أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - جيلاني الهمامي - الغطرسة - ترجمة















المزيد.....

الغطرسة - ترجمة


جيلاني الهمامي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 7740 - 2023 / 9 / 20 - 04:47
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


عمود بابلو أزوكار (صحيفة الثالثة la Tercera _ التشيلي ) ( 1 )

كما قال الكاتب البارز بابلو أزوكار إن الحقيقة قد تم إخفاؤها. هذه الحقيقة فظيعة ورهيبة ومروعة. إن الحديث عنها يتطلب جهدا كبيرا للسيطرة عل آلام معاناة الآخرين. كل شيء تم توثيقه ورغم هذا فإن الديمقراطية مغلولة الايدي، التي بقينا على قيد الحياة في ظلها، تعمل على التهوين من كل ما حدث وتنسيبه.

بابلو أزوكار – كاتب (منشور في "الثالثة" la tercera في تشيلي، عمود بابلو أزوكار – عدد 11 سبتمبر 2023)
ترجمة : جيلاني الهمامي

الغطرسة

كثيرا ما تساءلت لماذا أدرج في كل العالم اسم أوجوستو بينوشي في قائمات العار للشخصيات سيئة الذكر في التاريخ العالمي.
الجواب الأول الذي يتبادر إلى الذهن هو القسوة. وقليلة هي الأنظمة التي مارست مثل هذه القسوة الصارمة والباردة والمنهجية. لم يكتف الديكتاتور التشيلي بقتل العديد من أصدقائه وقادته الذين أقسم لهم الولاء الأبدي، بدءا من الجنرال كارلوس براتس، الذي رباه وآواه كما يأوي ابنه، ولكنه أنشأ أيضا جهازا قمعيا لجأ إلى أبشع أنواع القسوة واللاإنسانية في ذاكرة البشر.

لقد تم تمزيق يدي مغني وكاتب أغاني شهير حتى لا يستطيع بعد ذلك العزف على القيثارة مطلقا، ووضع على وجه قائدة طلابية مكواة حامية لتشويهها، وتم رش اثنين من المراهقين بالبارافين (1) وحرقهما من أعلى إلى أسفل، وانتزعت أصابع عامل بواسطة المطرقة حتى لا يقوم بعمله مرة أخرى، وثقبت يدي ممرضة باليطقان ( 2 ) الدموي، وتم تفجير وجه فلاح يبلغ من العمر 16 عاما ووجد فمه مليئا ببراز الخيول، وعازف بيانو تم اقتلاع أظافره واحدا تلو الآخر، وزعيم سياسي احترق صدره بموقد اللحام.

لقد قابلت مراهقة حامل لأنها تعرضت للاغتصاب الوحشي عدة مرات في سجن سري. وقابلت طفلا تم وضع الكهرباء في أعضائه التناسلية أمام والديه لاقتلاع "اعترافات" منهما. وقابلت امرأة لم تكن قادرة على ممارسة الجنس لأنهم وضعوا لها الفئران في مهبلها، وأخرى تم تقييدها ليخترقها كلب مدرب على ذلك.
ويتضمن تقرير "ريتيغ" Rettig، وخاصة تقرير "فاليش" Valech– بصفتهما وثائق رسمية للدولة الشيلية، التي كتبتها السلطات الأخلاقية والمتخصصون من جميع الأطياف السياسية – بعضا من هذه الفظائع.

كانت لدي الشجاعة لقراءة تقرير Valech من الغلاف إلى الغلاف، وكانت التجربة أكثر رعبا من أكثر روايات الرعب. ويتضمن هذا التقرير، على سبيل المثال، قائمة تضم أكثر من ألف طفل تعرضوا لانتهاكات مختلفة.

وقد تلقى من كتبوا هذا التقرير الرهيب عشرات الآلاف من الشهادات بالرغم من أن العديد من الضحايا لم يجرؤوا على الادلاء بشهاداتهم خوفا من أن يعيشوا من جديدالرعب والإذلال والخوف.

ويشير تقرير فاليش إلى أن ملايين التشيليين فقدوا أيضا وظائفهم أو منازلهم، وتعرضوا للتشهير والإقصاء والمضايقة، وأجبر مئات الآلاف على العيش في المنفى، واضطر العديد ممن بقوا إلى تحمل وصمة العار والاضطهاد. وألقي القبض على بعضهم عدة مرات واضطروا إلى الانتقال إلى مدينة أخرى. وعانى آخرون في قراهم من الاضطرار المخزي إلى العيش مع جلاديهم.

وقد تم تدوين أكثر من 700 فوج أو نقطة تفتيش أو مخفر شرطة أو معسكرات اعتقال أو سجون سرية – في جميع مناطق البلاد – حيث وقعت الأحداث، مع التواريخ والتفاصيل، في هذا التقرير المرعب.
على الرغم من السنوات التي مرت، فإن آلاف الشهادات الواردة في تقرير Valech دامغة.

