أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جيلاني الهمامي - النزاع الأذري الأرمني ودور أردوغان حفيد عبد الحميد الثاني















المزيد.....

النزاع الأذري الأرمني ودور أردوغان حفيد عبد الحميد الثاني


جيلاني الهمامي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 6784 - 2021 / 1 / 10 - 03:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


النزاع الأذري الأرمني ودور
أردوغان حفيد عبد الحميد الثاني

وفي لأحد أجداده السلطان عبد الحميد الثاني (1978 – 1909) يقف اليوم رجب طيب اردوغان الرئيس التركي إلى جانب اذريبدجان في الحرب الدائرة بين هذا البلد وأرمينيا على إقليم ناغرني كاراباغ.
اندلع هذا النزاع أواخر شهر سبتمبر الماضي ولازال فتيله مشتعلا حتى الان بعد عديد محاولات وقف إطلاق النار التي لم تفلح في إسكات فوهات المدافع.
النزاع قديم منذ أن كانت هذه المنطقة مجال صراع بين تركيا وروسيا القيصرية كغيرها من مناطق أخرى كثيرة ظلت على امتداد أكثر من خمسة قرون مجال حروب ومواجهات بين الامبراطوريتين اللتين عاشتا ما لا يقل عن 12 حرب آخرها حرب 1914 – 1917 أو ما يعرف بحملة القوقاز في إطار الحرب العالمية الاولى. وكانت هذه المنطقة من أكثر الساحات التي عرفت مواجهات حربية دامية.
من أكثر الأحداث دموية التي عرفتها هذه المنطقة الإبادة الجماعية للأرمن التي بدأت على يد جيوش السلطان عبد الحميد الثاني، "السلطان الدموي" كما كان يدعى، الذي استوى على العرش في الباب العالي من 1909 واستمرت لسنوات وعرفت أوجها سنة 1915.
يحيي الأرمن يوم 24 فريل من كل سنة ذكرى المذبحة التي اقترفتها السلطات التركية سنة 1915 في حق مئات من النخبة الأرمنية المقيمة في تركيا وبالتحديد في القسطنطينية (اسطمبول اليوم).
اعتبرت هذه المجزرة أول عملية إبادة جماعية في العصر الحديث. ومازال الأرمن يسعون الي اليوم إلى اقتلاع اعتراف دولي بهذه الجريمة على غرار الاعتراف الواسع بالهولوكوست. فالدول التي تعترف بإبادة الأرمن لا تتعدى بضع عشرات فقط فيما لا تزال الكثير من الدول محجمة عن ذلك.
كثيرا ما يتكرر التاريخ بأشكال متنوعة. فكل مرة ينفجر فيها الصراع الاثني والعرقي والقومي في المنطقة إلا وتشكلت من جديد التحالفات على خلفية الضغائن القديمة.
في الثمانينات من القرن الماضي نشب نزاع مسلح بين البلدين الجارين اذريبدجان وأرمينيا حول مقاطعة ناغرني كاراباغ واستمر من فيفري 1988 إلى ربيع 1994 سقط فيه عشرات الالاف من القتلى من الجانبين. حصل ذلك في إطار مسار التفكك الذي دب في كيان الاتحاد السوفياتي وكان الحدث الذي أذن باشتعال فتيل الحرب هو إعلان إقليم ناغرني كاراباغ الانفصال عن دولة اذريبدجان الذي ظل تابعا لها من 1923 للانضمام إلى أرمينيا بناء على استطلاع للرأي أيدت فيه الأغلبية الارمينية التي تسكن الإقليم هذا القرار.
في ماي 1994 تم التوصل إلى اتفاق سلام يقضي بأن يبقى الإقليم تحت السيطرة الارمينية بعدما كان ولأكثر من ثمانين سنة جزء من أذريبدجان. وبعد حوالي ثلاثين سنة من الهدوء اندلع لهيب الحرب من جديد شهر سبتمبر الماضي تبادل خلالها الطرفان المتحاربان كل التهم بخصوص من بادر بالحرب ومن هاجم المدنيين. وتناقلت وسائل الاعلام في البلدين الانباء عن الانتصار لكل منهما في ظل التعبئة العامة وحالة الاحكام العرفية من الجانبين. ولكن اتضح يوم عقد الاتفاق الجديد يوم أمس 10 نوفمبر 2020 برعاية روسية القاضي بوقف القتال على جميع الواجهات أن القوات الآذرية قد سيطرت على مواقع كثيرة في الإقليم المتنازع عليه وبسطت سلطتها على ثان أكبر مدنه، مدينة "شوشة".
والواضح من التصريحات التي تم تناقلها عن الجانبين ان أرمينيا وأرمن مرتفعات ناغرني كاراباغ قبلوا بوقف القتال من موقع الهزيمة ودرء لمزيد الخسائر، إذ اعترف رئيس الحكومة الأرميني أن هذا الاتفاق " مؤلم جدا، بالنسبة لي شخصيا وبالنسبة للشعب الأرميني" في المقابل من ذلك اعتبر الرئيس الأذري، إلهام علييف، الاتفاق ذا "أهمية تاريخية" ويرقى إلى "استسلام" أرمينيا.

صحيح أن الصراع الأذري الأرميني صراع قديم ويستند إلى عداء قومي صنعه التاريخ ورسخته الاصطدامات المتتالية ولكنه يخضع بدرجة ما إلى صراعات القوى الإقليمية في المنطقة. فوراء هذا الصراع المسلح تختفي مصالح روسيا وإيران وتركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الامريكية وحسابات الربح والخسارة ومخططات الهيمنة والنفوذ.

