أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جعفر المظفر - محاولة إغتيال طارق عزيز .. مسؤولية من كانت ؟















المزيد.....

محاولة إغتيال طارق عزيز .. مسؤولية من كانت ؟


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 7753 - 2023 / 10 / 3 - 17:46
المحور: سيرة ذاتية
    


في الحلقتين السابقتين الخاصتين بمحاولة اغتيال طارق عزيز كثرت الأقاويل حول وجود علاقة بين صدام ومحاولة الإغتيال لذلك رأيتني وأنا الذي كنت في المركز من ذلك الحدث ولعلاقتي بأحداثه الساخنة, وجدتني أؤجل قناعاتي الشخصية, أو فلنقل افتراضاتي الشخصية, جانباً لكي استعرض كثيراً من الصفات التي ترجح احتمال أن يكون صدام هو الذي كان وراء ذلك الحدث, أو تلك التي ترجح براءته.
إن النظامين, البعثي في العراقي والإسلامي في إيران, كانا لا يهتمان بتقديم شروحات عما يفعلاه. لقد كان يكفي أن يقول صدام حسين ما يجعله يظن أن العراقيين سيصدقوه بدون أن يطالبوه بدليل, وأمر الخميني مع الإيرانيين كان هو نفسه, لذلك اصبحت مهمة الحصول على إجابات مقنعة حتى عن تلك التي تتعلق بالأحداث الجسام هي مهمة ذاتية بحتة تعتمد على تحليلات ذات طابع إستقصائي وتحليلي واستنتاجي, أي بما يؤسس له المنطق وليس بما تؤسس له الوثائقية الدامغة.
وفي الحلقتين السابقتين من هذا المشهد المفصلي الخاص بمحاول اغتيال طارق عزيز على بوابة المستنصرية حاولت أجيب عن افتراض يقول إن صدام هو الذي كان وراء الحادث, ولم أكن أملك على طريق تقديم الإجابة سوى عقلي وتجربتي وقلمي, فتحدثت عن الأسباب التي جعلت البعض يظنون أن صدام هو الذي فعلها, ومثل ذلك فقد تحدثت بحلقة مستقلة عن الأسباب التي دعت الناس إلى الظن بأن خميني هو الذي فعلها, أما في هذه الحلقة الختامية لهذا الفصل فسوف أقدم أسباباً أكثر دقة لظني أن صدام لم يكن هو الذي دبر محاولة الإغتيال :
1- صحيح أن عزت الدوري وطه الجزراوي كانا هما يد صدام الضاربة التي أعانته جيداً على التخلص من منافسيه داخل الحزب وتنصيبه واحداً أحدْ, إلا أن دور طارق عزيز الثقافي والإعلامي جعلا منه قائداً للأمة وإنجاباً تاريخياً, وكان عزيز قد قدم لقائده خدمة كبيرة حينما أعانه على أصدقائه الخمسة من أعضاء القيادة القطرية الذين كانوا بمثابة قطة ليلة دخلة صدام على الحزب ومن خلاله على العراق مثلما كان قد أعانه أيضاً على عبدالخالق السامرائي عضو القيادتين القومية والقطرية ورئيس المكتب الثقافي يوم وجد فيه البديل الوحيد القادر على معاونته في إدارة المكتب الذي طمح لتصدره وكان هذا الطموح واحداً من الأسباب التي جعلت صدام يتخلص من السامرائي.
2-كان طارق عزيز هو النجم الصحفي اللامع في حياة الحزب منذ أن تعين في الجهاز الإداري والاعلامي لصحيفة الجمهورية التي كان يصدرها الحزب عام 1958 برئاسة الدكتور سعدون حمادي مثلما شكل مع صدام حسين ثنائياً نشطاً في وجه ما سمي وقتها بالتيار اليساري في الحزب الذي تشكل من الخمسة الذين ترأسهم علي صالح السعدي بعد الانقلاب على عبدالكريم قاسم, وكان مع صدام من ضمن المجموعة المسلحة التي دخلت على قاعة المؤتمر القطري الإستثنائي في تشرين من عام 1963والتي أفلحت بإزاحة السعدي مع مجموعته من اليساريين الخمسة,وقد أختير عزيز وقتها عضواً في القيادة القطرية التي لم تعمر سوى لخمسة أعوام بعد أن قاد عبدالسلام عارف انقلابه المعروف في 18 تشرين من عام 1963.
3- كان من بين هداياه للتيار الإسلامي الصاعد بين جمهور (السنة) بعد التمرد الشيعي ضد سلطته في أعقاب حرب الكويت أن اقدم على (أسلمة) ميشيل عفلق بعد موته لغرض التخلص من الثلمة العلمانية للحزب التي كان يقف منها الإسلاميون موقف التحفظ وحتى التشكيك. بقاء طارق عزيز المسيحي عضواً في القيادتين ومسؤولاً كبيراً في الدولة يؤكد مدى حاجته إليه في كل المراحل.
4- طارق عزيز كان هو الوحيد الذي يتحدث الإنكليزية بطلاقة, لذلك كان حاجته له أوروبياً بسبب (ديانته) وكفاءته اللغوية والمهنية العالية, وخاصة في اثناء الحرب العراقية الإيرانية, هي حاجة ماسة, ولعل هذه النقطة لوحدها من دون الحاجة إلى النقاط الأخرى ترجح ميل صدام إلى عدم التضحية بطارق عزيز وتمني عدم تعرضه للأخطار. وقد ظهر واضحاً أن صدام كان مهتماً في أثناء الحرب مع إيران أن يمثله طارق عزيز المسيحي الذي جعلته هويته الدينية وكفاءته قادراً على نيل الإعجاب الأمريكي والأوروبي بشكل ملفت للنظر.
