف الفردي في الكراهية على داغستانيي العراق او خارجه. ما أقصده هو ان كراهية مثل هذه على فرديتها هي التي تدفع بعض العراقيين الى ايران وتسمح لأيران بتدخلاتها. في المانيا (العنصرية) يشكر الالمان العمال الاتراك الذين قدموا في الستينيات وبداية السبعينيات وقاموا بالاعمال الشاقة. المانيا منحتهم حق لم الشمل وسمحت بجلب عائلتهم ومنحت الجيل الثاني والثالث الفرص ليتقدموا في المهن وهم اليوم اطباء ومهندسون وفنانون وساسة حالهم حال ابناء وبنات الجاليات المهاجرة الاخرى. اقرأ هذا وإسأل نفسك لماذا لا تحترم وتحب ابناء وطنك وتعاملهم بنفس معاملة الالمان (العنصريين) للمهاجرين؟ لنعد الى التدخل الخارجي. لا احد يعترض على تدخل اميركا في الدفاع عن المثليين من اوغندا الى روسيا. لا احد يحتج على تدخلها وتدخل الغرب في هونغ كونغ والصين. لا احد يعترض على تدخلاتها في كل بقاع الارض. كانت روسيا تتدخل بل تدخل في حروب مع الدولة العثمانية تحت حجة حماية المسيحيين الارثودوكس. التأريخ يذكّرنا ايضا بإن فرنسا كانت ولازالت تتدخل في لبنان بحجة حماية المسيحيين. في لبنان كان تدخل الشاه مُرحبا به من قبل القوى اليمينية التي تعادي ايران حاليا. عند زيارة إمانويل ماكرون لبيروت بعد انفجار مرفأ بيروت عام 2020 استقبله اعداء ايران بهتافات (ماندات، ماندات) مطالبين بعودة الانتداب الفرنسي. هل رأيتم طلبا بالتدخل اسوأ من هذا؟ ماكرون نفسه رد عليهم بحزم قائلا بأن ايام الانتداب قد ولّت. اذا اردتم ان لا تتدخل ايران في شؤون بلدانكم فخارطة الطريق واضحة. امنحوا اقلياتكم واغلبياتكم المساواة وحقوقها والفرص المتساوية في الحصول على حياة افضل. ايضا العدالة والعدالة الاجتماعية هما من اركان الدولة الناجحة وبغياب كل هذه الامور تفتح دولكم الباب على مصراعيها للتدخل الخارجي والانقسام الداخلي.
12 الليبرالية والاعتدال يدافع العطية عن الانظمة الغربية الليبرالية ويقول انها بدأت بعد المظاهرات في الغرب بتغيير موقفها من العدوان على غزة. هل كانت الانظمة الليبرالية نائمة وصحت بعد المظاهرات في الغرب ضد جرائم اسرائيل في غزة؟ هذه المظاهرات خرجت احتجاجا على عدم التزام حكومتها بالقيم الانسانية والليبرالية التي تروج لها وتدعيها لنفسها. للاسف لم تصل هذه المظاهرات حتى الآن الى الكتلة الحرجة التي وصلتها اثناء الحرب الفيتنامية. معظم المشاركون في هذه المظاهرات هم من العرب والمسلمين في الغرب وهم في الغالب الاعم من الاسلام السياسي وليسوا من الليبراليين الغربيين. نعم شارك العديد من الغربيين فيها وكان فيها بعض اليهود الذي هتفوا ضد الحرب: (ليس بإسمي). الانظمة الغربية فضحت نفسها وفضحت زيف ادعاءاتها عن حقوق الانسان ولم تشجب ولا لمرة واحدة جرائم قتل الاطفال والنساء وإكتفت بمطالبة اسرائيل بالالتزام بالقانون الدولي الانساني والتقليل من قتل المدنيين. وما عدا استنكار النرويج وبلجيكا واسبانيا وايرلندا لجرائم اسرائيل هناك صمت غربي دامس على جرائم اسرائيل في غزة والضفة الغربية. فضلا عن ان مؤسسات اعلامية غربية كبرى اصدرت تعليمات لصحيفيّها ومراسليها تطلب منهم عند قُتل المدنيين في غزة القول بأن هذا حدث بسبب استخدام حماس لهم كدروع بشرية. نفس هذه المؤسسات الاعلامية تدافع عن حقوق الانسان والديمقراطية والحريات. دون ان يسّمي (قطر) بالاسم قال غسان العطية انها ترسل 30 مليون دولار الى حماس وإن هذه الاموال تمر عبر اسرائيل. يطاب العطية بتمويل الدول الخليجية الافكار المعتدلة والمعتدلين ن بدلا عن ذلك. لا شك ان الاعتدال مطلوب لكن مالذي دفع الناس الى التطرف؟ هل كانت هناك (حماس) اليوم لو تم حل القضية عام 1994؟ او 1974 او 1967 او 1953 وفقا لقرارات الامم المتحدة؟ هناك "اعتدال" يطالب بالتطبيع مع نتنياهو على حساب الفلسطينيين. هذا "الاعتدال" يدعم الارهاب في العراق وسوريا وليبيا ولبنان واليمن وكاد يصّفي حقوق الفلسطينيين في قمة بيروت 2002 لولا الموقف الشريف للرئيس اللبناني اميل لحّود ورفضه توطين الفلسطينيين في لبنان. وهناك اعتدال آخر نطالب فيه الجميع بالالتزام به بما فيها اسرائيل. تمويل قطر للاخوان المسلمين معروف ولا اعرف إن كان هذا التمويل يمر عبر اسرائيل لكن إن كان هذا صحيحا فأن اسرائيل تعرف بهذا قيمة ومصدر هذا التمويل وتستطيع قطعه متى تشاء. على العكس يطالب غسان العطية ببذل الاموال لتشجيع الاعتدال بدلا من التطرف (حماس وامثالها) وهذا سيؤدي الى حل القضية الفلسطينية. لا اعرف اين كان العطية غائبا طيلة هذه الفترة. منذ نهاية حرب 1973 والاعتدال الذي كانت السعودية تروّج له، يهيمن على المنطقة بإستثناء (العراق والجزائر واليمن الجنوبية). السادات إتبّع هذا الاعتدال لكنه لم يجلب له شيئا ثم صدم المنطقة بزيارته للقدس. اثناء المفاوضات التي تبعت تلك الزيارة كانت اسرائيل تقدم التنازلات قطرة قطرة بينما السادات يقدم التنازلات بالاطنان الى حد ان الرئيس الاميركي جيمي كارتر أمرَ في كمب ديفيد بزيادة الحماية على السادات خوفا من ان يغتاله احد اعضاء وفده. بعد اغتيال السادات عام 1982، ماطلت اسرائيل في تنفيذ اتفاقية كمب ديفيد وحاولت اقتطاع (طابا) وغيرها من اراضي سيناء وضمها لاسرائيل غير ان التحكيم الدولي اعادها لمصر. يمكن القول ان هذا (الاعتدال) هو الذي اوصل المنطقة الى حالة الضعف بل الانهزام الحالية. لو إلتزم السادات بالموقف العربي الموحّد في مفاوضات موحّدة لحل الصراع العربي ـ الاسرائيلي لكان الموقف العربي اقوى وأنجع في حل هذا الصراع بدلا من ان تستفرد اسرائيل بكل طرف هو الاضعف امامها وتملي شروطها عليه. كان العرب يطالبون بمؤتمر دولي تحت رعاية اعضاء مجلس الامن الدولي مثل الاتحاد السوفيتي والصين وفرنسا لكن السادات قال ان اوراق الحل بيد اميركا وإنفرد بحل نزاع مصر مع اسرائيل. هذا الانفراد بل الاستفراد واخراج دول مجلس الامن من مؤتمر دولي لحل الصراع العربي ـ الاسرائيلي كان بالضبط ما تريده اسرائيل وأميركا والنتيجة واضحة للعيان: دعم اميركي غير مشروط لإسرائيل. اما دول الاعتدال العربية فلا تملك سوى اخراج الغازات من الامعاء الغليظة، هذه الدول قال عنها دونالد ترمب بأنها ستسقط خلال اسبوعين لولا الدعم الاميركي. كرر العطية عدة مرّات عقلانية بيان القمة العربية ـ الاسلامية الاخيرة في الرياض (تحفظّت عليه الجزائر وتونس وايران) وأشاد بإعتدال السعودية. قبلها بأسابيع ذكرت الاخت ميسون الدملوجي عن كلمة او مقابلة مع محمد بن سلمان بأن المنطقة قادمة على تغييرات كبيرة (كانت تتصور انها ايجابية) بسبب ما قاله محمد بن سلمان. كل ما فهمته من الاعلام العربي (وهو اعلام مأجور في غالبيته للدول الخليجية ومنه الاعلام المقيم في الغرب) ان محمد بن سلمان قال ان التركيز سيكون على التنمية. الانفتاح الذي شهدته وتشهده السعودية هو في الواقع تحضير للتطبيع مع اسرائيل. هذا الانفتاح بدأ في السعودية بمنح النساء رخص قيادة السيارات وجلب فرق الاغاني الغربية (إن كانت هذه اغانٍ) والسماح بلبس البناطيل القصيرة وطبع الاوشام على الاجساد تقليدا للفنانين والرياضيين الغربيين وما شابهها من امورٍ شكلية وجُلها لإلهاء الشعب تمهيدا للتطبيع مع اسرائيل. عندما تكون هناك حكومة منتخبة في السعودية وحرية تعبير حقيقية وتظاهر واضراب وتقليص حاد لعدد أفراد العائلة المالكة ولتأثير رجال الدين تكون قد حدثت بالفعل تغييرات كبيرة في المنطقة.