أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - مُسائَّلة في غايات طوفان الأقصى














المزيد.....

مُسائَّلة في غايات طوفان الأقصى


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7809 - 2023 / 11 / 28 - 16:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا شك أن عملية طوفان الأقصى الحمساوية ضد إسرائيل كانت ضربة عسكرية على مستوى عالٍ من الإتقان والبراعة والامتياز في التخطيط والتنفيذ لدرجة ربما فاجأت حتى من دبروها ونفذوها أنفسهم قبل غيرهم. لكن لا شك أيضاً أن نفس العملية سياسياً كانت ضرباً من الحماقة والجنون الذي يصل إلى حد الانتحار لدرجة جعلت أي محلل مستبصر يتساءل: ماذا كانت غاياتهم على وجه التحديد؟ وإذا كان لهم، ألم تتوفر بدائل أخرى أفضل لبلوغها؟ إذا كان الفلسطينيون وقضيتهم العادلة على رأس أولويات أولي الأمر من حماس المتحكمون في غزة، ألم يكن بالإمكان ضبط تخطيط وتنفيذ العملية العسكرية بشكل آخر يُفضي إلى نتائج سياسية أفضل، إذا كانت الأخيرة هي غايتهم فعلاً؟

سيناريو بديل محتمل
بدلاً من اختراق الحدود الإسرائيلية والركض المسلح في كل اتجاه دونما هدف محدد سوى قتل وأسر واختطاف أكبر عدد ممكن من العسكريين والمدنيين الإسرائيليين، كان يمكن الاكتفاء بهدف محدد، مثل كيبوتس أو مستوطنة إسرائيلية في المتناول وتضم عدة مئات أو آلاف السكان. وبدلاً من القتل والاختطاف بغِل أعمى دون تمييز، كان يمكن الاكتفاء بتحييد هذا الهدف أرضاً وسكاناً تحت سيطرة المسلحين الفلسطينيين، الذي لا يستلزم من القتلى سوى ما يقع من الطرفين في تبادل مباشر لإطلاق النيران حتى تستتب السيطرة. ثم تفخيخ المستوطنة بالكامل وأخذ سكانها بالكامل رهائن، والتهديد بأن أي اقتراب من الجيش الإسرائيلي سواء من المستوطنة أو من أرض قطاع غزة سيؤدي إلى تفجير كل المستوطنين اليهود ومعهم مقاتلي حماس. في قول آخر، عملية اختطاف انتحارية فلسطينية لمستوطنة إسرائيلية كاملة. وأعتقد أنها كانت أسهل تخطيطاً وتنفيذاً، وذات نتائج محتملة أقل دموية وأكثر إيجابية للفلسطينيين مما حدث بالفعل.

لا شك أن في مثل هذه العملية إرهاب صريح لا يحتمل التأويل، لأنها تنطوي على الاستيلاء على منشأة مدنية وأخذ سكانها رهائن والمساومة عليهم. لكن، من جهة أخرى، هذه المنشأة قائمة على أرض فلسطينية محتلة. وكل من الاحتلال الإسرائيلي والإرهاب الفلسطيني جريمتين صريحتين وفقاً للقانون الدولي.

في هكذا سيناريو- أقل قدر ممكن من القتلى الذين في معظمهم من المسلحين في تبادل لإطلاق النار؛ عدد ضخم من الإسرائيليين أرواحهم مهددة بما لا يقبل الشك؛ المسلحون الفلسطينيون خارج أرضهم مدججين ومفخخين ومستعدين لتحويل المستوطنة وأهلها وأنفسهم إلى رماد في أقل من ساعة زمن إذا ما أقدمت إسرائيل على حماقة- ضع نفسك في مكان صناع القرار الإسرائيليين وقُل لي بالله عليك- يا صانع القرار في حماس- ماذا كنت ستفعل؟!

هل حقاً تريد تحريك القضية بعد طول ركود وإغفال؟ تريد، كما تدعي، تصفير السجون الإسرائيلية من الأسرى الفلسطينيين؟ أو تريد، كما تدعي أيضاً، تخفيف الحصار ورفع المعاناة عن كاهل المواطنين الفلسطينيين؟

في هكذا سيناريو، كان العالم كله، وقبل الكل الإسرائيليون، سيقفون على أظافر أصابعهم من شدة التوتر وفرط الاهتمام. وبالنظر إلى حجم الكارثة شبه المؤكدة، ما كان أمام أي أحد على الإطلاق من خيار آخر سوى بدء المساومة، التي كان يُرجح أن تخرج منها- يا صانع القرار الحمساوي- بكل ما سبق وفوقه عودة عناصرك المسلحة التي اخترقت الحدود ونفذت العملية سليمة وحية إلى ديارهم أو إلى مكان آخر بعيداً يُتفق عليه. وفي جميع الأحوال، ما كان يُرجح أبداً أن تُرمى قذيفة واحدة فوق مدينة غزة، أو يُقتل أو يُشرد مدني واحد من أبنائها.

حماس والنفق
ربما حماس لم تستثمر في شيء أكثر مما استثمرت في حفر وتجهيز وتسليح وصيانة شبكة عملاقة من الأنفاق تحت الأرض. وحماس حين تفعل ذلك تفعله لنفسها، أكثر من أي شيء آخر. حماس نفق- مُظلم وسَدْ دون فتحة في نهاية الأفق. عقيدة وممارسة، حماس نفق محفور في اليأس دون بصيص أمل في مستقبل وحياة أفضل. هي أشبه بمن انهزم داخلياً أمام قسوة ومرارة واقعة البائس، وسَلَّم نفسه لليأس من الحياة كلها وما عاد أمامه- كما يتخيل عقله المنكوب- إلا الخلاص عبر تخليص نفسه ومن معه ومن ضده من هذه الحياة الظالمة. حماس أيديولوجية ظلامية ومُهلكة، بدلاً من العيش في النور وسط الناس وتحت أشعة الشمس فوق الأرض، وبذل الجهود الممكنة لتحسين واقعها البائس بأي درجة ممكنة، اختارت أن تهرب من الواقع وتختبئ من مشاكله في أنفاق تحت الأرض حفرتها بيدها. وكلما أَطَّلت علينا من هذا النفق الأيديولوجي- الذي تريد منا جميعاً الاختباء فيه- لا تستعجب أن يكون فعلها من شاكلة طوفان الأقصى.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صعود الديمقراطية الأُصولية
- بوتين من اجتثاث النازية إلى محاربة الإمبريالية
- المقاومة وعسكرة المجتمع العربي وعلاقتها بالتطرف
- تعريف النصر والهزيمة في وعي ثقافة مأزومة
- شَجاعةٌ تَحت الأرضْ: حين يَختل ميزان الخير والشر
- في طوفان الأقصى، زوال إسرائيل أم الإخوان المسلمين؟
- هل تَقْدر الولايات المتحدة على ردع روسيا والصين معاً؟
- بِدَعْ الضلال الست المُهلكة في القرون الوسطى
- الست الموبقات في نظر المسيحية القروسطية
- فَلِسْطين، حكاية شعب
- فِلِسْطين
- ماذا بعد الطوفان؟
- هل تنجح إيران في تغيير قواعد اللعبة العربية؟
- 25 يناير، رد الاعتبار
- انتخابات مصر
- حين لا يكون للكلام معنى: مراكز الكلام
- ضبط مفهوم الإمبريالية في الإدراك العربي
- اتفاقات أوسلو، موت بطيء ومأساوي
- وحوش اللفياثان في حياة البشر
- هل تترك السعودية صلاح للمصريين؟


المزيد.....




- أطول وأصغر كلب في العالم يجتمعان معًا.. شاهد الفارق بينهما
- -وحوش لطيفة-..صور درامية لأشبال فهود بوجوه ملطّخة بالدماء
- إدارة -تسلا- تبحث عن بديل لإيلون ماسك بالشركة.. مستثمر بارز ...
- أوكرانيا والولايات المتحدة تبرمان صفقة المعادن النادرة
- فرنسا تتهم الاستخبارات الروسية بشن هجمات سيبرانية متكررة منذ ...
- غالبية الألمان قلقون خائفون من اندلاع حرب عالمية ثالثة
- مقتل شخصين وإصابة 5 آخرين في حريق بمنشأة صناعية بطشقند (فيدي ...
- إيطاليا وقبرص وفرنسا وكرواتيا ترسل طائرات إطفاء إلى إسرائيل ...
- في بيان مشترك.. هذا ما تم الاتفاق عليه بين لبنان والإمارات
- بوليانسكي: مفاوضات مباشرة مع أوكرانيا قد تعقد قريبا جدا إذا ...


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - مُسائَّلة في غايات طوفان الأقصى