أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - جيلاني الهمامي - الوحدة الوطنيّة لا يجب أن تكون شعارا دون مضمون














المزيد.....

الوحدة الوطنيّة لا يجب أن تكون شعارا دون مضمون


جيلاني الهمامي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 4998 - 2015 / 11 / 27 - 08:19
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    



كلّما جرت عمليّة إرهابيّة في تونس إلاّ وعاد شعار "الوحدة الوطنية" ليطغى على خطاب كلّ الأطراف السّياسية دون استثناء تقريبا، وليتحوّل إلى "كلمة السر" السحرية في معالجة الأوضاع ودحر الإرهاب خاصة. لكن وبعد مرور فترة وجيزة على ذلك وحالما تنطفي حرارة اللوعة إلاّ وتُستأنف الحياة السياسية مجراها المعتاد ويتراجع هذا الشّعار ويتلاشى.

الوحدة ظلّت شعارا

وبعد العمليّة الإرهابيّة الجبانة التي استهدفت حافلة لنقل أعوان الأمن الرئاسي، وككلّ مرّة قفزت مسألة الوحدة الوطنية إلى صدارة الاهتمامات لتصبح عنوان المرحلة. لكن وككلّ مرّة أيضا تظلّ الوحدة الوطنية مجرّد "نثر" مفعم بالمشاعر "الوطنية الجيّاشة" وخطاب طنّان حول "مصلحة الوطن" و"حبّ تونس" أجوف لا نلمس فيه مضمونا ملموسا للوحدة ومقوّماتها الدّقيقة في هذا الظّرف السّياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني.

والحقيقة أنّه لا معنى لأيّ شعار سياسي مهما كانت النّوايا الحسنة التي تحرّكه والمشاعر العاطفيّة التي تشحنه ما لم يوضع على محكّ معطيات الواقع الملموس. بلغة أخرى لا معنى للوحدة الوطنيّة ما لم تكن وحدة تحليل لخصائص الواقع المعاش في كلّ أبعاده، ووحدة تقييم للأسباب التي أدّت إليه بما في ذلك المسؤولين عنه، ووحدة اختيارات وأولويّات ومنهج وآليات عمل وأهداف مباشرة ومتوسّطة وبعيدة المدى. في غير ذلك تبقى "الوحدة الوطنية" مزايدة دعائيّة لا يستطيع المواطن الفرز بين من يؤمن بها إيمانا صادقا وعميقا ومن يتبنّاها لفظا وهو أشدّ من يعمل على تخريبها.

الوحدة ضدّ الإرهاب تنطلق بكشف الحقائق

اليوم ونحن مطالبون بـ"وحدة وطنية صمّاء" ضدّ الإرهاب علينا أن نتّفق حول أسباب انتشار هذه الظاهرة وحول من ساعد على استفحالها وحول من يقف ضدّها اليوم بكلّ صدق، ومن مستمرّ في تغذيتها وفي الدّفاع عمّن يغذّيها في السرّ والعلانيّة.

وعلينا أن نتّفق أيضا حول العوامل الاقتصادية والمادّيّة التي توفّر التّربة الخصبة لانتشار الإرهاب وتغلغله في صفوف شرائح واسعة من الشّباب العاطل عن العمل والمهمّش وحول طبيعة الاختيارات التّنمويّة ومسؤوليّتها في إنجرار هذه الفئات تحت تأثير المجموعات الإرهابيّة.

وعلينا أن نتّفق من جهة أخرى حول المقاربة الواجب اعتمادها لمواجهة خطر الإرهاب من حيث الإجراءات الأمنيّة المباشرة والاختيارات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة والتربويّة والدينيّة متوسّطة وبعيدة المدى.