"تحطمت الألياف في فتحة الشرج عندما تم دفع أشياء حادة إلى جسدي.
" فقدت البصر في عيني اليمنى جراء طلقات رشاش.
"ثم أخرج أحد رجال الميليشيا قضيبه وأجبرني على تقويمه بفمي، ثم كان هناك آخر وآخر ودخل آخرهم في فمي. وأن عمري كان 15 عاما فقط".

ثم سحب أحد رجال الميليشيا قضيبه وأجبرني على تقويمه بفمي، ثم كان هناك آخر وآخر، دخل آخر واحد في فمي، ولم تبق حياتي كما كانت رغم أن عمري لم يكن يزيد عن 15 عاما فقط".

"وضعوا لي "الهاتف"، وراحوا يضربونني في الان نفسه على كلتا أذني، مما أدى إلى تحطيم أذني اليمنى".
"لقد اقتلعوا أضراسي دون تخدير".
"علقوني من قدمي، وجعلوني آكل البراز وأمسكوا بابنتي البالغة من العمر تسعة أشهر من رقبتها أمامي، وقالوا لي إنهم سيقتلونها".
"لقد سحقوا كليتي تحت الضربات وما زلت أعاني من مخلفات".
"أجبروني على ممارسة الجنس مع والدي وأخي".
"ضربوني كثيرا إلى درجة أنني فقدت ذاكرتي وبصري".
"لقد جعلونا نخلع ملابسنا، ونمرر قضيبا بين المرفق ومؤخرة الركبة، وكان الإحساس مثل تمزيق الأوصال. "
"تمزقت خصيتي بسبب التيار الكهربائي".
"لدي آثار حروق سجائر في جميع أنحاء جسدي".

"دمر مهبلي، ولا أستطع التغوط دون ألم لسنوات".
" تركوني هناك وساقي مصابة بالغرغرينا”.
"كان لا بد من إزالة رحمي والمبيضين بسبب النزيف الداخلي”.
"اليوم، لدي مشاكل في القلب بسبب التيار الذي صعقوني به"
"بقي لدي رعب لم يفرقني ابدا، الذعر، الخوف من الأماكن المغلقة، الجزع".
"أظل اشاهد بلا انقطاع ما عشته في تلك الأيام "

كيف تقيس هول ذلك الألم؟ كيف نقدر إهانة هذه الإنسانية على نطاق واسع، وفي أغلب الأحيان، من أناس مجهولي الهوية؟ ما هي الندوب التي يمكن أن تبقى في نفسية بلد بعد بربرية بهذا الحجم؟

ما يثير القلق هو أن الصمت الذي أعقب ذلك. فقد قررت الدولة الرسمية ببساطة طمس القضية، باسم "المصالحة" والاستقرار السياسي، وتقرر عدم الحديث عنها مرة أخرى.

تم إغلاق نيابة "التضامن" البطولية خلسة، وتم محو اسم الكاردينال راؤول سيلفا هنريكيز من التاريخ الرسمي، كما تم إخفاء تقارير Valech وRettig ومئات الآلاف من الشهادات عنوة، ولم تكن هناك سياسة للتعويض ولم تعد الصحافة عمليا لتتحدث عنها. يتم ترك الأقارب ليدافعوا عن أنفسهم. كما هو الحال في اللعنات التوراتية، ترك الأطفال والأحفاد وأبناء الأحفاد وحدهم مع هذا الورم.
بعد نصف قرن، اتضحت التبعات فيواصل العديد من السياسيين والبرلمانيين حتى اليوم تأليه بينوشي وإنكار وجود هذا الرعب. ولا تزال القوات المسلحة تمانع في الكشف عن مصير أكثر من ألف مختفي، وهي كلمة دخلت المعجم العالمي منذ النظامين العسكريين التشيلي والأرجنتيني.

وقد صرح زعيم اليمين المتطرف خوسيه أنطونيو كاست، المرشح الأوفر حظا في استطلاعات الرأي للانتخابات الرئاسية المقبلة، إنه "صديق شخصي" وشارك في تأبين العسكري ميغيل كراسنوف، أحد أكثر الجلادين دموية، والذي حكم عليه بالسجن لأكثر من 900 عام في عديد قضايا انتهاكات حقوق الإنسان.

إن اليمين السياسي في التشيلي لم "يقطع مع بينوشي". فلا اعتراف بالذنب، ولا وعي بوحشية سياسة الإبادة التي نفذتها الدولة التشيلية في تلك السنوات. ويواصل القادة والمثقفون والزعماء الحديث عن "سقطوا على كلا الجانبين" ويؤكدون أن هذه ليست سوى بعض "تجاوزات".

