أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جيلاني الهمامي - الاقتصاد الاجتماعي أو التضامني، هل يشكل بديلا؟















المزيد.....

الاقتصاد الاجتماعي أو التضامني، هل يشكل بديلا؟


جيلاني الهمامي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 6674 - 2020 / 9 / 11 - 00:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الاقتصاد الاجتماعي أو التضامني
هل يشكل بديلا؟

سؤال يطرح نفسه لأكثر من سبب
أولا : الأزمة الراهنة والحادة التي يمر بها الاقتصاد الرأسمالي العالمي والتي برغم كل ما قامت وتقوم به من أجل أن تقنع البشرية بأنها أفضل منظومة اقتصادية يليق بالإنسان فشلت في أن تتجاوز أزماتها المتكررة وفي أن تجد حلولا حقيقية للفقر والبطالة والجوع والتهميش والأمراض وتردي المحيط البيئي والإطار العام للعيش
فهل يمكن أن يشكل الاقتصاد الاجتماعي والتضامني بديلا عن هذه المنظومة؟؟
ثانيا : تزايد الاهتمام بهذه المقاربة خاصة من الأزمة الأخيرة للمنظومة الرأسمالية والتبشير بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني على نطاق واسع وتسخير إمكانيات مادية ودعائية ضخمة لتقديمه كحل فعال لمعالجة المعضلات الاجتماعية المتعددة والمتنوعة ( البطالة والفقر والجوع والأمراض والأمية الخ ... ) خصوصا وأن بلدان كثيرة ( الاتحاد الأوروبي وبلدان أمريكا اللاتينية الخ ... ) قد تبنت رسميا هذه المقاربة ومنها من ادرجها ضمن دساتيرها وخططها التنموية.
فهل يمكن أن نصدق هذه المقاربة تحت تأثير الدعاية الكثيفة الجارية لصالحها ؟؟

جذور هذه الفكرة
هي في الحقيقة فكرة قديمة جديدة.
فكرة قديمة باعتبارها كانت عماد مشاريع قديمة تم الترويج لها منذ الفترات الأولى لظهور النظام الرأسمالي والصناعة والإنتاج الكبير وشيدت أحلاما كبيرة لتحرير الانسان المعاصر من الاستغلال والتداعيات المادية والاجتماعية للنظام الجديد أي النظام الرأسمالي. وقد جرت محاولات لبناء منظومات اقتصادية تقوم على مفاهيم اجتماعية أو تضامنية اتخذت أشكالا متعددة. ولكن هذه المحاولات اندحرت في الأخير أمام الهجوم الكاسح للمنظومة الرأسمالية واندثرت تماما.
ولم تتوقف المحاولات عند التجارب القديمة المعروفة في فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية بل جرت تباعا وعلى مدى حوالي قرنين من الزمن محاولة إحيائها في أكثر من مكان من العالم وكلما تردى الاقتصاد في أزمة.
وهي فكرة جديدة إذ تم إحياء هذه المقاربة خاصة من أزمة الثمانينات من القرن الماضي. فقد عولت بلدان كفرنسا ثم عموم أوروبا على الاقتصاد التضامني او الاجتماعي للحد من تداعيات الأزمة. ففي فرنسا مثلا وقع إحداث ميثاق للاقتصاد الاجتماعي سنة 1980 ثمّ وقع تحيينه سنة 1995 وعلى المستوى وفي أوروبا تمّ إصدار " إعلان المبادئ المشتركة " من طرف المؤتمر الدائم للتعاضديّات والتعاونيّات والجمعيّات والمؤسّسات الخيريّة سنة 2001. وكان هذا الإعلان عن المبادئ بمثابة ميثاق أوروبي للاقتصاد الاجتماعي. وازداد الاهتمام بالموضوع بعد الأزمة المالية لسنة 2008 فأقيمت مؤتمرات كثيرة ونشط علماء اقتصاد لعل أشهرهم جوزيف ستيغليتز في التعريف بالمشروع والتنويه به. وقد تبنت عديد الهيئات والمؤسسات الدولية بما في ذلك دوائر تابعة للأمم المتحدة وبتمويلات أحيانا من كبريات الشركات العابرة للقارات للدعاية لهذه المقاربة.