إنّ وحدة وطنيّة لا تتعمّق في تفسير أسباب تفشّي ظاهرة الإرهاب وفي تحديد مسؤوليّة حكومة التّرويكا في اختراق أجهزة الأمن والإدارة وانتداب الآلاف من الأعوان بصورة حزبيّة مشبوهة وغضّ الطّرف عن أنشطة المجموعات الإرهابيّة وتشكيل شبكات نشطت في التّهريب وتجارة الممنوعات والأسلحة وفي التّكتّم على عمليّات الاغتيال السّياسي وتوظيف القضاء والإدارة لخدمة مخطّطاتها ليست وحدة وطنية وإنما هي عمليّة ملغومة القصد منها تبرئة المجرم من جريمته ومقدّمة مغشوشة لأيّ معالجة لظاهرة الإرهاب.

كما أنّ وحدة وطنية لا تتّفق حول فشل الاختيارات الاقتصاديّة الحاليّة والتي أدّت بالبلاد إلى التّداين والإفلاس وأفضت إلى مزيد من الفقر والبطالة وتردّي ظروف العيش والصحّة والسّكن والتّعليم وحول ضرورة تغييرها باختيارات جديدة تنعش الاقتصاد وتخلق الثّروة وتوفّر الشّغل وتموّل الخدمات العموميّة وتحسين البنية الأساسيّة وتحسّن أسباب العيش الرغيد لعموم المواطنين ليست وحدة وطنية، إنما هي اتّفاق واع على مزيد السّير على نفس النهج الذي أضرّ بالبلاد وخلق الحاضنة الاجتماعية حيث ترعرع الإرهاب وانتشر.

نعم للوحدة الوطنية. ولكن مع من؟ وبأيّ مضمون؟ ومن أجل أيّ هدف؟ وبأيّ وسيلة يمكن تحقيقها.

إنّ البلاد لفي أمسّ الحاجة إلى وحدة وطنية. ولكن وحدة حقيقية لكلّ قواها الوطنيّة الحريصة على استقلال قرارها السّيادي الاقتصادي والديبلوماسي والمتشبّثة باتّباع خيار تنمية جديد يتّجه نحو بناء قاعدة صلبة لاقتصاد منتج ومندمج وموجّه لخدمة أبناء الشعب، والمساواة بين كلّ الجهات والفئات، يوفّر الشّغل والخدمات العامّة ويقضي على البطالة وكلّ أسباب الفقر والبؤس. وحدة وطنيّة تجمع بين الأطراف التي لم تتورّط في زرع الإرهاب ورعايته وليست لها علاقة بالتهريب والفساد، وتنادي بإصلاح مؤسّسات الدولة (الإدارة والأمن والقضاء وإدارة الجباية والإعلام الخ...). وحدة بين الأطراف التي تنادي بعقد المؤتمر الوطني لمكافحة الإرهاب من أجل وضع الاستراتيجيّة التي يشارك فيها الأمني والعسكري والطّبيب والمربّي والإمام والإعلامي والسّياسي والنّاشط في المجتمع المدني ويقوم بدور نشيط في تنفيذها ويساهم في إنجاحها.

هذه الوحدة الوطنيّة التي تحتاجها بلادنا وليست وحدة الخطب والمزايدات اللّفظية التي يركب موجتها أشدّ الناس تخريبا للوحدة وإضرارا بها.



#جيلاني_الهمامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- شاهد حيلة الشرطة للقبض على لص يقود جرافة عملاقة على طريق سري ...
- جنوب إفريقيا.. مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من على جسر
- هل إسرائيل قادرة على شن حرب ضد حزب الله اللبناني عقب اجتياح ...
- تغير المناخ يؤثر على سرعة دوران الأرض وقد يؤدي إلى تغير ضبط ...
- العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان مساعدة إنسانية عاجلة- لغزة ...
- زلزال بقوة 3.2 درجة شمالي الضفة الغربية
- بودولياك يؤكد في اعتراف مبطن ضلوع نظام كييف بالهجوم الإرهابي ...
- إعلام إسرائيلي: بعد 100 يوم من القتال في قطاع غزة لواء غولان ...
- صورة تظهر إغلاق مدخل مستوطنة كريات شمونة في شمال إسرائيل بال ...
- محكمة العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان توفير مساعدة إنسانية ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - جيلاني الهمامي - الوحدة الوطنيّة لا يجب أن تكون شعارا دون مضمون