تركيا بقيادة أردوغان تدخلت، ككل مرة، في هذا النزاع لتغذيه وذلك بالوقوف إلى جانب أذربيجان التي مدتها بالأسلحة (طائرات ف 16) وبالمرتزقة الذين استقدمتهم من سوريا خصيصا. فدخول تركيا طرفا في هذا النزاع – دخول بصورة غير مباشرة – تحركه ضغائن التاريخ القديم ونزعة انتقامية من تهمة الإبادة الجماعية التي تلاحقها في المحافل الدولية وتحرجها ايما إحراج من جهة ولكن أيضا تمليه المصالح الاقتصادية والتجارية التي تربط تركيا بأذربيجان والمطامع في التمدد شرقا في منطقة القوقاز وأسيا الوسطى عموما. فأذربيجان توفر أكثر من 30 % من احتياجات تركيا من الغاز. ويربط بين البلدين خط المحروقات وخط جديد للسكك الحديدية ومعاملات تجارية نشيطة منها مبيعات مهمة للأسلحة. بينما بالمقابل ما تزال الحدود التركية الارمينية الطويلة مغلقة منذ ما يزيد عن الأربعين سنة.

ما من شك أن الأنشطة العسكرية العدوانية لنظام اردوغان في سوريا وليبيا وفي ناغورني كاراباغ وعرض القسم الشرقي للبحر الأبيض المتوسط هي تعبير عن النزعة التوسعية لنظام دموي مثير للحروب والنزاعات في المنطقة ولكنه يعكس في نفس الوقت مساعيه إلى طمس معالم الازمة التي تهز نظامه وتتسبب له في مصاعب متراكمة. فالأزمة الاقتصادية بلغت درجات مقلقة بالنسبة للنظام التركي بعد أن خسرت العملة المحلية (الليرة) أكثر من 40 % من قيمتها ودب الخلاف إلى الفريق الحاكم أدى إلى تنحية وزير المالية – صهر أردوغان والشخصية الثانية في حزبه – وإزاحة محافظ البنك المركزي.

من المفارقات التي حولتها المصالح إلى قواعد خاصة باللعبة في هذه المنطقة أن تجد اذريبدجان الشيعية في تركيا السند السياسي والعسكري وان تجد من الجهة المقابلة أرمينيا المسيحية في إيران الشيعية سندها. روسيا التي تلعب دور "أب" الجميع مع ميل واضح نحو أرمينيا مازالت تتمتع بما يسمح لها بالتحكم ولو بقدر في مآلات هذا النزاع. ومعلوم أنه منذ سنة 2015 تاريخ غلق القاعدة العسكرية الامريكية في قرغيزيا (قاعدة ماناس) والتحاق هذا البلد بمنظمة حلق الامن الجماعي (OTSC) التي تضم إلى جانب روسيا التي تتزعمها كل من بيلاروسيا وأرمينيا وطاجكستان وكازاخستان منذ ذلك التاريخ بدأ تأثير الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة ينحصر لفائدة القوة العسكرية الروسية التي استعادت نفوذها هناك.

في ضوء كل هذه الرهانات والحسابات يبقى الصراع القومي والسياسي بين أذربيجان وأرمينيا من القنابل القابلة للاشتعال في كل وقت وتبقى الجماهير الشعبية في هذين البلدين وفي منطقة مرتفعات ناغورني كاراباغ هي الضحية الأولى والأخيرة في مثل هذه النزاعات المسلحة. الأرقام المعلن عنها بخصوص القتلى والمشردين والذين أجبروا على النزوح عن ديارهم من وإلى البلدين المتقاتلين تكفي وحدها للتدليل على حجم المآسي التي تحل بعموم الناس في مثل هذه الحرب.
يبدو الآن أن فوهات المدافع قد صمتت ولكن لا يعرف بعد ما إذا كان اتفاق "السلام " برعاية روسيا بتاريخ 10 نوفمبر الجاري سيصمد في وجه تصاعد مشاعر العداء القومي في المنطقة أم لا.



#جيلاني_الهمامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة : في تدقيق بعض المفاهيم
- شيء من التاريخ : إلى روح المناضل النقابي نجيب الزغلامي
- المحكمة الدستورية من جديد
- حول خارطة الفقر في تونس
- الاقتصاد الاجتماعي أو التضامني، هل يشكل بديلا؟
- حول آخر مستجدات الوضع السياسي في تونس
- منطلقات لنقاش التكتيك السياسي في تونس
- مرة أخرى حول مسألة الرأسمال الوطني
- حتى لا تصطدم البشرية بأسوأ سيناريو
- إلى راشد الغنوشي: إن مع اليوم غدا يا مسعدة
- الحكومة الجديدة: التركيبة والبرنامج
- الإصلاح الزراعي مهمة ثورية عاجلة
- الاستثمار الخارجي في تونس أكذوبة لتبرير التبعية والاستغلال و ...
- بعد تأجيل ديون 25 بلدا هل تقتنع الحكومة؟؟
- حكومة الفخفاخ والمضي قدما في التداين
- إلى الرئيس قيس سعيد : «عليك أن توضح خفايا زيارة أردوغان الفج ...
- إلى أين تسير البلاد؟؟
- المخطط الجديد التشخيص والأهداف والآليات، ما الجديد؟
- تونس تعيش أزمة حكم
- الجبهة الشّعبيّة تزرع زنابق غرّة ماي وبشائر الأمل


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جيلاني الهمامي - النزاع الأذري الأرمني ودور أردوغان حفيد عبد الحميد الثاني