خصائص الاقتصاد الاجتماعي أو التعاوني
عامة ما يقع التركيز على عدد من الخصائص التي تميز الاقتصاد لاجتماعي والتضامني. وتتمثل هذه الميزات في المبادئ التي يقوم عليها من ناحية التنظيم والهيكلة والتسيير وهي عموما :
1- التسيير الديمقراطي: تتّخذ القرارات الاستراتيجيّة الهامّة في الاجتماعات العامّة وحسب مبدأ (صوت لكلّ شخص) مهما كان مقدار مساهمته في الجمعيّة.
2- حريّة انخراط الأعضاء: لا يمكن إجبار أحد على الانخراط أو في البقاء منخرطا في هياكل الاقتصاد التضامني.
3- عدم الاستفادة الماديّة الفرديّة: هذا المبدأ لا يمنع تكوين فوائض ماليّة ولكنّه يمنع تملّكها الفردي
4- الفائدة الجماعيّة أو الاجتماعيّة للمشروع: هياكل الاقتصاد التضامني الاجتماعي هي بالضرورة في خدمة مشروع جماعي وليس في خدمة مشروع فردي.
أما هياكل الاقتصاد الاجتماعي فهي :
التعاضديات
التعاونيات
الجمعيات
والجماعات الخيرية
والحقيقة أن هذه الهياكل كما تقوم على قيم التضامن ( المحلّي ، الجهوي، الوطني ، القومي أو الدّولي) وفي تقوية الروابط الاجتماعيّة القريبة والمشاركة الاجتماعيّة وفي تحسين الظروف الجماعيّة للتنمية البشريّة المستدامة (مثل ميادين التربية ، الصحّة والبيئة والمشاركة الديمقراطيّة)
ويجد الاقتصاد الاجتماعي او التضامني في ميدان البيئة مجالا واسعا للانتشار في إطار ما يسمى بالاقتصاد الأخضر الذي يعتمد على التعاون بين أفراد المجتمع لتحسين ظروف وإطار العيش والحفاظ على البيئة والأرض لتحقيق التنمية المستدامة وحماية الصحّة.

حدود هذه المقاربة
لا شك أن لهذا المشروع فوائد وإيجابيات. فمؤسسات الاقتصاد الاجتماعي :
- تساهم في خلق الثروة وتوفير منتوجات وخدمات يحتاجها المجتمع
- تساهم في التنمية بمعناها الشامل إذ تلعب دورا في الحد من نسبة البطالة والتهميش وتحيي مناطق وأنشطة وقطاعات هامة
- تساهم في خلق نوع من التماسك الاجتماعي والحدّ من الفوارق الاجتماعية وبين الجهات

تقوم رؤية الدولة في التنمية الاقتصادية على استخدام ريع المواد الأولية ( نفط وفسفاط الخ ... ) وعلى عائدات السياحة والاستثمارات العقارية والمساعدات الأجنبية والقروض لذلك لم تنم أنشطة إنتاجية تخلق الثروة وتولد مواطن الشغل وفرص العمل.
هذه السياسة أبقت الاقتصاد التونسي اقتصادا هشا وضعيفا ومرتبطا بالخارج من ناحية التمويل والتبادل التجاري.
النتائج الطبيعية لهذه السياسة هي :
- ندرة المنتوجات وارتفاع كلفتها والاحتياج الدائم للتوريد
- عجز الاقتصاد على توفير مواطن الشغل وتمويل الاحتياجات الاجتماعية : الصحة والتعليم والسكن والنقل والخدمات الإدارية والبنية الأساسية
هذا إلى جانب جوانب أخرى تتعلق بالسيدة الوطنية والاستفادة من المقدرات الطبيعية والبشرية الوطنية.
لذلك كان الاقتصاد التونسي عرضة للركود. وينعكس الركود الاقتصادي بتداعيات اجتماعية ثقيلة على الفئات الشعبية في المدن والأرياف وخاصة النساء والشباب.
فما هي مكانة الاقتصادي الاجتماعي في رفع هذه التحديات ؟
بلغة أخرى ماذا يمكن أن نؤمله من نتائج في مجال توفير الخيرات المادية والخدمات لتلبية الحاجات المتزايدة للمستهلكين؟؟ وهل يمكن التعويل على هذا المشروع في مجال خلق فرص العمل وتحسين الدخل والقدرة الشرائية؟
أولا : الاقتصادي الاجتماعي ليس فاعلا مستقلا بذاته عن الفاعلين التقليديين في التنمية أي راس المال الخاص والدولة.
ثانيا : الاقتصاد الاجتماعي هو مجرد مكمل وبنسب محدودة للدور المناط بعهدة الاستثمارات الخاصة والدولة
ثالثا : بحكم محدودية الإمكانيات المالية التي يعتمد عليها الاقتصاد الاجتماعي ( مساهمات الأعضاء ) يتجه إلى بعث مشاريع صغرى ذات قدرات إنتاجية وتشغيلية محدودة
رابعا : يختص الاقتصاد الاجتماعي عامة في مشاريع فلاحية وخدماتية وبيئية غير مندمجة صناعيا ذات مردودية عادية إن لم نقل ضعيفة.
خامسا : عامة ما تكون المشاريع المقامة في هذه المجلات الهدف منها انتشال شرائح وفئات مهمشة لم تستوعبها المنظومة الاقتصادية القائمة
لذلك فإن الاقتصاد الاجتماعي أو التضامني منظور له من زاوية حاجة البلاد لمنوال تنمية جديد لا يمثل بديلا مستقلا بذاته يعتد به لمواجهة التحديات الكبرى الاقتصادية والاجتماعية التي نواجهها اليوم.

