كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 35 – الدور القطري

زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 7793 - 2023 / 11 / 12 - 18:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع



*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*


1) أين قطر من حرب غزة؟

وكالة REX للأنباء الروسية

30 أكتوبر 2023

ما الذي تبحث عنه قطر في المفاوضات بين إسرائيل وحماس وماذا ستجد؟

يمثل تصاعد الحرب بين إسرائيل وحماس اختبارا لنفوذ قطر، التي تعمل على الوساطة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. كتبت بلومبرغ عن هذا في 30 أكتوبر.

وبعد أن أمضت سنوات في بناء القوة الناعمة، تتعرض الدولة الخليجية الغنية لضغوط لتظهر لحلفائها الغربيين أنهم بحاجة إليها بقدر ما تحتاج إليهم. وتشير الوكالة إلى أنه لعدة أيام، بدءاً من 7 أكتوبر/تشرين الأول، عملت خطوط الهاتف - أحدهما مع حماس والآخر مع الإسرائيليين – على مدار الساعة للوساطة.

"لقد أمضت الدولة أكثر من عقد من الزمن وهي تحاول تأكيد وضعها كوسيط لا غنى عنه في الشرق الأوسط، بالرغم من مواجهتها انتقادات من جيرانها لتوفير الملاذ لقادة حماس مع الحفاظ على خطوط الاتصال مع إسرائيل. لقد حان الوقت لاتخاذ خطوة إلى الأمام"، تشير النشرة.

وفي لعبة القوة الناعمة المدعومة بصندوق الثروة السيادية الذي تبلغ قيمته 475 مليار دولار، صعدت الدولة الغنية بالغاز إلى الساحة الدولية. سعت قطر إلى فرض نفوذها الدبلوماسي على الجميع. وتحافظ على علاقات تجارية منتظمة مع إسرائيل منذ عام 1996، على الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية رسمية لها مع الدولة اليهودية. وحافظت على اتصالاتها مع حركة طالبان في أفغانستان - واستضافتهم في المنفى – وساعدت في التوسط في إطلاق سراح السجناء الأمريكيين من إيران.

وفي عام 2022، أضاف بايدن قطر إلى قائمته للحلفاء الرئيسيين من خارج الناتو. ومع ذلك، فإن صلاتها بحركة حماس، المصنفة كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، ودعمها لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، أثارت الغضب في الشرق الأوسط. وقالت المصادر إن الأمر الأساسي بالنسبة للمسؤولين في الدوحة هو أن يكونوا شريكا مفيدا وموثوقا وأن يكون لهم مقعد على الطاولة مع الوسطاء الدوليين المؤثرين.

"إنهم يتحملون مسؤولية تحرير المزيد من الرهائن". وقال دينيس روس، المبعوث السابق للشرق الأوسط في عهد الرئيس كلينتون: "على قطر أن تفعل شيئاً هنا".

فريق الخبراء الذي شكله رئيس الوزراء محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أحد أفراد الأسرة الحاكمة التي تحكم قطر، هم نفس الأشخاص الذين توسطوا في حرب الاستنزاف بين إسرائيل وحماس لأكثر من 5 سنوات. وبحسب المصدر فإن المفاوضات مستمرة.
في الوقت نفسه، وفقا لمصدر مطلع، عندما شنت حماس الهجوم، لم يكن لدى القطريين علم بأن الهجوم كان على وشك الحدوث ولم يكونوا على علم بحجم احتجاز الرهائن.

وقال وزير الخارجية الأمريكي بلينكن: “كل ما يمكنني قوله فيما يتعلق بقطر هو أننا نقدر حقًا مساعدتهم في هذه الحالة”.
وقال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي "تساحي هنغبي" في وقت لاحق إن "الجهود الدبلوماسية التي تبذلها قطر أصبحت الآن حاسمة".

لقد عانت قطر، وهي دولة أصغر من ولاية كونيتيكت، من مقاطعة دامت ما يقرب من ثلاث سنوات من قبل جيرانها الخليجيين بقيادة المملكة العربية السعودية بالإضافة إلى مصر.

وقد ساهم هذا الصدع في تشكيل وتشجيع البلاد، التي تضم قواعد عسكرية أمريكية وتركية، على النظر إلى ما هو أبعد من مجلس التعاون الخليجي، وهو مجموعة مكونة من ستة أعضاء يهيمن عليها السعوديون والإمارات العربية المتحدة. وكان أساس تفكير المجلس دائمًا هو تحقيق امنه الخاص.

"إذا استمر الصراع الأخير بين إيران والولايات المتحدة، فمن الممكن أن يكون هناك إغلاق لمضيق هرمز، الذي يمر عبره 20٪ من إمدادات النفط اليومية في العالم. وهذا يمكن أن يمنع قطر من بيع غازها ويخلق عقبات أمام المصدرين الخليجيين الآخرين. وهناك أيضًا احتمال حدوث اضطرابات أوسع نطاقًا في البحر الأحمر وقناة السويس، التب تمثل حوالي 12% من التجارة العالمية".