عندما قدم الرئيس غابرييل بوريك جائزة فخرية في إسبانيا في شهر جويلية إلى رجل القانون بالتثار غارثون الذي اعتقل بينوشي في لندن في عام 1998 باسم العدالة العالمية للأمم المتحدة كان رد فعل اليمين التشيلي ساخطا وقدم شكوى رسمية إلى وزارة الخارجية. وقال أحد النواب : «اعتراف غارثون عار». و"هذا استفزاز"، قال برلماني آخر. إنهم لا يغفرون لغارثون: إنهم لا يغفرون له تلطيخ وجه "تاتا" بينوشي. لم يكن كل هذا حكرا على اليمين : لقد تم إخفاء كل شيء لسنوات عديدة، وتم إغلاق الذاكرة بشكل ممنهج، بحيث أصبح النفي اليوم أو نسبية الحقائق أو تطبيق نظام الروابط القديم ، حرا.

إن المفارقة فظيعة: ربما تكون شيلي هي البلد الوحيد في العالم الذي لم ندرك فيه بعد وحشية نظام بينوشي.

لقد تم تجاوز كل حدود الخير والشر فلا كاليقولا ولا نيرون بلغوا هذا الحد. لقد كرس الألمان عقودا، يوما بعد يوم، وشهرا بعد شهر، وعاما بعد عام، لتذكر محرقة هتلر، في الأفلام والمقالات والروايات، وفي الصور الفوتوغرافية واللوحات والآثار، وفي المتاحف والاحتفالات والنصب التذكارية. بينما ليس لمحرقة بينوشي حتى اسم. إنها الرعونة التي بدأت مع ثقل الليل، وهي غطرسة لا تزال تسود اليوم، وكأن شيئا لم يحدث.


( 1 ) _ https://www.latercera.com/opinion/noticia/columna-de-pablo-azocar-frivolidad/C3IHR242FJEBZI66ZPJV5X4DL4/



#جيلاني_الهمامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول ميزانية 2024 - تعليق أول
- السيادة الوطنية في سوق المزايدة والعمالة
- في دولة الكاراكوز
- تونس على خطى لبنان إلى الإفلاس تسير حثيثا
- جدلية السياسي والنقابي في تجربة الحركة النقابية التونسية
- احذروا فالمستعد للشيء تكفيه أضعف أسبابه
- سيناريوهات العنف المحتملة في صراع اقطاب الحكم الحالي
- ردا على ما جاء في -توضيح- يمينة الزغلامي من مغالطات
- سيناريوهات العنف المحتملة في صراع أقطاب الحكم الحالي
- حتى لا تضيع الفرصة القادمة
- النزاع الأذري الأرمني ودور أردوغان حفيد عبد الحميد الثاني
- الثورة : في تدقيق بعض المفاهيم
- شيء من التاريخ : إلى روح المناضل النقابي نجيب الزغلامي
- المحكمة الدستورية من جديد
- حول خارطة الفقر في تونس
- الاقتصاد الاجتماعي أو التضامني، هل يشكل بديلا؟
- حول آخر مستجدات الوضع السياسي في تونس
- منطلقات لنقاش التكتيك السياسي في تونس
- مرة أخرى حول مسألة الرأسمال الوطني
- حتى لا تصطدم البشرية بأسوأ سيناريو


المزيد.....




- الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع تدعو إلى الاستنف ...
- اتحاد النقابات العالمي (WFTU – FSM)”، يُدين استمرار المحاكما ...
- شاهد ما قاله السيناتور ساندرز لـCNN عن تعليق أمريكا شحنات أس ...
- م.م.ن.ص// يوم 9 ماي عيد النصر على النازية.. يوم الانتصار الع ...
- آلاف المتظاهرين احتجاجا على مشاركة إسرائيل في -يوروفيجن-
- من جهينة عن خيمة طريق الشعب في مهرجان اللومانيتيه (1)
- السويد.. آلاف المتظاهرين يحتجون على مشاركة إسرائيل في مسابقة ...
- مداخلة النائب رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية في الج ...
- أخذ ورد بين مذيعة CNN وبيرني ساندرز بشأن ما إذا كانت إسرائيل ...
- مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين بجامعة أمستر ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية:(البنوك ) مركز الرأسمالية في الأزمة.. دائرة لي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رؤية يسارية للأقتصاد المخطط . / حازم كويي
- تحديث: كراسات شيوعية(الصين منذ ماو) مواجهة الضغوط الإمبريالي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (الفوضى الاقتصادية العالمية توسع الحروب لإنعاش ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - جيلاني الهمامي - الغطرسة - ترجمة