ولنتذكر أيضاً إصراره على أن يمثل طارق عزيز (المسيحي) العراق في مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية الذي إنعقد لبحث الحرب بين العراق وإيران في منتصف الثمانينات من القرن الماضي. لقد كان طارق عزيز مفاوضاً متمرساً والوحيد من بين أعضاء قيادته القادر على خلق الصلة بالعالم, و(المسيحي) الأقدر على حسم هوية العراق (العلمانية) في وجه هوية إيران الدينية الإسلامية, وهو أمر كان له موقعه الخاص في حسم مسألة التفوق المطلوبة أوروبياً وأمريكياً.
5- كان طارق عزيز العراقي بمثابة (فارس الخوري) السوري المسيحي الذي أصبح رئسياً للبرلمان في فترة الإنتداب الفرنسي ورئيساً للوزراء في فترة الإستقلال. ولم يصبح طارق عزيز رئيساً للوزراء لأن المرحلة لم تعد خورية بل تحولت تديجياً إلى إسلاموية. أما الخوري فمسيحي ضد فرنسا وأوروبا المسيحية في عهد التحرر من الإستعمار وبناء الدولة الوطنية المستقلة.
6- ضد إيران أراد صدام أن يشغل العامل القومي ضد العامل الديني. ولم يكن قد وِضع بعد في أجواء التحول الإسلاموي في مرحلة التسعينات. طارق عزيز يتوافق جداً ونظرية ذلك الصراع في الثمانينات.
8- من أهم العوامل التي جعلت لطارق عزيز أهمية مضاعفة لدى صدام وخاصة بعد حدثي 1973 (القضاء على عبالخالق السامرائي) أن عزيز هو الذي كان يدير له المكتب الثقافي الذي أصبح صدام مسؤوله وقد كان هذاشرط لإنتصار صدام الدكتاتور في الداخل العراقي يعادل دور الجيش في مجابهة إيران. كان العمل على تضخيم شخصية صدام حسين ك (ضرورة تاريخية) بحاجة إلى مٌنَظِر, ومن كان أجدر من عزيز لهذه الأمة. لقد استطاع أن يقدمها كوجبة سمك شهية (فيلَة) بدون عظام, أي بعيداً عن الدكتاتورية بشكلها التقليدي : الضرورة التاريخية وليس الدكتاتور, وكان صدام بحاجة إلى شخص مُنظِّر كطارق عزيز, وفي وقت محاولة الإغتيال كان عزيز ما زال في أول عملية طهي السمكة ولم يكن سهلاً التفكير بخسارته لأن ذلك كان سيشكل خسارة كبيرة لشخص مهم ومقتدر على كل المستويات.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاولة اغتيال طارق هل كانت من تدبير صدام حسين (2)*
- محاولة إغتيال طارق هل كانت من تدبير صدام حسين ؟*
- استهداف مسيرة التشييع 4
- محاولة إغتيال طارق عزيز*
- في ضيافة المدافع .. مذكرات الأيام الساخننة (2) يوم المستنص ...
- في ضيافة المدافع .. تلك الايام الساخنة (1)
- الكيان الشيعي العراقي الموازي من دولة السلطان إلى دولة الولي ...
- سقوط النظام الملكي العراقي .. قراءات خاطئة (2)
- الرابع عشر من تموز .. قراءات خاطئة
- مقدمة كتابي الرابع (ثلاثة إسلامات)
- شخصية العراقي
- العنف العراقي ... صفة جينية متغلبة أم نتيجة لأسباب
- من رفض المشكلة إلى الرفض المشكلة
- ثلاثة إسلامات .. المقدمة
- العرب الذين غزوا فارس هل كانوا بدواً حفاة
- البحث عن الهوية والذات .. قُل هكذا تحدثت البصرة.
- بين العقائدي والبراغماتيك
- عن كرم أهل البصرة وترحابهم بأهل الخليج في كأس الخليج
- على عنادك على عنادك / أحبهم وأحرك إفادك
- الحزن الأسود والفرح الملون


المزيد.....




- كوريا الشمالية تدين تزويد أوكرانيا بصواريخ ATACMS الأمريكية ...
- عالم آثار شهير يكشف ألاعيب إسرائيل لسرقة تاريخ الحضارة المصر ...
- البرلمان الليبي يكشف عن جاهزيته لإجراء انتخابات رئاسية قبل ن ...
- -القيادة المركزية- تعلن إسقاط 5 مسيرات فوق البحر الأحمر
- البهاق يحول كلبة من اللون الأسود إلى الأبيض
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /29.04.2024/ ...
- هل تنجح جامعات الضفة في تعويض طلاب غزة عن بُعد؟
- بريكس منصة لتشكيل عالم متعدد الأقطاب
- رئيس الأركان الأوكراني يقر بأن الوضع على الجبهة -تدهور- مع ت ...
- ?? مباشر: وفد حركة حماس يزور القاهرة الاثنين لمحادثات -وقف ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جعفر المظفر - محاولة إغتيال طارق عزيز .. مسؤولية من كانت ؟