أي نمط تنمية نحتاجه اليوم ؟
نحتاج لنمط تنمية :
- يخلق الثورة والوفرة : مواد أولية ومصنعة متنوعة تلبي جميع الاحتياجات ويوفر للدولة قيمة مضافة عالية توفر موارد لتلبية الحاجات غير المنتجة ( الخدمات الاجتماعية والعمومية )
- يوفر مواطن شغل كافية لتلبية الطلبات الجديدة والمتزايدة
- يؤمن موارد ذاتية لتطوير الأنشطة الإنتاجية وتنويعها دون اللجوء للمساعدات الخارجية والقروض
هذا النمط يرتكز أساسا على التصنيع والإنتاج الموسع في كل القطاعات الصناعية والفلاحية والخدماتية.
يحتاج هذا النمط إلى رساميل كبيرة لا يمكن أن يوفرها إلا الرأسمال الخاص أو الدولة.
في ظرفنا الراهن الدولة هي المرشح للقيام بهذا الدور بالنظر لانكماش لاستثمار الخاص وتردده حيال ظروف الأزمة.
في هذا الصدد لا يمكن أن يقع التعويل على الاقتصاد الاجتماعي إلا بصورة جزئية وجزئية جدا في مجالات محددة. وسيكون دوره من الناحية الاقتصادية الاجمالية المساهمة في توسيع قاعدة التراكم الرأسمالي إلى جانب مساهمته في المردودية الاجتماعية العامة.



#جيلاني_الهمامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول آخر مستجدات الوضع السياسي في تونس
- منطلقات لنقاش التكتيك السياسي في تونس
- مرة أخرى حول مسألة الرأسمال الوطني
- حتى لا تصطدم البشرية بأسوأ سيناريو
- إلى راشد الغنوشي: إن مع اليوم غدا يا مسعدة
- الحكومة الجديدة: التركيبة والبرنامج
- الإصلاح الزراعي مهمة ثورية عاجلة
- الاستثمار الخارجي في تونس أكذوبة لتبرير التبعية والاستغلال و ...
- بعد تأجيل ديون 25 بلدا هل تقتنع الحكومة؟؟
- حكومة الفخفاخ والمضي قدما في التداين
- إلى الرئيس قيس سعيد : «عليك أن توضح خفايا زيارة أردوغان الفج ...
- إلى أين تسير البلاد؟؟
- المخطط الجديد التشخيص والأهداف والآليات، ما الجديد؟
- تونس تعيش أزمة حكم
- الجبهة الشّعبيّة تزرع زنابق غرّة ماي وبشائر الأمل
- فشل الحكومة... فشل منظومة
- الوحدة الوطنيّة لا يجب أن تكون شعارا دون مضمون


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب في نيويورك
- الاتحاد الأوروبي يعاقب برشلونة بسبب تصرفات -عنصرية- من جماهي ...
- الهند وانتخابات المليار: مودي يعزز مكانه بدعمه المطلق للقومي ...
- حداد وطني في كينيا إثر مقتل قائد جيش البلاد في حادث تحطم مرو ...
- جهود لا تنضب من أجل مساعدة أوكرانيا داخل حلف الأطلسي
- تأهل ليفركوزن وأتالانتا وروما ومارسيليا لنصف نهائي يوروبا لي ...
- الولايات المتحدة تفرض قيودا على تنقل وزير الخارجية الإيراني ...
- محتال يشتري بيتزا للجنود الإسرائيليين ويجمع تبرعات مالية بنص ...
- نيبينزيا: باستخدامها للفيتو واشنطن أظهرت موقفها الحقيقي تجاه ...
- نتنياهو لكبار مسؤولي الموساد والشاباك: الخلاف الداخلي يجب يخ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جيلاني الهمامي - الاقتصاد الاجتماعي أو التضامني، هل يشكل بديلا؟