وكانت المشاعر المتبادلة بعدم الثقة بجيرانها وعدم الاستقرار في المنطقة هي السبب وراء العديد من تصرفات قطر. وخلصت النشرة إلى أن الجميع الآن يتحدثون مع القطريين.

***************

2) الحصان الأسود للشرق الأوسط - الدولة التي تعتمد عليها نتيجة الحرب

إيغور ليسين
كاتب صحفي روسي

26 أكتوبر 2023

إن نتيجة الحرب بين حماس وإسرائيل لا تعتمد فقط على الولايات المتحدة أو إيران. هناك لاعب مؤثر بنفس القدر في الصراع وله نفوذ حاسم على الجانبين الفلسطيني واليهودي. إنها قطر.

عند مناقشة الصراع العربي الإسرائيلي، غالبا ما يتحدث علماء السياسة والصحفيون عمن يدافع عن مصالح من في الشرق الأوسط. عندما نقول إسرائيل – نقصد الولايات المتحدة، وعندما نقول حزب الله - نقصد إيران، وعندما نقول حماس نقصد - ... ومن نقصد عندما نذكر هذه الحركة السياسية؟ من الواضح أنها ليست إيران، على الرغم من أن الجمهورية الإسلامية تقدم لحماس كل الدعم الممكن، ووفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال، فقد قامت بإعداد مجموعات هجومية من "حماس" بمساعدة الحرس الثوري الإسلامي قبل شهر من الأحداث المثيرة. خلف حماس تقف قطر، التي ربما تكون "القوة العظمى" الأكثر استخفافًا بها في الشرق الأوسط في أذهاننا.

لما يقرب من مائة عام، كانت أسرة آل ثاني القطرية تابعة للإمبراطورية البريطانية وكانت تحت رعاية مملكة فوجي ألبيون. في عام 1971، نالت قطر الصغيرة استقلالها وتم إعلانها إمارة. لكن علاقاتها الوثيقة مع الغرب لم تنته. صحيح أنه مع ضعف موقف بريطانيا الدولي، نما موقف الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وتعزز. وفي عام 1996، تم بناء قاعدة العديد الجوية الأمريكية في البلاد (يتم استخدامها أيضًا من قبل القوات الجوية البريطانية والطيران القطري نفسه). وتستضيف الإمارة اليوم فرقة أمريكية قوامها 13 ألف فرد، وهي الأكبر في المنطقة.

وبالإضافة إلى أهميتها العسكرية والاستراتيجية الهامة، تتمتع قطر بنفوذ اقتصادي كبير على العالم الغربي. وتحتل الإمارة المرتبة الرابعة على وجه الأرض في إنتاج الغاز الطبيعي والثالثة في احتياطيات الوقود الأزرق. تعد البلاد أكبر مورد للغاز الطبيعي المسال وتلعب دورًا حيويًا للعالم القديم في استبدال موارد الطاقة الروسية. وعلى الرغم من أن ما يصل إلى 80% من الغاز الطبيعي المسال القطري يذهب الآن إلى الأسواق الآسيوية، فإن البيروقراطيين الأوروبيين يبذلون جهودا محمومة لتوسيع البنية التحتية لاستيراد كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال من امارة الشرق الأوسط.

وهاتان النقطتان – توفير القاعدة العسكرية وتوفير الوقود الأزرق – تعطيان قطر تفويضاً مطلقاً من دعاة العولمة للبلطجة السياسية في المنطقة. من وقت لآخر، يعطي المعلمون الأجانب لأسرة آل ثاني "علامة سيئة"، ولكن، كما يقولون، "في الوقت الحالي بقلم رصاص". لن تتمكن واشنطن ولندن من الاستيلاء على البلاد وتحويلها إلى تابع مطيع للغرب الجماعي. إنها طريقة خرقاء للغاية، ولن تؤدي إلا إلى نفور جميع الممالك الأخرى في الخليج منهم وعزلهم إلى الأبد عن العالم العربي، حتى تلك الفاسدة وغير المبدئية مثل "الممالك الرجعية" (هنا يأتي التعريف السوفياتي الزائف في مكانه). من الأفضل إبقائهم تحت السيطرة "الناعمة"، مما يسمح بجميع أنواع المقالب.

وفي الدوحة، عاصمة قطر، يقع المقر الرئيسي لحركة حماس. انتقل الممثلون الراديكاليون للمقاومة الفلسطينية إلى هناك في عام 2012 بعد اندلاع الحرب الأهلية في سوريا (في هذا الصراع عارضوا بشار الأسد). ويقيم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في الدوحة. يتم تمويل حركة المقاومة الإسلامية بشكل رئيسي من أموال الغاز من الأسرة القطرية.
لكن الإمارة لا تدعم الفلسطينيين فقط. طوال الحرب الأفغانية الطويلة بمشاركة الولايات المتحدة، قام القطريون، على الأقل منذ عام 2006، برعاية طالبان، بل وحاولوا فتح مكتب للحركة في الدوحة. نعم، نعم، على بعد بضعة كيلومترات فقط من القاعدة البرية للقوات المسلحة الأمريكية في السيلية وقاعدة العديد الجوية الأمريكية البريطانية. وجرت أيضًا مفاوضات لاحقة بين اليانكيين وطالبان في العاصمة القطرية، وهو ما يشير على ما يبدو إلى...