عدا هذا اقول: هذا ضحك على الذقون. وفي نهاية المطاف ما علاقة الليبرالية الغربية بحكومات خليجية نظام حكمها يعود الى القرن العاشر قبل الميلاد؟
13 ما هو الحل؟ ما هو الحل؟ السؤال التعجيزي الذي يكرره غسان العطية وكأن لا حل سوى الاعتراف بإسرائيل. الحد الادنى للحل هو في اقامة دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران 1967 او الحد الامثل يكمن اقامة دولة فلسطين العلمانية من النهر الى البحر يقيم فيها العرب واليهود وفتح الباب لكلا الطرفين للعمل والاقامة في الدول العربية. من يقف بوجه ايٍ هذين الحلين؟ قطعا ليس الفلسطينيين.
الروابط الفكر الوطني الالماني وتوحيد المانيا ونسخته العروبية وسلوكها https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=691820
هل كان نوري السعيد فعلا داهية؟ https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=644903
#علاء_الدين_الظاهر (هاشتاغ)
Alaaddin_Al-dhahir#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
آلة الكذب الصهيونية والحرب على غزة
-
الخرافة وصورة مع رونالد ريغان
-
العواصف والزلازل والامطار بين المعرفة والعقل الديني
-
من اوهام العقل العربي: وهم الحرب الاهلية الاميركية القادمة
-
الهوس الديني
-
امثلة من الحضارات والمعتقدات، ايضا بين الدين والعلم
-
العودة الى التزمت الديني والمتعلمين من المتدينين
-
وفي الليلة الظلماء يُفتقد ريمون شكّوري
-
حاسوب الكم، عرب وين طنبورة وين
-
اللصوصية الادبية
-
غياب القدرة على التفكير عند القطيع
-
كيف يضحك الدعاة المسلمون على عقولكم؟
-
اضافة الى مقالتي عن برنامج (خطى) مع سليم شاكر الامامي: من ال
...
-
عن برنامج (خطى) مع سليم شاكر الامامي: من الذي دمّر الجيش الع
...
-
من هو اغبى ترامب ام من يصوت له؟
-
الاسلام وين، اوربا وين؟
-
الفكر الوطني الالماني وتوحيد المانيا ونسخته العروبية وسلوكها
-
كارثة بيروت بين الهجمة على حزب الله والحقائق
-
مقتل العائلة المالكة العراقية
-
دردشة عن بعض الاستخدامات اللغوية
المزيد.....
-
بعد -زلة لسان- في الكويت.. تامر حسني وحسام حبيب يدافعان عن ش
...
-
أكثر من 2 مليون شخص يقصدونه سنويًا.. أين يقع أحد أشهر وأقدم
...
-
حزب الله يرد على الخروقات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار
-
-فرانس برس-: أوكرانيا قد تطلب من حلفائها أنظمة دفاع صاروخية
...
-
رجل أعمال مصري يقتل زوجته ويعترف بجريمته كاملة
-
كوريا الجنوبية.. الحكومة تسعى لزيادة عدد الآباء الحاصلين على
...
-
الملكة كاميلا تتغيب عن مراسم استقبال أمير قطر بسبب إصابتها ب
...
-
414 يوما من الموت والدمار والتهجير في غزة.. إسرائيل تستهدف م
...
-
ستارمر: نسعى لوضع أوكرانيا في أقوى موقف ممكن قبيل المفاوضات
...
-
وزارة الصحة اللبنانية تعلن حصيلة الغارتين الإسرائيليتين على
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|