أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - ماذا بعد الطوفان؟














المزيد.....

ماذا بعد الطوفان؟


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7762 - 2023 / 10 / 12 - 14:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دمار. الطوفان يأتي على كل ما كان قائماً قبله وينسفه، يدمره من الجذور، ويترك الخراب الواسع شاهداً عليه. وهذا، بالتأكيد، ما سيفعله طوفان الأقصى- في غزة بشرياً ومادياً وعمرانياً، لكن في إسرائيل ومعظم دول الإقليم والعالم المعنية بالصراع معنوياً وفكرياً. لقد هُزمت إسرائيل بالفعل. ومهما كان ما ستفعله، لن يأتيها بنصر أبداً طالما ظلت متمسكة بعقلية ما قبل الطوفان.

عقب هزيمتها تحت هجمات الحادي عشر من سبتمبر المباغتة كما الطوفان مطلع الألفية، تَمَلك الغضب الولايات المتحدة الأمريكية وصالت وجالت ونشرت قواتها تقتل وتدمر في أفغانستان ثم العراق، لتخرج بعد 20 عاماً باعتراف مُوثق بهزيمة أبت أن تُقر بحقيقتها منذ البداية. لكن رغم الحرب والدمار جسدت تلك الهجمات الماضية، كما يُتوقع للطوفان الحاضر، مدى الحاجة إلى نظرة جديدة ومغايرة جوهرياً إلى الذات والآخر. هذا هو الدرس الذي تعلمته أمريكا من الهجمات، ومن المتوقع أن تتعلمه إسرائيل حتماً من الطوفان.

ظلت إسرائيل قبل 1973 تنظر بعين واحدة إلى نفسها وإلى العرب داخل حدودها وأبعد منها. وتصرفت وفقاً لتلك العقيدة. ولم تغير نظرتها وتصرفاتها تلك إلا بعد هزيمة مذلة لكبريائها العسكري في 6 أكتوبر 1973. بعد هذا التاريخ، تشكلت عقيدة إسرائيلية مغايرة لما كان سائداً من قبل، لكنها بمرور الزمن أصابها الجمود والتكلس والعقم، لتعجز عن معالجة المشاكل الفلسطينية المتراكمة. حتى انفجرت هذه الأخيرة في وجهها كما الطوفان.

إسرائيل ستدمر حماس، ستمحوها من الوجود كما تقول. لكنها، رغم ذلك، لن تنتصر. هناك قنبلة موقوتة من ملايين الأسلاك الموصلة للانفجار في قلب إسرائيل. ماذا سيفيد إسرائيل لو أزالت بضعة آلاف منها. هذه هي المسألة، هي المشكلة الجذرية. ماذا فعلت إسرائيل أمس، وماذا تفعل اليوم، وماذا ستفعل غداً مع هؤلاء المعادين والكارهين لها الذين يسيرون في شوارعها، في شرايينها، وحتى في فصوص دماغها الأمامية والخلفية؟

حتى لو أزالت غزة عن بكرة أبيها من الوجود، ستبقى المشكلة الفلسطينية الأزلية جاثمة على صدر إسرائيل، تؤلمها وتُثقل على ضميرها وتُحرجها أمام شعوب العالم، ومن حين لآخر تُلحق بكبريائها هزيمة مذلة كما الطوفان. ليس الحل في محو حماس ولا تدمير غزة. طالما ظل أصل الداء بلا دواء، لا شك ستولد حماسات وغزات أكثر.

ربما الانتقام الثأري يُشفي الغليل ويُثلج الصدور الموجوعة لبعض الوقت، لكنه لا يغير حقائق الواقع. هجمات سبتمبر لم تغير حقيقة القوة الأمريكية العالمية. بل أكدتها أكثر. وطوفان الأقصى لن يزيل الاحتلال الإسرائيلي. بل سيزيده شراسة وعنف. لكن حين تهدأ ثورة الغضب على الجانبين ويتكشف حجم الخراب والدمار والخسائر المتبادلة، ولكي تعاود الحياة رحلتها الأبدية، لابد من إعادة إعمار ما دمرته الحرب. ودائماً، في أعقاب الحروب، كانت عمليات إعادة الإعمار تنهض فوق ذات الأرضية المدمرة لكن على أسس جديدة، من حيث النظرة والعمران على حد سواء.

لقد أتى الطوفان الغزاوي بالكامل على النظرة الإسرائيلية والدولية السائدة عن القضية الفلسطينية حتى يوم 6 أكتوبر 2023 واقتلعها من الجذور. المعالجة الحالية لم تعد مجدية وتأتي بنتائج عكسية ولابد من إعادة نظر. لكن، هل ستتحمل القضية 20 سنة أخرى في انتظار أن تهدأ ثورات الثأر والثأر المضاد بين الإسرائيليين والفلسطينيين؟!



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تنجح إيران في تغيير قواعد اللعبة العربية؟
- 25 يناير، رد الاعتبار
- انتخابات مصر
- حين لا يكون للكلام معنى: مراكز الكلام
- ضبط مفهوم الإمبريالية في الإدراك العربي
- اتفاقات أوسلو، موت بطيء ومأساوي
- وحوش اللفياثان في حياة البشر
- هل تترك السعودية صلاح للمصريين؟
- لماذا خَلاَ سكان السماء من الشياطين؟
- بين تعاليم السماء وقوانين الأرض، بحثاً عن العدالة
- هل من حق روسيا أن تغزو أوكرانيا؟
- لماذا لم تنجح روسيا في الانتقال إلى الديمقراطية (4)
- لماذا لم تنجح روسيا في الانتقال إلى الديمقراطية (3)
- لماذا لم تنجح روسيا في الانتقال إلى الديمقراطية (2)
- لماذا لم تنجح روسيا في الانتقال إلى الديمقراطية (1)
- نيمار في السعودية: ثورة ملك شاب
- في رحلة البحث عن النظام بعد رحيل الاستعمار
- بحثاً عن عدالة غائبة عن عالمنا
- هل خَلَق العرب حضارة؟
- هل العرب متخلفون؟


المزيد.....




- إرنست همنغواي في لاتفيا.. مدينة لببايا تحتضن أكبر جدارية مست ...
- حرائق الغابات في غاليسيا تلتهم مئات الهكتارات
- ما تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على عشرات الدول؟
- صحف أوروبية: الاتفاق الجمركي انتصار لـ-أمريكا أولا- ودرس قاس ...
- المصريون يختارون أعضاء مجلس الشيوخ وجدل حول قائمة كبيرة
- ترامب يأمر بنشر غواصتين نوويتين بعد تصريحات روسية -استفزازية ...
- هل تفلح تهديدات ترامب في إقناع بوتين بالاتفاق مع أوكرانيا؟
- برلمانيون بريطانيون يكشفون للجزيرة نت أبعاد اعتراف لندن بفلس ...
- رئيس فنلندا يعلن استعداده للاعتراف بدولة فلسطين
- ترامب يأمر بنشر غواصتين نوويتين ردا على تصريحات ميدفيديف


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - ماذا بعد الطوفان؟