أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جيلاني الهمامي - فشل الحكومة... فشل منظومة














المزيد.....

فشل الحكومة... فشل منظومة


جيلاني الهمامي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 5139 - 2016 / 4 / 21 - 23:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



منعت قوات البوليس يوم الأربعاء 20 أفريل عددا غفيرا من الشبان المفروزين أمنيا من الوصول إلى ساحة القصبة إلى حيث كانوا يتّجهون في مسيرة للاحتجاج على التوقّف عن جلسات الاستماع إليهم لعرض وضعياتهم قصد النظر في ملفاتهم وتمكينهم من حقهم في الشغل.

لم تكن هي المرة الأولى التي تحصل فيها مثل هذه الحادثة. ففي غضون الأيام القليلة الماضية تتالت المشادّات بين المفروزين أمنيا وقوات البوليس مرة أمام مقر الاتحاد العام لطلبة تونس وأخرى في ساحة القصبة يوم السبت 9 أفريل الماضي ومرات كثيرة أمام المسرح البلدي بالعاصمة في أكثر من مناسبة آخرها يوم الأربعاء 20 أفريل الجاري.

الحلّ الأمني حلّ فاشل

وقد أثار العنف الذي مورس ضد هؤلاء الشبان غضب واستياء أوساط واسعة من الديمقراطيين، أحزابا ومنظمات وجمعيات وشخصيات ومواطنين، في الداخل والخارج ورأوا في ذلك منعرجا خطيرا ودلالة على أنّ هناك اختيار واضح لدى الحكومة بالتعويل على الحل الأمني لمواجهة الاحتجاجات الشبابية والشعبية.

وقد اتضح ذلك فعلا بعد أن تكرّر التدخل البوليسي العنيف والاستعمال المفرط للقوة بلغت أحيانا درجات من الوحشية غير مسبوقة ضدّ المعتصمين من أبناء القصرين أمام وزارة التشغيل ومع محتجّي بنزرت بحي عين مريم ومع الشباب المعتصمين بمعتمدية الناظور من ولاية زغوان وفي توزر وفي تونس العاصمة مع المفروزين أمنيا كما سبق أن قلنا. ولا ننسى طبعا ما حصل مع أهالي قرقنة حيث بلغ القمع ذروته وحيث جرّبت الحكومة طيلة ما يزيد عن عشرة أيام أكثر الأساليب قمعا وتعسفا.

لكن المتمعّن في كلّ هذه الأمثلة يلاحظ أنّ ممارسة القمع والتعاطي مع الاحتجاجات بطريقة عنيفة لم يكن مجديا بل وفي كثير من الحالات كان مبعثا على مزيد الإصرار على التظاهر والاحتجاج والاعتصام ومغذّيا لحالة أوسع من النقمة والغضب. وقد اضطرّت الحكومة إلى الإذعان لحلول كانت رفضت القبول بها عن طريق التفاوض والحوار مثل إطلاق سراح الموقوفين وسحب التعزيزات الأمنية من قرقنة.

بلغة أخرى فشلت المقاربة الأمنيّة، حتى وإن لم تتخلّ عنها الحكومة بعد، ووضعتها في موضع المتّهم بالسعي إلى العودة إلى منطق الاستبداد واستعمال العصا في وجه حرية التعبير والاحتجاج باسم "استعادة هيبة الدولة ". بل أكثر من ذلك عرّى هذا الفشل عن نقاط ضعف أخرى لدى الحكومة حتى ظهرت للجميع تقريبا على أنها حكومة ضعيفة وغير قادرة، لا فقط على معالجة المعضلات الكبرى في التنمية وفي الملف الاجتماعي وإنما أيضا في تأمين وحدتها ووحدة الرباعي الحزبي الذي يسندها. لذلك عاد الحديث بقوة هذه الأيام عن ضرورة البحث عن بديل، وخرج هذا الحديث من أروقة المؤسسات الرسمية إلى الساحات العامة. وبناء على ذلك بدأت تتعالى أصوات إلى التفكير لا فقط في تغيير هذه الحكومة وإنما كذلك الائتلاف الحاكم ككل. ومن الأمثلة على ذلك السعي الجاري الآن إلى إيجاد الصيغ لتمكين رئيس الدولة من صلاحيات أوسع على حساب الحكومة من جهة وإلى تأليف "كتلة الجمهورية" من جهة أخرى.

حكومة المحاصصات لا تملك الحلول

إنّ الفشل الذي مُني به الحل الأمني يُخفي في الحقيقة فشلا آخر لعلّه أخطر وأكبر، وهو فشل الحكومة في إدارة شؤون البلاد والناس. فبعد أكثر من سنة من الحكم تبيّن للجميع بما لا شكّ فيه أنّ هذه الحكومة التي تألّفت على أساس المحاصصة الحزبية لا على أساس برنامج لم تتقدّم قيد أنملة في معالجة الأزمة الاقتصادية والاحتقان الاجتماعي وظاهرة الإرهاب. بل بالعكس من ذلك ما يزال هذا الخطر يخيّم على البلاد ويتهدّد مستقبلها. كما ازدادت الأزمة الاقتصادية حدّة وتفاقمت كلّ مؤشّرات الاختلال في جميع الميادين الاقتصادية، الإنتاج والتصدير والاستثمار والادّخار والاستهلاك والتمويل في غياب رؤية واضحة للتنمية وخاصة في الجهات المحرومة، هذا إلى جانب تفاقم ظاهرة البطالة والفقر وتردّي الخدمات وجميع ظروف العيش.

هذا الفشل الذّريع هو الذي أثار ومازال يثير كثيرا من الغضب الشعبي، خاصة في صفوف الشباب والمعطلين على وجه التحديد. أمّا على الصعيد السياسي فقد استمرّت كلّ مؤسسات الدولة تعمل وفق منطق المنظومة القديمة وبقي الدستور في الغالبية العظمة من جوانبه حبرا على ورق ولم يتسنّ بعد ترجمته إلى قوانين وإصلاحات عملية في منظومة الحكم والإدارة وتنظيم الحياة العامة.

وبطبيعة الحال عندما تشتد الأزمة تدبّ إلى صفوف الواقفين وراء الحكومة الارتباك وتتكاثر المقاربات في كيفية التعاطي معها وبدت منظومة الحكم ككل مرتبكة، حتى كشفت عن مؤشرات تصدّع وانعدام التّناغم بين مؤسّساتها الكبرى الرئاسة والحكومة والمجلس النيابي. ووراء هذا الارتباك يبدو اليوم الائتلاف الحزبي الماسك بالحكم (الرباعي) في حالة من الوهن. وتفيد بعض التّسريبات أنّ بعض الخلافات داخله بخصوص الموقف من الحكومة ورئيسها هو نفسه الذي يضفي عليها مزيدا من الهشاشة والتّردّد والعجز.

وخلاصة القول فشلت منظومة الحكم مرّتين. مرّة عندما عجزت عن تحقيق تطلّعات الشّعب وأخرى حينما خابت في التّحكّم في الاحتجاجات بالقوّة. ويُنتظر أن يتبع ذلك فشل جديد هو فشل استمرار الائتلاف الحاكم في البقاء موحّدا والمسك بالحكم مثلما استلمه بعيد الانتخابات الأخيرة.



#جيلاني_الهمامي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوحدة الوطنيّة لا يجب أن تكون شعارا دون مضمون


المزيد.....




- تيارات سحب مفاجئة تتسبب بـ144 عملية إنقاذ من الغرق.. ونصيحة ...
- واحدة من أكبر المظاهرات -المناهضة للحرب- منذ بدء صراع غزة تط ...
- ماذا قال زيلينسكي قبل اجتماعه مع ترامب في البيت الأبيض؟
- في قلب الليل .. -ساعة الذئب- توقظنا من أعماق النوم!
- إسرائيل تعلن تركيز عملياتها العسكرية في مدينة غزة بهدف -القض ...
- السعودية: القبض على 3 مواطنين وأفغاني -سرقوا مكيفات من مساجد ...
- ماذا نعرف عن قمة ترامب-زيلينكسي التي تُعقد اليوم في واشنطن؟ ...
- مباشر: زيلينسكي يصل إلى واشنطن وترامب يستبعد استعادة أوكراني ...
- انطلاق مناورات عسكرية بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة
- المرصد الأورومتوسطي: 30 فلسطينيا يصابون بإعاقات يوميا بغزة


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جيلاني الهمامي - فشل الحكومة... فشل منظومة