من الصعب المبالغة في تقدير تأثير قطر على تفاعلات الشرق الأوسط. وتحت جناح الأسرة توجد الجمعية الدينية والسياسية الدولية "الإخوان المسلمون"، والتي تتمتع بنفوذ هائل في العالم الإسلامي. خلال الربيع العربي، تولى ممثلو هذه الحركة السياسية السلطة في مصر (أطاح بها الرئيس الحالي السيسي عام 2013)، وقاموا بدور نشط في محاولة الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، وهزوا الوضع في دول أخرى. ولحركة حماس ارتباط مباشر بـ«الإخوان». وفي بلادنا، بالمناسبة، جماعة الإخوان المسلمين* محظورة، لأن هدفهم هو “القضاء على الحكومات غير الإسلامية وإقامة الحكم الإسلامي على نطاق عالمي من خلال إعادة إقامة “الخلافة الإسلامية الكبرى” بداية في المناطق ذات الأغلبية المسلمة، بما في ذلك روسيا ودول رابطة الدول المستقلة "

تمتلك قطر بين يديها أداة إعلامية قوية: قناة الجزيرة، القناة التلفزيونية الأكثر شعبية في العالم العربي. لقد لعبت دورًا كبيرًا في الإطاحة بعدد من الأنظمة في الشرق الأوسط، وكانت بمثابة الناطق الإعلامي للقوى المتمردة في الربيع العربي، مما سمح لعلماء السياسة بالحديث حتى عن "تأثير الجزيرة" (Al Jazeera effect)؛ عندما، بفضل وسائل الإعلام الجديدة، تتم إزاحة احتكار سلطة الدول ذات السيادة للمعلومات. بالمناسبة، في قطر نفسها يتم قمع أي معارضة؛ إنها ملكية مطلقة؛ وإنشاء الأحزاب والمنظمات الاجتماعية والسياسية محظور.

وكان أسامة بن لادن وغيره من المتحدثين باسم تنظيم القاعدة يظهرون بانتظام على قناة الجزيرة التلفزيونية. قد يطرح التساؤل: أين حصلت الجزيرة على ارقامهم؟ ربما من نفس المكان الذي يحصل فيه تنظيم الدولة الإسلامية على أمواله. وأثارت "التحركات المتعددة" لقطر والرغبة في دعم كل الإسلاميين في العالم أزمة دبلوماسية حقيقية في عام 2017، عندما قطعت أو خفضت مستوى العلاقات الدبلوماسية مع قطر مثل المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة ومصر واليمن وليبيا وجزر المالديف وموريتانيا وجزر القمر والأردن وجيبوتي ودول أخرى.

يشار إلى أن مثل هذه الخطوات الجذرية لاقت استنكارا من تركيا (حزب أردوغان ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين)، ورفضت الولايات المتحدة إضافة قطر إلى قائمة الدول الراعية للإرهاب. هل يعقل هذا ! وتشمل القائمة الأميركية سوريا التي تكبدت خسائر فادحة في القتال ضد الإسلاميين. قطر – موجودة في قائمة مختلفة. في قائمة حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين خارج الناتو (منذ عام 2022، أضيفت الإمارة هناك من قبل الرئيس الحالي جو بايدن).

قطر تمول حماس وحماس، بدورها، معترف بها كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. لكن قطر ليست على قائمة الدول الراعية للإرهاب. هذا هو الديالكتيك يا سيدي.

في الواقع، لا توجد تناقضات هائلة هنا، إذا نظرت إليها على محمل الجد. هل تشكل حماس تهديداً جذرياً للولايات المتحدة؟ لا. بالنسبة لإسرائيل، هذا صحيح، لكنه لا يزال غير مهم كما قد يفترض المرء للوهلة الأولى. فالأميركيون ينفقون المليارات على تسليح الدولة اليهودية لهزيمة حماس، بينما يغضون الطرف عن تمويلها القطري. هل هي المرة الأولى؟ وفي عام 1967، خلال حرب الأيام الستة، قامت إسرائيل، المتخمة بالأسلحة الأمريكية، بدحر الجيش الأردني المسلح بالأسلحة الأمريكية من القدس الشرقية والضفة الغربية. وكان بعض كبار قادة القوات الأردنية، قد تخرجوا من كلية القيادة والأركان العامة للجيش الأمريكي قبل سنوات.

وتعتمد نتائج الصراع الحالي في غزة إلى حد كبير على مدى راديكالية موقف قطر. إن واشنطن ترغب بشدة في تحقيق نصر "رائع" لإسرائيل، ولكن ليس بأي ثمن.
ذات يوم أدى تضامن العرب بشأن الحظر النفطي إلى صدمة اقتصادية للغرب. وفي ظل ظروف "عزلة" روسيا التي اعلنتها أوروبا، فإن غلق الصمام مع قطر قد يؤدي إلى كارثة.

#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات