العواصف والزلازل والامطار بين المعرفة والعقل الديني

علاء الدين الظاهر
استاذ رياضيات
(Alaaddin Al-dhahir)

الحوار المتمدن-العدد: 7732 - 2023 / 9 / 12 - 20:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

لم تمر الانسانية بمرحلة تتوفر فيها المعرفة او يتم فيه التواصل بمثل هذه السهولة. إبحث عن اي شئ وستجده متوفرا في ويكيبپديا او غيرها من الموسوعات الالكترونية. إبحث عن اغنية او فيلما او وثائقيا وستجده على يوتيوب. القنوات الاذاعية والتلفزيونية متوفرة ايضا على الانترنت. الاتصال الهاتفي يمر عبر سكايب او وتس أپ او غبره. من كتب برمجة الشبكة العنكبوتية العالمية كان يرمي الى توسيع معرفة الانسان. على العكس اصبحت هذه الشبكة وسيلة لنشر الجهل والكراهية والارهاب والتخلف وكل من يستخدم هذه الشبكة من هؤلاء يعطيك الاجوبة البسيطة على مسائل معقدة وشائكة ويثير اسوأ ما فيك بدلا من احسن ما فيك.
لنقارن هذا بجيلي. كانت الصحف والمجلات والكتب المطبوعة هي الوسيلة التي نتعلم بها ونطوّر انفسنا من خلالها. كانت الموجة القصيرة على الراديو هي التي توصلنا لسماع الاخبار لأننا لم نثق بإخبار الراديو الحكومي او للاستماع لموسيقى اخرى. كنا نبعث الرسائل الى خارج العراق وتأخذ هذه اسبوعا او اكثر والرد يأخذ نفس تلك الفترة وفي حالتنا تأتي الرسائل الينا مع ختم (فتحها الرقيب العسكري). نظام البعث لاحقا كان يفتحها دون الختم لأسباب واضحة. حتى التي استلمتها وأنا اقيم خارج العراق كانت تأتي والصمغ يلصق الرسالة بالمظروف (ربما كان احدهم كان يريد تنبيهي الى تلك الرقابة). عندما تم ربط العراق بشبكة دولية للاتصالات الهاتفية كان الرقيب يستمع وعندما تتداخل الاصوات يتدخل الرقيب بالقول (عندما يتحدث الواحد منكم يجب على الآخر ان يستمع فقط). ورغم ذلك تعلمنا وطوّرنا انفسنا وفتحنا عقولنا وقلوبنا. إسأل نفسك هل انت بهذه الحال ام تحولت الى مطية يلعب بها رجل الدين كما يشاء ويضخ الخرافات في رأسك؟
قبل يومين شاهدت على احدى الفضائيات مغربيا يرد على سؤال إن كانت هناك استعدادات للزلزال الذي هدّم قريته وبيته فكان جوابه: (انها ارادة الله). ما هذه الارادة التي إذا فعّلت نفسها تقوم بقتل الآلاف من البشر وتدمر المدن والقرى والحياة الحيوانية؟ وأنت، لماذا لا تدرب نفسك على عمليات الانقاذ والاسعاف الاولي وتحاول انقاذ بعض الاطفال من الموت والمعاناة؟ احدى البريطانيات المقيمة في احدى القرى التي ضربها الزلزال ركبت درّاجتها الجبلية ووضعت الخوذة وعليها مصباحا وتجوّلت في القرى وقدمت من خلال الـ (بي بي سي) تقريرا اوليا عن الزلزال وقطعه للطرق وعن اعداد الموتى والاطفال منهم في القرى القريبة وما يحتاجه الناس ثم اضافت (الهمدُ لله) رغم الدمار لم يمت احد من الثلاثين المقيمين في قريتها. وقبل هذا كان هناك زلزالا اعظم في تركيا قتل ستين ألفا من البشر ودمر المدن والقرى.
لا اريد التحدث عن حرائق الغابات التي اكتسحت العالم من كندا الى اليونان فقد اصبحت اسبابها معروفة ما عدا عند الاغبياء. مر إعصارُ مدمر بالصين ثم مرت عاصفة مطرية عاتية قبل ايام باليونان وبلغاريا ورومانيا وتركيا ثم عصفت بليبيا وقتلت حتى الآن آلافا ومن المفقودين اضعافا.
كان رجال الدين يقولون اذا لحقت بنا الكوارث إن هذا عقاب من الله بسبب تركنا للدين. اليوم المسلمون يملؤون الجوامع والشوارع والساحات التي تحيط بها واحزابهم تحكم ليبيا وتركيا مثلا. الجامع ومئذنته العالية وصل الى اقصى قرية كندية قرب القطب الشمالي. لماذا يقتل من تعبدوه المسيحي والبوذي والهندوسي واليهودي والملحد على حد سواء؟ لماذا يحرق الاشجار والحيوانات والتي لا تعرف عن الدين شيئا؟ ما هي ديانة الاشجار؟ ما هي ديانة الكنغر او دب كوالا الذي يموت في حرائق استراليا، هذا البلد الذي استقبل ولا يزال يستقبل كغيره من الدول المتحضرة اللاجئين المسلمين (وغيرهم) الهاربين من قمع انظمتهم وفقر بلدانهم؟ ما هذه الكراهية التي يكنّها (خالقكم) للبشر وللطبيعة؟
دعني اقول لكم ان من تعبدوه يضحك على غبائكم وجهلكم وهو يجلس على عرشه العظيم في ادمغتكم. الزلازل تحدث بسبب الحركة المستمرة للصفائح الارضية و (صاحبكم) لا يعرف عن هذا شيئا ولو كان يعرف عنها لذكرها في كتبه الدينية. وهذه الاعاصير هي نتيجة ارتفاع درجة الحرارة على سطح المحيطات والبحار مما يؤدي الى تكوّن الريح العاتية (وغيوم الامطار) وعلى الصحراء العواصف الرملية. وتيرة هذه العواصف وحرائق الغابات في تزايد مستمر بسبب الارتفاع المستمر في درجة حرارة الكرة الارضية سواء بسبب استخدام المشتقات النفطية او الزراعة او البناء او غيره من اسباب. إبدأ بنفسك وإفعل شيئا يقلل من هذا الضرر. والسلام على من احب البيئة والطبيعة.

#علاء_الدين_الظاهر (هاشتاغ)       Alaaddin_Al-dhahir#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات