أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - في البحث عن الإجابة الصعبة : مَن في خدمة مَن ؟















المزيد.....

في البحث عن الإجابة الصعبة : مَن في خدمة مَن ؟


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 7812 - 2023 / 12 / 1 - 16:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إتخذ الرئيس الأمريكي بايدن قرارات كبيرة لدعم الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة. لقد كان متوقعاً أن تقف أمريكا إلى جانب إسرائيل في حربها على القطاع, لكن مستوى وحِدَّة تلك القرارات قد أثارت الدهشة لدى الكثيرين, ليس بسبب الانحياز الأمريكي الواضح لصالح إسرائيل, وإنما بسبب التطابق النموذجي على مستوى ردتي الفعل الإسرائيلية والأمريكية على مغامرة حماس التي منحت الإسرائيليين فرصة كبيرة لعدوان كارثي مفتوح الأهداف.
هذا التطابق كأنما أنهى الحاجة إلى الإجابة عن السؤال التقليدي, مَنْ في خدمة مَنْ, إسرائيل في خدمة أمريكا أم أمريكا في خدمة إسرائيل ؟ فالبلدان كما هو واضح قد وصلا إلى النقطة التي تصبح فيه الإجابة عن السؤال هي واحدة في كلتي الحالتين بعد أن صارت هناك وحدة قرار وكأنما صارت هناك قبلها وحدة مؤسسة.
لقد ضاقت كثيراً المساحة التي كانت تستدعي الحاجة إلى طرح أحجية من هذا النوع, وكأنما انتهى أيضاً زمن البحث المضني عن حلٍ لها.
حتى التناقض على مستوى التفاصيل صار محدوداً بعد أن دخلت العلاقات بين البلدين إلى حالة من التفاعل العضوي الجدلي التي لم تقف عند إنتاج وحدة موقف بل تعدته على مستويات عديدة لانتاج وحدة اسلوب أيضاً.
أتذكر جيداً الموقف الأمريكي في زمن العدوان الثلاثي على مصر التي شاركت فيه كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل بعد تأميم قناة السويس على يد الزعيم العربي المصري جمال عبدالناصر وذلك في عام 1956. صحيح أن الموقف السوفيتي كان قد سبق الموقف الأمريكي في الطلب من دول العدوان الثلاثي إيقاف عدوانها على مصر لكن الموقف الأمريكي كان ساخناً أيضاً وكأنه كان في سباق مع الموقف السوفيتي نفسه, فما إن انتهى الرئيس السوفيتي خروشوف من تهديده لدول العدوان ( ضرب لندن بالصواريخ ليس أكثر وحشية من ضرب القاهرة) حتى سارع الرئيس الأمريكي إلى وضع توقيعه على الطلب من دول العدوان الثلاثي الكف عن عدوانها والإعتراف بعائدية قناة السويس إلى مصر.
في البحث عن تفسير لذلك التلاقي الإستثنائي بين الموقفين الروسي والأمريكي في الإنتصار للموقف المصري لا بد من العودة إلى المعطيات التاريخية التي تحكمت بتلك المرحلة. ولأننا بصدد ملاحقة التطور الإستراتيجي على صعيد العلاقات الأمريكية الإسرائيلية فقد يكون باستطاعتنا هنا من باب الاختصار القول أن إسرائيل قد انتصرت تاريخياً على العرب حينما أفلحت بتحقيق حالة من التفاعل العضوي بينها وبين صناع القرار في واشنطن وصولاً إلى بناء حالة من التماهي قل أن يكون لها شبيهاً بين الدول على صعيد التاريخ.
في العودة إلى ذلك الموقف الذي تشاركاه كل من الرئيس السوفيتي والرئيس الأمريكي رغم تفارقهما الأيديولوجي والسياسي يمكن القول إن دوافع الموقف الأمريكي لم تكن محض انسانية وإنما تأسست على نوازع تحقيق المصالح القومية الأمريكية بعد أن تهاوت في ذلك المفصل التاريخي الزمني قوى الإستعمار القديم المتمثلة بالقوتين البريطانية والفرنسية.
غير أن القوة الثالثة الحليفة التي تشاركت في العدوان على مصر, أي إسرائيل, عرفت كيف تستدير لكي تنجز مهمتها الأخطر الكائنة في الإلتحاق العضوي مع القوة الأمريكية الصاعدة.
ودون أدنى شك فإنه لا يمكن تحميل السياسة الناصرية مساوئ ذلك الفشل فالتحالف الإسرائيلي الأمريكي كان قد نما وترعرع وتشكل وتوسع في داخل العمق الأمريكي ذاته بحيث بدأت تضيق تدريجياً المساحة التي تفصل في العادة بين قوتين مستقلتين, صهيونية إسرائيلية من جهة وأمريكية من جهة أخرى. وقد صار ممكناً القول أن دولة إسرائيل ذاتها قد أصبحت إنتاجاً سياسياً وعسكرياً لذلك التحالف العضوي الذي بدأت تضيق في داخله المسافات الفاصلة لكي تخلق منه طرفاً واحدأ لا غير.
ولم يكن قد مر سوى عقد واحد حتى بان شكل ذلك التحالف حينما وقفت أمريكا إلى جانب إسرائيل في حربها ضد ثلاثة دول عربية هي مصر وسوريا والأردن وذلك في عام 1967 ثم ليتطور ذلك الموقف من خلال الدعم الإستثنائي الأمريكي لإسرائيل في أثناء مجابهتها للهجوم المصري في السادس من أوكتوبر عام 1973 حينما أقامت الولايات المتحدة جسراً جوياً لدعم إسرائيل وفتحت أمامها مستودعات الجيش الأمريكي كاملةً.
في أستدارته التاريخية نحو أمريكا أعلن السادات بعد حرب أكتوبر ان 99% من أوراق الحل هي في يد أمريكا. على متن الطائرة التي عادت به من إحدى جولاته المكوكية لحل النزاع المصري الإسرائيلي حاول حكيم السياسة الأمريكية وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر أن يلخص الفرق بين العلاقتين المصرية والإسرائيلية مع أمريكا بقوله أن القربى الإسرائيلية الأمريكية قد وصلت إلى حدود التماهي وكأنما أفلحت في بناء مركز قرار سياسي واحد, أما بين مصر وأمريكا فالعلاقة ستظل إلى أمدٍ تاريخي مفتوح علاقة بين رئيس ورئيس, بينما سيظل شعب مصر نتيجة لإختلافات اجتماعية وسياسية وثقافية غير قادر على تحقيق الحد الأدنى المطلوب لبلوغ ذات العلاقة التي حققتها اسرائيل مجتمعياً ومؤسساتياً.
وفي كمب ديفيد الذي وضعت فيه اتفاقات السلام بين إسرائيل ومصر عام 1979 كان السادات وكأنه يتفاوض مع إدارة أمريكية إسرائيلية مشتركة رغم أن الأمر بدا شكلياً وكأنما هناك رعاية أمريكية للمؤتمر ووساطة يقوم بها البيت الأبيض بين الدولتين مصر وإسرائيل.
ثمة حشد من المعطيات التاريخية التي تفسر هذا الإنحياز الغريب من قبل أمريكا للموقف الإسرائيلي المغرق في دمويته ضد الشعب الفلسطيني, لكن استيعاب ذلك التماهي في الموقفين لا يمكن أن يمر من خلال استمرار البحث في المساحة التقليدية القديمة : من في خدمة من, إسرائيل في خدمة امريكا أم العكس ؟ وإنما يمكن استيعابه من خلال فهم واقعية التطور في العلاقات الإسرائيلية الامريكية التي وصلت إلى هذا التماهي الإستثنائي الذي لم يشهد له التاريخ مثيلاً.
وفي الموقف من غزة وكأنما صار الفلسطينيون في مواجهة دولة واحدة هي الدولة (الإسرامريكية أو الأمريكوإسرائلية) وليس في مواجهة دولتين متحالفتين فحسب.
قد لا يكون السادات مخطئاً حينما أكد على أن 99% من أوراق الحل هي بيد أمريكا غير أن خطئه قد تجلى في مراهنته على امكانية العثور على ما يفيده من أوراق ضاغطة في مساحة ألـ 99% التي كانت إسرائيل قد أكملت تاريخياً الاستيلاء عليها.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكيان الشيعي الموازي .. رسالة ورد
- محاولة إغتيال طارق عزيز .. مسؤولية من كانت ؟
- محاولة اغتيال طارق هل كانت من تدبير صدام حسين (2)*
- محاولة إغتيال طارق هل كانت من تدبير صدام حسين ؟*
- استهداف مسيرة التشييع 4
- محاولة إغتيال طارق عزيز*
- في ضيافة المدافع .. مذكرات الأيام الساخننة (2) يوم المستنص ...
- في ضيافة المدافع .. تلك الايام الساخنة (1)
- الكيان الشيعي العراقي الموازي من دولة السلطان إلى دولة الولي ...
- سقوط النظام الملكي العراقي .. قراءات خاطئة (2)
- الرابع عشر من تموز .. قراءات خاطئة
- مقدمة كتابي الرابع (ثلاثة إسلامات)
- شخصية العراقي
- العنف العراقي ... صفة جينية متغلبة أم نتيجة لأسباب
- من رفض المشكلة إلى الرفض المشكلة
- ثلاثة إسلامات .. المقدمة
- العرب الذين غزوا فارس هل كانوا بدواً حفاة
- البحث عن الهوية والذات .. قُل هكذا تحدثت البصرة.
- بين العقائدي والبراغماتيك
- عن كرم أهل البصرة وترحابهم بأهل الخليج في كأس الخليج


المزيد.....




- إعلان مفاجئ لجمهور محمد عبده .. -حرصًا على سلامته-
- -علينا الانتقال من الكلام إلى الأفعال-.. وزير خارجية السعودي ...
- عباس: واشنطن وحدها القادرة على منع أكبر كارثة في تاريخ الشعب ...
- شاهد.. الفرنسيون يمزقون علم -الناتو- والاتحاد الأوروبي ويدعو ...
- غزة.. مقابر جماعية وسرقة أعضاء بشرية
- زاخاروفا تعلق على منشورات السفيرة الأمريكية حول الكاتب بولغا ...
- مسؤول إسرائيلي: الاستعدادات لعملية رفح مستمرة ولن نتنازل عن ...
- وزير سعودي: هجمات الحوثيين لا تشكل تهديدا لمنتجعات المملكة ع ...
- استطلاع: ترامب يحظى بدعم الناخبين أكثر من بايدن
- نجل ملك البحرين يثير تفاعلا بحديثه عن دراسته في كلية -ساندهي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - في البحث عن الإجابة الصعبة : مَن في خدمة مَن ؟